السبت ١٤ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٩
بقلم ميسون جمال مصطفى

أحبك وسع أغاني الوطن

إلى جدتي في الوداع الأخير

لا أستطيع الوقوف أمامك طويلا... فالوقوف أمامك يشبه الانتحار، كلما حدقت في عينيك سافرت دموعي إلى دنيا الألم... هنا كنت تلمين شعري بضفيرة، فتنساب يداك الحنونتان بالدعاء (أنت الكبيرة، وعليك الاتكال).

أشتم رائحة خصلتك المنسية فوق جديلتي بالأمل... لماذا تغادرينني ولم يكتمل نمو نبضي! أحنو من نظراتك المتعبتين، أقتفي أثرهما علّي أسبر أغوارك، لكن الرحيل يقتلني، يهز صمتي، أصرخ... لا، لا ترحلي، فالحكاية لم تنته بعد... والوطن ما تزال تهزه المحن.

تقترب مني جديلتك الملونة بدموعي، تغمرني، فتزهر الأحلام، سيدة المواقف أنت، يا أنت كيف تتركين عيوني تكمل المسير بدونكِ!

هنا كنت ُتغنين لي، فيأتي الجرمق على عجل... ربما استيقظ فجأة شاعراً برحيلك الأخير...فأتى حاملاَ لعينيك تينا وصعتر...أحسن بهمسك المطرز بورد صفد.. أتى مهرولاَ، ولكن الغروب هزّ المدى وارتحل...

ساعات تفصلني عن نبضك، ما أصعب الوداع! ُتحملين بعيداً عني بوشاحك الأبيض الذي يرتل" أترككم بأمان الله".

لا أستطيع أن أراك تسافرين في الألم، وأقف قربك دون أن أحتسب دموعي لغدك المغمور بحبيبات الندى.

دقائق تفصلني عن همسك... أنتظرك قرب الدالية المعرشة في خلايا روحي، أقطف منها نجماً يضيئ لياليك، جميلة أنت نورانية المشاعر، عيناك دامعتان بأحلامي، أحبك وسع أغاني الوطن...

تشرقين اليوم بثوب الرحيل بثوب الرحيل... متوجة، ها هو الكرمل يزفك إلى نصفك الآخر الذي ينتظرك مذ غادر الورد شواطئك، اليوم تغادرينني ملكة بطهر حيفا وكرملها.

ثوان تفصلني عن روحك... يا نسيم الروح لعمري لا تغادري... إرحمي سنواتي التي ستخلو من حنانك وابقي قربي، تظلّلين ساعاتي الغافية المتعبة بدون عينيك المشرقتين ساعة الرحيل الأخير..

أرجو... نبضك، همسك، روحك، عيناك، أن تبقي هنا حتى يرحل الوطن.

إلى جدتي في الوداع الأخير

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى