السبت ٢٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٠
تميم الأسدي
بقلم شاكر فريد حسن

الصوت الجميل في أوركسترا الأغنية الشعبية

تميم الأسدي شاعر غنائي مطبوع واسم معروف في عالم الزجل والأغنية الشعبية العامية المحكية، التي تستلهم ايقاعاتها وموضوعاتها من الهموم المباشرة للناس، والمغناة بروح الشعب وعزة الوطن وعبير النرجس وأريج الوردة وحفيف أغصان السنديان والزيتون الجليلي. وهو شبل من ذلك الأسدي، فوالده سيد القصيدة العامية المحكية الشاعر سعود الأسدي ـ أطال الله في عمرهـ ، وجديه المرحومين أبو سعود الأسدي وقاسم الأسدي (أبو غازي) طيب الله ثراهما .

نهل تميم الأسدي القيم والمعرفة والفلسفة وحب الحياة من بيئته الشعبية ، وحلّق عالياً في فضاءات سحرية مع ربة الشعر، وأبدع في تأليف وانشاد الأغاني والأهازيج الشعبية المنفتحة على الهم الأنساني والوجع الفلسطيني الأكبر، محققاً بذلك ذاته الشعرية التي أراد لها أن تكون مواسم وأناشيد فرح للفقراء والمسحوقين وبسطاء الناس.

تميم الأسدي فنان مميز له طابعه الخاص ، وذوقه الخاص، وأجواؤه الخاصة وعوالمه السحرية الخاصة. انه موهبة وطاقة فنية مبدعة مواراة بالعطاء، ويعتبر من المغنين الشعبيين الذين غنوّا فأجادوا وأطربوا، وخلّبوا بأشعارهم وأزجالهم عقول الناس وامتلكوا قلوبهم، وحققوا نجاحات فائقة وتألق متواصل.

يتمتع تميم الأسدي بحنجرة قوية وصوت خلاّب، فيه نكهة الجبل وعبق الشاغور، يبهج ليالينا في الأعراس والزفات والمناسبات السعيدة، وحين يطلق الأوف تختفي الشحارير والحساسين، وتنتشي القلوب المعذبة الحزينة، وتتراقص المشاعر والأحاسيس الانسانية الدفينة .

يكرّس تميم الأسدي جهوده للفن والابداع ويعمل بمرافقة قيصر الأورغ" زياد النمر" على امتاع الناس بالمواويل والعتابا والدبكات الشعبية الشمالية والكرادية التي تهز النفس وتنعش الوجدان، ويقدم أغان قريبة من الحس الشعبي والذائقة العامة ،ايماناً منه بدور هذه الأغنية في ترسيخ الانتماء والهوية والأنزراع بالجذور الكنعانية الفلسطينية. وقد استطاع بفنه الأصيل وحرصه الدائم على التطوير والتجديد والسعي لتحقيق المزيد من التألق والنجاح، أن يجعل من نفسه شعلة دائمة التوقد، وصوتاً دائم الدفء والرقة ،وقلباً مفعماً بالحب والايمان، مفجراً مواهبه وابداعاته على امتداد الساحة الغنائية والفنية الفلسطينية في أزهى صورها، الأمر الذي جعل القلوب والعيون تهفو اليه، وتذوب عشقاً ووجداً وهياماً، وعندما ينساب صوته حالماً عذباً رقراقاً في"ظريف الطول" و"نزلت على البستان يا عنيد يا يابا "و"يا ابن العم ويا ابن العم " و "ياطير ودي مني السلام"فأنه يشنّف الاذان ويستولي على الأفئدة والألباب.

يغني "أبو السعود" للحب والجمال والطبيعة والوطن والوجه الحسن فتأتي أغانيه عفوية صادقة وشفافة كالزجاج. وهو يسعى الى شحن الجماهير بالروح الوطنية الوثابة من خلال ربطه الماضي بالحاضر لاستشراف المستقبل ، وتعميق الارتباط ما بين الأرض والوطن والكلمة الوطنية النظيفة النقية ، والدعوة الى التمسك بالفضائل والقيم الأخلاقية العليا. ومما جادت به قريحته الفيّاضة رائعته" ما في أحلى من بلادي" التي تعكس حبه لبلاده ولتراب وصخور الجليل ، وتصور المكان الفلسطيني بناسه وأرضه ، وتؤصل للحضارة الكنعانية والتاريخ الكنعاني الفلسطيني القديم والحديث ، وترسّخ الانتماء للأرض والانسان، ونقتطف منها:

بلدي كونها الخلاّق
وزيّنها بأرض الجليل
و"الشعراوية" بافاق
الدبكة ع الأشعار تميل
و"بالروحة" بلبل خفّاق
بجناحو ولحن البليل
بلادي بتغرد أشواق
بنغمة بلبلها الشّادي
ناصرتي بشرع الأحباب
حملت للدنيا بشارة
وفتحت للحرية باب
في عمران الحضارة
من القفزة المنظر خلاّب
بصورة مرج النضارة
سنابل والموسم جاب
بصورة مرج النضارة
سنابل والموسم جاب
مناجل مع حصاده
من الجرمق حتى الكرمل
ومن يافا حتى بيسان
جنّة فيها متأمل
تغني باذار ونيسان
نور الفرحة بهلهل
من بسمات البيلسان
شمّل في بلدي وقبّل
وقبّل هالزهر النادي
يا عشتروت الجمال
عيدي روعة أدونيس
بحب الأرض فسختي حمال
والحب تقدّس تقديس
من أثينا وروس جبال
الاولمب بأنس الأنيس
أفروديت الغيم ان سال
على بعل بتنادي
كنعان بحلم التكوين
وسحر التلوين تبسم
تجسم في سحر التلوين
وحلم التكوين تجسّم
صورة حلوة للحلوين
وموسم أحلى من موسم
ع الصخر بنقش التدوين
مخلّد سيرة أجدادي

في الاجمال تميم الأسدي شاعر البسطاء القريب من نبض الشارع ،الذي أثبت بوقفته الشمّاء الواثقة وحنجرته القوية وصوته المدوي، بأن ليس كل من "صفط" بضع كلمات أصبح حداءً وشاعراً شعبياً !!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى