الجمعة ٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٩
بقلم حسن أحمد عمر

إنهم يكرمون الكلاب

ذهبت إلى هولندا فى بعثة علمية سنة1999 وكانت أول مرة فى حياتى تطا قدماى أرض القارة الأوروبية وكانت تغمرنى السعادة وأنا أركب الطائرة متوجهأ إلى هناك حيث أقمنا فى أحد الفنادق فى مدينة ماسترخت الواقعة على إمتداد أحد الأنهار القادمة من فرنسا وأظنه نهر الراين وكانت المدينة رائعة كباقى مدن أوروبا التى كنت أقرا عنها ولكن اليوم –عندئذ—أتيحت لى الفرصة مع أصدقائى للتجول فى أوروبا فى عطلة نهاية الأسبوع فذهبنا إلى بروكسيل وإلى بعض المدن الالمانية على حدود هولندا ومنها إلى أمستردام عدة مرات.

لاحظت فى هذه البلاد كمية الكرم والحفاوة الهائلة التى يعاملون بها الكلاب ، فقد خصصوا له مكانأ للمبيت فى كل بيت وله طعام خاص يتم شراؤه من محلات خاصة تبيع طعام الكلاب ، ليس هذا فحسب بل يوجد أطباء للكلاب يكشفون عليهم بمجرد حدوث أقل وعكة صحية للكلب و يستحم الكلب يوميأ بالشامبو وأفخر أنواع الصابون ويشرب اللبن عدة مرات يوميأ وتوجد حدائق ترفيهية للكلاب يلعبون فيها ويقابلون أصدقائهم من الكلاب الأخرى وإذا كان هناك كلب من فصيلة نادرة ورغب صاحب الكلب أو صاحبته فى الحصول على نفس الفصيلة قامت بمداعبة كلبتها حتى تذهب وتهز ذيلها المزركش الجميل نحو الكلب المرغوب فيه فيتم الحب والتزاوج وتخرج الكلبة وفى رحمها المطلوب .

الغريب أيضا هو وجود بلاجات خاصة بالكلاب يعومون فيها ويتمتعون بصيف جميل وحمام شمس رائع يخرج بعده الكلب لكى يتناول وجبة شهية من اللحم أو السمك ثم تقوم صاحبته بتسريح شعره وقد تلبسه نظارة شمسية حفاظأ على عينيه العسليتيبن من الشمس المحرقة ولا أخفيك حديثا أننى رأيت الكلب يلعب مع صاحبه او صاحبته بطرق مقرفة ومقززة وقد يضع كل منهما –الكلب وصاحبه--- ثغره فوق ثغر الآخر بما يشبه التقبيل .

ومرة كنت أمشى فى ماسترخت فسمعت خلف ظهرى صوتأ غريبا مفزعأ ولما التفتت فجأة وجدت كلبأ بارتفاع الحمار وشاهدت بوزه قريبأ من كتفى فانزعجت ولكن صاحبته تبسمت وأومأت لى بما يعنى ألا أخاف وأن أطمئن فلن يضرنى الكلب فى شىء.

حزنت حزنأ شديدا على الكلاب فى مصر التى لا يهتم بها أحد بل يقتلونها بالبندقية بحجة أنها كلاب ضالة وتنقل الأمراض ناهيك عن قتلها بأيادى الناس ما بين ضرب بالرصاص أو شنق بحبل أو إغراق فى بحر حتى يفطس .

الكلاب موجودة على مر التاريخ فهى تستخدم فى حراسة المنازل والحدائق والأغنام والماعز وباقى الممتلكات والكلب مخلوق مخلص يفهم أوامر صاحبه وينفذها حرفيأ ولا ينقص منها شيئأ والأهم من كل ذلك أن ما يسمى بالكلاب البولبسية يتدرب على الإمساك بالمجرمين وتجار المخدرات ويستخدم حاسته القوية فى الشم فى الوصول إلى المخدرات والمسروقات وأماكن تواجد اللصوص والمجرمين كما تستخدم الكلاب الشرسة والمتوحشة فى الهجوم على المساجين السياسيين فى الدول التى يحكمها الإستبداد والديكتاتورية والحكم الشمولى التى يتحول فيها الحاكم إلى إله والرعية إلى عبيد والأمثلة بالعشرات ولا تزال موجودة حتى يومنا هذا فى عصر التقدم والإزدهار والحرية والديموقراطية التى تفرض نفسها رغم أنف المستبدين.

الكلاب مظلومة ومقهورة فى بلادنا ولا تجد لقمة عيش تأكلها وتطرد من كل مكان وتقتل ويوضع لها السم فى الخبز بل والدبابيس حتى تتعذب أثناء موتها فمن أين جاءتنا هذه القسوة حتى فى حق الكلاب التى تحرس ممتلكاتنا وأشياءنا.

أليس من الأفضل وضع تقنين لتربية الكلاب حتى يهتم بها صاحبها ويعالجها إذا مرضت لأن أمراضها إذا لم تقاوم سوف تنتشر وتصيب الكبار والصغار وتملؤ الدنيابالأوبئة الخطيرة وأخطرها داء الكلب وأنواع مزعجة من الديدان والطفيليات التى تهلك الإنسان وتقضى على حياته.

أننى لا أحقد على كلاب أوروبا بل أحسدها على النعيم الذى ترفل فى عزه والراحة النفسية التى تتمتع بها هذه الكلاب وأستطيع بكل قوة أن أسمى هذا العصر فى أوروبا العصر الذهبى للكلاب وأن أسمى نفس العصر بالنسبة لكلاب مصر بالعصر الأسود للكلاب لأن الكلاب قد ضاعت فى الشوارع فلا تجد من يطعمها أو يسقيها أو يقدم لها نظرة حنان ولكنها تطرد شر طردة وتقتل شر قتلة دون أى ذنب جنته أو أى جريمة فعلتها غير وجودها اللاإرادى فوق ظهر الأرض.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى