الاثنين ٢٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٩
بقلم إبراهيم سعد الدين

المَجْد لَكْ.. أيُّها الشَّعْبُ العَظيمْ..!!

خَبَرٌ أذاعَتْه قناةُ الجَزيرة باعتباره من الأخبار الخفيفة التي تَدَّخرها القناة لتخْتَتِمَ بها نشراتِ الأخبارْ. لكني أعتقد أنه استوقف الملايين من المُشاهدين مِثْلما اسْتَوْقَفَني مُسْتَحْوذاً ـ بِعَظََمتِه وجَلالِه ومَغْزاه ودلالاته العميقة ـ على كُلِّ خلَجَةٍ من خَلَجاتِ العَقْلِ والمشاعرِ والحَواسّ. يقولُ الخَبَرْ: إنَّه أُعيدَ افتتاح حديقة الحيوان بِغَزَّة. وهي الحديقة التي دَمَّرَها العدْوان الصّهيونيّ الأخيرْ الذي لَمْ يَتْرُكْ إنْساناً ولاحَيواناً ولا جَماداً إلاَّ واسْتَهْدَفه. ويورِدُ التَّقرير المُصَوَّر بضْعَ صُوَرٍ لحيواناتٍ كثيرة مثل القردة والأسودْ وغيرها وهي تَمْرَحُ بالحديقَةِ ووجوه الأطفالِ الغَضَّةُ النَّدِيَّةُ تُلاحقها بنظراتِ فَرَحٍ واسْتبشارٍ وبَشاشَة. ويَسألُ المُراسل أحد العاملين بالحديقة: هذا المكان كان قَدْ دُمِّرَ بأكْمَلِه ولَمْ يَبْقَ فيه أثَرٌ لإنسانٍ أو حيوانٍ أو طائرْ.. من أيْن أتَيْتُمْ بِكُلِّ هذه الحيواناتْ..؟!

ويُجيبُ عامِلُ الحَديقة: أتَيْنا بها مثْلما نأتي بِغِذائنا وقوتِ يَوْمِنا وكُلِّ مُتَطَلَّباتِ الحياة.. عَبْرَ الأنْفاقْ ..!!

وتأكيداً لهذا القَوْل يُورِدُ التَّقْريرَ بَعْضَ صُوَرٍ للقِرَدَة وهي تَعْبرُ النَّفق وتَخْرُجُ منه إلى أرْض غَزَّة، هازِئةً بالحصار المَفْروض وبالمَعابِرِ والأسوار والأسْلاكِ الشّائكةِ وبِكُلِّ محطّاتِ المُراقَبةِ والطائراتِ بلا طيارين ودوريات الحراسَة والجيش الإسْرائيلي وسفن المراقبة الأطلنطية وبِكُلِّ المُتواطئين معهم بالتآمُر أو الصَّمت. مَشْهَدٌ هو شَهادةٌ للتّاريخ على عَظَمةِ هذا الشَّعْب الّذي يَنْتَصِرُ دائماً على كُلِّ عدْوانْ، ويسْتَعْصي على كُلِّ قَهْر وتَطْويعٍ وتَرْويعٍ وتَرْكيعٍ وتَرْهيبْ، ويَخْرُجُ كالعَنْقاءِ مِنْ كُلِّ نارٍ أشَدَّ صَلابَةً وأقْوَى شكيمَةً وأعْظَمَ إصْراراً ونُبْلاً وصَبْراً ويَقيناً بالنَّصْر.

أيُّ شَعْبٍ عظيمٍ ونبيلٍ وجديرٍ بالحياةِ الحُرَّةِ الكريمة.. هذا الشَّعْب..؟!

لَيْتَهُمْ يُهْدون هذه اللّقطات المُصَوَّرة إلى شارون الغارق في غَيْبوبَتِه، وأولْمِرْت الغارِقِ لأذُنَيْه في فَضائحه ومحاكماته وتُهَمِ الفَسادِ المُوَجَّهَةِ إليْه، وإلى ليفْني الغارقَة في رُعْبها من ملاحقة العدالة الدولية لما سفَكَتْه من دماءٍ طاهرةٍ زكيّة، وإلى ليبرمان الغارق في جَهله وحماقاته وازْدراء العالَمِ له واسْتهْزائه به وبأفكاره وطروحاته المَريضة، وإلى نتنياهو الغارق في أكاذيبه وأوْهامه وجولاته المَكّوكيّة ليُفْلِتَ من الضَّغط المُتزايد دوليّاً عليه ومن حصار الرّأي العام العالمي والضَّمير الإنساني وإدانته له ولكيانه الغاصب ولممارساتهما الوَحْشِيَّة ضِدّ الإنسانيّة.

لَيْتَهمْ يُهْدون هذه اللّقطات إلى كُلّ المُراهنين على سَلامٍِ الاسْتجداءِ والانْحناء والتنازل والمُساومَةِ والتَّفريطْ، وإلى كُلّ من يَدْعَمهم ويُغويهم بعصا السّلامِ وجَزَرَتِه، لِيَرَوْا أيَّ جريمَةٍ يَرْتكبون بِحَقِّ هذا الشَّعب المُناضِل والمُبْدع والخَلاّق، والقادر على صُنْع المُعْجزاتْ.

أمّا أنتُمْ يا جماهير شَعْبنا الفِلَسْطينيّ في غَزَّة والضِّفَّة الغَرْبِيّة وفي كُلِّ شِبْرٍ من أرْضِ فلسطين.. فلا تَهنوا ولا تَحْزَنوا فأنتُمْ الأعْلَوْن، وأنتُم الباقون عل هذه الأْرْض الطَّيِّبَة، وعَدوُّكم زائلٌ.. زائلْ.. لأنه ضِدَّ الحَقّ والعَدْل والإنْسانِيَّةِ والتّاريخْ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى