السبت ٢٢ أيار (مايو) ٢٠١٠
بقلم مصطفى أدمين

أرق...

الليلةُ غمرني الأرق.

قبل ساعتين شاهدتُ فيلماً مُرعبا...

لماذا هم أشرار إلى هذا الحدّ؟... لماذا يُقتِّلون الأطفال والنساء والشيوخ؟...

يجمحُ خيالي... لو بيدي وسيلة لحرّرتُ جميع المستضعفين...

لو؛ حرفُ احتلام واستجمام... حُمّى... لا شيء...

أستنفد أوهامي التحريرية، فأجدُ نفسي مع الأرق وجهاً لوجه.

لا بُدَّ لي أن أنام؛ ففي الغدِ عمل... خبز... دواء... خمر وانتظار...

أشعر بأنني "لا شيء"... يزداد أرقي...

تتزايدُ في سمعي السّحيق دقّاتُ الساعة:تيك... تاكْ... تاكْ... تيكْ...

لعلَّ للغةِ الساعة معنى (؟)

الساعةُ تأكلُ وجودَنا. النومُ يأكل وجودَنا. الأرقُ يأكلُ مقدوراتِنا...

أنهض. أُسكِتُ السّاعة... أعودُ لكي أنام... لكنّني أسمعُ دقّات قلبي تقول:

ـ الحياةَ دقائق وثواني... بُمْ... تاكْ... تاكْ... بُمْ...

لعلَّ لِلُغة القلب معنى (؟)... لعلّني... لعلّلي...

عندما ستأتي السّاعة، سيتوقّف القلبُ عن الإطْناب... وسأموتُ على صورة تلك المرأة الكافرة بالحبّ.

يغمرني صمتٌ... كأنّ السريرَ قبرٌ... أتمنّى سماعَ ضجيج... زوالَ أرقٍ...

إنْ لمْ أنَمْ، فسوف لنْ أنهضْ...

يأتيني صوتُ جُدْجُدٍ عاشق... قرقرته رتيبة... يستعطِف أنثاهُ من أجل التزاوج...

فلسطين...

أشعر بالخجل...

أشعر بالخجل لأنّني لم أعرف كيف أنام... كيف أستفيق... لأنّني فرّطتُ في المرأة التي عشقتُ حدَّ الموت... لأنّني أفكّر في العيش مثل جراد الناس... لأنّني أعزل...

الواحدة ليلا... الثانية صباحا... الثالثة حلُما...

أحلم ب"هند"...

لم أعرف "هند" في حياتي؛ ومع ذلك حلمتُ بها... قالت:

ـ أنا "هند"... هل تذكرني؟... لقد تعارفنا ذات حلم؟

أراها فتيّة، بيضاء شقيّة، بتنّورة قصيرة، مُطلّة عليَّ من شاشة الساعة؛ وذاك الجُدْجُدُ على ساقها الشمعية يلحسُ منها شيئا كالرّحيق...

قبل ساعات شاهدتُ شيخاً يعانق شجرة زيتون ويبكي ويصرخ:

ـ هذه شجرتي... هذه أرضي...

استفقتُ في الساعة السادسة... لقد نِمتُ رغم أنف الأرق... أعددتُ شايا، وحمّصتُ خبزا، وأحضرتُ زيتَ زيتون...

على صفحة الزّيت رأيتُ الساعة، والجُدْجُد، و"هِند" فشعرتُ بالخجل...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى