الأحد ٤ نيسان (أبريل) ٢٠١٠
من أدوات الكتابة العربية
بقلم يوسف الصيداوي

لا، لات، لدى، لدن

لا

تكون على وجوه:

 الأول: النافية للجنس:

وتستغرق نفي جميع أفراد الجنس. وتعمل بشرطين: أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، وألاّ يفصلها عن اسمها فاصل، نحو: [لا رجلَ في البيت] [1].

ويُنصب اسمها بما تُنصب به الأسماء عادةً: بالفتحة إذا كان مفرداً، وبالكسرة إذاكان جمع مؤنث سالماً، وبالياء إذا كان مثنى أو جمع مذكر سالماً، غير أنه لا ينون إلاّ إذا كان مفرداً أوجمع مؤنث سالماً، مشتقّاً عاملاً فيما بعده في الحالتين، نحو: [لا قارئاً كتاباً نادمٌ] و [لا ضارباتٍ طفلاً مصيباتٌ]: ودونك مزيداً من الأمثلة وإلى جانبها التعليق:

 [لا رجلَ في البيت]: اسمها منصوب بفتحة، غير منوّن.

 [لا رجلَ علمٍ مَهين]: اسمها منصوب بفتحة، غير منوّن.

 [لا معلِّماتِ عندنا]: اسمها غير منوّن، منصوب بالكسرة، لأنّه جمع مؤنث سالم.

 [لا تلميذَين عندنا]: اسمها منصوب بالياء لأنه مثنى، والمثنى لا ينوّن.

 [لا معلّمِين عندنا]: اسمها منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم، وجمع المذكر السالم لا ينوّن.

 [لا قارئاً كتاباً نادمٌ]: اسمها منوّن لأنه مفردٌ مشتقّ عاملٌ فيما بعده: نَصَبَ [كتاباً] على أنه مفعول به لاسم الفاعل.

 [لا ضارباتٍ طفلاً مصيباتٌ]: اسمها منوّن لأنه جمع مؤنث سالم مشتقّ عاملٌ فيما بعده: نَصَبَ [طفلاً] على أنه مفعول به لاسم الفاعل.

قد يُحذَف اسمها، نحو: [لا عليك = لا بأس عليك]. وقد يُحذَف خبرها، نحو: [لا بأس = لا بأسَ عليك].

اسم [لا] النافية للجنس، نعْتُه منصوب منوَّن في كل حال، نحو: [لا طالبَ كسولاً عندنا]. ولا يستثنى من هذه القاعدة الكلية، إلاّ أن يَفصِل بينهما فاصل، فيجوز عند ذلك التنوين وعدمه نحو: [لا طالبَ - عندنا - كسولاً أو كسولَ] [2].

 الثاني: العاطفة: وشرطها أنْ تُسبَق بأمرٍ أو إيجاب، نحو: [خذ الكتابَ لا القلمَ]، و[سافر زهيرٌ لا خالدٌ]. فإذا اقترن بها حرفُ عطفٍ آخرَ، كان الآخرَ هو العاطف نحو: [ما سافر زهيرٌ ولا خالدٌ] [3].

 الثالث: الناهية الجازمة للفعل المضارع: نحو: [لا تُقصِّرْ في عملك].

 الرابع: حرفُ جوابٍ يُناقض [نَعَمْ]، نحو أنْ تُسْأَل: هل سافرتَ إلى بيروت؟ فتجيب: [لا].

 الخامس: الزائدة: وتفيد التوكيد نحو: ]ما منعك ألاّ تسجد[ (أي: ما منعك أن تسجد).

 السادس: المكرّرة: وتكرارُها إمّا واجبٌ، وإمّا غيرُ واجب:

فهو غير واجب إذا تلاها دعاءٌ نحو: [لا عَثَرَ حَظُّك]، أو قَسَمٌ نحو: [والله لا فعلت هذا أبداً]، أو فعلٌ مضارع، نحو: [زهيرٌ لا يُريح] أو [زهيرٌ لا يُريح ولا يستريح].

وهو واجب فيما عدا ذلك، ودونك مواضع ونماذج:

 دخولها على جملة اسمية نحو: ]لا الشمسُ ينبغي لها أن تُدرك القمر ولا الليلُ سابقُ النهار[.

 دخولها على فعل ماض: ]فلا صَدَّقَ ولا صلّى[.

 دخولها على خبر: [خالدٌ لا نائمٌ ولا مستيقظ].

 دخولها على نعت: [سلّمت على رجلٍ لا مغرورٍ ولا متعالم].

 دخولها على حال: [حضر زهيرٌ لا مبكّراً ولا متأخّراً].

 السابع: النافية (ولا عمل لها): نحو: ]لا فيها غَوْلٌ... [ ؛ وقد تُحذَف بعد القسم، إن كان الفعل مضارعاً نحو: ]تاللهِ تفتأ تذكر يوسف[ (أي: تاللهِ لا تفتأ تذكر). وقد تعترض بين الجارّ والمجرور نحو: [سافر محمّدٌ بلا حقيبة [4].


لاتَ

حرف نفي، تعمل عمل [كان] فترفع الاسم وتنصب الخبر، ويُشترط فيهما أن يكونا من أسماء الزمان، كالحين والوقت والأَوان والساعة إلخ... وأن يكون الأول منهما (أي اسمها) محذوفاً، نحو: [نَدِمنا ولاتَ ساعةَ نَدَمٍ = ولاتَ الساعةُ ساعةَ ندَمٍ].

نماذج فصيحة من استعمال [لات]

 قال تعالى: [كم أهلكنا مِن قبلهم مِن قَرنٍ فنادَوا ولاتَ حينَ مناصٍ]

(سورة ص 38/3)

اسم [لاتَ] محذوف على المنهاج، والأصل قبل الحذف: ولاتَ الحينُ حينَ مناص. أي: ليس الحين حينَ مهرَب ولا مَنجَى.

 قال أبو زبيد الطائي (المغني 282و758):

طلبوا صُلْحَنا ولاتَ أوانٍ فأجبنا: أنْ لاتَ حينَ بقاءِ

اسم [لاتَ] في عجز البيت محذوف، والأصل قبل الحذف: ولاتَ الحينُ حينَ بقاءٍ.

 قال الشاعر (شرح ابن عقيل 1/320):

ندِمَ البُغاةُ ولاتَ ساعةَ مَنْدَمٍ والبغيُ مَرتَعُ مبتغيه وَخِيمُ

أي: ولاتَ الساعةُ ساعةَ مَندم، ثمّ حذف اسمها فقال: [ولاتَ ساعةَ مَنْدَمٍ].


لَدَىْ

لدى: ظرف للمكان مبنيّ على السكون، بمعنى [عند].

أحكام:

تلزم الإضافةَ إلى المفرد مِن اسمٍ أو ضمير، إلاّ أنّها إذا أضيفت إلى الضمير قُلِبَت ألِفُها ياءً. نحو: [لدى زيدٍ ولدينا كتبٌ].

تُستعمل للحاضر فقط. فيقال مثلاً: [لديّ مالٌ]، إذا كان المال حاضراً. [ويقال: (عندي مالٌ) سواء كان المال حاضراً أو غائباً].

نماذج فصيحة من استعمال [لدى]

 [لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد] (ق 50/35)

[لدينا]: أُضيفَت لدى إلى الضمير، على المنهاج. ومتى كان ذلك قُلِبت ألفها ياءً، كما في الآية. ومثل ذلك طِبقاً، قوله تعالى: ]ولدينا كتابٌ ينطق بالحقّ[. (المؤمنون 23/62)

 [إذ القلوبُ لدى الحناجر] (غافر 40/18)

[لدى الحناجِر]: أُضيفتْ لدى إلى الاسم، على المنهاج، إذ لا تخلو من أن تكون مضافة إلى اسم أو ضمير. وهذا معنى قول النحاة: تلازم [لدى] الإضافة إلى المفرد، إذ المراد به أنها تُضاف إلى اسمٍ أو ضمير، ويمتنع أن تُضاف إلى جُملة أو شبه جملة.

 [وألْفَيا سيّدَها لدى الباب] (يوسف 12/25)

[لدى الباب]: أي عند الباب، وورودها بمعنى [عند] على المنهاج.

 [ما يُبَدَّل القول لديَّ وما أنا بظلاّمٍ للعبيد] (ق 50/29)

[لديّ]: الأصل هنا [لدى + ي (ياء الضمير)] وقد أُضيفت [لدى] إلى الضمير فقُلبت ألفها ياءً، على المنهاج. ثمّ أُدغِمت الياء في الياء فكان التشديد.


لَدُنْ

ظرفٌ للزمان أو المكان - على حسب الحال - بمعنى [عند]، يدلّ على بداية كلٍّ منهما، مبنيٌّ على السكون. نحو: [سافرنا لدُنْ طلوعِ الشمس: للزمان] و[جئت من لدنْ صديقي: للمكان].

أحكام:

 هو في الكلام فضلة (أي: لا يفتقر إليه انعقاد الكلام، إذ ليس مسنداً ولا مسنداً إليه).

¨ يلازم الإضافة أبداً، فيضاف إلى الضمير والاسم والجملة، نحو: [أرسلتُ إليك كتاباً من لدُنّي (ضمير)، فجاءك لدنْ غروبِ الشمس (اسم)، وكنت تنتظره من لدنْ طلعَتْ (جملة)]، فإذا كانت إضافته إلى الجملة تمحّض للزمان.

 إذا تلته كلمةُ [غُدْوَة]، نحو: [سافرنا لدنْ غُدوة]، جاز جرّها، ونصبها، ورفعها.

 قد يُجَرّ بـ [مِنْ] دون سواها من حروف الجرّ، نحو: [أعطيته مِن لَدُنِّي كتاباً].

نماذج فصيحة من استعمال [لَدُنْ]

 قال القُطاميّ (الخزانة 7/111):

صريعُ غوانٍ راقَهُنَّ ورُقْنَهُ لَدُنْ شَبَّ حتى شابَ سُودُ الذَّوائِبِ

(الذوائب: ج ذؤابة وهي الضفيرة من الشعر).

 [لدنْ]: ظرف يكون للزمان والمكان على حسب الحال. يلازم الإضافة أبداً، إلى ضمير أو اسم أو جملة، غير أنه إذا أُضيف إلى الجملة تمحّض للزمان - كما هو الشأن في البيت - إذ أُضيف إلى جملةِ [شبَّ]، فاعتُدّ ظرف زمان. ولا فرق في ذلك بين أن تكون الجملة فعلية، كما هو الشأن هنا، أو اسمية كما في قول الشاعر (الدرر اللوامع 1/184):

وتَذْكُرُ نُعماهُ لدنْ أنتَ يافعٌ إلى أنتَ ذو فَوْدَيْنِ أبيض كالنسرِ

(الفَوْدان: مثنى، مفرده فَوْد: الضفيرة من الشعر).

فقد أُضيف الظرف [لدنْ] إلى الجملة الاسمية: [أنت يافع]، ودلّ على بداية الزمان في كلا البيتين. ففي الأول: بداية شيب الشعر، وفي الثاني: بداية اليُفُوع، أي: مراهقة العشرين.

 قال أبو سفيان بن حرْب (والد معاوية) يومَ أُحُد (همع الهوامع 3/217):

ومازال مُهري مَزْجَرَ الكَلْبِ منهمُ لدُنْ غُدْوةً حتى دنتْ لغروبِ

(زجره: طرده مع صوت، ومزجر الكلب: ظرف مكان سماعيّ، للكناية عن المسافة [أي: البُعد] بينه وبين أصحاب رسول الله يوم أُحد).

[لدنْ غدوةً]: يَستشهد النحاة بهذا البيت على أنّ كلمة [غُدْوة] تنفرد من دون غيرها من الكلمات في العربية بانتصابها بعد [لدنْ] ؛ ويُعربونها تمييزاً.

ونذْكر هنا أنه يجوز مع نصبها، جرُّها على أنها مضاف إليه، ورفعُها على أنها فاعل لفعلِ [كان] التامة المحذوفة؛ إلى غير هذا من تخريجات. وبكلمة: يجوز نصبها - بعدَ لدنْ - وجرّها ورفعها.

 [وعلّمناه من لدنّا علماً] (الكهف 18/65)

[مِن لدنّا]: مِنْ حرف جرّ؛ وهذا الحرف دون سواه من حروف الجرّ، يجوز أن يَجُرّ [لدنْ]. ولعلّ من المفيد أن نذْكر - للاستئناس - أنّ تشديد نونِ [لدنّا] هو من إدغام نونها في نون الضميرِ [نا]، إذ الأصل: [لدنْ + نا = لدنّا]، وأما التشديد في [لدنّي] فهو من إدغام نونِ [لدنْ] في نون الوقاية، إذ الأصل: [لدنْ + نون الوقاية + ياء المتكلّم = لدنّي].

 [فَهَبْ لي من لدنكَ ولِيّاً] (مريم 19/5)

[مِنْ لدنْكَ]: مِنْ حرف جرّ، [لدنْ] ظرف للمكان مبني على السكون في محل جرّ بـ [مِن]، ولا يُجَرّ الظرف [لدنْ] بغير هذا الحرف من حروف الجرّ الأخرى.


[1إذا فَصَلَها عن اسمها فاصل، بطل عملها وكُرّرت، نحو: [لا في البيت رجلٌ ولا امرأةٌ].

[2من أمثلةِ نصبِ النعتِ منوّناً وغير منوّن، قولك: [لا طالبَ علمٍ كسولاً أو كسولَ عندنا] و [لا طالباً علماً كسولاً أو كسولَ عندنا] و [لا طالبَ محبّاً للكسل عندنا]. وأمّا قولُك: [لا طالبَ محبَّ كسلٍ عندنا]، فكان حقّ النعت فيه أن ينصب منوناً، إذ لا فاصل هاهنا بينه وبين الاسم. لكنْ لما كان النعت مضافاً: [محبَّ كسلٍ]، وكان المضاف في العربية لا ينوّن، لم يكن سبيل إلى ظهور التنوين.

[3العاطف في مثالنا: [ما سافر زهيرٌ ولا خالدٌ] هو الواو، والعاطف في قولنا. [نجح سعيد لا، بل عليٌّ]: هو: [بل]؛ وأما [لا]، فهي في المثالين لتوكيد النفي.

[4لا: في المثال نافية لا عمل لها، و [الحقيبة] اسم مجرور بالباء.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى