السبت ١٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٩
قرأت لكم
بقلم عبد القادر محمد الأحمر

أديب ودفاع

(ذهب الشيطان إلى أحد مشايخ الأزهر الشريف كي يتوب على يديه من أفعاله الشريرة فدار بينهما الحوار التالي:-

  شيخ الأزهر: إيمان الشيطان عمل طيب ولكن..
  إبليس: ماذا؟!! أليس من حق الناس أن يدخلوا في دين الله أفواجا؟! أليس من آيات الله في كتابه الكريم: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابَا) (النصر/ 3).. هأنذا أسبح بحمده واستغفره وأريد أن أدخل في دينه خالصاً مخلصاً، وأن أسلم ويحسن إسلامي..

وتأمل شيخ الأزهر العواقب لو أسلم الشيطان، فكيف يُتلى القرآن؟ هل يمضي الناس في قولهم: (أَعُوذُ بِالله مِّنَ الشَّيْطَان الرجيم)؟ ولو تقرر إلغاء ذلك لاستتبع الأمر إلغاء أكثر آيات القرآن.. فكيف يستطيع شيخ الزهر ان يقبل إسلام الشيطان دون أن يمس بذلك كيان الإسلام كله!!..

رفع شيخ الإسلام رأسه ونظر إلى إبليس قائلاً:- (إنك جئتني في أمرٍ لا قِبَلَ لي به.. هذا شيء فوق سلطتي، وأعلى من قدري ولست الجهة التي تتجه إليها في هذا الشأن0)

  إبليس: إلى من أتجه إذن؟! ألستم رؤساء الدين؟! كيف أصل إلى الله إذن؟! أليس يفعل ذلك كل من أراد الدنو من الله؟!..

ولكن إبليس لم يستسلم لرفض شيخ الأزهرتوبته، فصعد إلى السماء وطلب من جبريل - عليه السلام- التوسط عند ربه لقبول توبته، فيقول جبريل: (نعم، ولكن زوالك من الأرض يزيل الأركان ويزلزل الجدران، فلا معنى للفضيلة بغير الرذيلة، ولا للطيب بغير الخبيث، ولا للنور بغير الظلام.. بل إن الناس لا يرون نور الله إلا من خلال ظلامك، وجودك ضروري في الأرض ما بقيت الأرض مهبطاً لتلك الصفات العليا التي أسبغها الله على بني الإنسان...)

  وجودي ضروري لوجود الخير ذاته، نفسي المعتمة يجب أن تظل كذلك لتعكس نور الله، سأرضى بنصيبي الممقوت من أجل بقاء الخير، ومن أجل صفاء الله، ولكن هل تظل النقمة لاحقة بي واللعنة لاصقة بإسمي على الرغم مما يسكن قلبي من حسن النيّة ونبيل الطويّة؟!
  (نعم، يجب أن تظل ملعوناً إلى آخر الزمان.. إذا زالت اللعنة عنك زال كل شيء...)

وبكى إبليس وترك السماء مذعوناً وهبط الأرض مستسلماً، ولكن زفرة مكتومة انطلقت من صدره وهو يخترق الفضاء، رددت صداها النجوم والأجرام في عين الوقت، كأنها اجتمعت كلها معها لتلفظ تلك الصرخة الدامية: إني شهيد، إني شهيد0)..

هذه القصة كتبها الأديب الكبير توفيق الحكيم تحت عنوان: (الشهيد) وقد عدّها الأستاذ العقاد من أجود ما كُتِبَ في جميع اللغات (في كتابه: (إبليس) ص/184)..

ولكن، ماهي يا ترى الفكرة التي كان يدعو إليها هذا الأديب الكبير؟!!

ما وسعني إلا أن أقول (سبحان الله)..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى