السبت ٣١ تموز (يوليو) ٢٠١٠
بقلم مصطفى أدمين

العابِدُ والمَرْأَةُ العابِرَة

في زاوية بيتِه المتواضع، وقف رجلٌ زاهِدٌ لإقامة صلاة العشاء.

لم تكنْ نفسُه مرتاحةً تماما، إذ كان ظِلُّه يختفي ويظهر على صفحة الجِدار.

فجأة، انقطع النور، وانفجرَ هَرجٌ في الزقاق؛ وكان الأطفالُ يركضون ويتصايحون ويطرقون أبوابَ المنازل...

كَرْكَسَ الرجلُ الزاهدُ الصّلاةَ، وهرول إلى باب بُيَيْتِه، وأحكم إقْفالَه.

 تبّاً لأولئك الأشقياء! قال الرّجُل؛ ثم عاد إلى خُشوعِه المفترض.

لمّا عاد النورُ، وجدَه يُطِلُّ من الكُوَة التي بمثابة نافذة عنده، فرأى امرأةً ترتدي جلباباً أحمرَ تعبُرُ – في خشوع – الشارعَ الكبير...

تخيَّلَ الزاهِدُ أنّه اشْتمَّ عِطْرَها... أغمضَ عيْنيه، وأفْلت:

 مُنْعِش!

وعاد إلى الغرفة الضيِّقة التي يتَّخِذُها معبداً، وكان الضوءُ الاصطناعي يتراقص:

 هل ستنطفِئين؟ سأل في حنَق.

وانطفأتِ اللّمبَةُ للمرّة الثانية...

دبَّ الرجل... الزاهد، إلى صندوق خشبي؛ فتحه؛ فانبعثتْ منه رائحةُ غُمولة؛ فكّر:

 لعلّها رائحة الموتِ الكريه؟

فأخرج شمعةً وسُبْحة، وجلس ليتخشَّع:

 ... كانتْ تنتعِل حِذاءً عالِيَ العُقْب؛ وكان على شفتيْها أحمرُ شِفاه.

فجأةً، تقادمتْ عبر ألْسِنة اللّهب تموُّجاتٌ من نور، ولها عيون، عرف بالحدْسِ أنّها "الصلوات"... كانتْ سائرة في اتِّجاهِه، لكنّها أعْرضتْ عنه...

 ماذا يعْني هذا؟ تساءل في اضطراب...

 اللعنةُ! قال مُتذمرا.

فتفرّقت الصلوات، وهاجرت إلى بعيد، وسَمِعَ لها أنينٌ؛ وقالت واحدة منهُنَّ:

 أ يا له من مسكين!

فانطفأ النّور للمرّة الثالثة...


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى