الأربعاء ١٠ آذار (مارس) ٢٠١٠
بقلم فايز أبو شمالة

المفاوضات غير المباشرة، مباشرة

اللغة التي يستعملها المسؤولون الفلسطينيون في تصريحاتهم تجاه المفاوضات غير المباشرة تكشف عن أشياء مريبة لمن يدقق في مضمونها، فجميعها تعكس الاستخفاف بنتائج المفاوضات غير المباشرة، وتشير إلى الفشل المسبق حتى قبل أن تبدأ، وقد أظهر جميع المسؤولين الفلسطينيين روحا ًتشاؤمية، وهنا نتساءل: ما جدوى هذه المفاوضات؟ ولماذا وافقتم عليها ما دمتم غير متفائلين بنتائجها؟ أم لعل تصريحات السلطة المتشائمة بالنتائج هي محاولة لطمأنة الرأي العام، والحد من الانتقادات، والإيحاء بأن الفترة الزمنية أربعة أشهر لا تمثل شيئاً في عمر الزمن، وأن الموافقة على المفاوضات غير المباشرة جاء تجاوباً مع الضغوط الأمريكية، ولا يعد تراجعاً عن الشروط التي وضعها السيد عباس؟

إن صح ذلك، وجاءت المفاوضات غير المباشرة استجابة للضغوط الأمريكية، فمعنى ذلك أن لا مقدسات وطنية، وأن الضغوط الأمريكية ستصيب نخاع العظم الفلسطيني بالجنون، وأن الموافقة الفلسطينية تعني بداية تراجعات جديدة مؤلمة، وهنا الطامة الكبرى، والذي يؤكدها هو بقاء الأمر الفلسطيني على ما هو عليه، دون تغيير، أو إعادة التفكير لما بعد مرحلة الفشل، إذ لا إشارة لأي تحرك فلسطيني جدي لما بعد فشل الشهور الأربعة من المفاوضات، بما في ذلك إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وبما في ذلك الإعداد لبرنامج مقاومة بشقية المدني والعسكري لطرد المحتلين في حالة فشلت المفاوضات غير المباشرة؟

إن بقاء الحال الفلسطيني على ما هو عليه ليوحي بأشياء كثيرة، ولاسيما أن نهاية زمن المفاوضات غير المباشرة ينتهي مع الفترة الزمنية التي حددها نتانياهو للتجميد المؤقت للبناء في المستوطنات. وقد يشير ذلك إلى أن الخطوة القادمة المشتركة ستعتمد على تجديد القرار الإسرائيلي بمواصلة تجميد البناء المؤقت في المستوطنات لعدة أشهر أضافية، وفي مقابل ذلك تواصل السلطة الفلسطينية مفاوضاتها المباشرة، وقد تنتقل إلى قاعدة "بولينج" العسكرية قرب واشنطن، كما تشير بعض المصادر الإسرائيلية.

 إن عدم اتخاذ خطوات عملية في اتجاه المصالحة الوطنية، وعدم ترتيب البيت الفلسطيني، وعدم الاستعداد للمرحلة التي تلي فشل المفاوضات، لتثير الريبة، والتشكك فيما يكمن من مكائد خلف المفاوضات غير المباشرة، وكلها تشير إلى أن هنالك خطة لمفاوضات أخرى سرية، تهدف إلى التوصل إلى أي اتفاق يحفظ ماء وجه الأنظمة العربية، والسلطة الفلسطينية، ولاسيما أن تصريحات بعض المسئولين الفلسطينيين عن ردة الفعل في حال فشل المفاوضات جاءت لتعبر عن العجز، فقد تباهى السيد صائب عريقات: بأن الإدارة الأمريكية ستعلن عن الطرف المعطل للمفاوضات في حالة الفشل، وهدد مستشار الرئيس نمر حماد لصحيفة قطرية: بأن السلطة ستعلن عن قيام الدولة الفلسطينية من طرف واحد في حال فشل المفاوضات! فماذا يفيد كل ذلك؟ وهل يعيد هذا الطنين وطناً؟ وكم مرة سيعلن الفلسطينيون عن هذه الدولة التي بات يضحك عليهم القاصي والداني، وهم يهددون بإعلانها كلما حك كوز التصلب الإسرائيلي بجرة التراجع الفلسطيني.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى