الاثنين ١٤ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٩
بقلم زياد يوسف صيدم

المسحراتي

كانت الأسرة جميعا قد استعدت لتناول طعام السحور.. باستثناء الصغيرة هبة ابنة الثالثة والتي كانت تغط في نومها كالعادة...

– لا أرى طبق الحلاوة على الطاولة؟ تساءل متذمرا الابن الأكبر – لا، والله جهزته مع المربى لكنى نسيت من إحضاره من المطبخ.. أجابته الأم وقد بدأت تصب الشاي برائحة النعناع.. في هذه الأوقات.. كان المسحراتي الثاني قد بدأ جولته اليومية.. مارا من جانب الشارع المطل عليه مباشرة نافذة الصالون الكبيرة حيث يجتمعون للسحور.. فجأة وعلى غير تعود قفزت من نومها فزعة.. بدأت في البكاء بصوت مرتفع.. يشتد نبرته تدريجيا وهى تلتفت يمينا وشمالا باتجاه الصالون.. حيث بدءوا في النداء عليها.. لكنها كانت تبحث عن مصدر قرع الطبل الهادر والذعر لازال مسيطرا عليها..!

بدأت أختها الكبرى بتهدئتها واحتضانها: هذا المسحراتي يا هبة وهذا صوت الطبل!! انه كالطبلة الصغيرة التي عندك.. لكنه بحجم اكبر قالت لها.. – لم تقتنع بعد، وما زالت تبكى.. جاء أبو احمد فحملها ودار بها أركان المكان.. همس لها بضع كلمات حتى هدأت واستكانت!.. ثم انزلها، وبدءا يتمشيان في أرجاء المكان قبل أن تبدأ الأصوات في النداء على أبو احمد: – انتهينا من السحور ولم تعد بعد يا أبى؟ قالها الابن الأوسط – جاء المسحراتي الثالث وذهب وبعدها الست هبة تتمشى مع أبوها.. قالتها الابنة الوسطى.. – مسحراتي راح وآخر جاء وهبة أضاعت السحور على أبى.. والله إنها مدللة زيادة عن اللزوم.. قالتها الابنة الأكبر..

كان مبتسما، هادئا، سعيدا، يدخن سيجارته الأخيرة، ويشرب الماء البارد الذي أحضرته له أم احمد على عجالة.. عندما عادت هبة للنوم العميق من جديد.. قبل أن يعلن المؤذن: أن ارفعوا أيديكم عن الطعام والشراب.. وهى العبارة التي تسبق الأذان مباشرة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى