الأحد ١٤ شباط (فبراير) ٢٠١٠
بقلم تحسين عباس

أخاديد الليل

لهفة سماعِ خبر تعيينها تأخذ فسحة من الترقب المتلثم بالأمل المصطنع. ترتشف صوتها المتصدىء بآلامها:

متى تستقبلني طموحاتي ببصمة تحقيقها لتنتشلني من مشنقة ِ الوصاية؟ هل سيعود أبي بخبر فكِ وثاقي من باحة ِ البيت الضيقة؟ عِثة ُ الزمن مازالت تمضخُ بقايا منسأتي التي صنعتها انثيالات ُالإحساس على سطور ٍ ألوذ ُ بها عند الوحشة.

لا ادري كم مرة تعرضت للإغماء النفسي وانفصمت بسمتي من شفتي َّ وقبعت في ثنايا الاستسلام فما عادت زوايا الصمت مكاناً للاحتفاء ِ بالصبر عيناي أكثرُ تعرياً للدموع ومضاجعة ً للذكريات لكن رأفة َ أمي تراودُني في كل ِّ حين وآخر، بان أبي صادق مازال يحاول أن يجمعني بموهبتي الشعرية في ثانوية ابذخ من خلالها تدريس الأدب فتحل ُّ على اهتياجي سكينة النجاح.

كلَّ هذه التساؤلات كانت تلوبُ في خاطر أروى قبيل أن ينتشلها الصمت من أحلام الغد بعودة ِ أبيها الرابض بين وسوسة الغيلة والحذر من خيالهِ المتشنج.

يستدرجها الإنصات برفضِ طلبها وللمرة الخامسة حتى عاثَ بها الفضول لمعرفةِ السبب ولكن هذه المرة عن طريق (أنغام) إحدى زميلاتها التي تفا جئت من الاتصال بها عبر الهاتف الفضائي عند سماعها طلب أروى.

الأثير يتلظى رغبة بإتيان الحقيقة إلى أسماعها والزمن يفرش آذانهُ على عتبة ِ الانتظار، يوم ٌ يزرعُ ساعاتـِهِ في ذاكرة لهفتها ولا ينفكُّ من مفارقة أجزاءه إلا بتأوهاتٍ مـُنهِـِكة.
أغنية تنبيه المكالمات تعرضُ رناتها على سلالم الولهِ. تمسك أروى السماعة بلهفة مرتعشة من ثمالة الشغف:

ها ما الخبر؟

ليس هناك أي طلب قدِّم باسمك.

ها / إذن هو أبي من يمزقهن.

أيعقل ذلك؟

نعم كما مزَّق بقايا أشعاري التي ذرفتها على سليم بعد رفضهِ إياه.

وأين هو ألان؟

لا اعلم بعد أن امتد بيننا بساط السنوات ؛

نعم.. أكملي... ماذا جرى.... أروى / أروى

سيارة الإسعاف تخبر عن مقدمها إلى صالة الطوارئ. تجرى لها الأمور اللازمة حتى مقدم الطبيب الأخصائي _ أنها مصابة بانهيارٍ عصبي _ لا يسمح لها بالخروج وأُغلقَ الباب.
خفقان قلبها يهمس لها أن صوت الطبيب ليس بغريب مازال مقيماً في تنهداتٍ قديمة باتت تداعب أحرفها على أوراقها العتيقة _ تحاول أن تشدَّ في عزمها لرفع جفونها مراتٍ ومرات فتفشل ثاوية ً إلى إظهار صوتها المتهافت:

من أنت بالله عليك؟

لا تتكلمي بشيء هوني عليك ستكونين على ما يرام.

اعرف أن وجهي اغتصبته الآهات لتأكله آفة الانتظار وصوتي شحَّت فيه الرقاقة. ما هذا الوصف؟! انـه أشعل ذكرياتي أنيناً هل أنتِ أ أ أ أرررررررر ووى؟

نعم أنا أروى. ولماذا أنت هنا هل أصبحت طبيباً وتركت الشعر؟

كانت رغبة والدي أن أكون طبيباً حتى يقال عنه ذاك هو أبو الطبيب سليم. ولكن لماذا أراكِ هنا؟
سكبت أخرُ أنفاسها وهي تروي ما حدث لها:

صادروا حرِّيَةَ القلبِ بضاعـه سرقوها من فـؤادي بفظاعـهْ

وأنا فـي أوَّلِ العمـرِ شبابـاً هل يَرِدونَ الهوى إن ضاعَ ساعهْ

شرَّعوا العشقَ لدهرٍ كان فيهم فهوَت أوراقنا تلـك الطباعـهْ

فأبوا ذلكَ قطعـاً ثـمَّ قالـوا: لو عشقتم فشقيقٌ بالرضاعَـهْ

زمـنٌ أعرافـه جهـلٌ عقيـمٌ حرَّم الحـبَّ علينـا ببراعـهْ

جسدٌ نحنُ بـلا روحٍ نعيـشُ صوتنا صمتٌ قتيلٌ في صراعـهْ

لغةُ العينينِ تحكي مـا مـرادي اشتكي صبراً مدَّمـى بالقناعـهْ

أجلدُ الشوقَ وابكي في سكوتٍ أحتسي الدمعَ وأشكو بوداعـه

قدرٌ جاء يزيـحُ الهـمَّ عنـي ظلَّلـوهُ بـسـوادٍ ببـداعـهْ

مزَّقوا شريانَ شعـري طمـروهُ فمتى يظهر مهـديُّ الجماعَـهْ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى