الخميس ٦ أيار (مايو) ٢٠١٠
بقلم حسن توفيق

أغنية للهواء

سماء وأرض تدور وبين المسافات يحيا الهواء وتحيا به الكائنات
ولا فرق بين فراش يرف على الغصن أو أفعوان تحفز
ولا فرق بين ثري يباهى وبين شقي تعيس تطوقه الحسرات
ولا بين أفق مع الليل بالنجم يبدو مطرز
وبين صباح يظل يطل على الناس ضيفا أليفا وإن شاء ضيفا ثقيلا
يطل فيخدعهم حين يقنعهم بالمسير إلى كل غاية
ويحيا الهواء ليهجرهم – فجأة –في النهاية
ويأتي سواهم فيصحبهم في خطاهم جريئا جليلا جمبلا
سماء وأرض .. وهذا الهواء الذي يستخف بنا أجمعين
هو الكائن الشاعريّ .. هو الولد الفوضويّ .. هو الراهبُ
هو النبض فيما يبين انسجاما .. غراما .. طموحا .. وما لا يبين
هو الراقص المستخف .. هو الغاضبُ
هو الريح تبكى وتصرخ حينا.. وحينا هو النسمة الرائقة
هو الخصلات تطيش مرارا على وجه مجنونة عاشقة
وحين أسير أراه معي .. في جواري .. وحولي
أراه يهيئني للجسارة .. يسكرني بنبيذ المحبة
فأهمس : أهلا أيا خير صحبة
أحسك طيفا لطيف الملامح يؤنسني في صباحي وليلي
وأسمع غيري يقولون همسا ودون اتفاق وهم سائرون
ليحيا الهواء المهيب الذي يمنح الروح في البحر للأشرعة
ليحيا الهواء الذي لا يهون
هو المستبد .. ولكننا نستطيب جنون الحياة معه
وإذ أستحث خطاي اشتياقا لأرض بعيدة
نقشت ملامحها في خيالي المعذب منذ اغتربت وضعت
أراه يطل ويدنو ليفتح صدري بإشراق روح جديدة
يقول : تقدم.. ولا دخل لي بالطريق فهذا طريقك أنت
ولكنني سأظل معك
ولن أخدعك
فأنت المبشر بالنشوة الغضة المطلقة
وحينئذ .. سأكون معك
وأنت المهدد بالمشنقة
وحينئذ .. لن أكون معك
.. وسار الهواء المحب المغامر ، سار على الماء ثم استدار
كمن سار قبلا على الماء .. سار
وطار لأعلى سماء ليقطف أحلى ثمار
وعاد يغني وعيناه ملؤهما نشوة وانتصار
وحين رأيت الذي قد رأيت
ذهلت .. ارتعشت
تذكرت أن الطريق طويل وأن الهواء معي في الطريق
فقلت بفرحة طفل وحكمة نهر عتيق
ليحيا الهواء على الأرض حرا .. ليحيا الهواء
ليحيا الهواء الطروب يدندن للعاشقين بغير انتهاء

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى