الثلاثاء ٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٩
قرأت لكم
بقلم عبد القادر محمد الأحمر

الشمس

يقول د. أحمد زكي في كتابه (مع الله في السماء) ص/ 148- 158:- (.. الشمس كرة من نار، مقادير الحرارة التي تشعها فيما حولها مقادير هائلة، إن السنتيمتر المربع الواحد من سطح الشمس يشع فيعطي في الدقيقة الواحدة 89... سعر حراري، فهو يعمل عمل محرِّك قدرته 9 أحصنة.. فالمتر المربع الواحد يعمل عمل محركات قدرتها 9.... حصان، وسطح الشمس كله يعمل في إشعاعه عمل خمسمائة وثمانين ألف مليون مليون مليون حصان، وهو عدد يكتب اختصاراً فيكون 5,8*231...

من أين تأتي الشمس بوقودها؟!!

واختلفوا في مصدر هذه الحرارة، هذا الإشعاع كله، من أين يجيء، وكيف ينفق؟ إنه إن كان يجيء وينفق من مختزن ما في بطن الشمس من حرارة، إذن لانخفضت درجة حرارة الشمس نحو درجة كل عام، ومعنى هذا أن عمر الشمس لن يمتد أكثر من بضعة آلاف من الأعوام، تكون فيها مصدر الحرارة. ولكنّـا إذا نظرنا إلى الماضي، لا إلى المستقبل، علمنا أن عمر الشمس والأرض امتد، لا ألوفـاً، ولكن ملايين كثيرة من السنين، وهي، في هذه الأحقاب الطويلة، أعطت الأرض من الحرارة بمقدار، لا يزيد ولا ينقص، في حدود متقاربة أكثر التقارب، تلك الحدود التي يعيش فيها النبات والحيوان والإنسان.

لابد إذن من شيء يعطي للشمس من الحرارة، من الطاقة، ما تفقد منها، يمدها ويستمر في إمدادها، على النسق الواحد الذي تنسقت عليه الحياة على هذه الأرض، فلا يزيد فيحرق، ولا ينقص فيجمد، ففي كليهما فناء الأحياء.

وجاء العلماء بالنظرية من بعد النظرية في تصوير المصدر الخبيء الذي يمد الشمس بحرارتها، ويظل يقوم على إمدادها.
وجاءوا بنظرية تتصل بالشهب، إذ ترتطم بالشمس فتعطي الطاقة، فما أغنت..
وجاءوا بنظرية تتصل بانكماش الشمس، والانكماش يعطي الحرارة، فما أغنت..

الشمس قنبلة أدروجينية هائلة!

وجاء العصر الحديث، عصر انحلال الذرة، وانشقاق الذرة، فرأى العلماء فيه بغية منشودة.
إن ذرة الراديوم تنحل، ومن بعض أنتجة انحلالها غاز الهيليوم، وهي تنحل فتـشع فتخرج الطاقـة، وفي الشمس استدلوا على وجود الراديوم. والهيليوم موجود طبعاً في الشمس، فهو أُكتشف فيها قبل أن يُكتشف في الأرض، ومن هنا كان اسمه، فـ (هيليو) معناها الشمس، فقد جاز أن يُسمي شمسيوم!

الراديوم إذن في الشمس، وكذلك واحد من أنتجة انحلاله، الهيليوم. وتقوم النظرية على أن الشمس تستمد طاقتها، لتتجدد، من هذا الانحلال، ثم يحسبون ويقدرون، فلا تبلغ النتائج أرقام الحرارة التي يطلبون، وتنشق ذرة اليورنيوم، بعد انحلال ذرة الرديوم، وتنشق في القنبلة الذرية فتعطي ما قد علمنا من مقادير من الحرارة هائلة. إذن فحرارة الشمس الهائلة من هذا الانشقاق الهائل..

ثم هم يحسبون ويقدرون، فلا تبلغ النتائج ما يبتغون منها، لا بد إذن من مصدر أكبر هولاً.
ويأتي عصر الأدروجين والقنبلة الأدروجينية، إن القنبلة الأدروجينية أقوى من القنبلة الذرية، القنبلة اليورنيومية، وأقوى كثيراً!

إن ذرة اليورنيوم تنشق، وتتفرق أجزاؤها، فتنتج مع هذا الانشقاق الحرارة والطاقة، أما الأجزاء التي انقسمت إليها الذرة فعناصر دون اليورنيوم وزناً، وإذا فرضنا أننا جمعنا هذه الأجزاء ووزنـاها لكانت أقل مما استخدم من يورنيـوم وزناً، فأين ذهب الشيء الناقص؟! إنه تحول إلى طاقة، إلى حرارة ونور واشعاعات أخرى، إن المادة تحولت إلى طاقة! وتلك الحقيقة هي أكبر حقيقة خرج بها القرن العشرون. وبسببها كان اسمه قرن الذرة!

إن المادة تتحول إلى طاقة، فتنتج مقادير منها هائلة!
إن الجرام الواحد من المادة، يتحول إلى طاقة ، فينتج منها ما يعادل 22 مليون مليون سعر من الحرارة.
لم يكف اليورنيوم ، فرضاً أنه موجود بالشمس ، لتفسير حرارة الشمس..
وكفى الأيدروجين..
وذرة اليورنيوم تعطي من مادتها فتنتج الطاقة بالتقسم والتجزؤ والتفرق، وذرة الأيدروجين تعطي من مادتها ، لا بالتشقق والتفرق ، ولكن بالتجمع..

إن أربع ذرات من الأيدروجين تتجمع وتعطي ذرة واحدة من الهيليوم، ولكن أربع ذرات من الأيدروجين بها من المادة، من الكتلة، من الثقل، أكثر مما بالذرة الواحدة من الهليوم، فأين شاع سائر المادة؟!
تحول إلى طاقة ، وإلى طاقة كثيرة هائلة..
إن هذا التحول الهائل نهض يفسر ما في الشمس من انطلاق طاقة عرفناها هائلة..
وهل في الشمس أيدروجين؟
نعم ، إنه أكثر مادتها..
وهل في الشمس هيليوم؟
نعم ، إنه بالشمس كثير ، يأتي مقداره في الكثرة بعد الأيدروجين..
الشمس إذن أتون من نار ، يجري فيه مثل ما يجري في ملايين الملايين من قنابل أدروجينية، يتحول فيها الأيدروجين إلى هيليوم، وإلى عناصر أكثر تركيباً من الهيليوم.
فما الأيدروجين هذا وما ذرته؟!
إنه أخطر شيء في هذه الدنيا.. وذرته أخطر ذرة..
إنها الذرة التي أعطت النار والنور..

وإنها الذرة التي دخلت في تركيب الأجسام والأجرام..
إنها اللبـنة ، الطوبة ، قطعة الآجر التي منها بُني هذا الكون..
وهي أصغر الذرات ، وأخف الذرات..
واللبنات التي بنيت منها هذه الذرات تتكون من ثلاث وحدات:

أولها: (الألكترون): وهو وحدة الكهرباء، فالشحنة الكهربائية تتألف من إلكترونات، والتيـار
الكهربائي يتألف من أعداد هائلة من الالكترونات، تجري كـ (الدم) في الأسلاك، وأنت مع الالكترونات كل مساء، فهي التي تكـون في فتائل المصابيح.. مصابيح الكهرباء، فترقص، تتذبذب، فتعطي لك النور، وتستدفيء بها فتعطي لك النار.. والإلكترون شيء صغير جداً، والإلكترونات أغلفة الذرات تلف من حولها.. وقد يتكون في غلاف الذرة إلكترون واحد، أو إلكترونان، أو عشرة أو عشرات، إنها جسيمات تدور حول الذرة في مدارات، بعضها الضيق وبعضها الواسع، كما تدور الكواكب السيارة حول الشمس!! ولكن حول أي شيء تدور؟! إن الالكترونات تدور حول (نـواة).. هي شمس هذه الكواكب، وأبسط الذرات ذرة الهيدروجين، ولها غلاف واحد، يدور فيه إلكترون واحد، وعلى أي شيء يدور؟! أو بتعبير آخر، ما نواتها؟! إن نواتها (بروتون) واحد.. إنها اللبنة الثانية التي تتألف من مثلها نواة الذرات فيما تتألف.. وشحنة هذه النواة، هذا البروتون، شحنة كهربائية موجبة، وهي بقدر شحنة الإلكترون الواحدة التي بذرة الهيدروجين، وهي سالبة، من أجل هذا تعادلت الذرة.. وأنت تمس ذرات الهيدروجين فلا تحس كهرباء، بسبب هذا التعادل.. والبروتون لفظ إغريقي معناه: (الشيء الأول)، وما أصدقه اسماً!!

اللبنة الثالثة: إنها (النيوترون)، وهي متعادلة، فلا هي بموجبة الشحنة الكهربائية ولا هي بسالبتها.. إنه الشيء المتعادل، الشيء المحايد.. والنيوترونات تقع من الذرة في النواة، فذرة الهيدروجين بنواتها بروتون واحد- كما قدمنا- وليس معها نيوترون، ويدور حول النواة إلكترون فتتعادل الذرة..
فماذا الآن عن (نور) هذه الشمس بعد أن تحدثنا عن نارها، عن حرارتها؟
نور الشمس بعض إشعاعها، وهو ما تراه العين، والشمس أضوأ في السماء، يليها القمر، وهي أضوأ من القمر نحواً من نصف مليون مرة، والقمر بدر، والسنتيمتر المربع الواحد في سطح الشمس يعطي ما يعادل 5.... شمعة.

ونحن نحدث الضوء في هذه الحياة الأرضية اصطناعاً: شمعة نوقدها، أو مصباح زيت، أو غير ذلك، ويخرج من ذلك إشعاع ينقسم بين نور ونار (حرارة)، وغير ذلك، وتقل نسبة النور للإشعاع كله أو تزيد. والشمس أكثر المصادر الإشعاعية جميعاً نسبة نور، وهي نسبة تكبر بضع مرات نسبة نجدها في أكثر المصادر الصناعية ضياء.

وضوء الشمس أبيض اللون، فهكذا أثره في العين، ولكنك تُرسل الشعاع منه إلى منشور ثلاثي من الزجاج، فيدخل الشعاع إلى الزجاج من سطح ليخرج من سطح آخر من أسطحه الثلاثة، لكنه لا يخرج أبيض كما دخل، إنه يخرج وقد تفرق إلى شعاعات كثيرة، ومال بعضها عن بعض، وتجنب بعضها بعضاً، ليظهر كل منها على حقيقته، أحمر أو أخضر أو غير ذلك. ولو أنك جمعت هذه الشعاعات الملونة مرة أخرى، فخلطتها، فخرجت شعاعاً واحداً، لكان شعاعاً أبيض كالذي كان أول مرة! فذلك هو الطيف: شعاع أبيض تفرّق إلى ما احتواه من شعاعات ذات ألوان.
وأنت ترى الطيف أحمره وأخضره في بيتك، فيما تثلث من زخرف الزجاج، فيما يتدلى من ثريات المصابيح ونحوها. وأنت ترى الطيف في السماء، وقد بلّ المطر هواءه. إنه قوس قزح بألوانه المعروفة المألوفة.
وما سبب تفرق هذا الشعاع إلى مكوناته من شعاعات حمراء وخضراء ونحوها؟

نور الشمس أمواج

سببه إن كل شعاع ذي لون، إنما هو أمواج متواصلة من الضوء، وتختلف أطوال الموجات للشعاعات فتختلف ألواناً، وأهم من هذا أن مجراها ينكسر عند خروجـها من الزجاج على ما وصفنا، والانكسار ميل عن مجرى إلى مجرى. والشعاعات التي تختلف ألوانها، يختلف ميلها عند انكسار.. عند خروجها من الزجاج، لهذا تخرج متفرقة..
الشعاعات الحمراء تميل عن مجراها الأول، مجرى الضوء الأبيض، قليلاً، والشعاعات البرتقالية التي تليها تميل عن ذلك المجرى الأول أكثر، لأن طول موجتها أصغر. والشعاعات الصفراء التي تليها تميل عن الشعاعات البرتقالية لأن موجتها أصغر منها، وتلي الشعاعات الصفراء، الخضراء، فالزرقاء، فالنيلية، فالبنفسجية..

سبعة ألوان تميزها العين فيما نرى من الطيف، تصغر موجاتها كلما ذهبنا من الطرف الأحمر من الطيف إلى الطرف البنفسجي منه..
ونقول شعاعات سبع، وما هي بسبع، إنما هي آلاف، يندمج بعضها في بعض، ويتدرج بعضها إلى بعض في موجات تتراوح أطوالها ما بين 7... إلى 39.. وحدة. لا سبيل إلى وصفها باللون.
وما هي هذه الوحدة في قياس أطوال الموجات الضوئية؟
ليست متراً ، ولا سنتيمتراً ، ولا ملليمتراً ، إنها أصغر من ذلك كثيراً.
إنه جزء من عشرة ملايين من أجزاء نقسم إليها المليمتر الواحد!

ومعنى هذا ان أقصى ما تراه العين من الأشعة البنفسجية تبلغ موجته من القصر 39.. وحدة، ومعنى هذا أيضاً ان أقصى ما تراه العين من الأشعة الحمراء، التي بطرف الطيف الآخر، يبلغ من الطول 7... وحدة.
أشعة لا تراها العين
ولكن، ماذا في الطيف بعد الأشعة البنفسجية مما لا ترى بالعين؟
بها شعاعات أصغر موجة، ليس من ذنبها أن العين لا تراها، إنها الأشعة المعروفة بـ (فوق البنفسجية)، إنها الأشعة التي تؤثر في اللوح الفوتغرافي العادي وتعطينا الصور الفوتغرافية، وبالفوتغراف نحن نصورها..

ثم، ماذا وراء هذه؟

وراءها أشعة أصغر منها موجة. منها الأشعة السينية، تلك التي تنفذ في الأجسام، وتُؤخذ بها صوّر بواطننـا، نكشف بها الأمراض. زمن بعد الأشعة السينية تأتي أشعة جيم، أشعة جاما، تلك التي منها ما يبلغ جزءا من هذه الوحدة المتناهية الصغر التي بها نقيس موجات الضوء. وهي الأشـعة التي تخرج عند انفلاق الذرة فتضر بالناس أيما ضرر، وقد تقتل..
وكما وراء الأشعة البنفسجية أشعة، هي أصغر منها موجة، فكذلك وراء الأشعة الحمراء، أشعة أكبر منها موجة، وتُعرف بأشعة ما تحت الأحمر.. وليس من ذنبها كذلك أن العين لا تراها، إنها الحرارة التي نحسـها أجمعين، ومن بعد هذه تأتي الأشعة اللاسلكيـة، وطول موجتـها قد يكون جزءا من عشرة من المليمتر، وقد يبلغ أميـالاً طوالاً..

فهذا هو الطيف كله، يتألف من موجات، منها الضوئي، ومنها الحراري، ومنها السيني، ومنها الجيمي، ومنها اللاسلكي. وكلها شيء واحد في طبيعته، لا اختلاف بينها إلا طول موجة، ثم ما ينشأ عن طول الموجة من اختلاف في الطباع..
والشمس لا يمتد طيفها فيشمل كل هذا، إنه يشمل الجزء المرئي، والكثير إلى يمين هذا، ذاك الفوق البنفسجي، والكثير إلى يسار هذا ، ذاك التحت الأحم..

قرص الشمس

إن أوضح شيء في الكون، أصعب شيء رؤية.. إنها (الشمس). إنك تنظر إليها في كبد السماء بعينك العارية فتعشى وتعمى فلا ترى منها شيئا.. وتنظر إليها بالمنظار، دون احتياط مما يحتاط به الناظرون فيها، فقد تحترق عينـاك. انظر إلى الشمس بلا منظار، ولكن من خلال لوح من الزجاج ملوّن- يمنع عنك وهجها وشدة التماعها- تجدها قرصاً مستديراً، لوناً أبيض واحداً لا شية فيه..

وتنظرها بالمنظار، وقد تزود بما يقيك شر النظر، فتجد لها قرصاً قد اكتمل وتحددت أطرافه، وهو قد ترقط فكأنما نثرت عليه أرزاً أو كأنه وجه البحر انتشرت فيه الأمواج خفيفة وابيضت رؤوسها ، أو كأنها مطبوخ اللبن الثخين على الماء فهو يتفقع في كل ناحية فيه، أو كأنها الغازات تخرج من بطن الشمس وتفور عند سطحها، وهي رقطـات لا تلبث أن يتغير شكلها ويتغير موضعها، فكأنما مادة الشمس في اصطراع لا يأذن لها بهدوء، وقطر الرقطة منها هو في المتوسط 5.. ميل.
إن ما في قرص الشمس من ترقط، وما فيه من تبقع، وما يعتري كل هذا من تغير في شكل وفي موضع، لدليلاً على ما في هذه الكرة الغازية الملتهبة من جيشان وثوران!!

العناصر التي بالشمس هي عناصر الأرض

إن سطح الشمس، وتبلغ درجة حرارته نحواً من 6... درجة مئوية، يخرج منه النـور كاملاً، كاملة موجاته، سواء منها ما كان بالطيف المرئي، أو ما فوق البنفسجي، أو مادون الأحمر، وهذا الضوء قبل أن يصل إلينا، نحن أهل الأرض، يمر بجو الشمس طبعاً وهو أبرد، وبه العناصر شتى.. به ذرات تلك العناصر وبه حتى جزيئاتها، والعناصر إذا أنت أحميتها ووضعتها بين نفسك وبين طيف يأتيك من ورائها كاملاً، ما أتاك كاملاً. إن هذه العناصر تمتص منه موجات بها خاصة، ويصلك الطيف وموضع هذه الموجات منه فراغ أسود، ولكل عنصر موجات بذاتها معروفة مدروسة، هو دليل عليها ، وهي دليلة عليه، وتظهر في مكانهـا من الطيف، بعد أن يمتصها العنصر، خيوط سوداء تعرفه بها، بها تعرف وجوده، وأنه قام بينك وبين الطيف الكامل..

وبطيف الشمس، طيف ضوئها الذي يصل إلينا، ألوف من هذه الخيوط السوداء، أو إن شئت فالمظلمة، نتيجة ما امتصته العناصر الغازية الحارة التي بجو الشمس، لا سيما في الطبقة السفلى من هذا الجو..

وإذن، فبدراسة هذه الخطوط المظلمة، نستدل على ما في الشمس، في سطحها، من عناصر..
واستدلوا بذلك على أن الشمس بها نحو من 67 عنصراً من عناصر الأرض، وعناصر الأرض تبلغ نحواً من 9.، وسيزيد المستدل عليه من العناصر في الشمس إذا ما تيسرت الصعوبات التي تقوم تعسر من هذا الاستدلال. فليس الاستدلال على العناصر في كل حالة بيسير..
ومن العناصر الشهيرة التي في الشمس، شهيرة بيننا نحن معشر أهل الأرض، الأدروجين، والهيليوم، والبورون (على هيئة أكسيد)، والكربون، والنتروجين أو الأزوت، والأكسجين، والفلور (على هيئة فلوريد السيلسـيوم)، والصوديوم، والمغنسيوم، والألمنيوم، والسيلسيوم، والفسفور، والكبريت، والبوتسيوم، والكلسيوم، والكروميوم، والمنجنيز، والحديد، والكوبلت، والنيـكل، والنحاس، والزنك، والرصاص، والقصدير، وحتى الذهب والفضة والبلاتين استدلوا على وجودهـا في الشمس، واستدلـوا على كل ذلك من تحليـل الطيف والأطياف..

وبتحليل الطيف والأطياف يستدل الكيماويون اليوم في معاملهم على ما تحتويه المواد الأرضية من عناصر، يكشفون عن نوعها، ويكشفون عن مقدارها، وهي طرائق عادية مما ألف الكيماويون..
وأكثر غازات الشمس: الأدروجين، فالهيليوم، وبالشمس كثرة كبرى من الأدروجين ، يأتي من بعده الهيليوم كثرةً، وهذا في تفسير حرارة الشمس، ، ما منشؤها، ذو شأن عظيم، وهو في إيضاح وحدة الكون التي نستهدفها ذو شأن أعظم!

إنها حقيقة من أخطر الحقائق ، تلك التي خرجنا بها.. إن ما كشفنا من عناصر الشمس هو بعض عناصر الأرض، والشمس نجم يتمثل فيها سائر النجوم، والنجوم هي الكون، فمعنى الحقيقة التي خرجنا بها أن عناصر النجوم، عناصر الكون، هي عناصر الأرض، وسوف نزيد النجوم ربطاً بالشمس، كنهاً وماهيةً، وسوف يؤدي بنا البحث إلى أن هذه العناصر، هذه التي انبنى منها الكون أجمع، هي على اختلافها شيء واحد!!)..

وحقاً لم يعبد الناس هذه الشمس في سالف القرون- كما يقول د.أحمد زكي-: (.. إلا لأنهم وجدوا مرد كل شيء في هذه الحياة يعود إليها، فكل منابع الحياة تنبع منها، وكل المصادر تصدر عنها، هذا البقل منها، وهذا القمح، وكل ما اخضرت به الأرض فمن الشمس، إن الشمس ترسل أشعتها إلى الأرض تنظم بها ما تفرّق من عناصر الأرض كما تنظم الإبرة والخيط، وهي تنظمـها أنساقاً أشتاتا، ألفاً فألفا، وهي تغلقها خزائن فيها القوة، وفيها الطاقة، وفيها الحياة، فذلك نبات الأرض، ومن النبات نشأ الحيوان، حيوان الأرض.. يأخذ التماسك في البناء والطاقة لكل حركة من حركات نبات الأرض، والإنسان يأكل من نبات الأرض، ومن حيوانها، من هذه الأصول، من هذه الأحقاق التي أغلقت على طاقتها، ومرجعها جميعاً الشمس، يأكل منها فيبني نفسه، ويستمد طاقته وقوته..

والحياة في حاجـة إلى الماء، النبات في حاجة إلى الماء، والحيوان في حاجة إلى الماء، والبحر ملح أُجاج، والشمس هي التي تحيله ماءً فراتاً، وهي ترشه من علٍ على النبت مطراً، أو تجريه في مسارب الأرض أنهارا، ويريد الإنسان أن يقبع على الأرض، فلا يقبع إلا عند ماء، مورده السماء، ونريد ندفيء الأجسام، أو ننضج الطعام، فنحرق الخشب، وما الخشب إلا خزائن الطاقـة، طاقة الشمس أودعتها فيها من آلاف آلاف الأعوام، ونطلب الحركة والتحريك، حركة تحملنا، أو حركة تدور بسواقينا، وأشباه السواقي فنتخذ من الدواب سيارات ومحركات، ولكل سيارة جسم، هيكل، ولكل سيارة وقود، وسيارات الإنسان البدائية الأولى من حمار أو فرس أو ثور أو جمل بناؤهـا من الشمس، إن بنزينها ما تأكل من تبن وفول وبرسيم، وهي نتـاج الشمس..
وتتقدم المدنية، وتطلب الحركة أكثر ما تكون، تطلبها لآلات تدور عارمات، تصنع الخير، فنجدها في الفحم، أو في الزيت، وفي كل طاقة من طاقات الشمس في طبقات الأرض مخزونة دفينة، ونفكر، فننفق في التفكير طاقة، ومردها آخر الأمر إلى طاقة الشمس، وأنت بالفكر تعبد، والفكر من الشمس، فحتى العبادة لا تكون إلا أن ننفق فيها من طاقة، من شمس، حتى الحب والبغض من طاقة الشمس..

إن الشمس تسيطر على هذا الوجود، الوجود الإنساني..
إن على سطح هذه الأرض ألوف الملايين من الناس، بجانبهم ملايين الملايين من سائر الأحياء، كلها تنبض بالحياة، وكلها بالحياة دفينة، كل حي مصباح دافيء ينير، وهي مصابيح عدد الرمال، منها الساطع بنوره، ومنها الخافت، وكلها متصلة بالشمس تستمد منها دفئها وتستمد نورها..
أطفيء الشمس، تنطفيء كل هذه المصابيح على الأرض، ولا يلبث أن يلف الأرض ظلام، هو ظلام القبر، وبرد، هو برد الموت..
ونحن لا نعبدها، وإنما نقدسها ، ونقدسها كما تقدس الفروع الأصول، ونقدسها بحسبان أنها لنا، نحن القاطنين بهذه الأرض، آيـة الله الكبـرى..).. انتهى
هذا وقد ذُكر- أيضاً- بأن أنسب وأرجح تفسير للطاقة الهائلة الصادرة من الشمس هي طريقة التفاعل النووي على غرار ما يحدث في القنبلة الهيدروجينية!! وما زال (الضوء) من الأشياء التي ما زالت تحير العلماء، فبعض الحالات تدل على التكوين المادي للضوء، والبعض الآخر يدل على الطبيعة الموجية فقط!! والله أعلم..
فتحويل 8.. مليون طن من الهايدروجين إلى هيليوم في كل ثانية لأمر يبرهن على ضخامة الطاقة الشمسية!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى