الثلاثاء ٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٩
بقلم مصطفى أدمين

أقمار محمد زفزاف

انطفأ محمد (زفزاف)...

محمد (زفزاف) لم ينطفئ، بل تناثر شُعلاتٍ في قلوبنا؛ شعلاتٍ لا تخمد نيرانُها أبدا. وتبدّد جسدُه الضئيلُ في جسد الوجود ليترك فيه ثقباً أسود موحشا. وأغرق (البيضاء الحالمة) سديمُ الظلام.

كُنتَ يا (زفزاف) الوهجَ الذي يضيءُ طيّاتِ المدينة، وكنتَ الحركةَ، وكنتَ السكينة.

ونحن أقمارُك، على اختلاف أحجامنا وسرعاتنا ومعادننا ندور في فلككَ الكوني، ذلك الفلك العامر بالحب لكافة المستضعفين.

وكان منّا من يسعى إلى قبسٍ من نورك، فتهبُه إيّاه كما تهبُ الشمسُ نورَها للقمر؛ بسخاء أزلي. ومنّا من لم يسعفهُ دورانه المجنونُ حولك فلم ينل منك حظـّه. ومنّا مَنْ - في حضرتك الجليلة - سكر من دون شراب وراح يهذي باسمك ناسياً قولك. ومنّا من دحاهُ الفلكُ وأبعدَهُ إلى درب الاغتسال من النميمة والطمع. ومنّا من زاده التقرُّبُ منك الحُسنَ والألـَقَ اللذين يعطيان للوجود معناه.

وعكسَ الأجرامِ الضخمةِ التي تستقطبُ الكواكب الضئيلة، كنتَ يا (زفزاف) تجدِبُ إلى مداركَ حتى النجومَ الكبيرة...
أقمارُك... أقمارُك الحقيقية لم تنجدبْ إليك طمعاً في شيء مّا، و إنّما شوقاً إلى نقاوة وصفاء قلبك، ففي جوهر كلٍّ منها تَوْقٌ إلى النقاء ورغبةٌ دفينة في التطهُّر بمياه الصفاء. وكلّها أقمارٌ مبدعة؛ أي أقمارٌ معذبة...مثلك.

فتلقاها بمُحيّاك العطر المنير، برحمة، أبدا من دون غضب، بهالة الحب والعطف، بخصال الإنسانية المفقودة. ولا تشيح بوجهك ، ولا تأفـُلُ ، ولا تشطُّ عنها، ولا تصهرها في جبروت، ولا تخضعها لأي نوع من أنواع الاستعباد، ولا تجبرها لك على طقوسٍ أو قرابين... كلُّ ما كنتَ تطلبُ منها هو أن تأتيك مخلصةً لقضايا الجماهير المستضعفة وأن لا تسجدَ إلا لخالقها.

أنتَ الآن هـْيولى إنسانية في الملكوت. أنت الآن حرٌّ من كلّ ألم ولذة، ترنو بعينك الكِتابية إلى أقمارك السائرة على دربك، ويحز في نفسك (قليلا) أن ترى بعضَها يجنحُ إلى الدوران حول كوكب مزوّر وما زادها دورانُها ذاك سوى المزيدَ من التيهِ والعذاب.

فسلامٌ عليك أيّها الكوكبُ السمح وإلى اللقاء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى