أقصانا لا هيكلهم

يتعرض المسجد الأقصى المبارك لخطر صهيوني جديد، واستهداف مباشر من قطعان المستوطنين، لم يسبق له مثيل..

ويقف العالم ومنه العربي والإسلامي فاغراً فاه، وسط حالة من العسف والقمع، وبشكل يومي لمجموعة صغيرة من الشباب الفلسطيني المقاوم، الذين آثروا أن يحموا أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بأجسادهم، وصدورهم، في وقت يعجز فيه سواهم عن فعل شيء ما، من أجل القدس،ومن أجل المسجد الأقصى.. ولعل مركزية الاستهداف اليوم، وضمن هذه الظروف تتكور حول ذلك الخطـر الحقيقي، الذي بات قاب قوسين أو أدنى، من الوصول إلى غايات يهودية صهيونية، كانوا قد عملوا عليها، وما زالوا يعملون، لتحقيق أحلامهم التوراتية بل أوهامهم هذه.. لكن أقصانا الحقيقي يدحض بالوجود الفعلي هيكلهم المزعوم، ويثبت للتاريخ وللمستقبل، أن للأقصى رب يحميه، عندما يعجز أهل الحل والعقد عن فعل ما هو مطلوب منهم.. ويتراجع الفعل العربي باتجاه المفعول به، ويتقهقر فعل المضارع، ليصبح في حكم الماضي، ويغيب الضمير المنفصل والمتصل، ليحل محله الضمير المستتر، الذي يكون تقديره في حيز البؤس والفلس، ناهيك عن الحال العربي الذي راح بانزلاق كينونة آنية، يراكم فوق فعل الماضي الجامد لإنشاء المدح أحياناً، والذم أحياناً أخرى.

ويبقى الضمير الفلسطيني والعربي اليقظ، ما يعول عليه ليصنع المستقبل،وليمنع كل ما هو آيل للسقوط من أن يسقط.. لأن الأقصى لابد له من حماية، وإخلاص فـي هذه الحماية، ولأن نفر من هذه الأمة أعلن أن ( يا قدس نحن قادمون ) فإن الأمل يعود ليستقيظ من جديد، معلناً أن موعدنا هناك، حيث الكل عليه فرض عين، وليس فرض كفاية.. وأن مستقبل العرب برمته مرهون بقدر وقوفهم إلى جانب قضاياهم فـي فلسطين، والجولان، وجنوب لبنان، وباقي مفاصل وأوجاع الأمة على امتداد الساحات العربية.

وتبقى القدس العاصمة الأبدية للثقافة العربية، ويبقى الأقصى وقدسية الأقصى لا يتقدم عليه شعار، ولا يعلو عليه صوت.. فلا صوت يعلو على صوت الأقصى ينادينا، فالأقصى يقرع طبول الخطر.. ويلامس جراح الأمة كل الأمة.

الأقصى في خطر. ومستقبل أمتنا عالق بمستوى الصعود أو الهبوط ضمن ماهية هذا الخطر.. وكلنا - من المحيط إلى الخليج - مستهدفون باستهداف المسجد الأقصى، وقبة الصخرة، ولا فرق بالاستهداف بين هذا وذاك فجميع شعوب الأمة فـي مرمى نيران العدو.. فهل نحن قادرون؟!!.