السبت ١٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٩
بقلم ماهر طلبة

جن سليمان

لألف عام لم ير نورا إلا فى قلبه، حتى آمن لسليمان، فانفتح القمقم وخرج، الحيرة التى ارتسمت على وجهه عكست نفسها عبر المرايا والشاشات المعلقة ..

تعرف على عالمه الجديد .. لم يكن به كرسى ولا عصا، فقط نجمة معلقة فى منتصف مساحة بيضاء كعقله لحظة الميلاد الثاني، غطوا وجهها بالألوان والمساحيق ليخفوا حقيقتها، لكنه اقترب وتشبه فقرأ ما خلف الظلال، لم يتحمل قلبه – الرؤيا – فانفجر متحطما

2- شاهد

وحيدا كان يقف منتصبا كأنه يرى أمامه أنثاه .. كان يحمل على وجهه الأصفر ذكريات غابرة صيغت فى كلمات قليلة ضيع الزمن بعض حروفها، لكنها كانت – دائما - تكفى كى تستدل هى عليه وتعرف أنه هنا حيث لا مهرب له منه إلا فى رأسها ولا نجاة لها من الدموع

3- خريف

خريف قادم قبل أوانه... ذكريات لم يعد العقل يسترجعها كثيرا منذ أن ضربها الزمن فى غفلة منها فترك على وجهها – الذى كنت أحفظ تضاريسه جيدا – خطوطا وتجاعيد كم تهت فيها حتى أنى لم أعد أستطيع الوصول إلى الشفتين لإعادة رسم الخارطة

4- نوافذ

كانت تلقي بذور الخضرة فى قلبها كل صباح وتفتح نافذتها لضوء الشمس والهواء وتنتظر أن تتفجر الحياة فى البذور ..لكنه فى النافذة المواجهة، لم يكن فى يوم ما مغرما بالزرع لأنه لم يكن يؤمن أن مياه قلبه «المالحة» يمكن أن تحي بذرة لذلك كان يغلق عن قلبها صنبور المياه ..فلم ترتو بذورها قط .. فكانت بعد أن ينتابها اليأس كل مساء تنبش قلبها تخرج بذوره تلقي بها على مخدتها قطرات من المياه المالحة وتنام دون حلم.

5- بنت

كانت ترتدى الجينز وتذهب إلى الطريق فتصطدم بنظرات العابرين وتصدمها، لم تكن تقصد ولم يكن هذا غرضها أو يجول ببالها، لكنها دائما ما كانت تسبب أزمات مرورية حتى اضطرت الدولة الى التدخل فمنحتها معاشا مبكرا وحرمتها الجينز

6- أحلام

أليس اسمها حاملا للمعنى؟ ... ألا تتلبس الألف ثوب الحاء فتخرج الصرخة؟... تلتحف فى برد الشتاء باللام فيكون الحلال؟.. تشتبك وتندغم من جديد لتعود أما؟ .... أليس اسمها حاملا للحلم..؟

7- نجفة

ضم ذراعيها إلى جسدها المعلق ... تحسس لمبتيها والسرة الموجودة فى المنتصف ... استثاره ضوؤها الأبيض الناصع ... حرك فى داخله أحاسيس عدة .... أحس بالبهجة تسرى فى جسده كروح الله .... فانتعش وتوضأ للصلاة ...

8- مسافة

كان كثيرا ما يقطع المسافة ما بين بيته وبيتها – فى اليوم الواحد - مرات عدة بالنظرات، لعله فى إحدى المرات يهتدى إلى ذلك النور الصاعد من جبهتها، لكنه وفى كل مرة كان يرتد إليه طرفه مصطدما بالشيش وحبال الغسيل والنظرات التى يشعلها الفضول

9- سؤال

سألته: متى ستشرق الشمس؟....

مرت عشرات الأعوام وهم يحيون بدونها..

التفت إليها.. كانت الشمس فى عيونه نجما مخبوءا يختنق...

قال: عندما تُضاء حياتنا بنجم جديد ... فاصبرى..

كانت تعلم أن اليأس الذى تراكم فى خلايا جسدها قد سد أبواب الأمل وقتل فى داخلها الصبر، فأحنت رأسها - فى استسلام الصابرين - متظاهرة

10- مشنقة

كان يعد مشنقته صباح كل يوم .... وينتظر أن تغرب الشمس، ويأتى المساء ليدخل رقبته فى حبلها، لكنه مع مساء كل يوم كانت تعود إليه ذكراها .. ضوء أبيض ... رؤيا لطريق يعرف نهايته .. حلم يعيش فيه حتى تشرق الشمس .. عندها كان يعمل على أن يعد مشنقته من جديد وينتظر


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى