الأربعاء ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٣

الحطاب

كان هون هون هالزلمة الفقير حطاب. كل يوم بروح بجيبله حطب ببيعها ويوكل من وراها. يوم وهو رايح الصبح عالحطب، حمّص شوية فول يتسلى فيهن عالطريق . وهو ماشي يقرط فيهن، رايح درب باب الوادي، لمن صار عسوى بير دار يوسف السليمان اللي بنص الطريق، هناك رمى حبة فول هيك عثمه وقعت اجت بقلب البير. من فقره وحسرته عليها، قرمز باب هالبير وصار يبكي:

يا حبة فولتي
يا ردة جوعتي
يا حبة فولتي
يا ردة جوعتي

ويبكي على حبة هالفول. البير قال فيه – بسم الله الرحمن الرحيم – سكان صاروا يقولوله: "ولك يا عمي فك عنا. شو مالك؟ قرقعتنا".
قالهن: "بدي حبة الفول"، ويبكي: "يا حبة فولتي، يا ردة جوعتي!"
قاله: "ولك يا عمي قرقعتنا. خذ هالباطية . شو ما قلتلها انتلي بتنتلي، وبتوكل بدال حبة هالفول".

أخذها وسحب حاله ورجع عالدار. فوّتها عهالخشة وسدّ هالباب وقالها: "يا باطية انتلي رز ولحم عليك لبن!"
قال شو؟ ما اتطلع هيك، والا هي هالباطية مليانة رز ولحم وهاللبن على وجهها. قال، شو؟ ظل يوكل تنه استوى. صار المغرب والصبح والظهر يقولها "انتلي" شو ما بده يوكل ويكب الباقيات.
يوم فلس. قال "هيك بدي أظل قاعد بهالخشة، والله بدي أروح اشم الهوا". قال "وين بدي أروح فيها. إسا حدا يستقفيني وبخلّع الخشة وبوخذها". قال "والله لاخلّيها عند جارتنا" – مثل ما تقول عند إم فلاح.

راح، قال طبّل عليها قالها: "يا إم فلاح، الله يخليكِ تخليلي هالباطية عندك، وديري بالك عليها. مش وأنا مش هون يعني تجربيها، تصيري تقوليلها "يا باطية انتلي رز ولحم والا انتلي سميدة وشعرية ويخنة بندورة"، وتصيري توكلي منها. الله يخليكِ تديري بالك عليها بس أروح أشم الهوا يومين وارجع".
هو دار ظهره، وقالتلها إم فلاح: "يا باطية انتلي رز ولحم وعليك لبن!" شو؟ ما شافوا والا هي معرّمة . أكلوا كلهن تشبعوا: "يي! والله ما عاد يشوفها. عندنا خلقة وحدة تييجي بنعطيه اياها. الله عمره لا يوكل. هو واحد لحاله، واحنا عيال. شو بده فيها".
رجع، طبل: "إم فلاح!"
: "مالك خيا؟ تفظل، فوت".
قالها: "اعطيني بالله هالباطية. والله ميت من الجوع بدي أروح آكل".
أعطته إياه قال. "أخذها وراح قعد. يم دغري "يا باطية انتلي رز ولحم وعليك لبن!" صبر،صبر. مانتلتش.
: "انتلي سميدة وشعرية، انتلي مجدرة، انتلي شحار!"
مانتلتش. ولا إشي، شيلة.
راح لإم فلاح. قالتله: "يا خيا شو بعرفني. هاي اللي جبتلي اياها أعطيتك اياها. شو أساويلك؟"
راح على هالبير، دوب بهالربير ودبها وصار يبكي: "يا حبة فولتي، يا ردة جوعتي!"
قالوله: "مالك؟ ما اعطيناك الباطية".
قالهن: "خربت، بتنفعش".
قالوله: "طيب، خذلك هالطاحونة، ديرها عاليمين بتطحن ذهب. ديرها عالشمال، بتطحن فظة".

طيب. أخذها وراح. قعد بهالخشة وسكر هالخشة عليه وصار يطحن. صار كل يوم يطحنله شوية يحطهن بجيابه ويروح يشم الهوا بعكا، بحيفا، بالناصرة. قعد بيجي شهر وهو يشتغل هالشغل. يوم اجا عباله قال لييجي حدا يخلع باب هالخشة وياخذها. راح عند جارة ثانية، مثل ما تقول عند نوخة، قالها: "بالله يا ام ياسين خليلي هالطاحونة عندكو".
: "يا خيا حطها. شو بده يصير عليها الطاحونة؟"
قالها: "بس الله يخليكِ، مش تصيري تطحني فيها عاليمين تطّلع ذهب وعاليسار تطلع فظة".

يمّ هو دار ظهره، والا هي حطتها وقالت: "هاتوا تنجرب!" جربت، والا هي شو؟ انجنت.

غاب يوم يومين. رجع: "بالله يا ام ياسين تعطيني هالطاحونة". أخذها وراح روح. دارها هيك، ما تطحنش. هيك، ما تطحنش. فحّج اجريه وقعد. دير، دير، دير تنه كمي، مفش نتيجة. قالها "الله يلعن أبو صحابك!" حملها وراح على هالبير، دوب دبها بقاع البير وصار يبكي: "يا حبة فولتي، يا ردة جوعتي!"
قالوله: "ولك يا عمي قرقعتنا. ما اعطيناك باطية وطاحونة. شو بعد بدك؟"
قالهن: "أخذوها الناس".
قالوله: "طيب. خذلك هالعصاة عند اللي أعطيتهن اياهن.
بتقولها: "يا عصاتي هفي هفي وعن جناب فلان ما تخفي!" ، بتظل ترقع فيهن تنهن يرجعولك اياهن".
روح دغري عند ام فلاح. قالها: "اعطيني الباطية!"
: "هذيك أعطيناك اياها".
قالها: "طيب. يا عصاتي هفي هفي، وعن جناب ام فلاح ما تخفي".

وبديت العصاة تقوم وترقع فيهن تنها لينتهن: "دخلك يا خيا! الله يلعن أبوك وأبو باطيتك! روح خذها هذيك عالسدة".

أخذها وراح روح. جربها لاقاها بتشتغل. دشرها وراح عند ام ياسين. صار يقولها: "يا عصاتي هفي هفي، وعن جناب نوخة ما تخفي!" ظلت تقوم وتخبط فيها. قالتله: "هذيك هي الطاحونة, روح خذها. الله يلعن أبوك عأبو طاحونتك!"

أخذها وروح. جربها. لاقاها بتشتغل، وقعد وتريّح.
وهاي حكايتي حكيتها، وعليكو رميتها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى