السبت ٢٢ أيار (مايو) ٢٠١٠
بقلم ماهين شيخاني

محترم...قبل الحصاد

دخلت عليهما الخادمة،ذات الستة عشر ربيعا،بثياب قصيرة و مريلة مشجرة،توحي بألوان زاهية قزحية وصدر مندفع،بارز، تكاد تخرج من القميص عنوة حيث فُقِد زرّان من العروة،وببشاشة وجه و صوت عذب قالت لمعلمتها:

رجل آخر على الباب..؟

بتثاقل و ترنح قامت السيدة مازال في كأسها ثمالة، وضعته على صينية زجاجية تلمع كالألماس واستأذنت من جليسها بعض الوقت.

كانت تعتبر هذا الجليس ضيفا، لذا كانت له معزة و اهتمام خاص،ولدى مغادرتها طلبت له كأساً آخر من النبيذ المعتق أما هو، فقد مد يده إلى طاولة قريبة لجلب مجلة فنية، بدت له من الغلاف أن معظم صورها مشوهة بقلم – البيك -حيث رسم شوارب لفتاة جميلة من عارضات الأزياء،وزوا لف و نظارات لممثلة معروفة،وكتابات مبعثرة على فخذ ممثلة،ورسالة عشق وهيام موقعة بحرف سين.

تحركت أكرة الباب،رفع بصره باتجاه الخادمة و الكؤوس المليئة بالشراب،حيث وضعت أمامه على طربيزة خشبية،كأسه المخصوص.وقالت بغنج:

 هذان الكأسان للمدام وعريس الغفلة. وخرجت دون أن توصدالباب.

كان الجو صيفا،حيث نسمات الهواء تلفح ستائر النوافذ وتهزها بلطف كرقصة سلو هادئة،وكأنها تستأذن بالدخول لتطارد ذاك الدخان الخارج من فم الجليس وسيكارته.

وهو يقلب صفحات المجلة،سمع صوتا،أحس من الوهلة الأولى بأن هذا الصوت مألوف لديه...سمعه بلا شك...ولكن أين؟ أين يا(...)؟ 

 (نادى الخادمة وسألها بفضول) :تأخرت سيدتك فمن ضيفها العزيز يا ترى؟!

 ابتسمت بخبث؟

 غني إذا ؟ لهذا أطالت الجلوس-القعدة- معه.ونستني تماما هل أصبحت خرقة بالية أم جيفة؟

 أبدا،سيدي.. أنت الكل

 اذا ما تسويغك لتأخيرها. ألا يدل ذلك على أنني أصبحت في عداد.....- ولم يكمل- فردّت الخادمة:

  سلني أنا؟ فهي تعترف لي عن مكنونات قلبها.

 بالطبع أنت أمينة سرها(قالها بسخرية).

 نعم سيدي،أمينة سرها،أما سؤالك عن الشخص الموجود،فهو قادم من منطقة الجزيرة. أسمه ...أسمه (رفعت عينها باتجاه السقف و وضعت سبابتها في فمها). إسمه يبدأ بحرف الفاء على ماأظن.فراس...فارس...فادي..أيوه تذكرت- وقبل أن تنطق باسمه - ازداد خفقان قلبه.

اسمه فؤاد.نعم فؤاد....نعم.نعم.

وبعفوية تامة صاح: غير معقول،...مستحيل أن يكون...-وتمتم مع ذاته - قد يكون هناك شخص آخر يدعى بهذا الاسم. تهدل صوته وانخفض وقال: الصوت... النبرة...الحرف المدغوم لديه، ثم أردف قائلا:

لا...لا....لا أصدق....انه رجل محترم...أولاده أصغرهم أكبر مني سنا.

 ردّت الخادمة :أنت أيضا محترم، لم لا تسأل ذاتك ؟.أمثالكم كثر. أليس الداخل رجل كباقي الرجال، له مشاعر وغريزة...ألم يهبنا الله نعمة الشهوة؟. وعلى ما اعتقد فقد وهبها للبشرية جميعا؟!....لم يفرق بين محترم و غير محترم، أم أنت الذي تملكها وغيرك لا...مثلما تبغي السعادة و اللذة، بالتأكيد هو أيضا يطمح لذلك.....

 بالرغم من صغر سنك،ألا انك تبدين لعينة.

  ابتسمت....

  ولكن لن أصدقك؟. بالتأكيد هذا الرجل ليس المقصود، قد يكون الصوت و النبرة والإدغام تتشابه لحد ما.حتى الاسم.نعم الاسم.أما العم فؤاد الذي اعنيه فذاك مستحيل؟.

 لماذا مستحيل؟..ثم لم أنت قلق بشأنه، أتعرفه؟ أهو قريبك؟ أتخاف أن يراك هنا؟..

 لا أبدا....لقد ذهبت بعيدا...بعيدا جدا. مهما حصل فأنا شاب، أما هو متزوج...وله أولاد ومثلما ذكرت لك فصغيرهم أكبر مني...الا أنني أقولها ثانية لن أصدقك،مهما كان فالذي أقصده فوق الشبهات،هيهات أن يكون العم فؤاد ؟ انك تفترين؟

 ولم الافتراء.تفضل معي إلى الغرفة المجاورة لترى بأم عينك،و تتأكد بنفسك.
كيف؟...أقابله!!

 من خلف الستارة.وتكون قد تخلصت من هذا القلق و التوتر....أوكي!!

اه....ياأم أيفون!..ماذا فعلت بالرجل؟.... وماذا حل به؟

انه هو.....هو بذاته.فسماعه لكاسيتك المسمى بالليبيدو كاف بدخوله لعالمك المخملي الغريب، فكيف و أنت جالسة على فخذيه، وهو يلف خصرك بيد ووضع يده الأخرى على أردافك المحشوة بالإثم و العهر....انه في حالة نشوة و سكر تامين. ابتعدت عنه الهيبة و الوقار،و ابتعد عنك قميصك الشفاف وصدرك الذي يبرز فيه النهدان كإجاصتين ممتلئتين،مستويتين، يمرغ فمه من ذقنك الى رقبتك بحركة انسيابية، ومن ثم الى حلمتك اللامبالية – لأنه قد مرّ عليها الكثير الكثير - ويترك سائلا رطبا من البصاق الممزوج بالخمر على جيدك المحمر من القبلات و العضات....آه..... يا جاري المحترم..... يا ذا الهيبة و الوقار....أين الوقار ؟

لقد نسيتك الملعونة كل شيء،و لم تعد تتذكر بأنك تجاوزت الخمسين، وانك لم تتعر أمام زوجتك يوماً من الأيام بهذاالوضع..... أين الوقار؟

أنسيت أشهر ما قبل الحصاد؟...أشهر الشؤم و الفقر المدقع،أشهر الحرمان،حيث لا يملك معظم الناس المال في تلك الفترة - وأنت منهم - و يبقون تحت رحمة مصاصي الدماء (درا كولا المواسم ).تتعرض أنت وغيرك لاستغلالهم وجشعهم ولكي لا تذل لأي مخلوق فتُمضي -توقع- على السند حسب ما يملي عليهم ضميرهم الغائب-القرش بالقرش- أنسيت ؟ معك الحق.فأفخاذ أم أيفون و خادمتها تنسي الهموم و المشاكل و السلف و العالم والوقار وكل الأشياء.

يا لسوء طالعك،قطعت المسافات،بعد انتظار طويل حصدت... وزعت...و الباقي جلبتها معك لتنثرها بين (....) و تمسح لعابك،لأجل لحظة سعادة أو لذة وهمية.

آه....لو تعرف بأنني وراء الستارة....أشاهد فيلما سينمائيا أنت بطله أو ربما ضحيته...ولكن من سيصدقني....من؟

أأقول لأهالي القرية، بـأن صديقا أخبرني بذلك؟ لاأحد يصدق

أأقول أنني رأيته بعيني هاتين اللتين سيأكلهما الدود؟
 
سيقولون لي بالتأكيد، ماذا كنت تفعل في ذاك المكان و سأفضح ذاتي؟
يا لسوء طالعك وطالعي ...لأنني لم أستطع حتى البوح. 
 


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى