الخميس ٢٢ نيسان (أبريل) ٢٠١٠
بقلم مصطفى أدمين

طلقات قصصية

1 ـ لكثرة ما احتقرتني، لم تنتبه أنّني ما زلتُ على قيد الحياة الصفراء في حثالة كأس شايِها الأخضر.

2 ـ وفي النهاية أصابني سهم الموت؛ ولما أهالوا عليّ النسيان، امتنعتُ عن الكلام.

3 ـ بجواري صاح أحد الموتى:"وجدتها"، فردّتْ جدران القبر:"وجدتها...ها!ها!ها!..."

4 ـ فتذكّرتُ أنّهم لم يصلّوا عليّ صلاة الجنازة؛ هل أكون قد انتحرت؟

5 ـ وتذكّرتُ ليلة كتبتُ لها أول رسالة عشق... كنتُ صبيا في الأربعين. هذه هي المشكلة.

6 ـ كنت استوقفتها لأصرح لها بإحساسي الجميل تجاهها، فوجدتها ميّتة.

7 ـ وبمجرّد أن صفعتني، جاءني طرد فيه ألف قرار الطرد...من جنّتها... من الأدب... من العمل...

8 ـ أشم الآن رائحة حبل مشنقة، وأرى جثة تشبهني، وأقرأ رسالة حائطية بخط يشبه خطّي:[... لأنّكم كنتم تحتقرونني]

9 ـ رأت جمال سرّتها في المرآة، وتركت مهتافي يرنّ عشرين سنة.

10 ـ "بِعْها، ترتاح" قال لي الأصدقاء؛ ولمّا بعتُ مكتبتي أدركتُ أنّني متّ.

11 ـ عشقي لها مؤكّد، ذلك لأنني لحظة أنساها، أجدني أتذكرها بقوّة.

12 ـ ذات مرّة صعدتُ إلى شقتها، وطرقتُ بابها، فما أشفقت عليّ، وقالت من خلفه:"ماذا تريد أيها العجوز؟" ولم أشعر إلا وأنا أصرخ في ثقبه:"أنت طالق بالثلاث". كنت أحمق... كنت بليدا... كنت عاشقا معذبا...

13 ـ فسمعتها تدخل ما تبقّى من "حبّها لي" في جوف الرحى...

14 ـ هل أحبّتني يوما مّا تلك الطفلة المشاكسة؟ طبعا لا! كانتْ تعبث بدينصور رأته مثل فأر مختبر...

15 ـ التذكر في القبر أمر فضيع:كنت أرسلتُ لها "إيسْ. إيمْ. إيسْ" أخير:[لقد انتحرت]

16 ـ وأرسلتْ لي رسالة قصيرة جدّا:[نحن في بلد حر، ومن حقك أن تنتحر] ثم استدركتْ:[إيّاك أن تتصل بي بعد الآن]

17 ـ وبعد أن رسمتُ 7200 شرطة على جدار معتقلي الوجودي؛ أوحى لي الله بأن أرسم نافذة صغيرة.

18 ـ أطللت من نافذتي الصغيرة، فرأيتُ الناس يمشون وهُمْ موتى... الظاهر أن لا فرق بين الموت والحياة بالنسبة لرجل مَلّهُما معا.

19 ـ وأنا الآن في قبر، وهي في قبر من نوع آخر؛ وما بيننا التقاليد، والأحكام المسبقة، وكافة أسباب التعذيب والقهر.

20 ـ من قال إنّ الموتى لا يكتبون؟... أنا ميّت وكل ما كتبتُ لم يُكتب بعد. ومن قال إنّهم لا يقررون... أنا ميّت ومع ذلك قررتُ أن أظلَّ أعزب.

21 ـ في أحد لقاءاتنا الحمقاء، جعلتها تدخن أول سيجارة، فكان أن جعلتني أستنشق ثاني أكسيد الكراهية.

22 ـ إخّ منه ذالك "الإنترنيت"؛ لقد قارب بيننا ذات يوم، وفرّق بيننا الدهرَ كلّه.

23 ـ بعد عشرين سنة من وفاتي، عُدتُ لها طيفا، فوجدتها قد ماتت منذ أربعين سنة.

24 ـ لا يجب أن نعتبر عشق عجوز لشابّة نزوة، ضربا من الجنون، أو علاقة فاشلة بكل تأكيد؛ يجب اعتبارها حالة أدبية، قصّة، أو رواية.

25 ـ عندما اشتدّ عليّ الحنين في قبري، مددتُ يدي إلى صورتها، فشدتني يدُ ذلك الزميل في الموت الذي صرخ "وجدتها".

هل يعتقد الزميل أنّني شاذ جنسيا؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى