الاثنين ٣١ أيار (مايو) ٢٠١٠
بقلم مريم أحمد دلاور

النماذج الحكميه عن الصلاح والفساد للمرأة

عند إلياس أبي شبكة

«ماخوذة من ديوان أفاعي الفردوس»

الکاتبة: مريم دلاور، طالبة فی مرحلة الدکتوراة ،جامعة آزاد الاسلامیة «علوم وتحقیقات طهران»

ملخص المقالة

قد ألفت العديد من الكتب في العالم حول الحب وقد وضعت في سلة النفايات للتاريخ لان هولاء الكتاب لايعرفون المرأه حقا.

إن المراة مصدر الحب والمحبة وكل إنسان منذ انعقاد نطفته ثم تولده يلمس هذه العلاقة والمحبة ولكنه قد يخطا في سبيله لاسباب مختلفة وينسي هذا الهوي العذري بنظره اخري، ينبغي ان نقول: لكلمه المراة دور خاص وتكون هذه الكلمة رمزا للجمال والنجاح ولذا قد تستخدم لاجراء الاغراض التربويه. بهذا الغرض، لقد قامت المراة في حياة ابي شبكه منذ نعومه اظفاره وكانت ملجا وحيداً له بعد وفاة ابيه في المراحل المختلفه ولاشك ان شعر ابي شبكه يمتلي بشعور الحقد والكراهية تجاه المراة من جانب وقد يريد ان يعالج خوفه منها بهذا الطريق ولكلمه المراة قداسه متميزه وبلانهايه عنده من جانب آخر، فانه يستعمل من هذه الكلمه مظهرا ولكن المراة في الواقع رمز وواسطه من الحضاره الحديثه التي لها طلعه جميله وبها اراد ان يتمرد وينهض علي الحضاره الانسانيه من الجانب التاريخي والحقيقي لان لايستطيع ان يعتمد علي اي شيء مادي اوان كل شخص حسن وصالح قد يميل الي سبيل الشيطان وينحرف عن سبيل الحق والانسانيه ويصبح واسطه الضلال والفساد وانه شاعر يثور علي حكام ظلمه يكون امرهم كمذيبات الجحيم ويثور امام هولاء المعتدين، ‌فكانت الردود كهذه متداوله في زمانه فذكر ها بصورة رمزيه ومخفيه، ‌وربما قد يعمل كمدرس الاخلاق ويوكد علي قبح الاعمال لابعد منها فانه يفترض ان المعصية جزء من الانسان والمجتمع وعلى هذا الاساس كان هدفه إيقاظ الجيل البشري قبال هذا الموضوع .

الكلمات الرئيسيه «ابوشبكه - المراة - الصلاح - الفساد »

المقدمة

هناک عده اسباب دفعتني إلى اختيار موضوع «المراة» من بين قضايا مختلفه. ربما اميل لهذا الموضوع في البدايه لاني امراة ايرانيه مسلمة وتلزم في شريعتنا التوعيه بفلسفه وجودنا في الحياة الدنيا والاخري ونحن تعلمنا من ديننا هذا الكلام الجميل: «من عرف نفسه فقد عرفه ربه» الحافز الثاني وربما الاول يكون سماعه كلمه «افاعي الفردوس» من احد اساتذتي في السنوات الماضيه وهوعامل بدوي في انتخاب موضوع مقالتي، وان مسئله المراة في مجتمعنا الحاضر مسئلة مهمه جداً وجدير بالذكر ان كل المسائل التربويه والاقتصاديه وايضاً السياسيه ترتبط بالمراة وتدور حولها مباشره اوغير مباشره، ‌كماكان كلمه المراة في ذاتها حافزه دفعتني الي الاهتمام بهاء لان المراة والرجل یشكلان مفهوم الانسان معاً وعلي هذا الاساس بحثت عن شاعر معاصر لفهم كلامه من جانب وشاعر مشهور في هذا المجال من جانب آخر، فوجدت كليهما في «الياس ابي شبكه» الملقب «بشاعر المراة» فقصدت ديوانه «افاعي الفردوس» لانه اعتبر فتح جديد في الشعر العربي المعاصر واطلق عليه اسم شعر مبتكر الطابع.

قد انشد الشاعر الكبير «ابوشبكه» ديوانه، «افاعي الفردوس» حوالي منتصف شاعريته بين سنوات (1928-1938م) اي عندما كان عمره خمسه وعشرين عاما، ‌قد اشتمل هذا الديوان (13) قصيده ومقدمة كامله في (13) صفحه تحت عنوان «‌في حديث الشعر»‌وموضوعه حول النساء اللاتي يغرقن في مأزق الفساد ومستنقع المفاسد والهدم ولايرحمن شخصاً اوشيئاً ويتشبثن بكل شيء في طريقهن ويطان شرفهن واسرتهن. [1]

ايضاَ يشير الي اسارة الرجال في اظفار النساء ‌الشيطانيات وقد ذكر هن
بـ «الافاعي» وهذه الاشارات الصريحه والواضحه تسبب ان يلقب ب «الشاعر الملعون» [2]
قد انشدت هذه المجموعه عند ما قد عرف الشاعر وعلم بآثار الشعرا الفرنسيين وسبح في بحر رموز الكتب المقدسه «التورات ، الانجيل» وقد رفعت جراته والاعتماد علي نفسه وهويقدم ببيان المستنقعات العظيمه للحضاره الجديده مع اتكائه علي المناصرات والمناهضات. [3]
قد نال هذا الديوان علي مكانه مرموقه في الشعر اللبناني وربما قد يعرف بعض الناس ابا شبكه، بديوانه «افاعي الفردوس» ‌لان منهجه في هذا الديوان ليس منهجا متداولا في الشعر العربي وعليه، فان الديوان يكون هديه جديده وكف القدم علي مناهج الكلاسيكيه والقديمه واضحاً.

هناك آراء مختلفه حول «افاعي الفردوس» الي حد التناقض وبعض النقاد يحسبونه تحفه فنيه ومتاعآً نادراً في الشعر العربي ويعتبره الآخرون كفراً‌وجرماً اخلاقياً وينظر اليه عدد من النقاد ان فيه شيئاً من الامراض النفسيه وهي مشكله مشهوده في ديوانه والي جانب هولاء، قديري بعض آخر ان اباشبكه يمكن قد يحكي من «بودلير» و«فكتور هوغو» في فنهما واسلوبهما ولكن مضمون آثاره واشعاره ومحتواها انما هوعربي اصيل وكامل.
اني اتصوره كطفل يتعلم طريقه التكلم من والديه ولكن أهومحاك في كلامه ونظراته من والديه حتي نهايه عمره اولا؟؟
يعتقد بعض النقاد ان هذا الديوان نتيجه لتجربته الذاتيه لانه عند ما يميل الي الخطا والذنب والمعصيه يتوب دائماَ؛ يقول فواد كنعان: ‌»تجربه هذا الشاعر تستند الي تعايش نزاعي بين النفس و
رغباتها وضوابطها، والشعرله هوكالنفس في حالاتها المختلفه بریئة حيناً وقذره احياناً اخري والشاعر لاينشد نفسه الاعاديه، من دون ريا اوكذب». [4]

لقد قامت المراه في حياة «ابي شبكه» منذ نعومه اظفاره، فهوتأثر بالظروف التي عاشها في طفولته وعلي الاخص بالصدمات التي عرفها في علاقاته مع عائلته، لم تكن بریئة من الاضطرابات التي خضع لها مراراً ولاشك ان شعر «ابي شبكه» يمتلي بشعور الحقد والكراهيه تجاه المراة من جانب ومملوء من الحب والهوي قبال المراة،‌ لان المراة كانت ملجا وحيدا له بعد وفاة ابيه في المراحل المختلفه.

لقد مدته المراة بطاقات ضخمه من الالوهيه كالتي صدر عنه في كل ما كتب رابطا وجوده بمصيرها بالكلمه، ‌بالايماء،‌ بالحركه، بالالم، بكل ما هونابع من الحرمان الكلي، حتي اذا كان الحب يعني الانكسار بالنسبه الانسان العادي فالاصرار والتاكيد علي الحب بالنسبه الشاعر، اي له، يعني الرغبه في الانتصاروالوصول الي القمه في كل شيء ومن اراد القمه نالها من حيث لايدري.

صلاح المراة وفسادها في افاعي الفردوس

قد الفت العديده من الكتب في العالم حول الحب وقد وضعت في سلة النفايات للتاريخ لان هولاء الكتاب لايعرفون المراة حقاً.
ان المراة مصدر الحب والمحبة وكل انسان منذ انعقاد نطفته ثم تولده يلمس هذه العلاقة والمحبة والحب ولكنه قد يخطاء في سبيله لاسباب مختلفه وينسي هذا الهوي العذري. بنظرة اخري ينبغي ان نقول: لكلمة المراة دور خاص وتكون هذه الكلمة رمزاً للجمال والنجاح ولذا قد تستخدم لاجراء اغراضه التربويه.

حسب رايي لايجب ان ينشد الشاعرمن تجربياته الذاتيه والشخصيه بل الشاعر الاصيل يعيش في المجتمع وله احساس قوي ويعكس كمرآة وقائع اطرافه وهوعين واذن دقيقه للمجتمع ويجسم مشاهداته مع جناح الخيال بقدر ما له مهاره وحذاقه في عمله قل ان يفهم ويعرف شخص انه عمل خير ذاتي وواقعي وسبب توبته هذا هو، ان بيان العمل القبيح يؤثر علي نفس القائل واصحابه واقربائه تأثيراً سيئاً.
في بعض الاديان تكون نية المعصيه معصيه حتي وردت في الاحاديث الاسلاميه: نية المومن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله [5]

والسبب الآخر لطلب استغفاره، هوتقبيح الاعمال السيئه اكثر فاكثر. وبالاضافه الي ذلك يمكن هذه الاشعار والافكار بانها تشجع الناس الي الاعمال القبيحه وتضع اثراً سوءاً في المجتمع بشكل مباشرا وغیر مباشر وربما قد يعمل كمدرس الاخلاق ويؤكد علي قبح الاعمال لابعد منها. نحن نقول في الادب الفارسي: "ممن تعلمت الادب ؟" اكتسبت الادب من غير المودب. انه في المقدمه المهمه لهذا الديوان يصر علي الافتراق بين الشعر ومذاهبه في الغرب والروح الشرقي في الشرق وبسبب امواج هائجه تهدد اصاله الشرقيين، ينهي الشباب من الثقافه الاجنبيه ومن استغراقهم في نهر الالوان الغربي ومناخها المسموم في مقدمته ويقول: «نحن الشرقيون فقدنا بدورنا ذلك التشنج الكلامي ونكاد نذيب في هذا الجو، حقائق مره لاجل اكتساب نتايج حلوه للمجتمعات البشريه».
انه يفترض ان المعصية جزء من الانسان والمجتمع وعلي هذا الاساس كان هدفه ايقاظ الجيل البشري قبال هذا الموضوع. لاننا في معرض المعصية ونعيش معه كلما نقدر ونقوي، ولذلك سمينا انساناً‌من حيث اننا محل السهووالنسيان ويجب علينا ان نختار طريقاً صحيحاً ومعقولاً للعثور عليها.

ربما كان يريد ان يعالج خوفه من المراة بهذا الطريق لان حقيقه المراة عنده امر بلانهايه. بدات مراهقته مع الخوف من الجنس المخالف ودامت كذلك وهويتذكر عندما امه لامتلاء خلأ زوجها علقته علي نفسها وهدمت نفسه ولايعتمد علي نفسه وكان هذا العامل سبباً لفراره من الأسره،‌ انه سقي من بحر محبه الام افراطاً ونما؛ وفي كل مكان كان في فرقته دائما وتعطش اليها،‌ فذهابه الي السراب امر طبيعي يقول شوقي في كتابه «در اسات في الشعر العربي المعاصر»: «اياك ان تظن ان ابا شبكه يحكي هنا صوره حقيقیه، فهوفي هذا كله ممثل يريد ان يعرض عليك صوره الشهوه الجنسيه العارمه.»‌، ثم يضيف: ‌« وربما كان الدافع الي هذا من البخور والالوان الغربيه ... هذا البحر الذي اجتاحت غيومه السامه بلدان الشرق مندفعه بقوه الاجتياج السياسي» [6]

ويشير في نهايه مقدمته الي ان المدارس الشعريه كسجون مخوفه وان قواعدها واسلوبها كسلسله وغل وقيد؛ والشاعر المجدد لايقدر ان يعيش وينشد الشعر الاصيل في هذه الظروف السيئه.
«فالمدارس الشعريه سجون ونظرياتها قيود والشاعر لايعيش في جوالعبوديه هذا.» [7]

انه يعرف الشعراء الفرنسيين جيداً ويحسنهم ومن طريقتهم يلقي هذا المفهوم الجميل، «يجب ان تغسل عيونك وتبصر نوعاً‌ آخر» [8]
انه يدرك واضحاً ومبينا‌ ولكنه لايتناول من طعام شخص آخر محضراً قط، ‌بل يهييء بنفسه طعام روحه ويعرف النساء مصدراً للفساد ولكن لاتوجد كلمات سيئه وقبيحه في ديوانه وهولايرسم ولايتصور المراة في حاله العري، ونراه عدلا وعادلا بهذه القصائد ونفهم انه يري «الشعر عقده نفسيه سببت كبتاً شديداً عنده وهي عقده طبعاً عقدتها في قلبه امراه فأحدثت فيه شيئاً من الاختلال بالغرائز الجنسيه واللذات الحسيه» [9]
واذا كانت المراة المنجبه رمز الخصوبه والنجاح والتقدم عندالشعوب فانها في شعر «ابي شبكه» علامه الشيطان فهويصف «دليله» ‌بطريقه فيها عن خوفه منها. انها تحمل في اشعه عينيها ليل القبور ويجلب ثغرها الجميل اليه شهوه الردي وفي صدرها تقع هوه الموت.

هوه اطلعت جهنم منها

شهوات تفجرت في الصدور
 [10]

لاشك ان شعر ابي شبكه يمتلي بشعور الحقد والكراهيه تجاه المراه من جانب ولكلمه المراة قداسه متميزه عنده من جانب آخر وربما بسبب هذا التقدس يستفيد منها لاغراضه التربويه. بهذا الفرض،‌
 اولاً انه لايستطيع ان يعتمد علي اي شيء مادي اوان كل شخص حسن وصالح قد يميل الي سبيل الشيطان وينحرف عن سبيل الحق والانسانيه ويصبح واسطه الضلال والفساد.

 الافتراض الثاني هذا، انه يستخرج من كلمه المراة مظهراً‌ ولكن المراة في الواقع رمز وواسطه من الحضاره الحديثه التي لها طلعه جميله وبهذا اراد ان يتمرد وينهض علي الحضاره الانسانيه من الجانب التاريخي والحقيقي ويقلبها.
 الافتراض الثالث هو، انه شاعر يثور علي حكام ظلمه، يكون امرهم كمذيبات الجحيم ويثور أمام هولاء المعتدين، فكانت الردود كهذه متداوله في زمانه فذكرها بصوره رمزيه ومخفيه. ومن جهه اخري قد تكون آيه لخلاف بين النفس الاماره والمطمئنه وقد توجد من بدايه خلق الانسان، اونموذج عن تسلط المال والماديات وسلطه المعتدين والمتجاوزين والدول الاجنبيه، وهذه الابيات تشير الي تلك العقائد.

ديدانها مسكرات بخمره التيجان

والتاج لوهي تدري معني من البهتان [11]

ربما قصده من التاج في هذه الابيات. اي شيء يسحر العيون وفي الحقيقه كاحكام لها طلعه جميله وتسخر وتسحر الكل مسخورا ومسحوراً ولانفع ولاحظ فيها بل تسفك دماء الناس وتسلب فكر هم وتفهيمهم، اوالتاج علامه السلطه والاستيلاء علي الاموال والنفوس.
قد ذكر ابوشبكه في اشعاره الرذائل باللذه - الشهوه - الفسق - العهر - الزنا - الدنس - الشبق - سدوم - الفجور - السفوح - الفحش - الخني - المجنون - الرجس - الحطه - المكيده - الجهل - النزوه - الشر - الاجرام - الاثم - الخيانه - الوزر - الخطيئه - النذاله - الذنب - الفتن - الشقاق - اغتصاب - الافك - البهتان - الجبن - العذر - المكر - الرباء - الخداع - القيهان - الضلال - خبت - لوم - زور - روغان - بغاء - عري - قذاره - كفر.
وذكر الفضائل ايضاً: الطهر - العذراء - النقاء - التقي - العفاف - الصفاء - البراءه - الندامه - الشرف - الحق - الصدق - الصراحه - الفضل - العدل - الوفاء - الاباء - الاستقامه - آلاداب - الرحمه - الايمان - الخير - التوبه - التفكير.
ان العدد النجومي للرجل والمراه بين الايرانيين في الماضي، عدد الست والسبع وجمعهما ثلاثه عشر، وربما بهذا السبب كانت قصائده في هذا الديوان ثلاث عشره قصيده. وهذا يعني للمجتمع المثالي نحتاج الی كليهما والمراه مكمله لرجل وعلي العكس، فان غرض ابي شبكه ليس تضعيف المراة وارهابها.

«شمشون»

وقد انشد ابوشبكه في قصيده «شمشون» اولي قصائده في ديوان «افاعي الفردوس» ‌حوالي (1933م) «مأخوذه من التورات» وهاجم في المرحله الاولي امراة خائنه سحرت الرجل بجمالها وربما من هذا الطريق يهجم علي «دليله» في الظاهر ولكن قصده كل النساء الخائنات والمجتمع الفاسد.
ملقيه بحسنك المأجور
 ان في الحسن ، يا دليله ، افعي
 اسكرت خدعه الجمال هر قلاً

وادفعيه للانتقام الكبير
كم سمعنا فحيحها في سرير
قبل شمشون بالهوي الشرير
 [12]
ويقول في مكان آخر انتصار شمشون علي دليله حجه لانتصار الحق علي الباطل رائعه وكامله وان اصيب الحق نفسه بصدمه.
هيكل الاثم ،‌لم ابح لك ذلي
 فاسقطي يادعائم الكذب الجا
 محق الله في شر ظلامي
 ان تكن جزت الخيانه شعري

شبح الرق لم اسلمك نيري
ني وكوني اسطوره للدهور
فلتضي في الحياه حكمه نوري
في ضلالي ، فقوتي في شعوري 
 [13]
نعم، ‌ان الجهلاء غافلون عن «يدالله فوق ايديهم» لان القدره والقوه نعمه الهيه واذا ماشاء الخالق سيهلك انساناً جباراً ببعوضه صغيره .

فعلي هذا ما كانت قدره شمشون اوكل رمز للخير في شعره فقط، بل الاعتماد والتوكل علي الله سبباً لقدرته السحريه. [14]
وهكذا يغزوفي هذه القصيده علي المجتمع الضعيف والساكن وكل مظلوم راض وصامت امام الظلم يسكن وينظر الاحسان والخير، وعلي قضاه يتحكمون علي فئه بحمايه آلاخرين باعمال سئيه وقبيحه وجرائم عديده لاتبعد عن نفسهم .
حفلت قاعه العقاب بجمع
 هم رموز الشقاق والفتن الحمــ
 اقبلوا يشهدون مصرع شمشو
 ايدين الخاطي جناه صعاليـ

من سراه المسودين غفير
راء والغدر والزني والغرور
ن علي لذه الطلا والزمور
ك ويقضی الفجورذنب الفجور؟
 [15]
طرفة اخري ان افهم من هذه القصيده، ان الانسان العاقل لايعجب بنفسه ولا يغتر بل يراقب نفسه دائماً ويحب الناس ولايجعل اصالته تحت اختيار الآخرين ولا ينخدع من حيات ذات رسوم ونقوش جميله في باطنها سم قاتل وانه سوي هذا ليس له اختلاف مع اعمي العقل وناقص العقل!
والبصير البصير يخدع بالـ

ـحسن وینقاد كالضریرالضرير

 [16]

والشخص العظيم الذي ينخدع من امراه مكاره كالرجل الحقير الضعيف.
والعظيم العظيم تضعفه انــ

ثي فينقاد كالحقير الحقير
 [17]
فان غرضه من هذه الابيات نوعاً من الانباء والتبليغ لينتبه اكثر فاكثر حتي يراقبوا انفسهم في نهايه القدره والعلم ويعملوا بعين مفتوحه. لان الانسان مهما كان،‌ ليس في مأمن من وسوسه الشياطين الداخليه والخارجيه وقد تكون في هذا،‌نقطه ارهاب المراه. فان الزوجه ليست مطمئنه في رأيه وهذه هي الموعظه والحكمه في شعره!.

في النهايه يعترف الشاعر بالفشل مع سقوطه ويتوسل ببعض البراهين النفسيه ويعتقد كيف ينتظر الشهد من الجيف؟!
غير اني اجني من الجيف الجر

داء مهما قذرت شهد قفير
 [18]

نري في هذه القصيده صنعه الاستعاره والتشبيه والغلوبكثره ووجود اساطير كشمشون، «دليله» وجدير بالذكران الشعراء الكلاسيكيين يستخدمون هذه الاساطير المهمه والمشهوره، ولكن الرومانطيقيون يجعلون العاميين اساطير قصصهم وابطال شعرهم؟!
في سبيل المثال نري في هذين البيتين صنعه الاستعاره بوضوح؛
وعلي ثغرك الجميل ثمار
 ملقيه ، فبين نهديك غامت

حجبت شهوه الردي في العصير
هوه الموت في الفراش الوثير 
 [19]
ومن التشبيهات في هذه القصيده: «عيناه فوهتا تنور - حمزه من جمالها المأثور» والغلو: «ديجور – زمهرير»
وفي القصيده نوع من الماساه وموسيقاها شبيهه بالرثاء وتكون حزينه وقويه.

«القاذورة»

انه في «القاذورة» يصف الدنيا كسجن مدي الحياه ويعبر الخيانه والمراه الفاجره بالجيفه وينشد هذه القصيده في بحر طويل مع الهدوء والمتانه الموجوده فيها کقصائده الحكميه ويتذكر بها الاشعار القديميه.
الشاعر في هذه القصيده يرجوحياه سليمه وطيبه وهويعيش في القلق والحزن بسبب حياته الحقيقيه المليئه بالفساد والخبث وتذهب بآماله الحلوه، مراره المصائب وحالته كانسان يذهب من قصرجميل وشامخ الی سجن مخيف ومرعب ومظل ثم يبكي علي ما اضاعه فهل يمكن البكاء من هذا القلب الخبيث والمذنب؟! انه يبحث عن الهوي العذري في خياله ويتأوه لوداع مفقودته.
وداعا،عذاری الحب،فی خیم الهوای
 فقد تك حتي في اغاني مزهري

جمالك محظور وعدنك موصد
 وكان لشعري منك ما يتجود
 [20]
ثم يرسم جدال ضميره بين الحياه‌ المثاليه والحقيقيه:
يحس فراديس الحياه بروحه

وليس يري الا جحيماً يهدد
 [21]

وبعد ذكر الدنايا والسيئات وانواع المفاسد الموجوده في الحضاره الحديثه التي ذكرها كسجن مخيف وابدي كلظلم والجور والمراه الفاجره والخباثه والعربده ومن يحتفلون في الجحيم؛ ربما يبكي وينشد كذا:
وشاهدت في الاطباق مفسده الوري

تموربها الديدان سكري تعربدا
 [22]

ان «القاذوره» استعاره للدهر الخبيث والمتلوث قبال الجمال في عالم وجوده فيقول:‌
حلمت بدنيا ليتها لاتبدد
 اضن بانشادي علي الناس سحرها

لذائد احلامي ولاكان لي غد
وهل في الوري اذن اذا قمت انشد؟!
 [23]
ثم يشير الي انسان ملي بالآمال الجميله والشامخه يواجه وقائع مره كنائم يستیقظ من النوم فجاءه ‌فيتحير.

واوقظت مذعورا الي شر هاجس
 نفيق من الحلم الشهي الي روي

او:
نساء اقلت فی الصدور مراضعا علی فمها الوردی للاثم مورد

كاني روح في جثام مشرد 
 كوابيس في يقظاتنا تتسرد
 [24]

في هذا الوقت يغرق في افكاره وتخيلاته واوهامه فينسي يأسه مره ويتذكر الجماليات المثاليه مره اخري ويشير الي: ان تسلم الجذور واصاله الانسان يرج رجوعه.
لئن تك نار البغض تلظي بعينه

ففي قلبه النوار للحب مزود
 [25]
وفي ظلمه روحه المذنب يحضن انواراً جميله .
كذلك يبقي في دجي النفس،‌ ثابتا 

جمال، له في قبه النفس فرقد
 [26]

فيسير الي آفات المجتمع الانساني تهلك وتهدم الحرث والنسل.

ملوك يقاضون النفوس الي السما 
 علي فمهم سفر السماوات مشرع


وينهي بايديهم ضمير مدود
وفي روحهم سيف الجحيم مجرد
 [27]

ينطق الحكام والملوك جميلاً وبعذب المنطق ولكن باطنهم قبيح وكريه ومره اخري يتذكر محاسن انسان قدنسي صلاحياته ولياقاته ورضي علي اللئامه والدنائه فهويقوم بعمل الانبياء؛ نعم ان هذا النسيان يحتاج الي التذكر دائماً‌.

مواليد فردوس اراغوا نفوسهم
 عذيرك من نورالفراديس عبقر
 وتشعل في عينيك نار نقيه

فلم يبق للوجدان فيهن مولد
 ومغناك في متن السماك مشيد
 بمقدسها طيف السماء مجسد
 [28]

وهكذا يريد ان يجبر الانسان بتفكر حول شيء اضاعه وعوض ما اكتسبه حتي يكون وسعه وتحريرا وهذا هونوع من الكفاح المنفي والثوره غير الرسميه،‌ نري في هذه القصيده صنعه التضاد والمقابله اكثر من صنائع اخري.
الا اغلقي الفردوس في وجه شاعر
 لئن تك نار البغض تلظي بعينه 

يضم طنابير الجحیم وينشد
 ففي قلبه النوار للحب مزود
 [29]
3- «الافعي»؟!
من اندر الاماكن التي ينسي الشاعر عفه الكلام فيها، الي حد ما انه قد بين الذنب والاثم ونتايجه بجساره كامله من جهه ويرجع الي فطرته الطيبه من جهه اخري وينصح ويعظ الضمير المذنب، واخيرا ملك الصفاء والعفه ينهزم والانسان يسقط من مراتب الهيه العاليه الي منخفضات الرذائل والدنايا وهويهلك بدايه في هذه القصيده مع بيان المحسنات، ‌يتداعي سوالا في الاذهان، ‌ايمكن بهذه اللياقه والطهاره ان يعمل عملاً شنيئاً؟!
اجيبيه، اني مازال مقربا
 واني لم انسل في سرب الدجي

بنفسي الي نجم يقال له الشعري
 بغاء لالقيه علي دعري سترا
 [30]
فيذكر المراه بالعفاف والحياء ويجعل البياض قبال الحمره وبياض الثوب عنده رمز للاعمال الحسنه والحمره رمز الشهوه وعوامل الفساد.
اقول لها: ثوب العفاف تذكري
 لبست رداء العرس، ابيض ناصعا

ففي ساعه الاكليل لم يك مغبرا
 فمن اين جاءت هذه اللطخه الحمرا؟
 [31]
انه يعلم، ‌ان المذنب التائب سيعود لانه كان قد فعل هذا سابقاً وبهذه الابيات يجري نوعا من التوبيخ لاستحكام توبه المذنب.

لقد ندمت لكن سترجع انني

لمحت عليها من ندامتها طمرا
 [32]
بعد جدال الحق والباطل هذه المره يغلب الباطل علي الانسان الجاهل ويهلكه وينذره بهذا السوال، ‌ما عاقبه المذنب ومن ينكسر توتبه؟!
اجل، سيراك الليل بعد تضمها
 وسوف تري فيك المآثم نعجه

ويبصرك المصباح تعصرها عصرا
 قد التصقت في بطنها حيه سمرا 
 [33]
واخيراً يهلك المذنب والضال وعلاوه علي هذا يسبب هلاكه اشخاص اخري ويخسر المجتمع الاانساني.
صغير، بريء العين، يرضي بلعبه

فيرقد مغبوطا بذي الهبه الكبري
 [34]
واخيراً ‌ان اباشبكه يخطب المراه المذنبه التي تكون اما وزوجه وبعباره اخري هي الناموس الوطني وعفتها وحيائها وحب الوطن واستقامته وثباته تمنع الانسان عن الاثم.
وانت يا ام طفل، في تلفته 

سول العفاف، وفي اجفانه لعب
 [35]

مانع آخر قد يحذره من الفجور والفسق هوذاته الطيب. ولان وجهه ملكيته تسوقه الي الحسنات حتي تذهب السيئات فكان مكانه في الجنه.
لي ذكريات، كاخلاقي، تودبني

فلا يخالجني روغ ولاكذب
 [36]

اللهم نعم، ‌انه يعترف بان قلبه سليم بعد. اي ان وجود النساء في المجتمع ليس دليل علي سقوط المجتمع بل الجذور باقيه وتوجد الاصاله والعراقه وينبغي ان لايقنط الانسان وهويعطي الانسان املاً قوياً من هذا الطريق.
نعم هويبحث عن جذوره الطيبه ورغبته السعيده.
قولي له:"هذه الايام مهزله

وليس الا لمن ينشي بها الغلب"
 [37]

شکراً جزیلاً

-خلاصة

لاشک ان شعر ابی شبکه یمتلی بشعور الحقد والکراهیه تجاه المراة ولکنه قد یرید ان یعالج خوفه منها بهذا الطریق ولکلمة المراة قداسه متمیزه وبلانهایة عنده وتکون هذه الکلمه رمزا للجمال والنجاح ولذا قد تستخدم لاجراء الاغراض التربویه من جانب.
ربما قد یستعمل من هذه الکلمة رمزا وواسطة من الحضارة الحدیثه التی طلعة جمیلة وبها اراد ان یتمرد وینهض علی الحضارة الانسانیه من جانب آخر.
وایضا قد یعمل کمدرس الاخلاق ویوکد علی قبح الاعمال لابعد منها فانه یفترض ان المعصیة جزء من الانسان والمجتمع وعلی هذا الاساس کان هدفه ایقاظ الجیل البشری قبال هذا الموضوع.

شکرا جزیلا

هوامش

شهدت معظم دول العالم في مطلع القرن العشرين للميلاد العديد من المتغيرات وكانت لبنان في طليعه البلدان العربيه التي عامرت هذه المتغيرات كما ولد المترجم اللبناني المقتدر والصحفي الشجاع والناقد العادل والمولف المبدع والشاعر الصادق «الياس بن يوسف ابي شبكه»

في ظل هذه المتغيرات في مدينه بروفيدنس الاميركيه عند ما يقيم والداه هناك في سفره سياحيه في عام (1903م) ثم عاد الي مسقط آبائه واجداده مدينه ذوق ميكائيل في لبنان وكان يعيش في غر ورخاء في بادي الامر ولكن بعد وفاه والده المبكره في عام (1912م) تغيرت حياته فجاه وعاني الفقر والحرمان.
كان يعد احد اعضاء‌مجموعه «العصبه العشره» ومارس منهه التدريس في عدد من مدارس لبنان كما عمل كمترجم ومولف في عدد من المحطات الاذاعيه.

حيث كان مسيحيا مومنا في عام (1931م) تزوج مع السيده «اولغا ساروفيم» والتي لن تنجب له طفلاً.
الف «الياس بن يوسف ابي شبكه»، ما يزيد عن (45) عمل ادبي خالد في مجال الترجمه والشعر والنثر والنقد. كان اسلوبه في كتابه النثر والترجمه يتمتع بالبساطه والاصاله كما كان شعره بصراحه اللهجه وعفه الكلام ومركب بالموشحات الاندلسيه وبمفاهيم حديثه وبديعه.
في النهايه المطاف رحل هذا الاديب المومن والثوري في (27 كانون الثاني 1947م) وعمره لايناهز (44) سنه بسبب اصابته به مرض سرطان الدم ودفن في مدينه ذوق واصبح داره فيما بعد متحفاً يستضيف عشاق الادب وارباب الفن سنوياً.

غفره الله

المصادر

 آذر نوش، آذرتاش - فرهنگ معاصر عربي - فارسي – تهران - 1379 هـ.ش.
 ابوشبكه، الياس - المجموعه الكامله «جمعه وقدم عليه وليدنديم عبود» - لبنان- 1985 م.
 الحاوي،‌ ايليا - الياس ابوشبكه شاعر الجحيم والنعيم – بيروت - 1980 م.
 ابن منظور - لسان العرب – بيروت - 1998 م.
 ابوفاضل، ربيعه - مدخل في ادبنا المعاصر- بيروت - 1985 م.
 التونجي، ‌محمد - المعجم المفصل في الادب – بيروت - 1993 م.
 حبيش، فواد - الياس ابوشبكه «دراسات وذكريات» – بيروت - 1948.
 حطيط، كاظم - اعلام ورواد في الادب العربي – لبنان - 1987 م .
 الخوري طوق، جوزيف - موسوعه - بيروت – دارنوبليس - 2000 م.
 داد، سيما - فرهنگ اصطلاات ادبي- تهران - 1371 هـ.ش.
 سياح، احمد - فرهنگ بزرگ جامع نوين – تهران - 1368 هـ.ش.
 سيد حسيني، رضا - مكتب هاي ادبي (2 ج) تهران - 1358 هـ.ش.
 شراره - عبداللطيف - الياس ابوشبكه – لبنان - 1982 م.
 شفيعي كدكني،‌ محمدرضا - شعر معاصر عرب - 1359 هـ.ش.
 ضيف، شوقي - دراسات في الشعر العربي المعاصر – قاهره - 1935 م.
 عبود - مارون - مجددون ومجترون – بيروت - 1961 م.
 غفراني،‌ محمد - آيت الله زاده شيرازي - مرتضي - فرهنگ اصطلاحات روز– تهران - 1369 ش.
 غلوش، سعيد - المصطلاحات الادبيه المعاصره – بيروت - 1985 م.
 الفا خوري، حنا - تاريخ الادب العربي - جزء الثاني – بيروت - 1986 م.
 فرج رزوق - رزوق - الياس ابوشبكه وشعره – بيروت - 1956 م.
 قدوره، زاهيه - تاريخ العرب الحديث – بيروت - 1985 م.
 مناهل الادب العربي - «مختارات من الياس ابوشبكه» - بيروت - مكتبه صادر.

عند إلياس أبي شبكة

[1فرج رزوق ، رزوق. - 1956 م-ص 190

[2عبود، مارون- 1961م –ص ص 95-96

[3الحاوی، ایلیا –1980م- الجزء الاول ص7

[4الخوری طوق، جوزیف — 2000 م – ج 2 ص 12

[5القمي،‌الشيخ عباس- د تا - ج2 ص 627

[6ابوشبكه، الياس-1985 م- ص ص 218 و219

[7المصدر نفسه، ص 219

[8مقتبس من شعر سهراب سبهري

[9الخوري طوق، جوزيف - - ج 2 ص 106 - نفس المصدر

[10ابوشبکه،الیاس المصدرنفسه، ص 221

[11المصدر نفسه،ص 228

[12المصدر نفسه، ص 220

[13المصدر نفسه، ص 233

[14فرج رزوق، رزوق - المصدر نفسه، ص ص 190 و191

[15ابوشبکه، الیاس – المصدر نفسه، ص 222

[16المصدر نفسه، صص 220 و221

[17المصدر نفسه، صص 220 و221

[18المصدر نفسه، ص 221

[19المصدر نفسه، ص 223

[20المصدر نفسه، ص 225

[21المصدر نفسه، صص 224 و225

[22المصدر نفسه، صص 224 و225

[23المصدر نفسه، صص 224 و225

[24المصدر نفسه، ص 225

[25المصدر نفسه، ص 225

[26المصدر نفسه، ص 225

[27المصدر نفسه، ص 225

[28المصدر نفسه، ص 226

[29المصدر نفسه، ص 225

[30المصدر نفسه، ص 227

[31المصدر نفسه، ص 227

[32المصدر نفسه، ص 228

[33المصدر نفسه، ص 228

[34المصدر نفسه، ص 228

[35المصدر نفسه، ص 230

[36المصدر نفسه، ص 230

[37المصدر نفسه، ص 230


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى