الاثنين ١٧ أيار (مايو) ٢٠١٠
اعتبرت منظمة الصحة العالمية
بقلم لينا العامر

التهاب الكبد الوبائي أخطر من فيروس الإيدز

لازمت المسؤولية الطبية ممارسة مهنة الطب منذ قديم الأزمنة،وحُددت بتشريعات ونصوص أقدمها تشريعات حمورابي التي تعود للقرن السابع عشر قبل الميلاد، وأحدثها تشريعات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.

وقد تصدرت إجراءات ضبط العدوى أهم محاور المسؤولية الطبية واعتبرت حجر الزاوية في المنشآت الطبية عامة وعيادات الأسنان خاصة، ابتداءاً من بناء المنشآت الصحية وتصميمها بشكل يسهل تنظيفها،ويراعى فيها ترتيب الأجهزة بشكل يسهل حركة الأفراد و يمنع انتشار التلوث،مروراً باختيار التجهيزات الطبية المناسبة واستعمال منتجات التعقيم المتنوعة و الملائمة للإنسان والبيئة، وانتهاءً بالتوعية الصحية لكيفية التعامل مع المريض.

والجدير ذكره أن الإحصاءات العالمية اعتبرت العيادات السنية أهم مواقع نقل العدوى للأمراض الخطيرة، بعد أن أشار مركز مكافحة الأمراض والوقايةإلى اكتشاف العديد من حالات الإصابة بمرض التهاب الكبد البائي عن طريق زيارة عيادات الأسنان، وبعد أن سُجلت العديد من الإصابات لأطباء الأسنان بمرض التهاب الكبد البائي الذي اعتبرته منظمة الصحة العالمية أخطر من مرض الإيدز، حيث يقدر 350 مليون مريض حامل لفيروس التهاب الكبد البائي في العالم منهم 50-90% من الرضع و25% من الأطفال و6-10% من البالغين. وقد أوصت منظمة الصحة العالمية بإجراءات التعقيم كجزء أساسي من تدابير مكافحة العدوى في طب الأسنان، سعياً لتطبيق القاعدة التي تقول: /لا تطهر حيث يمكنك أن تعقم/، لما يعرف به التعقيم على أنه عملية تخريب وإزالة جميع أشكال حياة المتعضيات الدقيقة بما فيها الأبواغ، بينما يقصد بالتطهير عملية تخريب أو إعاقة نمو العوامل الممرضة دون القضاء على الأبواغ.

أهم الجراثيم والفيروسات الشائعة في العيادات السنية..

ومما لاشك فيه أن غياب التعقيم في العيادات السنية يجعلها بيئة ملائمة لانتشارعدوى الأمراض الفيروسية كفيروس المناعة المكتسبة الإيدز، وانتانات التهاب الكبد الفيروسي (،وفيروس حمة الحلأ البسيط، وفيروس حمة الإندخال الخلوي العرطل،والانفلونزا، كذلك انتشار عدوى ذات الرئة، والعصيات السلية، فضلاً عن انتشار العدوى الجرثومية والتي هي أكثر شيوعاً ووجوداً بشكل تلقائي ويومي منها جراثيم الفلورا الطبيعية التي تصبح مصدراً للأخماج في المداخلات السنية الراضة.. كالجراثيم الفموية الممرضة ونذكر منها (المكورات العقدية، العقديات اللعابية، والعقديات الدموية)، والجراثيم الجلدية الممرضة (منها العنقوديات الجلدية)، والجراثيم التنفسية الأنفية والبلعومية الممرضة، وغيرها من الجراثيم الممرضة مثل المتفطرة الدرنية، حيث تنتقل هذه الأمراض من مريض إلى آخر أو من الفريق الطبي إلى المرضى وبالعكس.
سلسلة نقل العدوى في العيادات السنية..

مما يعرض الطبيب والمريض إلى العديد من العوامل الممرضة نتيجة التماس المباشر أو نتيجة التعامل مع أدوات واخزة وجارحة مختلفة، عبر سلسلة نقل العدوى في العيادات السنية التي ممكن أن تبدأ من التماس المباشر مع الدم والقيح و اللعاب، وكذلك من التماس غير المباشر عبر رذاذ السوائل الفموية والتنفسية، والملوثات المحمولة جواً، انتقالاً إلى التماس مع المسطحات المحيطة الملوثة وانتهاءٍ بالتماس مع الأدوات الملوثة بالدم والقيح والسوائل الفموية، وتواليك...

المعيار الذهبي لاختيار العيادة السنية المناسبة..

لذلك تعد مكافحة العدوى إجراءاً روتينياً ومهماً في العيادات السنية والتي يمكن الحد من انتشارها بأساليب الوقاية المختلفة وباستخدام طرائق التعقيم المناسبة التي تُعتبر مؤشراً يبحث عنها المرضى الزائرون لعيادة طبيب الأسنان للتأكد من سلامة العيادة ومن مدى اتباعها للطرق الصحيحة لمكافحة العدوى من خلال قطع سلسلة نقل العدوى بممارسة مستوى عالي من التعقيم بما يشمل الأفراد والأدوات والمسطحات ومن هذه الإجراءات التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية نذكر:

1- غسل اليدين وتعقيمها في بداية اليوم ونهايته و بعد تبديل كل قفاز بين المريض والآخر، فمن المحتمل أن يُثقب القفاز أثناء استعماله وبالتالي ستنتقل الجراثيم إلى الأيدي.مع العلم أن لمعاينة المريض أو القيام بالإجراءات غير الجراحية..قد يكفي غسل اليدين بالماء والصابون الذي يعمل على إزالة الجراثيم المجهرية العابرة المكتسبة من التماس المباشر وغير المباشر مع المريض.

أما الإجراءات الجراحية.. فتحتاج لتعقيم الأيدي تعقيماً صحياً بالمضاد الجرثومي المناسب.

2- تقيد الكادر الطبي بوسائل الواقية منها:

  ارتداء الروب الخاص بالعيادة.

 استعمال القفازات عند التماس المباشر مع الدم واللعاب والأغشية المخاطية، وكذلك التماس المباشر مع المسطحات والأدوات الملوثة، وتجنب لمس الأشياء المحيطة كالباب والتلفون أثناء علاج المريض، ولابد من استعمال قفازات جديدة عند علاج كل مريض.

 استعمال قفازات خاصة عند تنظيف الأدوات والمسطحات. 

 استعمال قناع الوجه الذي يحمي الأغشية المخاطية للفم والأنف من رذاذ سوائل الفم كما يحمي من الأمراض التنفسية، ولابد من تبديل القناع عندما يلوث أو يبلل.

  استعمال النظارات الواقية للعينين من الرذاذ.

3- تعقيم الأسطح الصغيرة بعد الانتهاء من علاج كل مريض بما يشمل (أسطح الأجهزة، كرسي الأسنان، الإضاءة، حامل الأدوات،القبضات السنية، جهاز الحفر، سرنج الهواء، ماصة اللعاب).

4- تعقيم الأدوات اللبية والجراحية التي تمس الأنسجة الفموية بعد كل استعمال.. باستخدام الوسائل الكيميائية والفيزيائية للقضاء على الكائنات الحية المجهرية وأبواغها المقاومة. 

فلتجنب الإصابة بالأخماج السنية يجب ان تخضع جميع مصادر التلوث وبشكل روتيني لإجراءات الحد من العدوى قبل التدابير العلاجية وأثنائه وبعده في العيادات السنية، لذلك يجب أن لايتهاون المرضى الزائرين للعيادات السنية من اختيار العيادة المناسبة المنسجمة مع متطلبات تطور الطب الحديث بما يتوافق مع إجراءات ضبط العدوى. 
 
مع العلم أن منظمة الصحة العالمية حددت المعايير الصحية الصارمة للحد من العدوى في العيادات السنية بالمقابل اكتفت وزارة الصحة بإصدار تعميم إلى نقابات أطباء الأسنان بعبارة (إيعاز إلى كافة الأطباء بضرورة اقتناء جهاز تعقيم رطب في عياداتهم) دون توجيه عبارات إلزام بأهمية اقتناء هذا الجهاز وضرورة الإلتزام بإجراءات التعقيم في عياداتهم،مدعمة برنامج مكافحة العدوى بدورات توعية دورية لأطباء الأسنان.

ولكن تبقى المسؤولية الطبية واقعة على عاتق طبيب الأسنان المحترف الذي يعمل على حماية نفسه ومرضاه من العدوى، ويعطي الخبز للخباز بتعامله مع خبراء التعقيم المسؤولين عن تطبيق برتوكولات التعقيم التي تدعم مكافحة العدوى في العيادات السنية.
 
ولكن مارأي أطباء الأسنان باتهام عياداتهم كأخطر وسائل انتشار الأمراض المعدية ؟
وهل عياداتنا السنية مجهزة لاستقبال مرضى التهاب الكبد البائي؟
يرى د.أحمد قاسم أن انخفاض معدل نقل العدوى في العيادات السنية يعتمد على وعي طبيب الأسنان حول أهمية مكافحة العدوى في عيادته بالإضافة إلى وعيه لإجراءات التعقيم المتبعة للسيطرة على الانتان،وعلى الطبيب أن يعلم أن باتباعه لأحدث وسائل التعقيم المطابقة للمواصفات العالمية "يحمي نفسه أولاً ثم يحمي المرضى" أخذين بعين الاعبتار مساحة العيادة وموقع كرسي الطبيب،
والأتوغلاف. 

كما ونصح الأطباء الزملاء باتباع دورات تدريبية لرفع وعيهم حول وسائل السيطرة على الانتان مع استلام شهادات خاصة بتلك الدورات مصدقة من وزارة الصحة. ونصحهم أيضاً بالالتزام باللقاحات الواقية التي أهمها لقاح التهاب الكبد البائي الذي يؤخذ على ثلاث جرعات ويجدد كل 10 سنوات كجرعة داعمة.

وأضافت د.هديل البلطه جي أن مما لاشك فيه تعتبرالعيادة السنية مكان مؤهل لنقل العديد من الأمراض المعدية..نظراً للخطورة المرتفعة الناتجة من التعامل المباشر مع أنسجة الفم والمخاطية الفموية، بالإضافة إلى تنوع المرضى الزائرين للعيادات السنية من كافة الأعمار والأجناس.لذلك لابد من الاهتمام بوسائل الوقاية و العقامة الجيدة لحماية الطبيب و مساعديه وكافة المرضى الزائرين من أي عدوى متوقعة في العيادة.

ففي عيادتنا نتقيد بتوصيات وزارة الصحة من مساحة واسعة للعيادة مجهزة بتهوية جيدة، والالتزام بتعقيم الأدوات الجراحية بجهاز الحرارة الرطبة، كما يتم تعقيم الأدوات والمسطحات ككرسي الأسنان وملحقاته بعد علاج كل مريض باستخدام معقمات سريعة من شركة د. الألمانية (أفضل شركات التعقيم على مستوى العالم) ملتزمين ببرتوكولات هذا الشركة فيما يخص إجراءات الحد من العدوى في العيادات السنية، هذا مايساعدنا على تنفيذ إجراءات التعقيم عند التعامل مع كل مريض على أنه من مرضى الخطورة.

ومن الإجراءات المهمة أيضاً تقديم استمارة خاصة لكل مريض عند الزيارة الأولى للعيادة لمعرفة كافة الأمراض التي يعاني منها المريض واكتشافها في حال جهله بها عن طريق الأعراض الظاهرة عليه والاستجواب الجيد له.

كما أكدت د.ندى موسى أن العيادة السنية تعتبر من أهم البؤر الناقلة للعوامل الممرضة في حال عدم مراعاة الشروط الصحيحة الملائمة فيها،وذلك بسبب التداخلات العديدة التي تجري في العيادات السنية والتي تكون على علاقة مباشرة مع الطريق الفموي المعوي والطريق الدموي على حد سواء، لهذا يصعب على الطبيب استقبال مرضى الأمراض المعدية إن لم تُجهزعيادته بإجراءات العقامة اللازمة لمكافحة عدوى الأمراض الإنتانية.

وأضافت أن معظم الأمراض المعدية لها أعراض واضحة ويقع على عاتق الطبيب الإلمام بهذه الأعراض للاستفادة منها أو من توجيه الأسئلة المباشرة للمريض، فعلى الطبيب أن يتمتع بسرعة البديهة لاكتشاف وربط أعراض الأمراض للوصول إلى التشخيص الصحيح، مع العلم أن الأغلبية العظمى من المرضى يشعرون بالإحراج من قول الحقيقة على الرغم من إدراكهم للخطر المترتب نتيجة لكتمانهم لها،لذا يجب على كل طبيب أن يقوم باستجواب المريض ويطلب منه التوقيع على هذا الاستجواب لرفع المسؤولية الطبية عنه. 


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى