الثلاثاء ٢٠ تموز (يوليو) ٢٠١٠
بقلم عبد القادر محمد الأحمر

الإيغال يكون دائماً برفق!!

(اقترب آدم وحواء من الشجرة، فازدادت جمالاً في أعينهما،

أنساهما الشيطان أن الله نهاهما عن الاقتراب منها،

واشتدت رغبتهما في تذوق ثمارها،

وتناولا ثمرها وأكلا0

قال: (فلما ذاقا الشجرة..) الأعراف "22" ..

فلما أكلا منها أكلاً يسيراً، فلما ذاق آدم وذاقت حواء ثمر الشجرة المحرمة عليهما، لقد كانت لحظة رهيبة، فاصلة في الكون، نسي فيها آدم نصح الله ونسيت فيها حواء نصح الله لها..

وانتصر الشيطان على آدم وحواء لأول مرة، وأفلح كيده.

لم يشر القرآن الكريم إلى أيهما بدأ بالأكل، أو أغرى صاحبه بالأكل من الشجرة المحرمة .. أهو آدم الذي أكل أولاً ثم تبعته حواء، أم حواء أكلت أولاً ثم تبعها آدم، أم أنهما أكلا سوياً وفي وقت واحد؟!!

إلا أن الحديث النبوي الشريف يشير من بعيد إلى أن حواء هي التي بدأت، وأغرت آدم بالأكل وإن كان لم يقطع بذلك!!!

عن أبي هريرة- رضيّ الله عنه – عن النبي- صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها) "البخاري" ..

"لم يخنز" لم ينتن.

وعن قتادة: كان المن والسلوى يسقط على بني إسرائيل، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس كسقوط الثلج، فيؤخذ منه بقدر ما يغني ذلك اليوم إلا يوم الجمعة، فإنهم يأخذون له وللسبت، فإن تعدوا إلى أكثر من ذلك فسد ما ادخروا، فكان ادخارهم فساداً للأطعمة عليهم وعلى غيرهم.

وفي الحلية لأبي نعيم عن وهب بن منبه أنه قال: (وجدت في بعض الكتب عن الله تعالى: لولا أني كتبت الفناء على الميت لحبسه أهله في بيوتهم، ولولا أني كتبت الفساد على الطعام لخزنه الأغنياء عن الفقراء.)

والذي يميل إليه قلبي في معنى: (لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم) أنه بمعنى لولا ميل الأغنياء إلى اختزان الطعام عن الفقراء لم يكتب الله النتن والفساد على الأطعمة، وبنو إسرائيل اشارة إلى محبي المال، واللحم نيابة عن الأطعمة كلها.

(ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها) سُميت بذلك لأنها أم كل حي، أو لأنها خُلقت من ضلع آدم- عليه السلام – القصيرى اليسرى وهو حي في الجنة، ومعنى خُلقت، أُخرجت كما تخرج النخلة من النواة، ومعنى لولا حواء لم تخن أنثى زوجها إنها دعت آدم إلى الأكل من تلك الشجرة.

وقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : (لولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام، ولم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهرَ) "مسلم" .

"لولا حواء لم تخن انثى زوجه الدهرَ" أي لم تخنه أبداً. ومعنى هذا الحديث أنها أم بنات آدم فاشبهنها، ونزع العرق، لما جرى لها في قصة الشجرة مع إبليس فزين لها أكل الشجرة، فأغواها، فأخبرت آدم بالشجرة فأكل منها.

وعن أبي هريرةعن رسول الله- صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهرَ) "مسلم" .

وهذه النصوص كلها تشير إلى أن حواء هي التي بدأت بالأكل، أو على الأقل هي التي زينت وأغوت آدم أن يقدم على الفعلة.

هذا وإليك ما ورد في الكتاب المقدس عن هذه المسألة:- (فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها وأكلت واعطت رجلها أيضاً معها فأكل... ) "تكوين: الاصحاح الثالث" .

هذا وليس المهم في الأمر أن نعرف من البادئ منهما أو من الذي أغوى صاحبه وإنما المهم أن نعلم أنهما أكلا من الشجرة، هو وهي، وهذا ما قطع به الكتاب الكريم) انتهى..

نعم،

هذا بعض ما أورده الكاتب محمود شلبي/ في كتابه: "حياة آدم" – الطبعة الثانية – دار الجيل- بيروت- والذي تناول فيه قصة خلق آدم منذ خلقه ودخوله الجنة وخروجه منها وهبوطه إلى الأرض، هو وزوجه.

ولعله من الملفت للنظر والمثير للإنفعال الديني المتفاوت إدراكاً وفهماً لما يحتويه كتاب الله الحكيم أن يذكر في آخر هذه الفقرة قوله: (هذا وليس المهم في الأمر أن نعرف من البادئ منهما أو من الذي أغوى صاحبه وإنما المهم أن نعلم أنهما أكلا من الشجرة، هو وهي، وهذا ما قطع به الكتاب الكريم) .. بالرغم من إيراده لنصوص نبوية صحيحة جاءت تؤكد وتشير إلى من هو البادئ، أو من هو الذي أغوى صاحبه!! بل الأدهى وأمرْ أنه حينما جاء إلى الآيات التي يكون فيها النداء موجهاً لآدم وحده مثل: (وقلنا: يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة..) "طه 117" .. وقوله: (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) "طه 118/119" ..

وقوله: (فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى) " طه120"

وقوله: (وعصى آدم ربه فغوى.. ) "طه 121" .. وقوله: (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه.. ) "طه 37" ..

كان تعليله: أن الله اكتفى بذكر شأن آدم- عليه السلام – لما أن حواء تبع له في الحكم، ولذا طوى ذكر النساء في أكثر مواقع الكتاب والسنة!!!! أو لأن النساء تبع يغني عنهن ذكر المتبوع، فطالما أن الله اجتبى آدم- حسب قوله – وتاب عليه وهداه، فهو كذلك أيضاً اجتبى حواء وتاب عليها وهداها، لأنهما أكلا معاً وعصيا معاً، ونحن نعلم أن كل النداءات لآدم جاءت متضمنة اسمه بالتحديد، في حين أن التعبير عن حواء لم يأت إلا بكلمة "زوج" فقط!! فلا وجود لإسمٍ لها بالتحديد في الكتاب الحكيم!!!!!

وما هكذا يؤخذ القرآن "الحكيم" ، ففي ذلك حجب لأدق الأسرار وأهمها، وكل التبيان والوضوح في معرفتها لفض هذا الالتباس عنها.

وخطاب الله- أيها الناس – بما لا يفهم، بعيد، بعيد!! علينا أن ندقق "البصر" لا " النظر" في هذا الكتاب الفريد!!

تُرى، ماذا أريد أن أقول؟؟!!

إلى لقاء في وقتٍ آخر.. إن شاء الله.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى