الثلاثاء ٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٩

المحجبة في الأعمال الفنية، بين التقديس والتشويه

بقلم: جمال الدين بوزيان

في السابق، لم نكن نرى المحجبة في الأعمال الفنية العربية، سواء في الأفلام أو المسلسلات، وكان غطاء الرأس يظهر فقط في حالة ما إذا كان الدور لشخصية من الريف أو دورا لأم كبيرة في السن، أو خلال مشاهد الجنائز.

اليوم، ظهرت شخصية المحجبة في تلك الأعمال ولكن في شكل القديسة أحيانا، وأحيانا في دور المرأة الفاقدة لتوازنها وسعادتها، وكأن ظروفها السيئة لها علاقة بحجابها.

عودة الفنانات المعتزلات والمحجبات إلى التمثيل، خلق نوعا من أدوار البطولة تكتب لهن خصيصا، لتظهرهن في شخصية المرأة الملتزمة التي تنشر الخير فقط وتساعد الناس، وكأن تلك الأخلاق لا تكون إلا إذا كان الرأس مغطى، وكأن الفنانة المحجبة فعليا والملتزمة في حياتها الواقعية، حرام عليها تمثيل دور المرأة الشريرة في أعمالها الفنية؟ !!

هي ليست مضطرة لتقديم دور الراقصة أو المومس، فالدعارة ليست هي الشر الوحيد الموجود في الحياة، يمكن أن تقوم بدور الحماة الماكرة، أو سيدة الأعمال المختلسة، أو الموظفة المرتشية، ويمكن أن تقوم بدور الأم العازبة في إطار محترم جدا.

لكن ما نراه في أعمال سهير رمزي، وسهير البابلي، ومنى عبد الغني، وصابرين.... وأخريات، هو تقديمهن لأدوار الوعظ الأخلاقي، ألم يكن الأجدر بهن تقديم برامج وعظ مباشرة على قنوات الدين التي تكاثرت مثلما تكاثرت أيضا قنوات الغناء الهابط، الأولى تسطح الدين، والثانية تجعل الفن شيئا تافها جدا تنطبق عليه فعلا صفة الحرام.

أعمال فنية أخرى، ومن منطلق رفض الحجاب رفضا مطلقا من طرف كاتب العمل أو مخرجه، تقدم المرأة المحجبة في شخصية مهزوزة ومعقدة أو متطرفة، غير راضية على نفسها وعلى حياتها العائلية، أحيانا قد يكون سبب ارتداءها الحجاب في هذه الأعمال هو الظروف القاسية التي مرت بها، وليست الأعمال المصرية فقط من تقدم هذه الصورة، بل الدراما السورية أيضا في بعض أعمالها.
ربما عبلة كامل هي الممثلة المحجبة الوحيدة التي لا تقدم أدوارا مثالية وعظية، وتمثل كل الشخصيات.

وما المانع من أن تقوم ممثلة غير محجبة في الواقع بتقديم دور بطولة لشخصية محجبة، ليست متطرفة، وليس قديسة، متحجبة ككل نساء وبنات المجتمعات العربية، أغلبهن محجبات، بعضهن متخلقات، بعضهن شريرات، فاسقات، نمامات، ناجحات، فاشلات، خجولات، جريئات، هذه هي الحياة، وهذه هي نماذجها، لماذا الإصرار على تقديم نماذج طفولية للشخصيات تصلح أكثر للرسوم المتحركة، حيث نتعامل مع المشاهد الناضج كما مع الطفل المتلقي بمنطلق الأبيض والأسود.
الحجاب في وقتنا هذا، أصبح لباسا لخروج المرأة وفقط، أكثر منه لباسا دينيا أو لباسا ذو خلفية إيديولوجية أو سياسية، ربما في سنوات ظهور موجة الإخوان ووصولها في الثمانينات من القرن الماضي، كان الحجاب للمرأة الإخوانية فقط، أما اليوم، فهو رداء لخروج المرأة وتنقلها، أصبح عادة وليس عبادة. فمتى يفهم أصحاب القرار في عالم الفن العربي هذا الواقع؟

بقلم: جمال الدين بوزيان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى