السبت ٢٦ حزيران (يونيو) ٢٠١٠
بقلم علي مسعاد

«الخبز الحافي» تعود من جديد،لإثارة الجدل، سينمائيا.

" قل كلمتك قبل أن تموت فإنها ستعرف، حتما، طريقها."

محمد شكري صاحب رواية (الخبز الحافي)

"لقد فاتني أن أكون ملاكا"، هكذا أختار، الكتاب المغربي الراحل محمد شكري، أن ينهي روايته/ سيرته الذاتية، الأكثر إثارة للجدل، بعد أن عرفت طريقها، إلى القراء، بلغتها الأصلية، و ترجمتها لأكثر من لغة حية، لا لشيء، إلا لأنها، كانت رواية" صادمة" بكل المقاييس وبالنسبة للكثيرين، في مجتمع محافظ، لا زالت التقاليد والأعراف، تحكم العلاقات بين أفراده.

الرواية/ السيرة الذاتية، التي استمدت قوتها، من جرأتها الزائدة برأي العديدين، ومن عريها الصادم، في مجتمع مسلم /محافظ ومنغلق.

لنتأمل، ما جاء في الصفحة 91 يقول"..صرت أفكر: إذا كان من تمنيت له أن يموت قبل الأوان فهو أبي. أكره الناس الذين يشبهون أبي.في الخيال لا أذكر كم مرة قتلته ا لم يبق لي إلا أن أقتله في الواقع."

وفي الصفحة 6 يقول"..حين يشتد علي الجوع أخرج إلى حي" عين قيطوط".أفتش في المزابل عن بقايا ما يؤكل.وجدت طفلا يقتات من المزابل مثلي.في رأسه و أطرافه بثور.حافي القدمين وثيابه مثقوبة.قال لي:

 مزابل المدينة أحسن من مزابل حينا.زبل النصارى أحسم من زبل المسلمين..."

ولنتأمل، أيضا، ما جاء في الصفحة 138 من الرواية:"..شغلت يدها في أزرار فتحة بنطالي.أطل قائما في يدها.فسحت يدها عليه من حشفته إلى منبته.تحك به شفرتي فرجها.عانتها مثل رأسها.أنا ألح على الولوج وهي تلح على الحك.تضغطه.تخنقه.تقيس حجمه هبوطا وصعودا في يدها المكورة.أعد فقرات عمودها الفقري.أنتشله من يدها.نتداخل.نتخارج.تضمني إليها بساقيها وذراعيها.قلت له: إجعل نفسك قويا معها.كن صديقا لشيئها الأعور.". لقد كانت بحق" صادمة" بامتياز، ولم يزدها" المنع" و" المصادرة"، إلا تعلقا من طرف" المتلصصين"، خلف الأبواب المواربة و الباحثين عن"الجنس" لما يشكله من"طابو" و"مسكوت عنه" في مجتمعات، لا تسمح فيها" للشياطين"، أن يمارسوا غوايتهم.

هل، كانت مشاهد" الجنس"،" العنف"،" القهر"،" الجوع"،" الحرمان"، هي الكلمات المفاتيح، وراء الإقبال على" الخبز الحافي"؟ أم أن" العري" الفاحش، لبطل السيرة، وجرأته، في البوح، هي التي قادت القراء إليه؟ا وهل هي نفسها التوابل، التي سيجني من ورائها صناع الفيلم السينمائي، الأرباح المادية الطائلة ؟ا

الفيلم، لمن شاهده سواء عبر" اليوتوب" أو القاعات السينمائية، لا علاقة له بالرواية، فهو نسخة رديئة منها، ولم يكن هم أصحابه إعادة الحياة، لأسطورة محمد شكري، فكان بحق فيلم" عاري" بامتياز، وبين لقطة عارية ولقطة عارية، هناك العديد من اللقطات العارية.

وما غاب عن صناع الفيلم، أن ما كان ذات مرحلة، يشكل هاجس الكثيرين، أصبح بلا قيمة، في زمن شرعت فيه الأبواب المواربة ولم يعد للجنس ذلك" الهاجس" اليومي، فاليوم، أصبحنا، نبحث عن أفلام تلمح أكثر مما تصرح، ولعل السينما الإيرانية، أصبحت رائدة في المجال، فهي سينما بلا قبلات وبلا لقطات العري والجنس، وفي الآن نفسه، هي سينما رائدة في مجالها وتحصد الكثير من الجوائز حيثما رحلت وارتحلت.

محمد شكري، قال كلمته ورحل، وآن الأوان أن يكتب الجيل الجديد، سيرته والتي حتما سيلتفت حولها، جيل" الفايس البوك" و" التويتر"، جيل الحرية،الانفتاح و" الأمعاء الخاوية" جيل كل شيء ولا شيء.
هامش:

ولد محمد شكري سنة 1935،.ترجم مؤلفه البارز" الخبز الحافي" إلى تسع وثلاثين لغة وتوفي سنة 2003.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى