الاثنين ٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٩
بقلم محمد أبو الفتوح غنيم

المجتمع والسلبية

إن الناظر في مجتمعاتنا يدرك أن سقمها الأول بعد البعد عن الدين هو السلبية، وهذا نتاج ذلك، ولقد نلحظها يوميا في شتى المجالات والأمكنة، في المنزل والشارع والعمل وحتى في المسجد، وصورها كثيرة لا تخفى على أحد، والسلبية كما يعرفها موقع الويكيبيديا هي:

حالة وجدانية سلوكية، معناها أن يتصرف المرء بلا اهتمام في شؤون حياته أو حتى الأحداث العامة كالسياسة و إن كان هذا في غير صالحه. مع عدم توفر الإرادة على الفعل وعدم القدرة على الاهتمام بشأن النتائج أو هي قمع الأحاسيس مثل الاهتمام والإثارة والتحفز أو الهوى، فاللامبالي هو فرد لا يهتم بالنواحي العاطفية أو الاجتماعية أو الاقتصادية وكذلك قد يبدي الكسل وعدم الحساسية. و قد يكون هذا التصرف جراء عدم قدرة المرء على حل المشكلات التي تواجهه أو ضعفه أمام التحديات.

والسلبية في ذاتها مولدة عن أحد شيئين، الجهل والجبن، فالجاهل إما أن يكون جاهلا بالإيجابية ذاتها أو جاهلا بما ينبغي عليه فعله، فأما الجاهل بالإيجابية ذاتها فيعلمه قول الله تعالى "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" وقوله "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" وقول النبي صلى الله علي وسلم "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" وقوله "مثلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"، وأما الجاهل بما ينبغي عليه فعله فيعلمه معرفته بأصول دينه وتعاليمه وموجباته وفضائله وكثرة مخالطة العقلاء واستفتاءه قلبه الصادق.

أما الجبن فهذا داء لا يرفعه إلا المروءة والتربية على الشجاعة وشهادة الحق وألا يخاف في الله لومة لائم، وهذا هو السبب الرئيس في سلبية الشعوب تجاه الحكومات الفاشلة، بل وسلبية المواطن أمام الشرطي الظالم، وصمته وتجاهله لما يحدث حوله خشية بطشه، بل وامتناع البعض عن شهادة الحق حتى لا يتعرض للمسائلة وخشية أن يصيبه سوء بشهادته هذه.

والسلبية عوائدها شديدة الضرر بداية من السكوت في الحق وكتمان الشهادة وترك إنكار المنكر وخذلان الضعيف حتى يصل بنا الأمر من السلبية في أمور خاصة إلى أمور أعم فأعم حتى تصبح سلبية مجتمعية متصلة من المجتمع -أفراد ومؤسسات- وإليه ينتج عنها فشل وشلل تام حيث يختفي الوازع الذاتي ثم الوازع المجتمعي باختفاء المساءلة فيأمن المرء العقاب معتمدا على اللامبالاة المحيطة به فيسيء الأدب.

إن الإسلام يربينا على الإيجابية الفعلية والنفسية، أما الفعلية فكما ذكرنا سابقا من آيات وأحاديث تحث المسلم على عمل ما فيه المصلحة فإننا نتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم "إذا قال الرجل: هلك الناس، فهو أهلكهم"، ففي هذا الحديث تنبيه إلى ترك كل ما يحبط الناس أو يؤدي بهم إلى سلبية نفسية تؤدي إلى سلبية فعلية فالمؤمن لا ييأس ولا يفقد الأمل في الإصلاح والصلاح والخير، بل هو يسعى دائما إلى التغيير للأفضل، فالإسلام كله قائم على السعي والدعوة والإصلاح والجهاد والتغيير والنصرة وكلها مفاهيم وأمور لا تتحقق إلا بالإيجابية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى