السبت ٧ آب (أغسطس) ٢٠١٠
بقلم أوس داوود يعقوب

الإرهاب صناعة صهيونية

تُعد سلسلة الانفجارات التي استهدفت حياة ثلاثة من رؤساء بلديات الضفة الغربية(بسام الشكعة، نابلس، وكريم خلف، رام الله، وإبراهيم الطويل، البيرة) في 2 حزيران / يونيو 1980، وبعد ذلك بسنوات طويلة اغتيال الإرهابي إسحاق رابين رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني، في 4 تشرين الثَّاني/نوفمبر 1995، برصاصات أحد عناصر جماعة(آيال) الصهيونية المتطرفة، من أبرز الأحداث التي ركَّزت الانتباه على أهمية ظاهرة الحركات والجماعات والمنظمات الإرهابية الصهيونية. التي ُينسب إليها أيضاً الكثير من حوادث الإرهاب، بدءاً من المجازر الجماعية، وتقتيل الأطفال، وسلسلة الاغتيالات الطويلة التي استهدفت قيادات وكوادرالعمل الوطني الفلسطيني داخل الوطن المحتل وخارجه، والمحاولات المستمرة للاعتداء على المقدَّسات الدينية الإسلامية والمسيحية، والإضرار بممتلكات المواطنين الفلسطينيين، وقتل المدنيين العزل بأساليب عشوائية مثل الهجوم على الحافلات الفلسطينية إلى تسميم الطالبات الفلسطينيات وتدبير مخططات لإفقادهن القدرة على الإنجاب مستقبلاً، وغيرها من أعمال القمع والتنكيل.

وفي مقالنا هذا نحاول، قدر المستطاع، استعراض أهم الحركات والجماعات والمنظمات الأصولية اليهودية والصهيونية الإرهابية في القرنين الماضيين: تأسيسها، ومظاهر أنشطتها، وأشكال حركتها، وأبرز رموزها ودعاتها، مع ملاحظة أن بعض هذه الحركات والجماعات والمنظمات قد اندثرت مع انقضاء المهمة التي أنشئت من أجل تحقيقها، والبعض الثاني ينشط من وقت إلى آخر، أما البعض الآخر فلا زال يمارس نشاطاته بحماس ووضوح، ونظراً لطبيعة الدوافع التي تكمن خلف إنشاء هذه الحركات والجماعات والمنظمات فإن أغلبها مرشح لدور متعاظم في كل فترة تتصاعد فيها وتيرة المفاوضات الصهيونية ـ الفلسطينية في التعامل مع أهم وأعقد ثلاثة مواضيع في سياق التسوية السياسية الراهنة، وهي قضية المستوطنات التي أقيمت غصباً فوق الأراضي المحتلة عام 1967، وكذلك قضيتا القدس وحق العودة، حيث يرى زعماء هذه الحركات والجماعات والمنظمات أنها قضايا محسومة لا نقاش فيها، باعتبارها، من وجهة نظرهم، من صلب(أرض إسرائيل الكاملة) التي وعد بها الرب(شعبه المختار).

و لابد لنا من الإشارة هنا، إلى أن مضمون ومساحة التهديد الفعلي لهذه الحركات والجماعات والمنظمات أكبر كثيراً من حدود الاهتمام الذي حظيت به، أو الدراسات الموضوعية التي خضعت لها، وقد ساعدها كونها مجهولةَ الهوية، غائبةَ الملامح، غائمةَ الصورة كثيراً في تأخير اكتشاف معالم خطورتها، وقد كشفت تقارير صهيونية وأمريكية عديدة، أن هيئات عديدة في الحكومة والأحزاب السياسية والدينية والمؤسسات الصهيونية المختلفة داخل الكيان الصهيوني وخارجه متورطة في علاقات عميقة مع العديد من هذه الحركات والجماعات والمنظمات الإرهابية إلى حد المبادرة بتشكيل وإعلان بعضها من أساسه.

ولكن وقبل البدء في التعريف بهذه الحركات والجماعات والمنظمات اليهودية والصهيونية الإرهابية، رأينا من الضروري تقديم تعريف لكلمة(الإرهاب) لغة واصطلاحاً. نظراً لما يثيره المصطلح من جدل واسع في العصر الحديث، بعد أن صار الأكثر تداولا في مجالات الإعلام والسياسة والعلاقات الدولية والثقافة وحوار الحضارات، فهو ذو جذر لغوي ينطوي على الخوف أو التخويف حيثما أريد توظيفه.

الإرهاب لغة واصطلاحاً:

الإرهاب في اللغة:

خلت معاجم اللغة العربية القديمة من ذكر أصل لكلمة(الإرهاب)، وتضمنت الفعل رَهِبَ بمعنى خاف، كما يلي:

ورد الفعل رَهِبَ في لسان العرب رَهِبَ الرجل يرهب رهبة ورُهبا ورَهَبا ورهبانا خاف.(ابن منظور، لسان العرب).

أما في محيط المحيط فقد ورد الفعل رَهِبَ بالكسر، يرهب رهبة ًورهبا بالضم ورَهَبا بالتحريك أي خاف. والاسم الرّهب، والرهبي، والرهبوت، والرهبوتي ورجل رَهبوت يقال(رهبوت خير من رحموت ) أي لأن تُرهب خير من أن تُرحم. و الرهباء اسم من الرَهَب تقول: الرهباء من الله، والرغباء إليه، وفي حديث الدعاء(رغبة ورهبة إليك) الرغبة الخوف والفزع(البستاني، محيط المحيط،1998 – 2006).

كما تضمنت بعض المعاجم الحديثة المعنى اللغوي لكلمة(الإرهاب)، فجاء في المنجد أن الإرهابي من يلجأ إلى الإرهاب لإقامة سلطته. وكذلك الحال في المعجم الوسيط ورد أن الرهب هو الخوف والإرهابيون وصف يطلق على الذين ينتهجون سبل العنف لتحقيق أهدافهم السياسية.

وقد وردت كلمة رهب وما اشتق منها من تصريف أثني عشر موضعاً في القرآن الكريم... قال تعالى: ﴿يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِي﴾(40البقرة)

﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾(82 المائدة)

﴿قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾(116الأعراف)

﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾(154الأعراف)

﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾(31التوبة)

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾(34التوبة)

﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِي﴾(51 النحل)

﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾(90 الأنبياء)

﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾(32 القصص)

﴿ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾(27 الحديد)

﴿لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ﴾(13 الحشر)

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾(60الأنفال)

ومما تقدم من الذكر الحكيم يُلحظ أن القرآن الكريم لم يستعمل كلمة(الإرهاب) بهذه الصيغة، وإنما اقتصر على استعمال صيغ مختلفة الاشتقاق من المادة اللغوية نفسها، بعضها يدل على الإرهاب والخوف والفزع، وبعضها الآخر يدل على الرهبنة والتعبد.

إلا أن الآية(60 ) من سورة الأنفال المتعلقة بإعداد القوة لإرهاب العدو قد توحي بظلال

، قد يخالها البعض ذات صلة بمفهوم الإرهاب المعاصر، إلا أن الكثير من الفقهاء وعلماء الدين يرون أن المتأمل يَلحظُ خلاف ذلك، فالإرهاب ذُكر في هذه الآية من قبيل الردع لمنع القتال وهو ما عرف في العصر الحديث باستراتيجية التهيؤ بالقوة لحماية السلام، بالإضافة إلى أنه خطاب موجه إلى الدولة المسلمة وليس لأفراد أو لجماعات.

ومن الملاحظ أن مشتقات مادة(رهب) لم ترد كثيراً في الحديث النبوي الشريف. و عليه نستخلص أن(الإرهاب ) يعني التخويف والإفزاع، وأن(الإرهابي) هو الذي يُحدثُ الخوف والفزع عند الآخرين.

ولا يختلف هذا المعنى عما تقرره اللغات الأخرى في هذا الصدد، فقد ورد في قاموس المورد أن كلمة (terror) تعني:(رُعب، ذُعر، هَول، كل ما يوقع الرعب في النفوس، إرهاب، عهد إرهاب)، والاسم(terrorism) يعني: )إرهاب، ذعر ناشئ عن الإرهاب(، و(terrorist ) تعني: )الإرهابي(، والفعل(terrorize) يعني: يُرهب، يُروِّع، يُكرهه(على أمرٍ) بالإرهاب.

و قد وردت كلمة( Terreur) في قاموس الأكاديمية الفرنسية المنشور عام 1694 بمعنى(رعب، خوف شديد اضطراب عنيف تحدثه في النفس صورة شر حاضر أو خطر قريب). ويقدم قاموس الأكاديمية الأمثلة التالية للإيضاح(يقال مثلا: ألقى الرهبة بين الأعداء، نشر الرهبة في جميع الأمكنة التي يمر فيها، زرع الرهبة في كل مكان.كما يقال عند الكلام عن أمير كبير أو فاتح، انه يملأ كل شيء برهبة اسمه، وذلك للإشارة إلى أن اسمه يزرع الرعب في كل مكان).

أما التعريفات اللغوية لمفردة الإرهاب كما وردت في كتاب واقع الإرهاب في الوطن العربي للدكتور محمد فتحي:

(استخدام الرعب خصوصا لتحقيق أغراض سياسية)،قاموس اكسفورد للغة الانجليزية.
(الإرهاب هو مجموعة أعمال العنف التي ترتكبها مجموعة ثورية أو أسلوب عنف تستخدمه الحكومة)،القاموس الفرنسي لاروس.

(الإرهاب هو الاستخدام المنظم لوسائل استثنائية للعنف من أجل تحقيق هدف سياسي)، قاموس اللغة روبير.

ويرى البعض أن أسباب الربط بين الإرهاب والغرض السياسي، كون الإرهاب يتمثل في أعمال العنف المتبادلة بين السلطة والمنظمات الثورية المناهضة لها.

أما في معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية فالإرهاب يعني(بث الرعب الذي يثير الخوف والفعل أي الطريقة التي تحاول بها جماعة منظمة أو حزب أن يحقق أهدافه عن طريق استخدام العنف، وتوجه الأعمال الإرهابية ضد الأشخاص سواء كانوا أفراد أو ممثلين للسلطة ممن يعارضون أهداف هذه الجماعة).

وقد ردت كلمة(إرهاب) في القاموس السياسي بمعنى(محاولة نشر الذعر والفزع لأغراض سياسية، والإرهاب هو وسيلة تستخدمها حكومة استبدادية لإرغام الشعب على الخضوع والاستسلام لها، ومثالها التقليدي هو قيام حكومة الإرهاب إبان الثورة الفرنسية عام 1789 لأغراض سياسية، والإرهاب وسيلة تتخذها دولة تفرض سيادتها على شعب من الشعوب لإشاعة روح الانهزامية والرضوخ لمطالبها التعسفية أو تستخدم الإرهاب جماعة لترويع المدنيين لتحقيق أطماعها حتى تفرض الأقلية حكمها على الأكثرية).

وقد كانت أول عملية وصفت بالإرهابية في العصور الحديثية هي محاولة اغتيال القائد الفرنسي نابليون بونابرت عام 1800م.

أما تعريفه دولياً لأول مرة فقد كان من طرف(عصبة الأمم المتحدة) عام 1937:(الارهاب عمل إجرامي يهدف بطبيعته إلى إثارة الرعب والخوف، موجه لأشخاص معينين أو مجموعة من الأشخاص أو للعموم).

الإرهاب.. المصطلح السياسي:

اقترن المصطلح السياسي للإرهاب بالثورة الفرنسية وخاصة في الفترة(من 10/3/1793 عندما أعلن روبسبير بداية عهد الإرهاب أو الرهبة في فرنسا ومارسه على أرض الواقع، حتى 27/9/1794). وقد عرفه قاموس وبستر(أسلوب للحكم أو لمعارضة الحكم من طريق التهديد). ويصف سيرجو بوسكيرو رئيس الحركة الملكية الايطالية، الثورة الفرنسية بأنها:(حركة معادية للشعب الفرنسي إبان قيامها إضافة إلى أنها أكبر مجزرة في التاريخ، وعلى الأقل في تاريخ الشعب الفرنسي حيث قتلت 300 ألف إنسان، وتعد الثورة الفرنسية منبع الإرهاب، إذ ولدت ظاهرة الإرهاب من هذه الثورة).

على أننا يجب أن نفرق بين ولادة ظاهرة الإرهاب واستخدامها كأسلوب للحكم، وبين استخدام هذه العبارة كمصطلح ذو مدلول سياسي، هو المتعارف عليه في الوقت الحاضر.

فالحالة الأولى قديمة قدم المجتمعات الإنسانية، وقد اختلفت صور الإرهاب باختلاف المراحل التاريخية التي مر بها. فمن إرهاب الأفراد إلى إرهاب الجماعات التي اتخذت من العنف وسيلة لإشاعة الخوف والفزع، حيث ظهرت حركات إرهابية خارجة عن القانون والنظام السائد في المجتمع، ثم إرهاب الدولة ودورها غير المباشر والمباشر فيه، كإنشاء فرق خاصة بالاغتيالات وممارسة شتى صنوف التعذيب.

وبناء على ما تقدم فإن ما يدور على أرضنا في فلسطين المحتلة من عدوان وقمع وتنكيل وتدمير شامل للمدن والقرى الفلسطينية(نحو 500 قرية وبلدة ومدينة)، ومجازر جماعية دموية بشعة مروعة لم ينج منها حتى الطفل الفلسطيني الرضيع، وترحيل وتشريد، واغتيالات، وأسر، ومصادرة أراضٍ، وعزل، وبناء حواجز، وعوازل كان آخرها بناء الجدار العنصري العازل، وتطهير جماعي ضد الشعب الفلسطيني، الذي تحول كل أفراده إلى ضحايا لإرهاب الدولة الصهيونية الرسمي، ولإرهاب المستوطنين والحركات والجماعات والمنظمات الأيديولوجية والسياسية المتطرفة على حدٍ سواء.

جذور الإرهاب في فكر ونهج زعماء الصهيونية:
منذ عُقدًّ المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بال عام 1897، وصاغ تيودور هرتزل مؤسِّس الحـركة الصهـيونية( 1860-1904) شعارات الحركة الصهيونية(نحن شعب)، و( فلسطين وطننا التاريخي الذي لا يُنسَى). ووضع خطة لتحقيق المشروع الصهيوني، وحوَّلها المؤتمر إلى برنامج سياسي، وقاد التحرك الصهيوني مع قوى الاستعمار الغربي وبخاصة في بريطانيا لتنفيذ هذا البرنامج. ووضعت الحركة الصهيونية نصب عينها بعد انعقاد مؤتمرها الأول القيام بمهام ثلاث هي: استعمار فلسطين، ومحاولة خلق شعب يهودي واحد متجانس، وإنشاء حركة تكون بمنزلة رأس الرمح في البرنامج الصهيوني الاستعماري.

وقد تضمَّن هذا البرنامج تشجيع الاستعمار الصهيوني في فلسطين، وتأسيس منظمة تربط يهود العالم عن طريق مؤسسات محلية أو دولية طبقاً لقانون كل دولة، وتقوية الشعور القومي اليهودي، والحصول على موافقة حكومية لبلوغ الأهداف الصهيونية، وصولاً إلى( إنشاء وطن للشعب اليهودي في فلسطين يحميه القانون.

وفي نهايات القرن التاسع عشر تحوَّلت الصهيونية من فكرة إلى مشروع استيطاني استعماري على يد هرتزل الذي وُلدت معه الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، وتم تأسيس(المنظمة الصهيونية العالمية).

وقد لعب زعماء العدو الصهيوني بدءاً من(الجيل المؤسس) وصولاً إلى(الجيل الجديد) مروراً بـ(جيل بناء الكيان) دوراً بارزاً في تأسيس وتكوين الحركات والجماعات والمنظمات الأصولية المتطرفة والإرهابية، ومن أبرز قادة الإرهاب هؤلاء مناحم بيجين(1913-1992( الذي تولَّى قيادة فرع منظمة(البيتار)، وعند وصوله إلى فلسطين عام 1942 وفي أواخر عام 1943 تولَّى قيادة منظمة(الإرجون) التي اشتهرت بمذابحها ضد المدنيين الفلسطينيين، وإخراجهم قسراً من فلسطين.

ويتفاخر أحد أبرز زعماء الإرهاب الصهيوني ديفيد بن جوريون(1886(1973 – بسجله الإرهابي في هذه المنظمات قائلاً:(كنا ننتظر مجيء الأسلحة ليلاً ونهاراً، ولم يكن لنا حديث إلا الأسلحة، وعندما جاءتنا الأسلحة، لم تسعنا الدنيا لفرط فرحتنا، كنا نلعب بالأسلحة كالأطفال ولم نعد نتركها أبداً... كنا نقرأ ونتكلم والبنادق في أيدينا أو على أكتافنا).

والعنف عند بن جوريون يكتسب بُعداً خاصاً ويصبح غاية في حد ذاته، بل وسيلة بعث حضاري إذ يقول:(بالدم والنار سقطت يهودا، وبالدم والنار ستقوم ثانية). وعبارة بن جوريون مبنية على تصور جديد للشخصية اليهودية على أنها شخصية محاربة منذ قديم الأزل:(إن موسى أعظم أنبيائنا هو أول قائد عسكري في تاريخ أمتنا).

وكمحاولة لتحقيق هذه الأحلام حينما جاءت الساعة، بذل بن جوريون قصارى وسعه لإنشاء القوة العسكرية الصهيونية، فقد كان من المنادين بفكرة اقتحام الحراسة(والعمل والزراعة والإنتاج) وأسس لذلك جماعة(الحارس) ثم منظمة(الهاجاناه)، وكان من بين المنادين بتسليح المواطنين اليهود.

وعند تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948، قام بن جوريون بحل المنظمات العسكرية الصهيونية كافة، مثل(الإرجون والبالماخ)، وضمها إلى(الهاجاناه) وحوَّلها جميعاً فيما بعد إلى ما سمي بـ(جيش الدفاع الصهيوني).

وأما الإرهابي إسحاق شامير(1915ـ ) الذي يعد من(الجيل الجديد )، فقد بدأ حياته العسكرية عضواً في منظمة(البيتار) قبل أن يهاجر من بولندا إلى فلسطين، و فور وصوله إلى فلسطين التحق بمنظمة(الهاغاناة ) ثم بمنظمتي(الإرجون وشتيرن) المسؤولتين عن مذبحتي دير ياسين وبئر سبع، ونسف فندق الملك داوود. وقد اعتقلته سلطات الانتداب البريطاني مرتين، الأولى عام 1941 وتمكن من الهرب، والثانية عام 1946 حيث أرسل إلى معسكر اعتقال في إريتريا، وبعد أربعة أشهر تمكن أيضاً من الهرب والسفر إلى فرنسا وظل فيها إلى أن عاد إلى فلسطين عام 1948. وبعدها عمل ضابطاً في جهاز الاستخبارات الصهيونية(الموساد) لمدة عشر سنوات(1955–1965).

كما أن اسم بلدوزر الإرهاب الصهيوني أرئيل شارون(1933( – الذي يعد من(الجيل الجديد) أيضاً، لم يبرز إلا بعد عام 1948 كضابط في الوحدات الخاصة التي تعمل بإمرة الاستخبارات العسكرية الصهيونية للقيام بالأعمال الانتقامية ضد مخيمات اللاجئين والقرى الفلسطينية الحدودية حيث عهد بهذه الغارات إلى وحدة خاصة أُنشئت في آب/أغسطس 1952 وأطلق عليها اسم(الوحدة 101). وقد اختار شارون أفراد الوحدة بنفسه من مجرمين وأصحاب سوابق ولصوص وقتلة، فاتجه إلى قرية قبية التي تقع شمال القدس على بُعد كيلو مترين من حدود 1967، ثم طوقت قواته القرية وغمرتها بوابل من نيران المدفعية فدكت القرية دكاً على من فيها، ثم تقدم المشاة وأجهزوا على الباقين على قيد الحياة.

أبرز الحركات والجماعات والمنظمات اليهودية والصهيونية المتطرفة في نهايات القرن التاسع عشر:

منظمة(التحالف الإسرائيلي العالمي ):

منظمة(التحالف الإسرائيلي العالمي)، ومعناها بالعبرية(الأليانس إسرائيليت يونيفرسل(، منظمة يهودية فرنسية توطينية تأسَّست عام 1860 في باريس بهدف(الدفاع عن الحريات المدنية والدينية للجماعات اليهودية وتنمية المجتمعات اليهودية المختلفة عن طريق التعليم والتدريب المهني وإغاثة اليهود في الأزمات). والواقع أن وضع فرنسا، باعتبارها الدولة المهيمنة في أوربا آنذاك، قد أهَّل قيادات الجماعة اليهودية في فرنسا لتأسيس وقيادة أول منظمة يهودية في العصر الحديث تعمل في مجال(الدفاع عن حقوق الجماعات اليهودية على المستوى العالمي). ومن ناحية أخرى، لعبت المنظمة دوراً مهماً في خدمة المصالح الاستعمارية الفرنسية، من خلال نشر الثقافة الفرنسية. وكان لآل روتشيلد في فرنسا دور بارز في هذا الاتجاه حيث عملوا على تحويل سياسات(الأليانس إسرائيليت ) وعلى التأثير عليها وربطها بالمصالح الاستعمارية الفرنسية آنئذ. كذلك عمل أدولف كريمييه رجل الدولة الفرنسي اليهودي الذي ترأس المنظمة في الفترة(1863 ـ 188)على توثيق التعاون بين المنظمة وبين الخارجية الفرنسية والسلطات الفرنسية في مستعمراتها.

وفي المجال السياسي، تدخلت(الأليانس إسرائيليت) للدفاع عن حقوق يهود روسيا ورومانيا وبلجيكا والصرب. وكان أول إنجاز ناجح لها في ضمان الحقوق المدنية والدينية ليهود سويسرا عام1867. وفي مؤتمر برلين عام 1878، عملت المنظمة بالتعاون مع بعض المنظمات الأخرى على الدفاع عن حقوق يهود البلقان كما أهتمت بأوضاع يهود المغرب وتدخلت لدى سلطان المغرب في مؤتمر مدريد عام 1880 لتحسين أوضاعهم. وبعد الحرب العالمية الأولى، نشطت المنظمة في مؤتمر فرساي للسلام عام 1919 من أجل حقوق يهود رومانيا وبولندا والمجر وغيرها من الدول المُوقِّعة على معاهدات السلام، كما تدخلت لصالح يهود المغرب العربي ويهود فارس.

كذلك عملت(الأليانس إسرائيليت) في مجال إغاثة ضحايا الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية من أعضاء الجماعات اليهودية في مختلف أنحاء العالم. فساعدت ضحايا يهود شرق أوربا خلال مجاعة عام 1869، كما ساعدت ضحايا الهجمات في روسيا عام 1881 ثم في عامي( 1903و1905 ). كما اشتركت في إغاثة ضحايا الحرب العالمية الأولى وضحايا المجاعة في روسيا عام 1922، كذلك ساعدت ضحايا الكوارث والاضطرابات الطائفية في كلٍّ من رومانيا والمغرب وتركيا ودمشق.

كما شاركت(الأليانس إسرائيليت) في تنظيم ومساعدة هجرة الجماعات اليهودية من شرق أوربا منذ عام 1869، وخصوصاً خلال الهجرة اليهودية الكبرى بعد عام1881، وأسست لجنة في مدينة كونيجسبرج لتنظيم عمليات الهجرة بالتنسيق مع منظمات يهودية أخرى. كذلك، اشتركت المنظمة في عدة مؤتمرات نظمتها المنظمات اليهودية لبحث إمكانات الهجرة والاستيطان في مناطق أخرى غير الولايات المتحدة.وقد تعاونت(الأليانس إسرائيليت) في مسائل الهجرة بشكل خاص مع جمعية الاستيطان اليهودي(إيكا ). وبحلول عام 1891، كانت المنظمة قد قررت إيقاف مساعداتها للاجئين اليهود حتى لا تشجع مزيداً من الهجرة.

ومن أهم مجالات نشاط(الأليانس إسرائيليت)، المجالان الثقافي والتعليمي حيث أسَّست شبكة تعليمية واسعة في دول البلقان والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وحققت تقدماً سريعاً في هذا المجال بفضل دعم البارون موريس دي هيرش الذي قدَّم للمنظمة عام 1874 مليون فرنك ذهب ثم عشرة ملايين فرنك ذهب عام 1889. وقد تأسَّـست أول مدرسة لها في مدينة تطوان بالمغرب عام 1862 لحقتها مدارس أخرى في طنجة(1869) ودمشق (1865) وبغداد(1865) وطهران(1898) وتونس(1878 وفلسطين. كما أسَّست مدرسة حاخامية في إستنبول عام 1897 ومدارس في اليونان وبلغـاريا ورومانيـا والصرب. وفي عـام 1867، افتُتحت في باريس المدرسةالصهيونية الشرقية العليا لتدريب المعلمين، وقد وصل حجم الطلاب الملتحقين بمدارس(الأليانس إسرائيليت) عام 1914 نحو 48 ألف طالب. كما أرسلت المنظمة عدة بعثات لاستطلاع أوضاع يهود الفلاشاه في إثيوبيا عام 1868، وفي اليمن عام 1908. وقد أُغلقت أغلب مدارس(الأليانس إسرائيليت) في دول البلقان عقب الحرب العالمية الأولى ثم تركَّز نشاطها التعليمي منذ ذلك الحين في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وقد واجهت هذه المدارس معارضة من الجماعات اليهودية في هذه البلاد التي كانت تخشى تأثير التعليم الغربي العلماني على الحياة اليهودية التقليدية. وبالفعل، لعبت هذه المدارس دوراً مهماً في نشر الثقافة الفرنسية بين أعضاء الجماعات اليهودية في العالم العربي والإسلامي، وخصوصاً في دول المغرب العربي التي خضعت للاستعمار الفرنسي.

وقد كان للمنظمة نشاط مهم في فلسطين بدأ منذ عام 1867 حيث بدأت في تأسيس سلسلة من المدارس الابتدائية في القدس وحيـفا ويافا وصـفد وطبرية تقـدم تعليماً فرنسياً علمانياً ودينياً. وفي عام 1870، تم تشييد مدرسة(مكفاه إسرائيل الزراعية) بدعم من هيرش وإدموند دي روتشيلد كما فُتحت بعدها، بعدة سنوات، مدرسة في القدس لتدريب اليهود على المهن. وقد كان التدريس يتم باللغة الفرنسية بالإضافة إلى اللغة العبرية. ومما يُذكَر أن مدارس المنظمة في فلسطين هي التي أتاحت الفرصة أمام إليعازر بن يهودا، أبو اللغة العبرية الحديثة، لتطبيق أساليبه الجديدة في تدريس العبرية. وقد اهتمت المنظمة أيضاً بفتح المدارس الثانوية، وكانت أكبرها في حيفا وحملت اسمي إدموند وموريس دي روتشيلد. ومما يُذكَر أن مؤسسي وقادة(الأليانس إسرائيليت) كانوا في بادئ الأمر معارضين للعقيدة الصهيونية، وذلك برغم رفضـهم للاندمـاج(الذليل) الذي يُلغي تمـاماً أية هـوية أو أي انتماء يهودي، ومن ثم تركيزهم على التعليم والتدريب للحفاظ على شخصية اليهود وتحسين أحوالهم. وقد اتهم ديفيد ولفسون رئيس المنظمة الصهيونية العالمية عام 1911 ممثلي(الأليانس إسرائيليت) بالمشاركة في الحركات المناهضة للصهيونية بين الجماعات اليهودية في الدولة العثمانية، كما تبنَّى سيلفيان ليفي الذي أصبح رئيساً للمنظمة عام 1920 موقفاً معادياً للصهيونية في مؤتمر فرساي للسلام عام 1919. وقد كانت(الأليانس إسرائيليت ) تتعاون في نشاطها مع المنظمات اليهودية الأخرى المعارضة للصهيونية مثل الجمعية الإنجليزية اليهودية. أما في أعقاب الحرب العالمية الثانية فقد اتخذت اللجنة المركزية لمنظمة(الأليانس إسرائيليت ) موقفاً مؤيداً للأهداف الصهيونية في فلسطين وطالب رئيسها رينيه كاسين(عام 1947 ) لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين السماح لليهود بالهجرة الواسعة واستغلال وتنمية الوطن القومي اليهودي في فلسطين. وبرغم أن المنظمة لم تدخل في صراع مباشر ضد العرب الفلسطينيين لأن نشاطها لم يأخذ شكلاً سياسياً مباشراً إلا أنها ساعدت على تحقيق الأهداف السياسية للحركة الصهيونية وذلك بشراء الأراضي في فلسطين وتحويل عديد من صغار الملاك العرب إلى أجراء والإسهام في استيعاب المهاجرين اليهود من شرق أوربا في مستوطنات زراعية.
ومع تنامي حركات التحرُّر الوطني في العالم العربي واشتداد الصراع حول فلسطين، أصبح وضع(الأليانس إسرائيليت) في هذه البلاد حرجاً. ومع الإعلان عن قيام الكيان الصهيوني عام 1948، ثم حصول دول المغرب العربي على استقلالها من فرنسا وما أعقب ذلك من هجرة أغلب أعضاء الجماعات اليهودية من المنطقة العربية خلال الخمسينيات متجهين سواء إلى فلسطين المحتلة أو إلى فرنسا أو غيرها من الدول، أُغلقت أغلب مدارس(الأليانس إسرائيليت) في العراق وسوريا ومصر، كما تقلَّص عددها في دول المغرب العربي. أما في فلسطين المحتلة، فقد أصبحت مدارس(الأليانس إسرائيليت) خاضعة للنظام التعليمي الصهيوني وأصبحت لغة التدريس فيها العبرية.
وقد زادت المنظمة من اهتمامها خلال الستينيات بالعمل داخل فرنسا، وخصوصاً أن جزءاً كبيراً من يهود المغرب العربي هاجروا واستقروا بها، كما تحتفظ بمكتبة مهمة في باريس تضم أكثر من 30 ألف مجلد وعدداً من المخطوطات النادرة.

منظمة(التحالف الإسرائيلي في فيينا):

منظمة(التحالف الإسرائيلي في فيينا)، ومعناها بالعبرية(الأليانس إسرائيليتش ذو فين(منظمة يهودية تأسَّست في فيينا عام 1873، بهدف الدفاع عن الحقوق المدنية والدينية للجماعات اليهودية وتنمية مجتمعاتهم من خلال التعليم. وكان مقرراً في بداية الأمر أن تعمل هذه المنظمة كفرع لمنظمة(الأليانس إسرائيليت) في باريس ولكنها تأسست كمنظمة مستقلة بسبب رفض السلطات النمساوية التي كانت ترتاب في نوايا(الأليانس).

من أبرز مؤسسيها وأول رئيس لها جوزيف فون فيرتهايمر. وقد اهتمت هذه المنظمة بمساعدة يهود رومانيا والصرب، واشتركت في إغاثة ضحايا الحرب الروسية التركية اليهود(1877)، كما أيدت(الأليانس إسرائيليتش) في جهودها للحصول على الحقوق المدنية ليهود البلقان وتبنت قضيتهم خلال مؤتمر برلين عام 1878. كذلك اشتركت المنظمة في تنظيم هجرة يهود روسيا بعد أحداث عامي 1881 و1882 وهجرة يهود رومانيا الكبرى في الفترة بين عامي 1900 و1902، ونظمت عمليات الإغاثة ليهود روسيا بعد أحداث كيشينيف عام 1903. وقد قامت المنظمة بهذه الأنشطة بالتعاون مع جمعية الاستيطان اليهودي(إيكا ). كذلك اهتمت المنظمة بمحاربة معاداة اليهود(خصوصاً تهمة الدم)، كما أقامت مؤسسات تعليمية في جاليشيا وبوكوفينا. وخلال الحرب العالمية الأولى، اشتركت(الأليانس إسرائيليتش) في إغاثة ضحايا الحرب من اليهود(أكثر من 100 ألف لاجئ من جاليشيا على وجه الخصوص). وبعد الحرب، شاركت المنظمة في تنظيم الهجرة اليهودية عبر الأراضي النمساوية.

وقد تمت تصفية منظمة(الأليانس إسرائيليتش) عام 1938 بعد ضم ألمانيا النازية للنمسا.

جمعية(فرســان الهيــكل):

جمعية استيطانية صهيونية ذات ديباجة مسيحية، لعبت دوراً كبيراً في إنشاء العديد من المستوطنات منها: مستوطنة يافا(1869) و مستوطنة سارونا على طريق تل أبيب ـ يافا(1871)، و مستوطنة ريفايم(1872) التي صارت مقر إدارة الجمعية(1878)، و مستوطنة فالهالا(1892 )، و مستوطنة فيلهلما(1902). وقد اشتقت الجمعية اسمها من جماعة فرسان الهيكل الأولى، وهم جماعة من الفرسان الرهبان ظهروا في فلسطين عام 1118 بعد وصول حملات الفرنجة لأرض الشام بما لا يزيد على عشرين عاماً، وكوَّنوا جماعة وظيفية قتالية استيطانية في العالم الإسلامي، وجماعة وظيفية مالية وسيطة في العالم الغربي. وقد كانت العلاقة بين العالم المسيحي في العصور الوسطى وجماعة فرسان الهيكل علاقة نفعية. وقد دخل الفرسان صراعاً مع كل من الكنيسة والسلطة الزمنية، لكن كلاًّ منهما تَحمَّل استقلالية الفرسان على مضض طالما كانت ثمة وظيفة لهم. وبانتفاء الغرض الذي قامت من أجله جماعة فرسان الهيكل، ومع فقدانها وظيفتها بعد سقوط عكا في يد المسلمين عام 1292، لم يَعُد هناك مجال للاستمرار في العلاقة فهجمت السلطة الزمنية(بتشجيع من الكنيسة) على الفرسان واتهمتهم بالهرطقة وقامت بتعذيبهم ومصادرة أموالهم وتشريدهم وقُتل رئيسهم جاك دي مولاي عام 1312 بأمر من فيليب الجميل ملك فرنسا وبمباركة من البابا كلمنت الخامس، واستولى فيليب الجميل على ثروة فرسان الهيكل وتمكَّن من إضعاف سلطة النبلاء وتقوية الدولة.

وتعود جمعية فرسان الهيكل الحديثة إلى حركة الأتقياء التي ظهرت في ألمانيا في القرن السابع عشر كحركة إصلاحية في الكنيسة الإنجيلية أكدت دراسة الكتاب المقدَّس وأكدت الإلهام الديني المباشر والذاتي. وقد استمرت هذه الحركة حتى القرن 19 وتركزت حول تيوزوفن بنجل الذي بشَّر بقيام( مملكة الرب وعودة المسيح إلى الأرض) في أعقاب كوارث مريعة سببها الابتعاد عن الروح المسيحية. وتَوقَّع بنجل عودة المسيح عـام 1836 بعد ظهور المسـيح الدجال متمثلاً في شخص نابليون بونابرت. وعندما حلت مجاعة بمملكة فورتمبرج عام 1817، دعا بنجل أتباعه إلى الهجرة إلى الشرق، فهاجر آلاف الفلاحين من هذه المملكة إلى جنوب روسيا حيث رحب بهم قيصر روسيا ألكسندر الأول.

وقد رأت مملكة فورتمبرج في هجرة مواطنيها خطراً يتهددها، ولذا لجـأت إلى إنشاء جمـعيات خاصـة للمـــتدينين ذات استقلال ذاتي. وكانت أولى تلك الجمعيات تحت رئاسة جوتليب هوفمان والد كريستوف هوفمان مؤسس جمعية الهيكل الألمانية، الذي وجد أن ازدياد نفوذ الاتجاهات الليبرالية والثورية في البرلمان القائم في فرانكفورت دليل قاطع على سيطرة الاتجاهات الشيطانية بسبب فشل الكنيسة الإنجيلية في رسالتها. ولذا، دعا هوفمان إلى إقامة كنيسة جديدة مستقلة، وساعده في هذا صديقاه جورج ديفيد هارديج وعمانويل باولوس.

ومع اندلاع حرب القرم عام 1853، اعتقد هوفمان أن الوقت قد حان لإقامة(مملكة الرب) وسَلْخ(أرض الميعاد في فلسطين عن الإمبراطورية العثمانية المتداعية وجَعْلها موطناً لـ(شعب الله المختار) تنفيذاً للوعود التوراتية. وقد فسَّر هوفمان هذه الوعود بأنها ليست لليهود ولكن للشعب المسيحي الإنجيلي.

ومن ثم، شكَّل هوفمان جمعية تحت اسم(أصدقاء القدس) عام 1854 دعـت إلى اتخاذ الوسـائل والتـدابير لوضع مشــروعه موضع التنفيذ. وطرح هارديج فكرة السعي لدى البرلمان الألماني في فرانكفورت من أجل التأثير على السلطان العثماني للسماح للألمان باستيطان فلسطين واستعمارها من أجل إيجاد عمل للمتعطلين من الألمان، وكان شعاره هو )ينبغي إيجاد عمل للشعب الألماني(بمعنى أنه اكتشـف الحـل الاســتعماري لمشاكل أوربا، وهو تصديرها للشرق. وقد تبنت الجمعية اقتراح هارديج بالإجماع.

وبناءً على ذلك، كتب هوفمان مشروع دستور للجمعية الجديدة أسماه(مشروع دستور شعب الله) وسُمِّيت الجمعية(جمعية تجميع شعب الإله في القدس). ثم قام هوفمان وهارديج برحلات عديدة في أوربا للدعوة لهذه الجمعية حيث لاقت دعوتهم بعض القبول وتبرعت بعض الأسر الثرية بالأموال لشراء الأراضي لتكون مواضع لتجميع شعب الإله قبل الانطلاق لاستعمار فلسطين. وقد أدَّت المجاعة التي أصابت فورتمبرج إلى انضمام العديد من الأنصار إلى الجمعية.

ومع انتهاء حرب القرم عام 1856 وعدم انهيار الإمبراطورية العثمانية كما تَوقَّع هوفمان، شنت الكنيسة الإنجيلية حملة شديدة على الجمعيـة، الأمـر الذي أدَّى إلى تَقلُّص عـدد أعضـائها تدريجـياً.

وقد دخل هوفمان وأنصاره، نتيجة هذا الهجوم الشرس، معركة كبرى مع الكنيسة الإنجيلية، وهو ما أدَّى إلى طردهم منها عام 1859. ولهذا، فقد أنشأوا طائفة دينية خاصة بهم دعاها هوفمان(الهيكل الروحي). وأدَّى انشقاق الجماعة إلى اشتداد الحملة الكنسية عليها الأمر الذي أدَّى إلى انفضاض الأتباع عنها. لكنها استطاعت أن تستمر وتحافظ على كينونتها، بفضل وجود أتباع كثيرين لها بين المهاجرين الألمان في أمريكا الشمالية وجنوب روسيا.

وقد أُعيد تنظيم الجماعة عام 1861 تحت اسم(جماعة الهيكل الألمانية) وكان شعارها(من أجل تجديد الحياة الدينية والاجتماعية لشعب الإله). وكان من الطبيعي أن تتم عملية التجديد هذه من خلال صيغة صهيونية واضحة: خروج(الشعب المختار)، أو(البقية الصالحة)، من أرض السبي والمنفى(أوربا التي تسودها الآثام الأخلاقية والبطالة) ـ دخول(أرض الميعاد أو صهيون )، أي استعمار فلسطين ـ قيام مجتمع مثالي(صهيوني) يتسم بصفتين: أن يكون طابعه ألمانياً فاقعاً وسُمِّيت إحدى المستوطنات( فالهالا)، أي قاعة الآلهة التيوتون التي يقيمون فيها الولائم بعد أن يقضوا يومهم في الحرب والقتال، كما سُمِّيت مستوطنة أخرى( فيلهلما)، أي(الوليامية(نسبة إلى(فلهلم أو وليام قيصر ألمانيا)، وأن يتسم المجتمع المثالي الجديد أيضاً بأنه مستقل عن المحيط العربي، فيكون مجتمعاً صهيونياً استيطانياً وربما إحلالياً غير يهودي. وسيقوم المجتمـع الجديد بتمثيل مصـالح ألمانيا في الشـرق، وسـتقوم هي بحمايته، أي أن المجتمع الجديد دولة وظيفية. وقد أنشأت الجمعية علاقات وثيقة مع جمعيات صهيونية غير يهودية مماثلة في أوربا بغرض استعمار فلسطين، من أهمها العلاقة بين هارديج وهنري دوتان السويسري مؤسس الصليب الأحمر والذي أسَّس جمعية تحت اسم(جمعية العمل الدولي من أجل تجديد فلسطين) وكانت تدعو إلى هيمنة المسيحيين(أي الاستعمار الغربي) على فلسطين عن طريق الاستيطان السلمي(أي التسلل). ولهذا، فقد سعى دوتان لدى السفير العثماني في باريس(جمال باشا) ولدى الوزير الفرنسي المفوض في إستنبول(المسيو بوريه) من أجل الضغط على الباب العالي للسماح للمستعمرين الألمان من جمعية فرسان الهيكل بشراء الأراضي في فلسطين والاستقرار بها. وقد أدَّت ضغوط دوتان إلى موافقة الباب العالي على هذا عام 1868، وقام دوتان بإبلاغ هارديج بهذا الانتصار. ومن ثم، سافر هوفمان وهارديج مع أسرتيهما إلى فلسطين والتقيا في الطريق مع العديد من الدبلوماسيين الأوربيين الذين زودوهما بنصائح عن كيفية التعامل مع الباب العالي وبينوا لهما ضرورة عدم التجنس بالجنسية العثمانية حتى يتمتعوا بالحماية الأوربية(كما فعل المستوطنون الصهاينة اليهود بعدهم ). وكان أحد الأسباب التي شجعت هوفمان وهارديج على البدء بمشروعهما الاستيطاني هو القانون العثماني الذي صدر في 1867 مبيحاً للأجانب حق تملك الأرض في المدن والريف في الولايات العثمانية كافة.

وعند وصولهما إلى حيفا عام 1868، قام هوفمان وهارديج بالتحايل على رفض الباب العالي الموافقة لهما على شراء الأراضي في حيفا عن طريق وسيط عثماني، وبدأ عام 1869 في بناء أول مستوطنة ألمانية في فلسطين من البحر حتى سفح جبل الكرمل(افتُتحت رسمياً عام 1870).

وقد حرص هوفمان وأتباعه على بناء المستوطنة على النسق الأوربي مع المحافظة على علاقاتهم بالوطن الأم في ألمانيا. وقد نمت تلك المستوطنة حتى وصل عدد سكانها عام 1914 إلى 750 نسمة.

لكن الدعوة للهجرة من ألمانيا بدأت تتوقف، وخصوصاً بعد تَحسُّن الأحوال الاقتصادية في ألمانيا نفسها، بعد تحقُّق الوحدة الألمانية التي تلت انتصار ألمانيا على فرنسا عام 1871، إذ تحولت ألمانيا إلى دولة عظمى في أوربا وبدأ الاهتمام بالحصول على مستعمرات أفريقية، واتجهت السياسة الألمانية إلى التحالف مع العثمانيين في مواجهة الإنجليز والروس، ولذا لم تحاول ألمانيا دَعْم فرسان الهيكل كثيراً.، وانتهت الهجرة تماماً بحلول عام 1875. وقد أدرك المستوطنون هذا وتوقفوا عن السعي لتحقيق غايتهم المنشودة وهي تجميع(شعب الإله(في القدس وإقامة(مملكة الرب)، وتَركَّز اهتمامهم على تحسين أحوالهم المعيشية.

وفي عام 1874 دبت الخلافات بين المؤسسين حتى انفصل عنهم هارديج وشكَّل رابطة الهيكل. وكانت العلاقة بين المستوطنين وبين السكان العرب متوترة. وقد حدثت مشادة بين عربي ومستوطن ألماني، فقتل المُستوطنُ العربي، وانتقم أهله له، وهو ما دعا المستوطنين إلى طلب حماية ألمانيا التي سارعت بإرسال بارجة حربية لشواطئ فلسطين في سابقة لم تحدث من قبل. ولكن التوتر بين المستوطنين والسكان الأصليين أدَّى إلى مزيد من تقليص الدعم الألماني للمستوطنين، وذلك نظراً لأن ألمانيا كانت تود تحسين علاقاتها مع الباب العالي. وقد صدرت تعليمات مشددة من الخارجية الألمانية باعتبار المستوطنين ليسوا ألماناً، ما لم يرسلوا أبناءهم لأداء الخدمة العسكرية. وبعدئذ، حاول المستوطنون الألمان، أكثر من مرة، لفت نظر الحكومة الألمانية إلى أهمية فلسطين وإلى الضرر الذي قد يلحق بألمانيا إن وقعت فلسطين تحت السيطرة الفرنسـية، بيد أن موقـف الحكومة الألمانية كان مخيباً لآمال المسـتوطنين. وقد اتخذت جماعة فرسان الهيكل موقفاً معادياً من المستوطنين اليهود لاعتبارات عدة دينية وسياسية واقتصادية. فمن الناحية الدينية، رفض هوفمان اعتبار اليهود(شعب الإله ) لأنهم غارقون في الدنس، ومن الناحية الاقتصادية اعتبرهم فرسان الهيكل منافسين خطرين، ومن الناحية السياسية خشي فرسان الهيكل من سيطرة اليهود على مقدرات الحياة في فلسطين لحُسْن تنظيمهم وقدراتهم المالية.
وفي المقابل، استفاد الصهاينة من تجربة فرسان الهيكل في كيفية بناء المستوطنات والتنظيم على النسق الأوربي وطالبتهم الصحف الصهيونية باتخاذ موقف متسامح ومتفهم للمصالح المشتركة بين اليهود والألمان. وقد ساعد على تحسُّن العلاقة، ولو لفترة قصيرة جداً، أن الحركة الصهيونية قبل وعد بلفور كانت تتطور في ألمانيا والتزم فرسان الهيكل بالسياسة الألمانية الرسمية في دَعْم الصهاينة في محاولة منهم للتقرب من الحكومة الألمانية. ولكن الحرب العالمية الأولى جاءت واتجه الصهاينة إلى الحلفاء ضد دول الوسط، وبعدئذ سقطت فلسطين في أيدي الإنجليز لتُنهي كل علاقة طيبة بين فرسان الهيكل والصهاينة، بل لتنهي المستعمرات الألمانية في فلسطين.
ومن الأمور التي قد تكون طريفة ودالة في آن واحد أن بقايا فرسان الهيكل قد أصبحوا نواة الحزب النازي في فلسطين في الثلاثينيات واختفوا تماماً مع سقوط النازية.
وأهمية جمعية فرسان الهيكل تَكمُن في أنها تُبلوِّر النموذج الصهيوني بشكل لم يتحقق من قبل، وربما لن يتحقق من بعد(بسبب صغر حجم التجربة).
مع الإشارة إلى أن التجربة الصهيونية الألمانية(غير اليهودية) تسبق التجربة(الصهيونية اليهودية(وهي في هذا تعبير عن أسبقية(الصهيونية ذات الديباجات المسيحية) و(صهيونية غير اليهود العلمانية) على(الصهيونية ذات الديباجة اليهودية).

ومن الأمور التي تستحق التأمل التشابه الكامل بين(الصهيونيتين) رغم اختلاف الشخصيات التي قامت بتنفيذ كل منهما: ففرسان الهيكل(مسيحيون) والصهاينة(يهود). ولعل هذا يعود إلى أن إشكالية الصهيونية هي إشكالية كامنة على المستوى الحضاري والمعرفي في الحضارة الغربية، ولذا فهي نموذج نهائي قادر على التهام أشكال الخطاب الديني المختلفة(يهودياً كان أم مسيحياً) لتعيد إنتاجه على هيئة مشروع لا ديني يستخدم ديباجات دينية.

جماعة(شتيرن):

جماعة صهيونية مراجعة حاولت التعاون مع النازيين باعتبار أن ثمة فارقاً عميقاً بين ما سمته الجماعة(مضطهدي الشعب اليهودي) وأعدائه. فمضطهدو الشعب اليهوي أمثال هامان وهتلر موجودون في كل زمان(فالصهاينة يؤمنون بحتمية العداء لليهود واليهودية). ولكن الأمر جدُّ مختلف بالنسبة لأعداء اليهود، فهؤلاء هم الأجانب الذين يهيمنون على فلسطين ويمنعون اليهود من العودة إليها لينهوا حالة المنفى ويؤسسوا وطنهم القومي فيها. وبناءً على هذه الأطروحة الصهيونية الراديكالية لم يجد أعضاء(شتيرن) أية غضاضة في التفاوض مع النظم الشمولية بهدف التعاون الوثيق معها. فعقدوا اتفاقاً مع حكومة موسوليني تعترف بمقتضاه الحكومة الفاشية بالدولة الصهيونية على أن يقوم أعضاء(شتيرن) بالتنسيق مع القوات الإيطالية حين تقوم بغزو فلسطين.

ولكن التعاون مع النازيين كان هو الهدف الحقيقي. ولتحقيق هذا الغرض أرسل أعضاء(شتيرن) مندوباً إلى بيروت(التي كانت تحت سيطرة حكومة فيشي الموالية للنازيين) للتفاوض مع قوات المحور. وقد قابل هذا المندوب، في يناير 1941، مواطنين ألمانيين أحدهـما هو أوتو فون هنتج، رئيس القسم الشرقي في وزارة الخارجية الألمانية، والذي كان يشعر بالإعجاب العميق بالصهيونية.

وبعد الحرب اكتُشفت وثيقة(في أرشيف السفارة الألمانية في أنقرة ) أرسلتها جماعة(شتيرن) للحكومة الألمانية تتصل بإيجاد حل للمسألة اليهودية في أوربا واشتراك أعضاء جماعة(شتيرن) إلى جانب القوات النازية في الحرب ضد قوات الحلفاء. وتنص الوثيقة على أن إجلاء الجماهير اليهودية من أوربا هو شرط مسبق لحل المسألة اليهودية. وقد عبَّر كاتب الوثيقة عن وجود نقط تماثل بين النازية والصهيونية.(وصفت شتيرن نفسها بأنها حركة تشبه الحركات الشمولية في أوربا في أيديولوجيتها وبنيتها). كما تذكر الوثيقة وجود مصالح مشتركة بين النازيين والصهيونية، وتُعبِّر عن تقدير جماعة(شتيرن) للرايخ الثالث لتشجيعه النشاط الصهيوني داخل ألمانيا وللهجرة الصهيونية إلى فلسطين. وتؤكد الوثيقة ضرورة التعاون بين ألمانيا الجديدة والصهيونية في المجال السياسي والعسكري.

ولم يتلق الجانب الصهيوني رداً، ولذا أرسلت جماعة(شتيرن) مندوباً آخر في ديسمبر من نفس العام إلى تركيا(بعد احتلال البريطانيين للبنان) ولكن قُبض على هذا العميل.
وكان إسحاق شامير، رئيس وزراء كيان العدو الأسبق، عضواً في جماعة(شتير). ويؤكد الباحث الصهيوني باروخ نادل أن شامير كان يعرف بخطة(شتيرن) للتعاون مع النازيين. وحينما عُيِّن وزيراً للخارجية ثار الرأي العام العالمي بسبب تعيين إرهابي مثله(قام بتدبير عملية اغتيال الوزير البريطاني اللورد موين ـ مفوض بريطانيا بالقاهرة ـ في 6 نوفمبر عام 1944، في القاهرة، والوسيط الاممي الكونت فولك برنادوت في 17 سبتمبر 1948، في فلسطين).

جماعة عصبــة الأشـــداء:

جماعة(عصبة الأشداء) أي الأقوياء، ومعناها بالعبرية(بريت هابريونيم )، جماعة صهيونية مراجعة أسسها آبا أحيمئير ومجموعة من المثقفين الصهاينة مثل الشاعر أوري جرينبرج. وكان معظم مؤسسي الجمعية أعضاء في منظمات صهيونية عمالية ثم استقالوا منها. وقد تبنت الجماعة صياغة صهيونية لا تخفي إعجابها بالفكر النازي أو العنصرية النازية. وكما قال أحد كبار الصهاينة التصحيحيين): نحن التصحيحيين نكن الإعجاب الشديد لهتلر، فهو الذي أنقذ ألمانيا ولولاه لهلكت خلال أربعة أعوام، وسنتبعه إن هو تخلى عن معاداته لليهود ).

وقد كانت مجلة(عصبة الأشداء) في فلسطين تزخر بالمقالات التي تمجد هتلر والهتلرية. وكان من بين هتافات أعضاء العصـبة( ألمانيا لهتلر، وإيطاليا لموسوليني، وفلسطين لجابوتنسكي). نسبة إلى فلاديمير جابوتنسكي(1880-1940) زعيم الصهيونية التصحيحية. والمعروف بتزعمه للتيار اليميني في الحركة الصهيونية، وهو من أشد الذين تأثروا بفكرة التجمع والاقتحام، وأول من حاول تطبيقها في فلسطين عام 1920 خلال أحداث موسم أعياد النبي موسى، ويعد كذلك المنظم الأول لمعظم المنظمات الإرهابية السرية في فلسطين.

كما مجَّد أعضاء الجمعية الجوانب العسكرية في تاريخ العبرانيين، فكانوا يشبهون أنفسهم بجماعة(حملة الخناجر)، وهم فريق من جماعة(الغيورين) كانت تغتال الرومان واليهود الذين يتحالفون معهم، وذلك أثناء التمرد اليهودي الأول في فلسطين بين عامي(66 و73 ميلادية(واسم الجمعية نفسه(عصبة الأشداء) هو اسم إحدى الجمعيات الإرهابية اليهودية في تلك الفترة. وكان أتباع الجمعية يرون أن الاغتيال السياسي ليس جريمة وإنما هو فعل ذو هدف ومعنى، وأن الـدم والحـديد هما الطريق الوحيد للتحرر. وكما قال أحميئير، فإن(الماشيَّح لن يأتي راكباً على حمار )، وهو ما يعني أن(الماشيَّح الصهيوني) سيأتي راكباً دبابة، حاملاً القنابل العنقودية! وتعود أهمية الجمعية إلى تأثيرها في حركة التصحيحيين ككل، فقد تحولت مجلتهم(التي صدرت ابتداءً من يناير 1932) إلى لسان حال العمال التصحيحيين، وشنت حملات شعواء على المعسكر العمالي بأسره.

ورغم أن جابوتنسكي كان يحاول أحياناً أن يحتفظ بمسافة بينه وبين أعضاء الجمعية، إلا أنه كان يُعبِّر في خطاباته عن إعجابه بهم وتعاطفه معهم. ولم يتخذ أي إجراء تنظيمي ضدهم بل أطلق على أحيمئير(بنبرة لا تخلو من التهكم ) اسم(معلمنا ومرشدنا الروحي)، كما أن الحاخام إسحاق كوك دافع عنهم. وتذكر موسوعة(الصهيونية وإسرائيل ) أن مناحيم بيجين انضم إلى الجناح الراديكالي لحركة التصحيحيين الذي كان مرتبطاً بـ(عصبة الأشداء). وقد استمرت العلاقة بين بيجين وأحميئير حتى بعد إعلان الدولة، فسمح بيجين، باعتباره رئيس حزب(حيروت)، بأن يكتب أحميئير في الجريدة اليومية للحزب، إلى أن مات عام 1962.

منظمة(هاشومير الحارس):

منظمة عسكرية صهيونية، أسسها عام 1909 في فلسطين إسحاق تسفي ويسرائيل جلعادي والكسندر زيد ويسرائيل شوحط الذي كان بمنزلة العقل السياسي المحرك والقيادة الفعلية للمنظمة. أما الأعضاء فجاء معظمهم من صفوف حزب عمال صهيون، ومن بين مهاجري روسيا الأوائل. ورغم ذلك رفضت المنظمة أن تكون تابعة لسلطة الحزب بشكل مباشر. كان هدفها تأمين الحراسة للمستوطنات وتدعيمها.

منظمة(البيتار):

(البيتار( منظمة شبابية، هي اختصار للعبارة العبرية «بريت يوسف ترومبلدور»، أي(عهد ترومبلدور) أو(حلف ترومبلدور). وهو تنظيم شبابي صهيوني تصحيحي أسَّسه يوسف ترومبلدور في ريجا(لاتفيا) عام 1923، لإعداد أعضائه للحياة في فلسطين بتدريبهم على العمل الاستيطاني الزراعي وتعليمهم، مع التركيز على العبرية بالإضافة إلى التدريب العسكري. وكان يتم تلقين أعضاء التنظيم مقولات تعكس التأثر الواضح بالنزعات الفاشية التي سادت أوربا آنذاك، فكانوا يتعلمون مثلاً أن الإنسان أمامه اختياران لا ثالث لهما(الغزو أو الموت) وأن كل الدول التي لها رسالة قامت على السيف وحده. وبشكل عام، تَمثَّل التنظيم أفكار فلاديمير جابوتنسكي.

وقد كانت إحدى الهتافات الشائعة لشباب(البيتار(طوال فترة الثلاثينيات، الشعار الذي رفعته جماعة(عصبة الأشداء ) وهو:(إيطاليا لموسوليني وألمانيا لهتلر وفلسطين لجابوتنسكي)، كما كانوا يرتدون القمصان البنية اللون تَشبُّهاً بالمنظمات الشبابية الفاشية. وقد انشق تنظيم(البيتار(عن المنظمة الصهيونية العالمية إثر النزاعات التي نشبت بين جابوتنسكي وزعمائها والتي انتهت بانفصاله وتشكيل(المنظمة الصهيونية الجديدة) ثم(الاتحاد القومي ) عام 1934.

ولم يقتصر نشاط تنظيم(البيتار(على بولندا بل امتد إلى العديد من البلدان، فأقام التنظيم عام 1934 مركزاً للتدريب البحري في إيطاليا وآخر للتدريب على الطيران في باريس، كما أقام فروعاً في اللد(1938) وجنوب أفريقيا(1939) ونيويورك(1941). وحتى بداية الحرب العالمية الثانية، ظلت القاعدة الأساسية للتنظيم وهيئته القيادية خارج فلسطين ثم انتقلت بعد ذلك إليها حيث كان بعض أتباع(البيتار( قد أسسوا عدة مستوطنات تعاونية. وقد تشكلت في صفوف(البيتار(القيادات الأساسية لمنظمة(الإرجون) الصهيونية الإرهابية وقيادة حزب(حيروت). ومن هذه القيادات، على سبيل المثال، يسرائيل شيف(الداد) ومناحم بيجين.

وقد أصبحت الدولة الصهيونية، بعد تأسيسها، مركزاً لتنظيم(البيتار( في العالم. وفي أواخر الستينيات. كان عدد أعضائه نحو ثمانية آلاف نصفهم في فلسطين المحتلة والباقي يتوزعون في 13 بلداً أخرى.

التشكيلات والمنظمات الإرهابية الصهيونية زمن الانتداب البريطاني:

قوات(النوطريم ):

كلمة عبرية تعني(الحراس أو الخفراء)، وهي الشرطة اليهودية الإضافية التي شكلتها سلطات الانتداب البريطاني بالتعاون مع ) الهاجاناه) للمساعدة في قمع الانتفاضات العربية في فلسطين في الفترة 1936 - 1939. وتمّ في هذا الإطار، تجنيد مئات الخفراء من مختلف المدن والمستوطنات، وأرسلوا لحماية المستوطنات الواقعة على الحدود وفي غور الأردن. وشملت قوات(الخفراء ) في البداية 750 خفيراً على نفقة سلطات الانتداب و1800 خفير على نفقة قيادة المستوطنين الصهاينة. وفي حزيران/يونيو 1936، ونظراً لتصاعد المظاهرات العربية، تم تجنيد 1240 خفيراً آخر أطلق عليهم اسم(خفراء إضافيون

قوات(الفيلق اليهودي):

تشكيلات عسكرية من المتطوعين اليهود الذين حاربوا في صفوف القوات البريطانية والحلفاء أثناء الحرب العالمية الأولى، مثل الكتيبة اليهودية رقم(38) التي جندت في أنجلترا بين عامي 1915-1917، والكتيبة(39) التي نظمها بن غوريون وبن تسفي في الولايات المتحدة بين عامي(1917-1918 )، والكتيبة(40) التي تم تشكيلها في فلسطين، وكذلك كتائب(حملة البنادق الملكية). وقد بلغ عدد أفراد كل هذه المنظمات(6400) رجل، وكان يشار إليها جميعاً باسم(الفيلق اليهودي).

وحدة(اللواء اليهودي):

وحدة عسكرية يهودية تسمى بالعبرية(هاهايل). شكلت بقرار من الحكومة البريطانية عام 1944 لتقاتل أثناء الحرب العالمية الثانية في صفوف قوات الحلفاء، إلا أن جذورها تعود إلى عام 1939 حينما رأى قادة التجمع الاستيطاني اليهودي في فلسطين أن هناك إمكانية لتحقيق الحلم الصهيوني المتمثل في إقامة الدولة عن طريق مساعدة الحلفاء أثناء الحرب. وقد تطوع في العام نفسه نحو 130 ألفاً من المستوطنين اليهود في فلسطين للقتال ضد دول المحور.

أبرز المنظمات الإرهابية الصهيونية منذ عشرينات القرن الماضي:

منظمة(الهاجاناه):

(الهاجاناه) كلمة عبرية تعني(الدفاع)، وهي منظمة عسكرية صهيونية استيطانية، أسست في القدس عام 1920 لتحل محل منظمة( الحارس).

ارتبطت(الهاجاناه ) في البداية باتحاد العمل ثم بحزب(الماباي ) و(الهستدروت). وفي عام 1929، شاركت(الهاجاناه) في قمع انتفاضة العرب الفلسطينيين، وقامت بالهجوم على المساكن والممتلكات العربية ونظمت المسيرات لاستفزاز المواطنين العرب وإرهابهم. كما ساهمت في عمليات الاستيطان، وخصوصاً بابتداع أسلوب(السور والبرج) لبناء المستوطنات الصهيونية في يوم واحد. وقد مرت العلاقات بين منظمة(الهاجاناه) وسلطات الانتداب البريطانية بالكثير من التوتر، ووصلت الأمور في أحيان كثيرة حد التصادم،والقيام بالعديد من العمليات الإرهابية ضد قوات الاحتلال البريطاني، إلا أنه مع تعيين تشارلز وينجيت ضابطاً للمخابرات البريطانية في فلسطين عام 1936، عادت أجواء التعاون بين منظمة(الهاجاناه) و قوات الاحتلال البريطاني، حيث أشرف وينجيت على تكوين الفرق الليلية الخاصة والسرايا المتحركة، وتنسيق الأنشطة بين المخابرات البريطانية وقسم المخابرات في(الهاجاناه) والمعروف باسم(شاي). وفي الوقت نفسه، تعاونت(الهاجاناه) والقوات البريطانية في تشكيل شرطة حراسة المستوطنات اليهودية، وهو الدور الرئيسي الذي لعبته المنظمة منذ تأسيسها، وقد كان معظم أفرادها من أعضاء(الهاجاناه). ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية، تفجّر الصراع من جديد فشاركت(الهاجاناه) مع(ليحي) و(إتسل) في عمليات تخريب المنشآت البريطانية ونسف الجسور وخطوط السكك الحديدية وهو ما أطلق عليه(حركة المقاومة العبرية). ومع قيام الدولة العبرية كانت منظمة(الهاجاناه ) نواة الجيش الصهيوني.

منظمة الإرجون(إتسل):

منظمة(إتسل) هي اختصار لـ(المنظمة العسكرية القومية في أرض إسرائيل) وتعرف أيضاً باسم(الإرجون). وهي منظمة عسكرية صهيونية تأسست في فلسطين عام 1931 من اتحاد أعضاء(الهاجاناه ) الذين انشقوا على المنظمة الأم وجماعة مسلحة من(البيتار). وقد بنيت المنظمة على أفكار فلاديمير جابوتنسكي، الداعية إلى ضرورة تجهيز القوة اليهودية المسلحة لإقامة الدولة، و إلى حق كل يهودي في دخول فلسطين. وكان شعار المنظمة عبارة عن يد تمسك بندقية وقد كتب تحتها(هكذا فقط).

وفي عام 1937، توصل رئيس(إتسل) آنذاك أبراهام يتهومي إلى اتفاق مع(الهاجاناه) لتوحيد المنظمتين، وأدى ذلك إلى انشقاق في(إتسل) حيث لم يوافق على اقتراح يتهومي سوى أقل من نصف الأعضاء البالغ عددهم 3000، بينما رأت الأغلبية ضرورة الحفاظ على استقلال المنظمة.

وفي عام 1940، حدث الانشقاق الثاني بخروج جماعة أبراهام شتيرن التي شكلت فيما بعد منظمة(ليحي) نظراً لاختلافهم بشأن الموقف الواجب اتخاذه من القوى المتصارعة في الحرب العالمية الثانية، حيث رأى أعضاء(شتيرن) ضرورة تدعيم ألمانيا النازية لتلحق الهزيمة ببريطانيا، ومن ثم يتم التخلص من الانتداب البريطاني على فلسطين ويصبح بالإمكان تأسيس دولة صهيونية، في حين اتجهت المنظمة الأم إلى التعاون مع القوات البريطانية وبخاصة في مجال المخابرات.

وكان للعمليات الإرهابية التي قامت بها(إتسل) ضد المزارعين الفلسطينيين دور كبير في إرغام الكثير من هؤلاء المزارعين على مغادرة البلاد. كما لجأت المنظمة إلى الهجوم على السيارات العربية المدنية، ونفذت بالتعاون مع(ليحي) وبمباركة(الهاجاناه) مذبحة دير ياسين الشهيرة في 9 نيسان/أبريل 1948.

منظمة(ليحي):

منظمة(ليحي) هي اختصار للعبارة العبرية(لوحمي حيروت يسرائيل) أي(المحاربون من أجل حرية إسرائيل)، وهي منظمة عسكرية صهيونية سرية أسسها أبراهام شتيرن عام 1940 بعد انشقاقه هو وعدد من أنصاره عن(إتسل). وقد أطلق المنشقون على أنفسهم في البداية اسم(إرجون تسفاي ليومي بإسرائيل) أي( المنظمة العسكرية القومية في إسرائيل)، تمييزاً عن اسم المنظمة الأم، ثم تغيَّر فيما بعد إلى(ليحي). ومنذ عام 1942، أصبحت المنظمة تُعرَف أيضاً باسم مؤسسها شتيرن بعد مقتله على أيدي سلطات الانتداب البريطاني في فلسطين. وقد تركزت الخلافات التي أدَّت إلى الانشقاق حول الموقف الواجب اتخاذه من القوى المتصارعة في الحرب العالمية الثانية، حيث اتجهت(إتسل) إلى التعاون مع بريطانيا، بينما طرحت جماعة شتيرن الوقوف إلى جانب ألمانيا النازية للتخلص من الاحتلال البريطاني لفلسطين ومن ثم إقامة الدولة الصهيونية.

ورغم أن(ليحي) لم تر هتلر إلا بوصفه قاتل اليهود، إلا أنها بررت لنفسها ـ حسب قول شتيرن(الاستعانة بالجزار الذي شاءت الظروف أن يكون عدواً لعدونا(.
واعتبرت(ليحي) أن الانضمام لجيش(العدو) البريطاني يُعَدُّ جريمة، وسعت في المقابل للاتفاق مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية وإن كان سعيها قد باء بالفشل. ونفذت المنظمة بعض العمليات التخريبية ضد المنشآت البريطانية بالإضافة إلى عمليات السلب كما حدث في عملية السـطو على البنك البريطاني الفلسـطيني في سبتمبر 1940. ووصل هذا النشاط إلى ذروته باغتيال اللورد البريطاني موين ـ المفوض البريطاني بالقاهرة ـ وقد أدَّى كل هذا إلى صدامات بين(ليحي وإتسل) من ناحية، وبينهما وبين(الهاجاناه ) من ناحية أخرى، حيث تعاونت(الهاجاناه ) مع السلطات البريطانية في مطاردة أعضاء(ليحي) واعتقالهم.

ولإبراز أهدافها وترويج مبادئها، أصدرت المنظمة دوريتين هما:(هافريت) أي(الجبهة)، و(هاماس) أي(العقل)، درجت على توزيعهما في أوساط التجمع الاستيطاني الصهيوني وأعضاء(إتسل والبالماخ). كما أصدرت مجلة داخلية سُمِّيت بـ(محتريت) أي(في العمل السر)، واعتمدت أيضاً على الدعاية الإذاعية، وكانت قد استولت عند انشقاقها على جهاز البث التابع لـ(إتسل). والواقع أن مبادئ منظمة(ليحي) كانت أقرب إلى الشعارات الإنشائية منها إلى البرنامج السياسي، فـ(شعب إسرائيل) ـ كما تُعرِّفه ـ هو(شعب مختار، خالق دين الوحدانية، ومُشرِّع أخلاقيات الأنبياء، وحامل حضارات العالم، عظيم في التقاليد والبذل، وفي إرادة الحياة)، أما(الوطن) فهو(أرض يسرائيل في حدودها المفصلة في التوراة من نهر مصر وحتى النهر الكبير ـ نهر الفرات هي أرض الحياة يسكنها بأمان الشعب العبري كله). وقد تمثلت أهداف المنظمة في(إنقـاذ البـلاد)، وقيـام الملكوت(مملـكة إسرائيل الثالثة )، و(بعث الأمة)، وذلك عن طريق جَمْع شتات اليهود بأسرهم وذلك بعد أن يتم حل مشكلة السكان الأجانب(أي العرب) بواسطة تَبادُل السكان.

وقد تعرضت منظمة(ليحي) لعدة صراعات وهزات داخلية بدأت بعد أشهر من تشكيلها بانسحاب اثنين من أبرز المؤسسين هما هانوخ قلعي وبنيامين زرعوني، وقد انضما إلى(إتسل) ثم انسحبا فيما بعد وسلّما نفسيهما للسلطات البريطانية. وجاءت الأزمة الثانية بعد مقتل شتيرن، إذ ألقت السلطات البريطانية القبض على عشرات من أعضاء المنظمة وحصلت منهم على اعترافات مهمة تتضمن أسماء زملائهم ومخابئ السلاح. وكادت هذه الأزمات أن تؤدي إلى تصفية المنظمة تماماً، إلا أنها استعادت قوتها بانضمام مجموعة من(البيتار) بزعامة يسرائيل شيف عقب هجرتهم من بولندا إلى فلسطين عام 1942، وكذلك بعد نجاح اثنين من قادتها هما اسحاق شامير وإلياهو جلعادي في الهرب من السجن عام 1942، ثم نجاح نيثان فرديمان ـ يلين مور ومعه 19 من قادة(ليحي) في الهرب من السجن أيضاً عام 1943. إلا أن صراعاً نشب من جديد بين شامير وجلعادي بسبب اختلاف الآراء حول توجهات المنظمة، وقد حُسم الصراع لصالح شامير إذ تمكَّن من تدبير مؤامرة لاغتيال منافسه في رمال حولون.
ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية، شاركت(ليحي) مع كلٍّ من( الهاجاناه وإتسل) في العمليات المضادة للسلطات البريطانية ضمن ما سُمِّي(حركة المقاومة العبرية). واستمر نشاط ليحي حتى بعد تَوقُّف الحركة عام 1946. كما شاركت في الهجوم على القرى والممتلكات العربية ونفذت مع(إتسل) ـ وبمباركة(الهاجاناه) ـ مذبحة دير ياسين الشهيرة في 9 أبريل 1948. وبعد إعلان قيام الكيان الصهيوني، حُلَّت(ليحي) مع غيرها من المنظمات العسكرية وأُدمجت في جيش الدفاع الإسرائيلي. ومع هذا، ثارت شكوك قوية حول مسؤوليتها عن اغتيال الوسيط الاممي فولك برنادوت. ومع حل المنظمة، فشلت مساعي تحويلها إلى حزب سياسي. وتقديراً للدور الإرهابي للمنظمة، قررت الحكومة الصهيونية احتساب سنوات الخدمة فيها عند تقدير مكافآت الخدمة والمعاشات للموظفين، كما حصلت أرملة شتيرن على وشاح التكريم الذي أهداه رئيس الكيان الصهيوني زلمان شازار إلى كل المنظمات والمجموعات التي شاركت في جهود تأسيس الكيان.

ورغم تباين الآراء حول دور(ليحي)، وما تخلعه بعض الكتابات الصهيونية عليها من أوصاف الخيانة نظراً لموقفها من النازيين، فإن الوقائع التاريخية تؤكد أن المنظمة لم تَحد عن الطريق الصهيوني المعتاد في القيام بدور الأداة لهذه القوة الإمبريالية أو تلك. ولم يكن الأسلوب الانتهازي في التحالف مع الجزار وقفاً على(ليحي) وحدها، والحقيقة أن موقفها في ذلك لا يزيد عن تعاون هرتزل مع الوزير القيصري بليفيه(المسئول عن المجازر ضد اليهود في روسيا القيصرية )، أو اتفاق جابوتنسكي مع بتليورا الأوكراني المعروف بعدائه لليهود إبان الثورة البلشفية، أو عرض حاييم وايزمان التعاون مع إيطاليا الفاشية في مجال الصناعات الكيماوية مقابل تسهيل مرور اللاجئين اليهود عبر الموانئ الإيطاليـة، أو اتفاقات الوكالة اليهوديـة مع ألمانيا النازية.

منظمة(إرهاب ضدّ إرهاب) [تي إن تي]:

تعد منظمة(إرهاب ضد إرهاب)، ومعناها بالعبرية( تيرور نيفد تيرور)، وقد شهرت باسم [تي إن تي]، وهي واحدة من أكثر المنظمات الإرهابيةالصهيونية عدوانية وعنصرية وشراسة. تأسست في أيار(مايو ) عام 1975، تحت زعم التصدي لـ(الإرهاب العربي)، وقد دشنت الإعلان عن وجودها بحرق أتوبيس لنقل الركاب العرب في حي وادي الجوز بالقدس، ثم اتبعتها بإطلاق رسائل تهديد لشخصيات عربية قيادية في الضفة الغربية محذرة بأنها ستقوم بتصفيتهم إذا استمرت عمليات(التخريب) الفلسطينية ضد الصهاينة.

وقد تميزت المنظمة كونها شديدة التأثر من الناحية الأيديولوجية بالأفكار والدعوات الفاشية والعنصرية التي تطلقها الحركات الصهيونية المشابهة كحركة(كاخ) وحركة(جوش ايمونيم)، وهي وثيقة الارتباط من الناحية التنظيمية بالحركة الأولى وتشير القرائن إلى أن عناصرهم في الغالب من اليهود الأمريكيين الذين تم إعدادهم تنظيميًا وتدريبهم عسكريًا قبل أن يتم شحنهم لأداء مهماتهم في الأرض العربية المحتلة، وقد تم هذا الأمر برعاية الإرهابي مائير كاهانا الذي اعتقل ذات مرة وهو يحمل لافتة كتب عليها أنا أؤيد [T.N.T] ويشير البعض من كوادر هذه المنظمة إليها باعتبارها الجناح السري العسكري الذي يكمل عمل النشاط السياسي العلني لحركة(كاخ) العنصرية الفاشية لمواجهة(الإرهاب)، والمقصود هنا المقاومة الفلسطينية للاحتلال، بإرهاب مثله وقد غمرت الملصقات شوارع الأراضي المحتلة وغطت أبواب محلاتها التجارية ملصقات تتضمن شعار:(العين بالعين والسن بالسن).

و أثبتت التحقيقات مع العديد من عناصر هذه المنظمة مسؤوليتها عن العديد من العمليات الإرهابية، كان أهمها محاولة اغتيال رؤساء البلديات العرب الثلاثة بسام الشكعة وكريم خلف وإبراهيم الطويل عام 1980، والانفجار الذي أطاح بمدخل سينما الزهراء في القدس في فبراير 1982، ووضع عبوات متفجرة في مساجد الخليل في ديسمبر 1983 ووضع متفجرات في أنحاء متعددة بالأراضي المحتلة وغيرها.

ويقول آندي جرين عضو المنظمة وأحد صبية حركة(كاخ) وهو شاب يهودي مهووس مولود في أمريكا وتلقى تدريبه العسكري في معسكر للتدريب تابع لرابطة الدفاع اليهودي قبل انتقاله إلى الأراضي المحتلة لكي يمارس مهماته الإرهابية:(ليس للعرب أي حق في الأرض إنها أرضنا على نحو مطلق، لقد ورد هذا في التوراة ذلك أمر لا يمكن الجدال فيه لذلك لست أرى مبرراً في الجلوس والتحدث إلى العرب عن الادعاءات المتعارضة بالحقوق، فالأقوى دومًا يحصل على الأرض)، وهو بناء على تعليمات ألقاها عليه كاهانا، يعتبر الذين يقتلون العرب أبطالاً، وقد شارك مع مجموعات من شباب اليهود الذين انتموا إلى فرع بروكلين من رابطة الدفاع اليهودي في مئات من عمليات إلقاء القنابل والاعتداءات الإرهابية وعمليات الاغتيال للفلسطينيين، وحينما كان مجندًا بجيش العدو الصهيوني هرب أسلحة ومتفجرات إلى تنظيمه، وحاول ذات مرة سرقة دبابة من معسكره لقصف مدينة أريحا في الضفة الغربية، وحينما اعتقل في أعقاب عمليات تدمير واغتيال في الضفة الغربية أخبر جهاز الأمن الداخلي(الشين بيت) بحكايات مرعبة عن أعمال عنف ارتكبت بأسلوب منظمة(الكلوكلوكس كلان) الإرهابية الأمريكية الشهيرة ضد أبناء الشعب الفلسطيني.

حركة جــوش إيمونيم:

(جوش إيمونيم) ومعناها باللغة العربية(كتلة المؤمنين)، حركة استيطانية ذات ديباجات دينية(حلولية عضوية) تطالب بصهيونية الحد الأقصى. وهي لم تتخذ لنفسها إطاراً حزبياً وإنما اختارت لنفسها أن تكون حركة شعبية غير ملتزمة إلا بالحفاظ على(أرض إسرائيل). و رغم توجهها الديني الحلولي الواضح، إلا أن هناك تداخلاً بين الديني والقومي. وقد تأسست الحركة رسمياً في نهاية شتاء 1947 بعد أن تمردت مجموعة من أعضاء حزب(المفدال) على قيادة الحزب بعد أن وافقت على الانضمام إلى حكومة إسحاق رابين الائتلافية. إلا أن تأسيس الحركة الفعلي كان بعد حرب حزيران(يونيو) 1967. ومن وجهة نظر حركة(جوش إيمونيم)، يُعَدُّ احتفاظ الدولة العبرية بالأراضي المحتلة بعد عام 1967 أمراً ربانياً لا يمكن للاعتبارات الإنسانية أو العملية أن تلغيه. ورغم أن هذه المنظمة تتحدث عن بعث الحياة اليهودية في كل المجالات، فإنها ركزت جل نشاطها على عمليات الاستيطان وتصعيده حتى لا يكون بالامكان عودة الضفة الغربية للفلسطينيين، أي أنها تحاول أن تترجم سياسة الوضع القائم الصهيونية إلى وجود مادي صلب من خلال إقامة المستوطنات.

وبعد أن وصل حزب(الليكود) إلى الحكم عام 1977 قدَّمت الجماعة مشروعاً للحكومة لإنشاء 12 مستوطنة في الضفة الغربية(كانت حكومة العمال السابقة قد رفضت إنشاءها)، فوافقت الحكومة الجديدة وتم إنشاء المستوطنات خلال عام ونصف. ثم قدَّمت الجماعة مشروعاً آخر عام 1978عبارة عن خطة شاملة للاستيطان من خلال إقامة شبكة من المستوطنات الحضرية والريفية لتأكيد السيادة الصهيونية على المنطقة. ورغم أن الحكومة لم توافق على الخطة رسمياً، إلا أنه تم تدبير الاعتمادات اللازمة لتنفيذها تدريجياً. ويشرف الجناح الاستيطاني للجماعة(أمانا) على تنفيذ هذه المخططات ويتبعها في الوقت الحاضر عشرات المستوطنات. ومعظم هذه المستوطنات من النوع الذي يُسمَّى(مستوطنات الجماعة)، وهي(مستوطنات المنامة) التي يعيش فيها مستوطنون يعملون في المدن الكبرى مثل تل أبيب والقدس ويقضون ليلهم في المستوطنات. وكانت حركة(جوش إيمونيم) تتمتع بتأييد قطاعات كبيرة من الرأي العام الصهيوني والأحزاب الصهيونية. وقد أصبح كثير من أعضاء الحركة مديرو مجالس المناطق التي تقدم الخدمات البلدية للمستوطنين، وتحصل هذه المجالس على ميزانيتها من وزارة الداخلية.

وكان موشيه ليفنجر هو الرئيس الروحي للحركة قد هُمِّش بعد تعيين دانييلا فايس سكرتيرة عمومية للحركة. وتعبِّر الحركة عن أفكارها في مجلة(نيكوداه) العبرية ومجلة(كاونتر بوينت(الإنجليزية. وقد انتهت أنشطة هذه الحركة تقريباً عام 1992 حينما رشح ليفنجر وفايس أنفسهما في الانتخابات البرلمانية ولم يحصلا على الأصوات الكافية ليصبحا أعضاء في الكنيست، كما أدَّى ترشيحهما لأنفسهما إلى فشل حزب(هتحيا) ـ الذي كان يدعم الجماعـة ـ هو الآخر في الحصول على أية أصوات.
حركة(أمناء):

تعد حركة(أمناء) وليدة اتساع مجال حركة(جوش ايمونيم) وخروجها من حيز منظمة استيطانية محدودة النشاط تركز جهودها على مظاهر الاجتماع والتظاهرات السياسية المحدودة وعناصر التأثير الهامشي في المجتمع إلى حركة واسعة المقومات والقدرات تحتوي في إطار جهودها مخططات عملية لإنشاء وتعزيز المستوطنات اليهودية على الأراضي المحتلة وفيما يعرف بـ(أرض إسرائيل الكاملة).

أنشئت حركة(أمناء ) عام 1976 وفي ربيع 1980 حينما كانت حركة(جوش ايمونيم) تمر بأزمة أدت إلى تفرق شمل الشخصيات القيادية فيها، وإزاء تسارع معدلات الاستيطان ووتائر تملك الأراضي في المناطق الواقعة تحت السيادة الصهيونية أعلنت(أمناء) أنها هي(جوش ايمونيم ) بكل ما تمثله وفي استطاعتها النطق باسمها.

واستمرت حركة(أمناء) في العمل من أجل تدعيم حركة(جوش ايمونيم) الاستيطانية، وتأثرت سلبيًا معدلات حركتها بالانسحاب الصهيوني من مستوطنة(ياميت)، إثر معاهدة السلام مع مصر في أبريل 1982 لكن حركة(أمناء) استمرت تدار بواسطة عشرة من الأعضاء المتفرغين الموظفين، ولديها ممثلون منتشرون في أوروبا والولايات المتحدة وميزانيتها تقارب المليوني دولار سنوياً.

حركة(أرض إسرائيل الكاملة):

بعد مرور أقل من شهرين على حرب الأيام الستة في أغسطس 1976، وما آلت إليه من نتائج مذهلة على كافة الأصعدة التقى نفر من الكتاب الصهاينة والمثقفين والفنانين والعسكريين وزعماء الكيبوتسات وعدد من الزعماء والشخصيات البارزة الذين لعبوا دورًا ملموسًا في الصراع من أجل تكوين(الدولة) وأعلنوا تأسيس حركة(أرض إسرائيل الكاملة) التي جعلت لها هدفًا أساسيًا يتمثل في الضغط من أجل الاحتفاظ بكامل الأراضي المحتلة التي سقطت في قبضة الاحتلال اثر حرب الأيام الستة، وبالنسبة لهذه الحركة فإن القضية لم تكن تمثل مجرد سيطرة على أراض جديدة تم احتلالها وإنما اعتبرتها قضية أساسية تتصل بالمصير القومي لليهود، وبالرغم من أن برنامج عملها كان يخلو من العمق الديني ومظاهره إلا أن مؤسسيها نظروا إلى الاستيطان العاجل في الأراضي المحتلة والسعي إلى ضمها ضماً مستديماً للدولة العبرية، على أنها مسألة لها أولوية مطلقة متذرعين بأن الحكومة الصهيونية لا تملك حق التخلي عن أية أرض كانت تنتمي إلى الشعب اليهودي على مر التاريخ.

وقد جمعت بنية حركة(أرض إسرائيل الكاملة) أفراداً من الحركات العمالية والدينية والقومية في إطار واحد وسعت إلى حشد كل ما يمكنها من طاقات حول هدفها الرئيسي وهو على المدى القصير تحقيق استيطان زراعي وحضري واسع والدمج الاقتصادي للأراضي وتطبيق(القانون الإسرائيلي) داخل هذه المناطق، وعلى المدى الطويل إنجاز ضم نهائي قانوني ورسمي للأراضي العربية المحتلة في حزيران(يونيو) عام 1967.

وقد جعل هذا الهدف عدداً من الباحثين ينظرون إلى هذه الجماعات والحركات والمنظمات، على تنوعها، باعتبار أنها أعادت بعث أيديولوجية تقليدية معروفة في تاريخ الصهيونية السياسية هي(الحركة التصحيحية) التي ظلت قناعة ثابتة لدى العديد من الجماعات الصهيونية على الرغم من كونها لم تكن تملك أي مغزى عملي بين عامي(1948 و1967). وقد عبرت حركة(أرض إسرائيل الكاملة) عن هذا الموقف في برنامجها السياسي:(أن النصر الذي حققه جيش إسرائيل في حرب الأيام الستة قد وضع الشعب والدولة في حقبة جديدة ومصيرية، إن أرض إسرائيل كلها هي الآن في أيدي الشعب اليهودي، وكما أنه لا يجوز أن نتنازل عن دولة إسرائيل كذلك نحن ملزمون بصيانة ما حصلنا عليه من أرض يسرائيل .. نحن ملزمون بالولاء الكامل للوطن من أجل ماضي شعبنا ومستقبله ولا يحق لأية حكومة إسرائيلية أن تتنازل عن هذا الكمال الذي يمثل حق شعبنا الجوهري الثابت منذ بداية تاريخه).

وبالرغم من تواجد بعض الحاخامات في صفوف الموقعين على البيان التأسيسي لحركة(أرض إسرائيل الكاملة) إلا إن صلب توجهاتها اندرجت تحت لافتة الجناح القومي المتشدد من الصهيونية العلمانية، وهي وإن لم تتجه إلى تشكيل حركة ذات بعد جماهيري أو إنشاء حزب سياسي إلا أنها بلورت نظامها في تشكيل جماعة ضغط قوية تسعى إلى التأثير في سياسة الحكومة بواسطة أشكال الضغط المتعددة كالإعلام والصلات الشخصية بوزراء الحكومة ومسؤوليها.

وكان من أهم الشخصيات الفاعلة في حركة(أرض إسرائيل الكاملة) مؤسسها أبراهام يوفي ـ الجنرال السابق في جيش العدو الصهيوني، والذي اعتبر أن جوهر التوراة الذي يجسد إرادة الشعب ويعبر عنها هو الحرب، وهي أداة تحقيق السيادة على(أرض إسرائيل الكاملة).

وقد كان عام 1969 ذروة نشاط الحركة، وفيها انتخب عدد من أعضائها في الكنيست ممثلين لأحزابهم الأخرى التي ينتمون إليها، وقد منحهم هذا الوضع قوة نسبية باعتبارها جماعة ضاغطة تؤثر على الحكومة عبر عناصرها في المؤسسة التشريعية، واستمر نشاطها في بداية عقد السبعينيات، وبعد حرب تشرين الأول(أكتوبر ) 1973، ومع بروز حركة(جوش ايمونيم) بحركتيها ونطاق عملها الواسع امتصت أعداداً مؤثرة من نشطاء الحركة في سياقها، ومع بداية عام 1977 كانت الحركة قد ذابت داخل جماعة حركة(جوش ايمونيم) فتجمدت أنشطتها وتوقفت صحيفتها(زوت هآرتس) عن الصدور.

حركة(كاخ):

(كاخ) كلمة عبرية معناها (هكذا)، وهو اسم لحركة صهيونية ذات نزعة عنصرية فاشية صاغت شعارها على النحو التالي:( يد تمسك بالتوراة وأخرى بالسيف) وكتب تحتها كلمة( كاخ ) العبرية، بمعنى أن السبيل الوحيد لتحقيق الآمال الصهيونية هي التوراة والسيف(أي العنف المسلح والديباجات التوراتية) وهذه أصداء لبعض أقوال جابوتنسكي.

وتعد حركة( كاخ)، واحدة من أهم المنظمات التي عرفها تاريخ الدولة العبرية، ظهرت أوائل السبعينيات على يد الحاخام الإرهابي مائير كاهانا وتبنت منظومة من الأفكار النازية التي تتوعد العرب، وتدعو إلى طردهم وتمارس في مواجهتهم أقسى أشكال القهر والتمييز العنصري والإرهاب.

وتضم حركة(كاخ) مجموعة من الإرهابيين ذوي التاريخ الحافل بالإجرام من بينهم إيلي هزئيف، وهو صهيوني غير يهودي كان يعمل جندياً في فيتنام ثم تهود واستقر في فلسطين المحتلة. وكان قد ارتكب جريمة قتل وقُدِّم للمحاكمة بتهمة قتل جاره، وحيازة سلاح بشكل غير قانوني، وكان يُسمَّى(الذئب) أو(القاتل). وقد قُتل أثناء إحدى الهجمات الفدائية. ومن بين مؤسسي رابطة الدفاع، يوئيل ليرنر الذي قبض عليه عام 1975 بتهمة محاولة اغتيال الوزير الأمريكي هنري كيسنجر، ثم قبض عليه مرة أخرى عام 1982 بتهمة تنظيم فريق من الفتيان والفتيات للاعتداء على المسجد الأقصى. وهناك أيضاً يوسي ديان الذي اعتقل عام 1980 بتهمة محاولة اغتيال سائق تاكسي عربي. وكان قد انسحب من حركة(كاخ) بسبب صراعه مع كاهانا على السلطة. وتضم الجماعة أيضاً يهودا ريختر الذي حققت معه الشرطة للاشتباه بضلوعه في مقتل أحد أعضاء حركة السلام الآن. ومع هذا يظل مائير كاهانا أهم شخصيات الحركة، التي كانت تدور حول شخصيته، وهو(منظرها) الأساسي

وفي بداية نشاط حركة(كاخ) وزعيمها كاهانا نظر الكثيرون باستهانة ولا مبالاة إلى هذه الظاهرة، خاصة مع تكرار فشل كاهانا في الحصول على مقعد في انتخابات الكنيست لأعوام(1973-1977-1981)، بيد أن التغيرات العميقة في المناخ السياسي والفكري الذي واكب سيطرة تكتل حزب الليكود على مقاليد السلطة عام 1977 ومع نمو الأصولية الدينية اليهودية واليمين الصهيوني الراديكالي وارتفاع حدة العداء الموجه للعرب ومستوياته بدأت حركة كاخ تشق طريقها بقوة نحو المركز، وهو ما يبرر حصول كاهانا في انتخابات عام 1984 على نحو 26 ألف صوت وفوزه بمقعد في الكنيست. وقد تصاعدت شعبيته حتى أن استطلاعات الرأي تنبأت بفوز حزبه بخمسة مقاعد برلمانية. ولكن المؤسسة الحاكمة أدركت خطورته على صورة الدولة الصهيونية فقامت بتعديل قانون الانتخابات بحيث تم حظر الأحزاب الداعية إلى التمييز العنصري وإثارة مشاعر الكراهية والعداء ضد العرب.

ويذكر الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته(اليهود واليهودية والصهيونية) بأن: صهيونية حركة كاخ هي(الصيغة الشعبوية للصهيونية العضوية الحلولية. فالشعب اليهودي في تصوُّره هو شعب مختار فريد ومتميِّز، بل شعب مقدَّس، حقوقه مقدَّسة، ولذا فهو مكتف بذاته ومرجعية ذاته، يستمد معاييره من ذاته، ولا يكترث بمعايير الشعوب الأخرى. وكما هو الحال دائماً في المنظومات الحلولية العضوية لا تقل الأرض قداسة عن قداسة الشعب، فالإله يحل في كل من الشعب والأرض بنفس الدرجة ويربط بينهما برباط عضوي لا تنفصم عراه. ومن ثم فليس بإمكان الشعب اليهودي المقدَّس أن يُفرط في حقوقه المقدَّسة في الأرض المقدَّسة ويتنازل عن أجزاء منها للشعوب الأخرى ـ غير المقدَّسة ـ).

و قد كان عدد أعضاء حركة(كاخ) المسجلين، نحو عدة مئات، لكن دائرة أنصاره كانت أكثر بكثير وتقدر بالآلاف، وكانوا يتمركزون أساسًا في مستوطنة(كريات أربع) ومدينة الخليل المحتلة وله فروع علنية في القدس والمدن الكبرى وفي بعض ما يسمى بـ(مدن التطوير) في فلسطين المحتلة.

وتستمد حركة(كاخ) أنصارها في الغالب من الشرائح الاجتماعية الفقيرة المتذمرة الناقمة على المؤسسة الحاكمة والتي تحمل كراهية وعداء شديدين للعرب ويبرز في نواته الصلبة وقيادته العناصر المهاجرة من الولايات المتحدة مدفوعة بتعصبها الديني وعدائها للاغيار وحلمها بالخلاص(المشيحاني )، وله فروع نشطة للغاية في الولايات المتحدة تمده بالدعم المالي وبحاجته من الأسلحة وترفده بأعضاء جدد بعد تدريبهم على السلاح.

وتتألف قيادة حركة( كاخ) العليا من ثلاثة أعضاء هم باروخ مرزيل رئيس الحركة، ونوعام قدرمان الناطق بلسانها، وتيران بولاك رئيس لجنة الأمن على الطرق، وقد كان باروخ مرزيل أمين سر حركة(كاخ) في الكنيست والناطق بلسان الحركة، وأبرز مساعدي مائير كاهانا، وقد علق على مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل مشيدًا بسفاحها باروخ جولدشتاين قائلاً:(إنه ليس مجنوناً، إنه رجل عظيم، إنه رجل صديق).

كما علق شموئيل بن بشاي على الواقعة نفسها بقوله:(لقد كان جولد شتاين رجلاً حقيقياً وقام بعمل بطولي، لقد قال دائمًا إنه يجب أخذ الأمور باليد وقتل العرب).

وقد رصد الكاتب الصهيوني دان عومر العشرات من عمليات حركة(كاخ) الإرهابية، والتي من أبرزها:

محاولة الاستيلاء على المسجد الأقصى ثم إطلاق النار على المصلين في باحته.
خطة تفجير قبة الصخرة.

تفجير حافلات الركاب المواطنين الفلسطينيين.

نشر متفجرات مفخخة في منطقة القدس.

إحراق سيارات الفلسطينيين في حي أبي طور.

اغتيال عدد من نشطاء حركة السلام الآن منهم إميل جرينسفاريح.

وكما يذكر أمنون كابليوك في كتابه(الخليل مجزرة معلنة) فإن المناقشة حول شرعية قتل الفلسطينيين والانتقام منهم كانت دائرة على قدم وساق في المجلس البلدي لمستوطنة(كريات أربع) الذي كان جولد شتاين عضواً فيه قبل أن يستقيل استعداداً لمجزرته، و كان جولد شتاين قد استند في فعلته تلك إلى فتوى من الحاخامات الأصوليين في المستوطنات اليهودية تربط بين الفلسطينيين و(العماليق) الذين جسدوا على مسار التاريخ اليهودي منذ هزيمتهم على يد الملك داوود العدو الأكثر شراسة والذي ببساطة ينبغي العمل على إبادته، وجولد شتاين هنا من وجهة نظر أصولية يهودية لم يقتل أناساً أبرياء يصلون وإنما قتل(عماليق) مثل هامان وهتلر وغيرهما، وهو بهذا العمل قد قدس الرب، كما يدعون، ورفع ذكره وشأنه، فقتل شخص من(العماليق) يكون شرعياً حتى لو كان في زمان أو مكان مقدس، أما بيان ممثل حركة(كاخ) في نيويورك بشأن المجزرة فقد قال:(إن جولد شتاين كان رجلاً نقياً صالحاً درس التوراة وشريعتها وسينقذ عمله الآلاف من العرب واليهود بتبديده الفكرة الخاطئة التي تقول:( إن العيش سوية سيجلب السلام).

وتطالب حركة(كاخ) بإزالة كافة الآثار الإسلامية، وكان كاهانا يوزع خريطة للدولة العبرية تمتد من النيل إلى الفرات، إذ لا مجال للشك، حسب رأيه، فيما ورد في التوراة من أن(أرضنا تمتد من النيل إلى الفرات). والعنصر الجغرافي مهم جداً في فكره، كما هو الحال في الفكر الصهيوني بشكل عام. فالأرض، كما يقول:(هي الوعاء الذي يضم جماعة من البشر عليهم أن يحيوا فيها حياة متميِّزة عن حياة غيرهم من الجماعات الإنسانية وأن يحققوا رسالتهم القومية والتراثية. والدولة هي الأداة لتحقيق ذلك الغرض ولتمكين الشعب من بلوغ غاياته، فالأمة هي صاحبة الأرض وسيدتها، والناس هم الذي يحددون هوية الأرض وليس العكس، والشخص لا يصبح إسرائيلياً لأنه يعيش في أرض إسرائيل ولكنه يصبح إسرائيلياً عندما ينتمي إلى شعب إسرائيل ويغدو جزءاً من الأمة الإسرائيلية).

ولا يمكن تفسير تَطرُّف كاهانا إلا بالعودة إلى النسق الصهيوني. فهو نسق يحتوي على بذور معظم هذه الأفكار والممارسات. وإذا كان هرتزل قد تحدَّث عن طرد السكان الأصليين بشكل ليبرالي عام، فذلك لأنه لم يكن(في أوربا) مضطراً إلى الدخول في التفاصيل المحددة في تلك المرحلة. لقد كان مشغولاً بالبحث عن إحدى القوى العظمى لتقف وراءه وتشد أزره وتعضده وتقبله عميلاً لها، ولذا كانت الصياغات العامة بالنسبة إلى السكان الأصليين مناسبة تماماً في تلك المرحلة. وإذا كانت الدولة الصهيونية قد احتفظت بعد عام 1948 بالديباجة الاشتراكية، فذلك لأنها كانت قد(نظفت) الأرض من معظم الفلسطينيين، وكان بوسعها أن تكبل الأقلية المتبقية بمجموعة من القوانين وأن تتحدث عن الاشتراكية وعن الإخاء الإنساني. وأما الآن، فلقد زادت التفاصيل واحتدمت الأزمة وتصاعدت المقاومة. وهكذا، فإن الديباجات تسقط، وما كان جنينياً كامناً أسفر عن وجهه وبات صريحاً كاملاً.

وقد أسس كاهانا معهدين لتدريس تعاليم اليهودية وتعاليمها:(يشيفات هارهبيت) ومعناه بالعربية معهد(جبل الهيكل)، و(يشيفات هرعيون هيهودي)، ومعناه بالعربية معهد

(الفكرة اليهودية).

كما أسس تنظيمين سريين مسلحين الأول هو لجنة(الأمن على الطرق) أو(رابطة الأمن على طرق يهودا والسامرة) أي طرق الضفة الغربية، وهي تتكون من مجموعات شبه مستقلة عن بعضها، ويُقدَّر عدد أعضائها بالمئات.

وتعد هذه اللجنة الأكثر تنظيمًا وتجربة وتدريباً وسط مثيلاتها من جماعات وتنظيمات صهيونية إرهابية في الوطن المحتل. وتشير المعلومات إلى أن فرق هذه الجنة بدأت نشاطها علناً في البداية بتوفير مواكبة مسلحة للحافلات والسيارات التي تقل المستوطنين المسافرين على طرق الضفة الغربية، ومن هنا اتخذت اسمها المعروف ثم ما لبثت وأن انتقلت إلى العمل السري حيث بادرت إلى تنظيم حملات انتقامية إرهابية ضد الفلسطينيين، ومن اللافت للانتباه أنه في كافة الحالات كانت قوات الاحتلال تصل إلى أماكن الحوادث بعد أن يكون أعضاء اللجنة قد غادروا المكان.

ويشير روني شلن في صحيفة(يديعوت أحرونوت) إلى أن( لجنة الأمن على الطرق) أصدرت بياناً عقب مقتل عدد من العمال العرب يمجد هذه العمليات الإرهابية ويشجع أفراداً آخرين من حركة(كاخ) وأنصارهم على الاستمرار في عمليات القتل.

ويضيف روني شلن: أن هذه المجموعات المنضوية تحت مسمى(لجنة الأمن على الطرق) تدفع إلى زيادة سرعة دائرة العنف اليهودي ضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة وتهدد أمن جميع المستوطنين حيث إن أعمال القتل الجنونية قد تدفع فلسطينيين معتدلين كثيرين إلى الانضمام إلى حركة حماس أو القيام بعمليات انتقامية ضد اليهود خاصة وأن الرئيس الأول لـ( لجنة الأمن على الطرق) شموئيل بن يشاي قد صرح في عهد رئاسته للجنة أن أية حادثة يرتكبها عرب تنطوي على مضايقة لحرية تنقل اليهود على الطرق تجعله يطلق النار للقتل من دون إنذار(أنني لا أطلق النار في الهواء أنا أطلق النار كي أقتل).

وقد أنشئت( لجنة الأمن على الطرق) باعتباره تنظيماً سرياً يملك كميات هائلة من السلاح والذخيرة والمتفجرات بدعم من رئيس الأركان الأسبق رفائيل إيتان، وقد قدر عدد أفراده بمئات من الأعضاء يقيم معظمهم في مستوطنة(كريات أربع)، وقد جهزت بوسائل نقل سريعة وأجهزة اتصال حديثة وتمتلك - كما أكدت التقارير الصحافية الصهيونية - مخابئ للأسلحة ومواد للتفجير وأسلحة فردية مرخص بحملها لأعضاء اللجنة.

ومع تفاقم النشاطات الإرهابية لأعضاء اللجنة والتي وصلت إلى حد خطير عام 1990 تقدم مجموعة من أعضاء الكنيست اليساريين بطلبات استجواب للحكومة بشأن هذه اللجنة طالبت فيها(بالكشف عنه ووضع حد لأنشطته) ولم تستجب الحكومة بالطبع.

وتعد لجنة(الأمن على الطرق) من أوضح الأشكال التنظيمية حضوراً بعد اتفاق أوسلو. ولكنها لم تظهر بقوة سوى بعد سبتمبر 1993. ويبدو أن دور هذا التنظيم الاستيطاني، متمماً لصيغة الطرق الالتفافية وآلية(الحصار الجماعي).

أما التنظيم الثاني فيطلق عليه(دولة يهودا المستقلة)، وقد أعلن قادة التنظيم أنهم موالون(لدولة إسرائيل) طالما أنها متمسكة بكامل(أرض إسرائيل). وهذا يعني أن التنظيم لا يدين بالولاء للدولة الصهيونية إن تخلت عن أي جزء مما يسمى بـ(أرض إسرائيل)، ويصبح من حق التنظيم أن يقوم بالاستيلاء بالقوة عليها ويعلن قيام(دولة يهودا المستقلة) التي ستقوم بالدفاع عن هذه الأراضي! وقد اقترن اسم حركة( كاخ) أيضاً بتنظيمين سريين هما: منظمة إرهاب ضد إرهاب(ت. ن. ت)، وعصبة الخناجر(سيكاري).

وقد انشقت الحركة بعد مقتل كاهانا في نيويورك عام 1990(على يد مواطن أمريكي من أصل مصري يدعى سعيد نصير )، إلى شقين: احتفظ الأول باسم(كاخ) وهو التنظيم الأكبر والأخطر، إذ يبلغ عدد أعضائه المسجلين عدة مئات، أما أنصاره فهم عدة آلاف تنتمي لشرائح اجتماعية فقيرة، قليلة التعلم، متذمرة وناقمة على المؤسسة الحاكمة، وتتسم بعداء وكراهية شديدين للعرب. وتشكل العناصر المهاجرة من الولايات المتحدة(ذات التوجُّه الحلولي العضوي الواضح) النواة الصلبة لهذا التنظيم وقيادته.

أما القسم الثاني فهو تنظيم(كاهانا حي) الذي يرأسه ابن مائير كاهانا، وهذا أقل شأناً من تنظيم(كاخ) وإن كان يقوم بنفس النشاطات الإرهابية العلنية والسرية.

وقد حظرت حكومة الاحتلال الصهيوني إثر مذبحة الخليل نشاط التنظيمين(كاخ و كاهانا حي). ولكن هذا لا يعني نهاية العنف في الكيان الصهيوني. فالعنف جزء من بنيته، كما أن كثيراً من أفكار(كاخ) و(كاهانا حي) ترسخت في الوجدان الاستيطاني الصهيوني وتسللت للخطاب الصهيوني نفسه، رغم كل محاولات الصقل والمراوغة.

جماعة(عصبة الخناجر):

(عصبة الخناجر)،هي ترجمة لكلمة(سيكاري) المنسوبة إلى كلمة(سيكا) اللاتينية، ومعناها الخنجر، و(سيكاريوس) ومعناها(حامل الخنجر )، وجمعها(سيكاريي).

و(عصبة الخناجر) جماعة متطرفة من(الغيورين) الذين كانوا بدورهم جماعة متطرفة من الفريسيين، وقد كانوا يخبئون خناجرهم تحت عباءاتهم ليباغتوا أعداءهم في الأماكن العامة ويقتلوهم. وأثناء التمرد اليهودي الأول ضد الرومان(66 ـ 70م )، يُقال إنهم كانوا تحت قيادة مناحم الجليلي، وأنهم هم الذين أحرقوا منزل الكاهن الأعظم أنانياس، وقصري أجريبا الثاني وأخته بيرنيكي عشيقة تيتوس. كما أحرقوا سجلات الديون حتى ينضم الفقراء المدينون إليهم. وقد أدَّى نشاطهم إلى فرار الأرستقراطيين اليهود. ولكن الجماهير، بقيادة الغيوري المعتدل إليعازر بن حنانيا من حزب القدس، تمردت على المتطرفين وقتلت زعيمهم مناحم الجليلي، ففرت فلولهم. ويُقال إن الجماعة التي لجأت إلى ماسادا، وأبادت الجالية الرومانية بعد استسلامها، من أعضاء عصبة الخناجر. وثمة رأي آخر يرى أن جماعة إليعازر بن جاير كانت معادية لهم، ولكنها اختلفت معهم بشكل مؤقت.

ويبدو أنه كان يوجد داخل حركة(الغيورين) جناحان: جناح متطرف هو عصبة الخناجر، وجناح القدس، ويشار إلى أعضاء هذا الجناح باسم(الغيورين) وحسب. وكان الفارق بين الفريقين يتمثل في نقاط ثلاث هي:

1 ـ لم يرتبط غيـورو القدس بأية أسـرة محددة، ولم يعلنوا قادتهم ملوكاً.

2 ـ كانت قاعدة الغيورين في القدس، بينما كانت قاعدة العصبة في الجليل.

3 ـ كانت الأبعاد الاجتماعية لعصبة الخناجر أوضح منها في حالة الغيورين، رغم ثورة هؤلاء على الكاهن الأعظم والأقلية الثرية الحاكمة.

والواقع أن عصبة الخناجر هي الجماعة الوحيدة التي استمرت في نشاطها بعد إخماد التمرد، الذي اتسع نطاقه إلى الإسكندرية وبرقة، حيث قام يهودي من عصبة الخناجر يدعى يوناثان بقيادة أعضاء الجماعة اليهودية في ثورة تم قمعها. وبعد اغتيال بعض القيادات اليهودية هناك، قام أعضاء الجماعة اليهودية بالقبض على أعضاء عصبة الخناجر وتسليمهم إلى القوات الرومانية. وقد كانت عصبة الخناجر، رغم نشاطها وحركتها، تشكل أقلية لا يزيد عددها حسب بعض التقديرات على ألفي عضو.

ويبدو أن فكر عصبة الخناجر كان فكراً شيوعياً بدائياً يعود إلى بعض التيارات الكامنة في العهد القديم. فقد جاء في سفر اللاويين(25/23):(والأرض لا تُبـاع بتة. لأن لي الأرض وأنتـم غـرباء ونزلاء عندي. بل في كل أرض ملككـم تجـعلون فكاكاً للأرض(وغيرها(25/23، 25/55، وتثنية 15/4 ـ 5، 15/6 ). وفي مفهوم السنة السبتية حيث تُلغى ديون الفقراء من اليهود وهو ما يعكس هذه الشيوعية البدائية التي يبدو أنها أثرت في فكر عصبة الخناجر الذين كان شعارهم(لا ملك إلا الرب)، فهو وحده(مالك الأرض).

حركة(وقف الانسحاب من سيناء):

تأسست الحركة في ربيع عام 1981 بهدف تطوير نشاطات وقف الانسحاب من مستوطنة(ياميت) على أثر(الاتفاقية المصرية الصهيونية) وانضم لصفوفها عناصر من دعاة حركة(جوش ايمونيم) وجماعة( ييشع) و(تحيا ) الذين كانوا يخشون أن يكون الانسحاب من مستوطنة(ياميت) سابقة تكرس فكرة الانسحاب من المستوطنات المقامة في الضفة الغربية وغزة، إضافة إلى عدد من الحاخامات الملتزمين بمبدأ يقول:(إن ياميت جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل، وأن التخلي عنها سيعوق الخلاص الإلهي إعاقة شديدة).

وقد كان الهدف الأول المعلن لحركة(وقف الانسحاب من سيناء) السعي عن طريق التعبئة الجماهيرية إلى تعويق عملية الانسحاب من مستوطنة(ياميت)، أما وقد استحال تنفيذ هذه الغاية، فقد استهدفت الحركة القيام بأعنف ما يمكن من المصادمات بين الحكومة الصهيونية والمستوطنين المعارضين للانسحاب بحيث تتحول ذكرى الصدمة النفسية والسياسية الناتجة عن هذه الحادثة، إلى كابح يحول دون ميل أية حكومة مستقبلية إلى إخلاء المستوطنات اليهودية في أي مكان.

وقد حاولت الحركة جمع مليون توقيع على عريضة تتضمن الاحتجاج على الانسحاب من مستوطنة(ياميت) لكنها لم توفق.. ثم توج نشاطها بفشلها في أداء المهمة الأساسية المنوطة بها، ألا وهي شل عملية تنفيذ الشق الخاص بإعادة سيناء للسيادة المصرية في الاتفاق الموقع بين الحكومتين المصرية والصهيونية.

جماعة(معهد الهيكل):
العقل المدبر وراء إنشاء هذا المعهد وقيادة هذه الجماعة، يسرائيل أرئيل وهو حاخام متطرف، ولد في حيفا عام 1939، درس في مدرسة(مركاز هارب) الدينية، وترأس إدارة مدرسة(يشيفاه) الدينية في مستوطنة(ياميت) التي رحل عنها مستوطنوها يوم عادت سيناء إلى مصر عام 1982،. وعمل كذلك حاخاماً للجيش الصهيوني في القطاع الشمالي، وبعد توقيع اتفاقات كامب ديفيد والإعلان عن الانسحاب من سيناء كان الحاخام يسرائيل أرئيل أحد القادة الذين نظموا حركات احتجاج عنيفة تصدياً لقرار إجلائهم من المستوطنة، كما أنشأ منظمة(ماعوز) وهي الجناح المتطرف لحركة(وقف الانسحاب من سيناء)، كما تزعم حركة جبل البيت السرية.

وفي عام 1981 رشح يسرائيل أرئيل على قائمة حركة( كاخ) للكنيست، ولكنه فشل في أن يحوز عدد الأصوات المطلوبة لنجاحه. ثم انتخب عضواً في الكنيست الحادي عشر على قائمة حزب(هتحياه) العنصرية المتطرفة. ويعد من المؤمنين بأن حدود(أرض إسرائيل الكاملة) تمتد لتشمل الأراضي اللبنانية.

واشتهر يسرائيل أرئيل بفتاويه التي تبرر تدمير ممتلكات العرب وإبادتهم وتصفية وجودهم في فلسطين المحتلة في الثمانينيات، وقد اعتبر باروخ جولد شتاين سفاح مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل بعد مقتله( شهيد حرب من أجل أرض إسرائيل..)، مضيفاً:( هؤلاء القتلى العرب الذين يقال عنهم أبرياء كانوا قد ذبحوا أناساً أبرياء من اليهود من الشيوخ والنساء والأطفال عام 1929).

ويستهدف المعهد إعداد كل الدراسات والاحتياجات الأساسية والتجهيزات اللازمة لاستخدامات(هيكل سليمان) المزعوم بعدما يتم إعادة بنائه في موقع المسجد الأقصى حسبما يخطط المتطرفون الصهاينة، ويضم من أجل تحقيق هذه الغاية كل الكفاءات البشرية والفنية التي يحتاجونها لأداء هذه المهمة(المقدس).

تنظيم(قمع الخونة) [د.ب]:
تنظيم(قمع الخونة )، و قد شهر بـ [د.ب] اختصاراً لمعناه باللغة العبرية(ديكوي بوجريم)، وهو تنظيم مغلق يضم نشطاء حركة(كاخ)، ويتولى التنظيم تجهيز عمليات الاغتيال والتخطيط لتصفية الخصوم والأعداء، وهو لا يخفي أهدافه، وإنما يعلنها عبر منشورات يوزعها علناً.

وقد اختار مائير كاهانا لهذه التنطيم شعاراً، هو نفس شعار(رابطة الدفاع اليهودية)، التي كان كاهانا قد أسسها من قبل في الولايات المتحدة وهو عبارة عن(قبضة يد مضمومة داخل درع داود).

حركة(العودة إلى سيناء):
حركة شكلها العديد من أعضاء منظمة وقف الانسحاب من سيناء، وكذلك من حركة

(جوش ايمونيم) وجماعة(ييشع) ومن ضمنهم شخصيات بارزة مثل الحاخام موشيه ليفنجر وبيني كتوسفر والحاخام حاييم دروكمان، الذين استطاعوا التسلل إلى المنازل التي أخلاها مستوطنو(ياميت) واحتلالها قبل أن يجلوا عنها بتدخل سلمي للجنود الصهاينة بلا سلاح.

وقد استهدفت الحركة على نحو ما يشير اسمها إعادة الحكم الصهيوني إلى سيناء لكنها أخفقت في تحقيق هذه الغاية الأمر الذي شكل صدمة حقيقية للمستوطنين ولأعضاء حركة(جوش ايمونيم) بالذات وللأصوليين اليهود عامة، الذين هالهم تفريط حكومة مناحيم بيجن في(أرض إسرائيل) وسعوا إلى التجمع من أجل إثنائه، دون جدوى، عن هذا القرار الخطير والذي اعتبروه سابقة لا مثيل لها.

وقد جاء بداية نشاط حركة(العودة إلى سيناء) مواكبًا لحدثين مهمين للغاية في تاريخ الأصولية اليهودية: الأول: هو موت الحاخام تسفي يهودا كوك صاحب التأثير الهائل على الأصوليين اليهود، والثاني: هو شن حرب لبنان من قبل تكتل الليكود والتي قادها أرئيل شارون ـ وزير الحرب الصهيوني آنذاك، وتعرُض نشاطها أمام الانسحاب الصهيوني من سيناء للذبول يوماً بعد يوم.

منظمة(هيكل القدس):
منظمة صهيونية أمريكية من أبرز أهدافها مساندة ودعم الإرهابيين اليهود الساعين لهدم الأماكن الإسلامية المقدسة في فلسطين المحتلة، وفي مقدمتها المسجد الأقصى الشريف و قبة الصخرة. أسس المنظمة وترأس مجلس إدارتها تيري ريزنهوفر، وهو أمريكي الجنسية، بروتستانتي المذهب، ويعد أحد مؤسسي ورئيس منظمة أمريكية صهيونية أخرى أطلق عليها أهلها(مؤسسة معبد القدس).

أما الأهداف التي تكمن وراء تأسيس هذه المنظمة، التي يصل دعمها للمتطرفين اليهود في فلسطين المحتلة نحو مائة مليون دولار سنوياً، فتبينها الكاتبة الأمريكية جريس هالسل، التي اختارها الرئيس الأمريكي الأسبق جونسون شخصيا لتكون من كتاب البيت الأبيض، تقول هالسل:(إن ريزنهوفر أنشأ مؤسسة معبد القدس، مع عدد من الأمريكيين لمساعدة الإرهابيين اليهود على تدمير الأماكن الإسلامية المقدسة)..!!

وقد سعت منظمة(هيكل القدس)، بكل الوسائل للتلاعب وتكييف النظام الأمريكي، إذ قام ريزنهوفر بتنظيم وتزعم مؤسسة يهودية أمريكية أخرى أطلق عليها(التعاون اليهودي المسيحي)، وعن طريقها استطاع نقل الأموال الأمريكية المعفية من الضرائب للدولة العبرية، عاونه في ذلك(دوجلاس كريفر) كمدير تنفيذي والحاخام الأمريكي(دافيد بن أمي) الذي كان مقرباً من رئيس وزراء الكيان الصهيوني(أرئيل شارون).

إضافة إلى ذلك كان لريزنهوفر نشاطاً خاصاً، سخره لخدمة أهدافه تلك، فقد ترأس رابطة(صندوق جبل البيت) وهي حركة صهيونية عنصرية، متطرفة أعلن عن تأسيسها عام 1983، وشركة(ألسكا) للعقارات، وشركة( بيوت الحزام الشمسي)، كما أنشأ شركة لتنقيب النفط تعمل في الضفة الغربية، وهو أيضا شريك فاعل في مخططات تسعى لشراء أراضي الضفة الغربية من أصحابها الفلسطينيين.

وقد اختار ريزنهوفر شخصية مثيرة للجدل لتكون سكرتيرا دوليا لهذه المؤسسة، فقد وقع اختياره على اليهودي ستانلي جولد فوت، وهو عضو بارز في عصابة(شتيرن) الصهيونية واستنادا لصحيفة(دافار الصهيونية)، فإن جولد فوت هذا، هو الذي وضع القنبلة التي نسفت فندق داوود عام 1946م، وتسببت في قتل حوالي 90 شخصاً، ويؤكد المقربون منه أنه لو تطلب إعادة بناء الهيكل استخدام العنف فما كان ليتردد عن ذلك، ولكن الغريب في شخصيته،أنه على الرغم من أنه يُعد من أكثر الصهاينة تعصباً وتصميماً على إعادة بناء الهيكل،إلا أنه ملحد لا دين له!!

وقد نال جولد فوت من ريزنهوفر كل الدعم، إذ استطاع ـ وبتمويل شخصي منه ـ السفر عدة مرات للولايات المتحدة الأمريكية، ليتحدث لوسائل الإعلام الأمريكية المرئية منها والمسموعة، و للمسيحيين في الكنائس البروتستانتية طالباً مزيداً من التبرعات لإعادة بناء الهيكل.

وقد سخر ريزنهوفر أموال منظمته للدفاع عن الصهاينة الذين هاجموا المسجد الأقصى عام 1984، بهدف نسف قبة الصخرة، وهذا ما أكده راعي الكنيسة المعمدانية الثانية بقوله:(جمع ريزنهوفر أموالاً طائلة للمحامين الذين دافعوا عن(29) مسلحاً صهيونياً خططوا لقصف المسجد الأقصى عام 1984م، وهكذا تمكن المحامون من تبرئتهم وإطلاق سراحهم بعد أن تم اعتقالهم ومحاكمتهم..!!) وقد كان من ضمن المجموعة الـ(29) الإرهابية، ضباط في الجيش الصهيوني، وشخصيات يمينية بارزة، وأخرى ذات نفوذ في حكومة

(بيجن)، ومن الأعمال الأخرى التي خططت لها هذه المجموعة عملية اغتيال رؤساء بلديات الضفة الغربية الثلاثة، بسام الشكعة وكريم خلف وإبراهيم الطويل، وذلك بزرع قنابل في سياراتهم، وقد اعترف أعضاء المجموعة، خلال محاكمتهم، بارتكابهم لهذه الجريمة الإرهابية التي لم ينج منها سوى إبراهيم الطويل، في حين ترك الإنفجاران الآخران على جسدّي المناضلين بسام شكعة وكريم خلف آثاراً خطيرة.

وقد وجدت هذه الجريمة تأييداً مطلقاً من شخصيات بارزة في الحكومة الصهيونية، حيث أعرب الجنرال بن إليعازر الحاكم العسكري في الضفة الغربية،آنذاك، عن رضاه على الهجوم الذي استهدف رؤساء البلديات، قائلاً:( إنه يأسف فقط لأن مهمة الاغتيال لم تتم على أكمل وجه )..!! أما بلدوزر الإرهاب الصهيوني أرئيل شارون، فقد وصف أعضاء هذه المجموعة الإرهابية بـ(الأبطال العظماء)..!!

المنظمات الإرهابية الصهيونية في ثمانينيات القرن الماضي:

إن محاولة فهم الحركات والجماعات والمنظمات الإرهابية الصهيونية، التي تأسست وبرزت في مطلع ثمانينات القرن الماضي، بصورة صحيحة لا يمكن أن تتم دون وضع هذه الجماعات في سياق تراث الإرهاب الصهيوني السابق، وهو تراث تمتلك هذه الجماعات حساً عالياً تجاهه. وقد حملت أكثر من عملية إرهابية تسميات ذات دلالة تاريخية بالنسبة لتراث الإرهاب الصهيوني قبل عام 1948، مثل تسمية إحدى عمليات منظمة(إرهاب ضد إرهاب [ت. ن. ت])، بلقب شلومو بن يوسف(الإرهابي الصهيوني عضو منظمة [إتسل] الذي أعدمه البريطانيون لارتكاب حادث مماثل في الثلاثينيات). وقد قام كثير من إرهابيي الجماعات الجديدة، ممن جرى التحقيق معهم، بالتأكيد على أن ما يقومون به متصل تمام الاتصال مع تراث الإرهاب الصهيوني السابق. حيث كانت الإجابات تأتي على النحو التالي:(لقد عملنا كما عمل سابقاً في [إتسل والهاجاناه وليحيل] كل من بن جوريون وبيجين وشامير).

ولقد تسـاءل الإرهابي الصهيوني أندي جرين، عضـو منظمة(إرهاب ضد إرهاب [ت. ن. ت] )، في مقابلة منشورة بالصحافة الصهيونية قائلاً:(لا أستطيع أن أحصي عدد الشوارع التي تحمل اسم [ ديفيد رازل] الذي زرع قنبلة في سوق عربي عام 1939 فقتل 20 شخصاً. وإذا كان ما فعله هو الصواب، فكيف يصبح ما أفعله أنا من قبيل الخطأ؟!.)

وتبين كافة المعطيات أن هذه الحركات والجماعات والمنظمات مرتبطة تماماً بالاستيطان، ويتصاعَد نشاطها مع تصاعُد النشاط الاستيطاني. ولذا فليس غريباً أن نجد أن المستوطنات هي الأرضية الديموجرافية لحركات وجماعات ومنظمات الإرهاب الجديدة ولعضويتها. ومما يجدر ذكره أن حركات الاستيطان النشيطة مثل حركة(جوش أيمونيم) والأحزاب الأعلى صوتاً في الدعوة السياسية للاستيطان مثل(هتحيا وتسوميت) توفر الإطار السياسي لهذه المنظمات.

رابطة(صندوق جبل البيت):

حركة صهيونية عنصرية، متطرفة أعلن عن تأسيسها عام 1983، وهي تمارس أنشطتها في الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ومركزها الرئيسي في القدس المحتلة.

تمول هذه الحركة من قبل التجمعات المسيحية الصهيونية المتطرفة في أمريكا عموماً، وفي كاليفورنيا بالذات ويترأسها رجل الأعمال الأمريكي الثري(تاري أزينهوفر) وتضع على رأس مستهدفاتها العمل على هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث في موقعه وتنشيط عمليات احتلال الأراضي العربية وقد أكد هذا التوجه عضو الكنيست عن الليكود(يهودا بيرح) الذي أعلن يوم 22/1/1983 أن رابطة(صندوق جبل البيت ) ستتبرع بعشرات الملايين من الدولارات للاستيطان في(يهودا والسامرة ) أي أراضي الضفة الغربية، وأن الرابطة تضع نصب عينيها هدفا أساسيا هو(إعادة بناء الهيكل الثالث في نطاق جبل البيت).

ميليشيات(المدارس الدينية):

مجموعات إرهابية تضم طلاب(اليشيفوت)، أي المعاهد الدينية اللاهوتية في الكيان الصهيوني، الذين نظموا أنفسهم لتحقيق غاية واحدة هي قتل الفلسطينيين.

وهذه المدارس تضم عشرات الآلاف من الطلاب ويتم تجنيدهم وتدريبهم على استعمال السلاح في إطار مدارس خاصة تكفل لهم إضافة إلى هذا عدم الانقطاع عن الدراسات التوراتية والتلمودية.

منظمة(سكان الدقائق الخمس):

مركزها مستوطنة(كفار سابا)، وهي مجموعة شديدة التطرف بالغة العدوانية تميل إلى إثارة المشاكل وافتعال أسباب العنف ضد الفلسطينيين والفوضى باستمرار.

منظمة(سيودس شيسون):
تتلقى هذه الجمعية الدعم من وزارة المعارف الصهيونية وبلدية القدس ووزارة الحرب الصهيونية، وتعمل من أجل تعميق الوعي إزاء(الهيكل والقدس لدى الشعب اليهودي عامةً ولدى الجيش خاصة، وتهدف إلى الاستيلاء على المسجد الأقصى).

حركة حبّاد:

حركة صهيونية متطرفة، مهمتها(إنشاء أجيال من الكهنة ليخدموا الهيكل، وتربية البقر الأحمر لإلغاء الدنس، وتمكين اليهود من الدخول إلى الهيكل)، وتقوم الحركة بتنشئة الأطفال في قرية(حاريدية) قرب مدينة القدس وفقاً لمتطلبات الديانة اليهودية،على حد زعمهم، أما(البقر الأحمر) فتتم تربيته في قرية(حسيديم).

حركة(نساء من جبل الهيكل المقدس):

يترأّس هذه الحركة الصهيونية المتطرفة ميخال ابيزر، وهي ربّة منزل تدعي(الحاخامية)، ومن سكان مستوطنة(هكريوت). وتعمل الحركة على جمع المجوهرات والذهب من النساء اليهوديات استعداداً لبناء الهيكل المقدّس، وتوضع هذه التبرعات في خزنة(معهد الهيكل).

حركة(جبل البيت السرية ):

إحدى الحركات الصهيونية المتطرفة، التي عملت بسرية، وكانت تركز نشاطها باتجاه العمل على هدم المسجد الأقصى، وإعادة بناء الهيكل الثالث في مكانه، وهي تحقيقاً لهذا الغرض تؤمن بضرورة طرد الفلسطينيين من أراضيهم، لكي تصبح(أرض إسرائيل الكبرى) خالصة لليهود الأصوليين والصهاينة.

وقد اكتشفت هذه الحركة في آذار(مارس) 1983، عقب اعتقال 45 شاباً من المتدينين الأصوليين الذين كانوا يعدون العدة لاقتحام ما يسمونه(جبل البيت) والاستيطان فيه بقوة السلاح.

وكان الكثير من هؤلاء الشبان يحملون لدى اعتقالهم أسلحة تسلموها من المؤسسة العسكرية الصهيونية بمعرفة قيادات بارزة في جيش العدو، وقد تم اعتقالهم في منزل الحاخام يسرائيل أرئيل، وأطلقت عليهم أجهزة الإعلام الصهيونية اسم حركة(جبل البيت السرية) أو حركة(الحاخام أرئيل السرية) نسبة إلى زعيمها الحاخام يسرائيل أرئيل.

جماعة(أبناء يهودا):

جماعة من اليهود المتطرفين غريبي الأطوار والعادات غيبية الرؤى، تستوجب عقائدهم الغريبة المشي ووجوههم دائماً في اتجاه الشمس أياً كان موقعها من السماء.

وقد اختارت هذه الجماعة الغريبة خرائب قرية لفتا العربية في المشارف الغربية لمدينة القدس للاعتكاف بها نظراً لتواجد ينابيع للمياه، وتقوم الجماعة بممارسة طقوس الطهارة فيها، ويعتبر أعضاء هذه الجماعة أنفسهم رسل السيد المسيح(عليه السلام).

وقد حاول عناصر جماعة(أبناء يهودا) في أواخر شهر كانون الثاني(يناير) 1984 تهريب صناديق من المتفجرات إلى ساحة المسجد الأقصى وقبة الصخرة لتدميرهما، وقد اكتشف الحراس الفلسطينيون الأمر، وأحبطوا عملية التفجير في الوقت المناسب، وقد أثبتت التحقيقات الصهيونية سعي الجماعة لقصف الحرم القدسي باستخدام طائرة من الجو.

وأثناء التحقيق مع أفرادها اعترف أحد المتهمين بأنه( قبل حوالي أربع سنوات بدأت بالتفكير بضرورة تطهير[ جبل الهيكل] من التواجد الإسلامي فيه، واليوم أرى في هذه المهمة هدفاً ومحوراً ورايةً في سبيل [إسرائيل] ونحو الخلاص.. كان من واجب الدولة أن تفعل ذلك حالاً وأثناء حرب الأيام الستة).

وقد ثبت من التحقيقات أن أفراد الجماعة تلقت فتاوى من حاخامات متطرفين باركوا هذا المسعى الإجرامي، وبرر بعض قيادتها مسلكهم هذا أمام المحكمة الصهيونية المركزية في مدينة القدس المحتلة.

حركة(الاتجاه الثالث):
حركة استيطانية احتجاجية جديدة، أنشئت عام 1995 بفضل مساندة دان شوبرون رئيس أركان جيش العدو الأسبق ونائبين آخرين من نواب حزب العمل في الكنيست هما أفيجدور كهلاني وعمانويل زيسمان وكلاهما من الضباط القدامى. وقد أعلنت الحركة عن هدفها وهو( معارضة إعادة الجولان للسوريين)، ثم وسعت برنامجها لكي يضموا فيه سائر الأراضي المحتلة الأخرى.

ويسعى أتباع هذه الحركة إلى تمييز أنفسهم عن أنصار(إسرائيل العظمى)، وعمن يطلقون عليهم(اليساريين أنصار الخضوع الكامل لمطالب العرب).

وقد صوت نائبا الحركة في الكنيست ضد اتفاقية أوسلو، وتقترح الحركة تجميع المناطق الفلسطينية المتفرقة حالياً في تجمعات أوسع مركزة حول نابلس ورام الله وبيت لحم والخليل، وتربط بينها جميعاً شبكة من الممرات الضيقة الأمر الذي يضمن صراحة لسلطات الاحتلال ميزة السيطرة على مصادر المياه المتوافرة في الضفة، علاوة على احتفاظها بالرصيد العمراني الهائل الذي شيدته في أكبر عشرين مستوطنة صهيونية مثل:(أريال كروحيم وأوتاريم وجيفات زييف ومعالي أدوميم وبيتار وإيفرات )، كما أن من شأن هذا الاتجاه أن يدعم الصلة مع مستوطنات وادي الأردن، ذات الأهمية الإستراتيجية البالغة للكيان الصهيوني.

جمعية(تجديد الاستيطان اليهودي في مدينة القدس القديمة كلها):
تسمى هذه الجمعية باللغة العبرية(عطر اليوشنا)، وقد اعتبرها المراقبون أهم أداة تحققت بوساطتها أهداف الدولة العبرية الديموغرافية في الأحياء الإسلامية من المدينة القديمة في أواسط الثمانينيات، وقد تأسست الجمعية عام 1979 من أجل استرجاع وبعث وتجديد الاستيطان اليهودي في تلك الأحياء التي ليست أقل يهودية من الحي اليهودي نفسه. وقد ركزت الجمعية جهودها على تحقيق عملية الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية التي لا زالت بين أيدي الفلسطينيين في المدينة القديمة بكل السبل الممكنة ومصادرة ما تبقى من أملاك فلسطينية وإحلال مُلاك يهود محلهم. ومن أبرز أنشطتها احتلال منازل في طريق الواد، واحتلال دير(ماريوحنا) في حارة النصارى بدعم من قوات الجيش الصهيوني.

جماعة(تاج الكهنة):

جماعة(تاج الكهنة)، ومعناها باللغة العبرية(عطيرت كوهانيم)، أسسها ضابط سابق في الجيش الصهيوني من المتطرفين، يدعى متتياهو هاكوهيني، وهو أحد مستوطني مرتفعات الجولان، وجاء تأسيس الجماعة عام 1978 على هيئة مؤسسة تعليمية دينية(يشيفا) يقودها الحاخام شلومو أفينز. وأبرزعناصرها هم من صفوف القوميين - الدينيين وتعتبر(يشيفا) النخبة الأصولية من عناصر حركة(جوش ايمونيم ) العنصرية، وهي تكثف جهودها في دراسة الطقوس الكهنوتية التلمودية التي كانت متبعة في(هيكل سليمان) استعداداً وتحضيراً لمجيء(المسيح المخلص) مثلما أوضح ذلك الحاخام جافتس حاييم.

وقد قدرت صحيفة(جورزالم بوست) في بداية عقد التسعينيات عدد عناصرالجماعة بمائتي فرد، وهي تحظى بدعم مالي حكومي ضخم، وتقوم إضافة إلى نشاطاتها اللاهوتية بامتلاك الأراضي العربية، وهي تفضل العمل بصمت، بعيدة عن الضجيج الإعلامي الملفت للأنظار، وتؤمن مثلما يقول الحاخام أفينز بـ( وجوب أن تكون على استعداد للقيام بالشعائر الدينية عندما يبنى الهيكل)، وتعد نفسها وجمهورها كذلك للحظة التي يتحقق فيها هدفهم لأنه من وجهة نظرها(إذا شاء الجمهور أن يكون الهيكل فسيكون).

جماعة(توراة كوهانيم):

تشبه في أفكارها وأيديولوجيتها عقائد جماعة(تاج الكهنة)، وتنذر نفسها لدراسة المعارف المتعلقة بـ(هيكل سليمان)، وكذلك السعي إلى امتلاك ما يمكن امتلاكه في الأحياء الإسلامية في مدينة القدس القديمة.

وتنتمي الجماعة إلى اليمين السياسي القومي الديني، وهي قريبة من حركة(جوش ايمونيم) الاستيطانية، وتعمل على اجتذاب طلاب(الهسدير) أي(الشباب الصهاينة الذين يخدمون فترة تجنيدهم في دراسة التوراة والتفقه في الشريعة، والمعروفين بالهالاخاه).

حركة(إسرائيل الفتاة):

تنظيم عنصري للمستوطنين المتطرفين يتزعمه الحاخام نحمان كاهانا شقيق الحاخام العنصري مائير كاهانا زعيم حركة( كاخ). ويدرس الحاخام كاهانا لعناصر حركته خليطاً من لاهوت(إسرائيل الكبرى) وبعض المعارف المتعلقة(بهيكل سليمان).

وقد أقدم عناصر الحركة على شن سلسلة اعتداءات عنيفة ضد الفلسطينيين.

وقد اتهم ابن الحاخام نحمان كاهانا بإطلاق الرصاص من بندقيته الآلية على حشد من الفلسطينيين بمدينة القدس القديمة، وهي تستهدف الفلسطينيين في المواقع الإسلامية، وتنظم رحلات استفزازية لزيارة الأماكن الإسلامية المقدسة، كما توزع بطاقات بريدية تحمل صورة(الهيكل الثالث) في موقع الحرم الشريف وقبة الصخرة.

حركة(هذه الأرض لنا):

حركة(هذه الأرض لنا) هي إحدى الحركات اليمينية حديثة المنشأ، أعلن عن تأسيسها في ديسمبر 1993 حين اجتمع مؤسسوها في حي(نفى عليزا) بمستوطنة(جينون سمرون) في الضفة الغربية بهدف تأسيس حركة تسلك طريق العصيان المدني، وبالرغم من نظرة الاستخفاف التي قوبل بها أعضاء الحركة فترة الإعلان عن تأسيسها، إلا أن حجم التأثير الواسع الذي أحدثته ألقى أضواء هامة وكاشفة على الأصول الإيديولوجية لها،

وقد اعترف موشى فيجلن، وهو خبير كمبيوتر في الثلاثينات من عمره، بانتماء حركته إلى معسكر اليمين المتطرف نافياً أن يكون أعضاؤها من أتباع حركة الحاخام مائير كاهانا، قائلاً:( لسنا سياسيين في الحركة ولا ننتمي إلى الحركات السياسية ولا علاقة لنا بكاهانا أو غيره ولكن إن شئتم: نحن كل هؤلاء في ذات الوقت).

وقد عمد أعضاء الحركة إلى السيطرة على مواقع خالية، لبناء مستوطنات جديدة فيها وهو ما دعمه الحاخام بني ألون، أحد منظري الحركة، والذي يدير حلقة دينية في مستوطنة(بيت إيل) القريبة من مدينة رام الله.

كما تركزت أنشطة الحركة على دعم منظمات الاستيطان المتطرفة، وأعلن الحاخام ألون أن العصيان المدني أصبح الطريق الوحيد المتبقي أمامهم لأنهم يشعرون بأزمة نتيجة عدم سماع اسحاق رابين لمطالبهم. قائلاً:(عندما يكون ظهرك للحائط يجوز لك استخدام العصيان المدني شرط أن تكون مستعداً لدفع الثمن والمكوث في السجن ).

وفعلاً صعدت الحركة مواجهتها مع حكومة رابين في أوائل شهر آب /أغسطس عام 1995، حيث قام الآلاف من المستوطنين المتطرفين ذوي القبعات السوداء بحركة عصيان شاملة احتجاجاً على المفاوضات الجارية بين حكومة رابين ومنظمة التحرير الفلسطينية، وصعدوا من تحركاتهم باحتلال 15 تلة محاذية لمستوطنات في الضفة الغربية فيما عرف بـ(حرب التلال)، وتصاعدت الصدامات الدموية بين المتطرفين الصهاينة والفلسطينيين جراء هذا العدوان الاستفزازي، بعد أن استولى المستوطنون على العديد من المواقع الأمامية التي أقيمت على طرق الضفة الغربية في ضواحي المستوطنات، وأعلن وزير الأمن الصهيوني موشى شاحال، آنذاك، تعقيباً على مجريات الأحداث أنه(في حال مواصلة المستوطنين لأعمالهم فإن ذلك قد يؤدي إلى سفك الدماء، مشدداً على أن حكومة إسحاق رابين لن تسمح بأن تعيش البلاد في أجواء من الفوضى بعد أن أصيب نحو 60 شخصا)، واعتقلت الشرطة لتهدئة النفوس أكثر من مائة مستوطن. كما أعلن الوزير شاحال أن الحكومة تعتزم إعلان حركة(هذه الأرض لنا)، حركة محظورة.

وفي معرض تعليقه على الأحداث ذكر شاموئيل ساكيت، أحد قادة الحركة أن:(قطع الطرق ليس سوى الخطوة الأولى وهدفنا الآن هو تعزيز أنصارنا الذين انتشروا على طول الطرق لضمان أمننا في الوقت الذي تخلى فيه الجيش عنا(!).. إن هدفنا هو إثبات أن هذه الأرض هي أرضنا وأن [يهودا والسامرة]، لن تصبح يوماً غزة جديدة حيث يطبق الحكم الذاتي منذ أيار / مايو 1994). وأضاف ساكيت أن حركته لن تتردد في اللجوء إلى القوة بقوله:(إننا مستعدون للمواجهة مع الأراضي الفلسطيني).

وبعد أن نجحت حركة(هذه الأرض لنا)، بدعم عدد كبير من أنصار الأحزاب اليمينية، في تعطيل حركة المرور بضع ساعات على مئات الطرق الرئيسية في كامل المدن، اعتقلت قوات الأمن نحو مائة شخص آخرين كان من بينهم فيجلن(رئيس الحركة ) الذي دعا إلى(العصيان المدني) مهدداً الحكومة ومحرضاً المستوطنين على الانضمام إلى حركات المعارضة العنيفة في مواجهة أية اتفاقية تعقد بين الحكومة الصهيونية ومنظمة التحرير.

وقد قدم الحاخامات الثلاثة فيجلين وألون وهمويل ساكت، باعتبارهم الأعضاء القياديين للحركة إلى محاكمة كانت هي الأولى من نوعها تحت سقف( قانون المعاقبة على العصيان)، جراء تحركاتهم التي تحض كافة الصهاينة على التمرد.

حركة(كاهانا حي):

تعد حركة(كاهانا حي) تنظيماً صغيراً نسبيّاً، وإن كانت أكبر عدداً من جماعة التنظيم اليهودي المقاتل(آيال)، أنشئت بعد قتل الحاخام مائير كاهانا في نيويورك، ويتولى رئاستها نجل كاهانا بنيامين، وقد أنشأها بعد انشقاقه على حركة(كاخ)، ورفض الانصياع إلى توجيهات زعمائها، ويساعده بصورة رئيسية دافيد اكسلرود، وهو يهودي متعصب ولد في أمريكا ثم هاجر إلى فلسطين المحتلة عام 1980، ويعد من غلاة المتعصبين الداعين لتدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم في موقعه.

وتنشط جماعة(كاهانا حي) لتحقيق الأفكار العنصرية لكاهانا الأب، وتواصل اعتداءاتها على الفلسطينيين وعلى أملاكهم، وتهدد علنا بالاقتصاص منهم والعمل على إبادتهم، ويقع مركزها في مستوطنة(كفار تبواح) بقضاء نابلس.

وعقب مقتل إسحاق رابين خطب توعد بنيامين كاهانا بأن رابين(لن يكون آخر المغتالين).

واثر العملية الفدائية ضد معسكر للجيش الصهيوني، أدت إلى مقتل ثلاثة جنود، والتي شارك فيها شابان فلسطينيان من أبناء قرية أم الفحم، وزعت الحركة منشوراً في آذار/ مارس 1992 عنوانه(اقصفوا أم الفحم) وجاء فيه:( لماذا عندما خرج عرب من أم الفحم وذبحوا ثلاثة جنود أرسلت الحكومة الطائرات لقصف حزب الله في لبنان بدلاً من أن تقصف أم الفحم؟ لماذا في كل مرة يقتل فيها يهودي يقصفون لبنان لا قرى العدو في دولة إسرائيل؟).

ولحركة(كاهانا حي) فروع عديدة في الولايات المتحدة، ترفدها بالأموال والأسلحة والأفراد المدربين على السلاح وأعمال التخريب، وينظم هذه الأنشطة في الخارج يكتوئيل بن يعقوب، وقد اتهمته المباحث الفيدرالية الأمريكية(FBI) بأعمال عنف ضد أهداف عربية في أمريكا، كما اتهم بالاشتراك في عملية اغتيال الكاتب الأمريكي من أصل فلسطيني اليكس عودة، المدير الإقليمي للجنة العربية الأمريكية لمناهضة التمييز، في11 تشرين الأول/أكتوبر العام 1985، كما يوجد لها فرع للفتيان يسمى(نوعر مائير) أي(فتيان مائير)، وقد ارتكب أربعة من عناصرها المبتدئين جريمة إلقاء قنبلة في سوق القصابين بالبلدة القديمة بالقدس في نوفمبر 1992 أدت إلى قتل وجرح عدد من المواطنين الفلسطينيين.

جماعة(أمناء جبل الهيكل):

هي واحدة من المنظمات الإرهابية التي اتجهت إلى ترويع الآمنين من السكان الفلسطينيين وممارسة العديد من أشكال الإرهاب والاعتداء بهدف إكراه الفلسطينيين على الهجرة وترك أراضيهم التي ورثوها بحجة أنها جزء من(أرض إسرائيل الكاملة) التوراتية.

شاركت جماعة(أمناء جبل الهيكل) مع غيرها من الحركات والمنظمات الإرهابية الصهيونية، في تنظيم العديد من المظاهرات الصاخبة وعمليات الهجوم على المدنيين الفلسطينيين العزل، وأملاكهم في الخليل وباقي مدن الضفة الغربية والقدس، وقد بلغت ذروة أعمالها العدوانية في الفترة ما بين الأعوام(1980 – 1984) وهي الفترة التي شهدت(380) اعتداء على الفلسطينيين، وأسفرت عن قتل ثلاثة وعشرين فلسطينياً وإصابة نحو(191) كانت إصابات بعضهم بالغة، كما تم خلالها اختطاف(38) فلسطينياً وتنفيذ المئات من الهجمات والاعتداءات على الممتلكات والسيارات والمنازل والمتاجر إضافة إلى(41) اعتداء على المؤسسات والهيئات الإسلامية والمسيحية، وفي تلك الفترة وقع حادث الاعتداء البارز الذي فجر سيارتي بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس وكريم خلف رئيس بلدية رام الله، الأمر الذي أدى إلى إصابتهما بإصابات بالغة.

وبالرغم من اعتقال عدد من نشطاء الحركة بسبب نشاطاتهم الإرهابية ضد المدنيين الفلسطينيين فإن حكومة إسحاق شامير أفرجت عنهم في إطار عفو عام صادقت عليه.

وترتبط جماعة(أمناء جبل الهيكل) بحركة(كاخ)، وتعمل علناً من أجل هدم قبة الصخرة ومن أجل إعادة بناء هيكل سلميان المزعوم في الموقع ذاته.

وكانت المحكمة العليا الصهيونية قد أصدرت قراراً يقضي بالسماح لأعضاء الجماعة بالدخول إلى حرم المسجد الأقصى وإقامة شعائرهم التوراتية فيه الأمر الذي عد انتهاكاً جديداً للمقدسات الإسلامية واستفزازاً مباشراً للشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو.

و يرأس هذه الجماعة جيرشون سالمون الذي كان عضواً نشطاً في رابطة(الدفاع اليهودية الأمريكية)، ويعمل مديراً تنفيذياً لمدرسة جبل المعبد، وقد اكتشف لديه مخزون هائل من الأسلحة والمتفجرات والخرائط التي عكست تدبيراً إجرامياً لنسف المنطقة وقتل المدنيين الفلسطينيين العزل في الأراضي المحتلة، وقد انضم سالمون وهو صبي إلى منظمة(الإرجون) الإرهابية وفي مطلع الستينيات انضم إلى حزب(حيروت) اليميني، وباسمه انتخب في مجلس بلدية القدس قبل أن ينضم إلى كتلة(جيئولا كوهين)، ويشترك معها في تأسيس حزب(هتحياه) المتطرف ويرأس فرعه في القدس.

وينادي سالمون بضرورة نقل المحكمة العليا إلى(جبل البيت)، وبأن يؤدي الرئيس الصهيوني القَسّم فيها، كما يدعو إلى تنظيم استعراضات عسكرية مسلحة للجيش الصهيوني في ساحة المسجد الأقصى.

جماعة(شوفوبانيم):

جماعة(شوفوبانيم ) هي إحدى جماعات المستوطنين الداعية للاستيلاء على الأراضي العربية، وفي فترة تصاعد عمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية وحمى الاستيطان الصهيوني عام 1984، وكان لهذه الجماعة دورٌ بارز في إلحاق الأذى الشديد بأملاك المواطنين الفلسطينيين، وأدت ممارسات أعضاء هذه الجماعة العدوانية إلى الإخلال بالأمن والاستقرار، ومن أبرز أنشطة أعضاء الجماعة الاعتداء المتكرر على الفلسطينيين المقيمين جوار الحرم القدسي الشريف، وتعمد إزعاجهم بالصياح ليلاً نهاراً، والاعتداء عليهم أثناء أدائهم لفريضة الصلاة.

جماعة(مواطنون من أجل يهودا والسامرة وغزة) [ ييشع ]:

جماعة(مواطنون من أجل يهودا والسامرة وغزة)، والتي يطلق عليها اختصاراً باللغة العبرية( يشع)، أسسها عام 1985 الياكيم يعتسيني وهو محام من غلاة القوميين الطليعيين من مستوطني(كريات أربع) ويعد واحداً من أشد المستوطنين المتطرفين.

وقد حددت هذه الجماعة نشاطها في تعبئة المعارضة السياسية لاستباق أية تسوية سلمية بين الصهاينة والفلسطينيين والعرب وبالذات مبادرات(حسين - بيريز) التي كانت بوادرها تلوح في الأفق آنذاك.

ويدعو الياكيم يعتسيني في كتاب له بعنوان(صدمة الانسحاب من أرض إسرائيل ) إلى مقاومة أية حكومة تعمل على إحلال السلام مع الفلسطينيين والعرب، قائلاً:(من حق اليهود الأوفياء لأرض إسرائيل مقاومة حكومة دولة إسرائيل أو حتى الإطاحة بها إذا ما خانت الصهيونية والشعب اليهودي بالموافقة على ترك بعض أجزاء الوطن للحكم العربي).

وقد اتخذت جماعة(مواطنون من أجل يهودا والسامرة وغزة) قراراً يقضي بأن( أي نظام للحكم في إسرائيل يتجه إلى تطبيق أية مقترحات سلمية سيعد نظاماً غير شرعي، كما عد الجنرال ديغول نظام المارشال بيتان الذي خان الشعب الفرنسي في فيشي).

وكان يعتسيني قد انتقد بحدة في كانون الثاني / يناير 1985 كبار رجال الدولة والجنرالات العسكريين لأنهم لم يطبقوا(سياسة الأرض المحروقة في لبنان، بما في ذلك تدمير بيروت تدميراً كلياً، وطرد مئات الآلاف من الشيعة من الجنوب اللبناني).

جماعة(التنظيم اليهودي المقاتل) [آيال]:

تعد جامعة بار آيلان من أشهر الجامعات الدينية في الكيان الصهيوني، وهي من أبرز مراكز التطرف الصهيوني وأهم مصدر له، وقد شكل عدد من طلبتها عام 1992، جماعة أطلق عليها(التنظيم اليهودي المقاتل) وعرفت بـ [آيال]، ويمكن إدراك حدود هذه الجماعة الإرهابية ومنظور تطوراتها الإجرامية من تقويمها لأداء جماعتين مصنفتين باعتبارهما من أشد الجماعات الإرهابية اليهودية تطرفاً وأكثرها عنفاً وعدوانية وهما: جماعة(كاخ)، وحركة(كاهانا حي)، حيث اعتبرت جماعة آيال] أن هاتان الجماعتان لا تجيدان سوى الكلام، بالرغم مما عرف عنهما من اقترافهما أعمال عنف وإرهاب بشعة ضد المدنيين الفلسطينيين العزل.

وتؤمن هذه الجماعة كغيرها من جماعات الإرهاب الأصولي اليهودي بقدسية( أرض إسرائيل الكاملة)، وتكفر من يجرؤ على التنازل عما تعتبره حقاً توارتياً لا رجعة فيه، وتعتبره مرتداً وجب قتله. وهي على علاقة وطيدة بغيرها من الأحزاب والقوى والجماعات الأصولية المتطرفة واليمينية الصهيونية، وبعد واقعة اغتيال إسحاق رابين على يد أحد من عناصرها ويدعى إيجال عامير، تبين أن مكتب إسحاق شامير ـ رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق ـ قد تدخل لدى جامعة تل أبيب عام 1992 من أجل السماح بعودة أفيشاي رافيف( زعيم جماعة آيال) للدراسة بعد أن طرد منها لسلوكه العنصري.

وفي أعقاب اغتيال رابين وُجهت اتهامات إلى جهاز الأمن الداخلي الصهيوني المعروف بـ[الشين – بيت] بتأسيسه لهذه المجموعة المتطرفة، وقد أعلن حاخام مدرسة( بيت عوروت التلمودية)، الواقعة على جبل الزيتون في القدس الشرقية، وابن أحد قضاة المحكمة العليا( أن جماعة آيال أنشئت وتطورت بواسطة جهاز[الشين – بيت] ثم أعاد تأكيد هذا الاتهام في حديث للإذاعة الصهيونية بقوله:(إن قادة جهاز الأمن الداخلي [الشين – بيت] تعرف ليس فقط من هم أعضاء جماعة آيال بل إنها قامت بتأهيلهم وتمويلهم).

وقد كشفت صحيفة(يديعوت إحرونو) بعد أيام من هذا الإعلان أن إيجال عامير قاتل رابين قد تدرب بالفعل كأحد الحراس في جهاز الأمن الداخلي [الشين – بيت] عام 1992، وأنه تلقى تدريبات على كيفية إطلاق النار ومحاضرات عن تمارين الحماية قبل إرساله في بعثه حكومية إلى لاتفيا، وقد تعلم في إحدى هذه المحاضرات الكيفية العلمية التي تتيح له اختراق حواجز الأمن الكثيفة بسهولة لحظة وصول أو انصراف الهدف.

وقد لفت نظر المراقبين الذين حضروا جلسة استماع لمحاكمة إيجال عامير هدوءه وابتسامته التي لم تفارق وجهه، وتعليقه الذي ذكر فيه أنه ربما يكون قد نفذ عملية القتل بمفرده ولكن لم يجذب الزناد وحده وإنما( كل أمة إسرائيل التي تحلم بالوطن منذ ألفي عام وضحت بالدماء من أجله هي التي فعلت ذلك)، كما وصف إيجال عامير رابين بأنه لم يكن زعيماً شرعياً لليهود، مؤكداً أن اغتياله قد خدم قضية العدل في البلاد، وذكر أنه حاول اغتياله قبل ذلك عدة مرات.

والأخطر من ذلك أن التحقيقات كشفت تغلغل هذه الجماعة داخل(قوات الجيش الصهيوني)، وأن الأسلحة والذخيرة والمتفجرات التي ضبطت بحوزة القاتل، كان مصدرها المؤسسة العسكرية.

ويزيد من أهمية ما تقدم ذكره أن التحقيقات التي تمت عقب عملية اغتيال رابين أثبتت أنها لم تكن العملية الوحيدة التي خططت لها جماعة [آيال]، وإنما أعدت الجماعة لعمليات إرهابية أخرى في الأراضي المحتلة، كما أعدت قائمة جديدة للاغتيال على رأسها شمعون بيريز(رئيس الحالي للكيان الصهيوني)، والعديد من الشخصيات الصهيونية والفلسطينية.

(المنظمة الدولية لضحايا الإرهاب العربي):
تجمع صهيوني مغرق في يمينيته، ترأسه شيفرا هوفمان وهي واحدة من دعاة الفكر الصهيوني المتطرف، وتضم المنظمة عناصر شديدة العداء والكراهية للعرب، وتعمل على تعبئة الرأي العام ودفعه نحو المزيد من الاعتقاد بالمزاعم التي يبثونها عما يروجون له حول(الإرهاب العربي).

وقد ألقت هوفمان خطبة تحريضية صاخبة في احتفال أقامه(أنصار مائير كاهانا) بعد يومين من اغتيال إسحاق رابين على يد إيجال عامير، أكدت فيها أن( حكومة رابين هي المسئولة عن العنف في إسرائيل لأنها أفرجت عن الآلاف من الإرهابيين من منظمة التحرير الفلسطينية مبرزة مقالات في الصحف عن العمليات الفدائية التي جرت وقائعها في العامين الأخيرين، كما عرضت صوراً ضمت نحو مائة من الإسرائيليين القتلى يحيطون بصورة لإسحاق رابين يصافح ياسر عرفات في إشارة موحية إلى أنهم القتلة).

منظمة(هاشوير الجديدة):

لاحظت أوساط صهيونية كثيرة، مقربة من مصادر المعلومات ومراكز اتخاذ القرار الصهيوني أن هناك بوادر تشير إلى تشكيل تنظيم عسكري سري وسط المستوطنين هدفه القيام بعمليات انتقامية ضد العرب الفلسطينيين وإرهابهم بالعنف لدفعهم إلى ترك أراضيهم بالقوة. وقد كتب روني شكيد في صحيفة( يديعوت إحرونوت) أن لدى هذا التنظيم إمكانيات هائلة مثل قدرتهم على دراسة منطقة العمليات للوصول والانسحاب بكل أمان، ومعلومات استخبارية مسبقة لضمان نجاح أية عمليات، كما يمتلكون كميات هامة من الأسلحة.

ومن وجهة نظر من يدعون السلام من الجانب الصهيوني، فإنه إذا لم يتم لجم مثل هذه العمليات، فإن الاتفاقات الموقعة بين الصهاينة والفلسطينيين ستتعرض للخطر،(حيث توجد لدى بعض الأطراف مصلحة في مضاعفة حالة عدم الإحساس بالأمن حتى تصبح الأرض خصبة للنشاطات التي يمكن أن تقوم بها هذه المجموعات المسلحة).

وفي فترة لاحقة، بعد ذكر هذه الأنباء، أشارت جريدة(معاريف الصهيونية) إلى أنه قد تم بمشاركة من الإرهابي أرئيل شارون تكوين شبكة من المستوطنين اليهود المتفرغين للتدخل في الأحداث الأمنية، وأن اجتماعاً قد عقد في الضفة الغربية ضم مستوطنين متدينين لإنشاء تنظيم عسكري لتجنيد عشرات الآلاف من المتطوعين من داخل مستوطنات الأراضي المحتلة عام 1948 بهدف حماية وتعزيز وضع اليهود في الضفة الغربية مع بدء دخول قوات السلطة الفلسطينية للمواقع التي تم الاتفاق على منحها للفلسطينيين بموجب اتفاقية التسوية مع الدولة الصهيونية.

وكشفت المصادر الصهيونية أن هدف شارون الأساسي من تشكيل ودعم هذا المنظمة هو التصدي لأكثر من( 20 ألف مخرب مسلح)، والمقصود هنا عناصر الشرطة الفلسطينية الذين سيتواجدون في المناطق التي سينسحب منها جيش العدو بموجب اتفاقية أوسلو، بحيث( يكون هناك على الأقل مثل هذا العدد من المتطوعين اليهود يدعمون أشقاءهم وشقيقاتهم وسيأتي هؤلاء من دولة إسرائيل وربما من أنحاء العالم لتحقيق المبدأ القديم الذي يقول إن الإسرائيلي عون لأخيه).

وتشتمل الخطة المطروحة لهذه التشكيلات على إقامة قاعدة تنظيمية وجمع أموال وإنشاء مراكز للدعاية وتسجيل أسماء المستوطنين المتطوعين في مكاتب أحدثت للغرض في قلب المدن، وهيئات لتنظيم وتوزيع هذه القوات، على أن يكون في النهاية لكل مستوطنة قوة احتياطية خاصة بها، مكونة من آلاف المتطوعين.

وهذا يعني، حسب رأي، يهوشع سبشني(أحد أصحاب المبادرة، وأبرز قادة المنظمة في مستوطنة كريات أربع والخليل) أن الجيش في نظرنا لم يعد له وجود.

ويشير زان هعتسني(أحد غلاة المستوطنين العنصريين) إلى أن أصحاب مبادرة تأسيس المنظمة عادوا إلى اسم(هاشومير) بكل شحنته التاريخية الكبرى.

ومعروف أن منظمة(هاشومير) المشار إليها هي منظمة عسكرية أسسها عناصر متطرفون من(حزب عمال صهيون) عام 1909، وكانت قد حددت منهجها برافض الحراسة السلبية للمستوطنات، ودفعت إلى ممارسة العنف ضد السكان الفلسطينيين، سعياً لخلق ما يسمى بـ(اليهودي العنيف) المتحرر من مشاعر الخوف أو الجبن عن طريق إحياء أساطير الشعبية اليهودية القديمة.

وقد كان لهذا النهج الذي وضعته فرق(الهاشومير) الفضل في تأسيس الركائز التي استندت إليها الحركة الصهيونية فيما بعد لإنشاء المؤسسة العسكرية الصهيونية الراهنة.

جماعة(درع ديفيد مكاي):

جماعة إرهابية يهودية، أمريكية المنشأ، أعلنت في كانون الثاني / يناير 1994 مسؤوليتها عن محاولتي تفجير ضد جماعتين يهوديتين ليبراليتين مقرهما نيويورك هما:(الصندوق الإسرائيلي الجديد) و(الأمريكيون من أجل السلام الآن)، وقد أيد إسحاق شامير(رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق) نشاطات هذه الجماعة الإرهابية، وقدم لها غطاءً سياسياً بقوله في معرض تعليقه على هجوم نيويورك:(إن حركة السلام الآن ألحقت بإسرائيل من الأذى والضرر أكثر مما كانت ستلحقه تلك القنبلة فيما لو انفجرت).

وقد أصدرت هذه الجماعة بياناً شنت فيه حملة ضخمة ضد حكومة حزب العمل السابقة ورئيسها إسحاق رابين واتهمتها بأنها(باعت الشعب اليهودي) ودقت طبول(الحرب الأهلية اليهودية التي بدأت) جراء السياسات المهادنة لرابين وحكومته.

منظمة(سيف داود):

واحدة من المنظمات الإرهابية اليهودية في الكيان الصهيوني، أعلنت عن هدفها المركزي وهو(تصفية العرب الفلسطينيين وتطهير أرض إسرائيل الكاملة من وجودهم).

وقد وزعت منظمة(سيف داو) في أيلول/ سبتمبر 1994 منشوراً أعلنت فيه أنه:(قد قام من بين الشعب اليهودي خائن يدعى إسحاق رابين وهذا الخائن يريد أن يبيع القدس وإطلاق سراح الآلاف من الفلسطينيين القتلة ولذلك فإن عقوبته الموت).
المنظمات الإرهابية التابعة للمؤسسة الأمنية والعسكرية الصهيونية:

وحدات( المستعربين الخاصة):

أسست أول وحدة للمستعربين في فلسطين المحتلة، خلال حرب عام 1948، في الأوساط الفلسطينية، وقد تبين أن المستعرب الأول في الجيش الإسرائيلي، ويدعى يسرائيل عبدو بن يهودا، قد مات في منتصف شهر حزيران/يونيو 1999، ويعتبر بمثابة(الأب الروحي للمستعربين ).

وقد كشف تحقيق أعده الصحفي الصهيوني يوسي ميلمان النقاب( أن وحدة مستعربين عاشت في الأوساط العربية في فلسطين المحتلة منذ الأربعينات، وأن أعضاءها عاشوا في القرى فلسطينية كعرب، وتزوجوا من نساء فلسطينيات).

ويعمل أفراد هذه الوحدات متنكرين دوماً بالزي العربي، ويعيشون حياة مزدوجة، حياتهم اليهودية الطبيعية، وحياتهم الثانية كمستعربين، يتوجب عليهم ارتداء اللباس العربي والتدرب على اللغة العربية، واللهجات الفلسطينية المحلية، والعادات والتقاليد، كي يتسنى لهم الانخراط في أوساط المواطنين الفلسطينيين، دون أن يتمكن أحد من إحباط مهماتهم أو اكتشاف أمرهم.

وقد عمل إسحاق رابين(وزير جيش العدو الصهيوني)، إبان الانتفاضة الفلسطينية الأولى، على إنشاء قوات خاصة عرفت باسم(المستعربين)، وتشمل هذه القوات على أربع وحدات خاصة هي:(دوفدوفان) وتعمل في الضفة الغربية، والثانية(شمشون) وتعمل في قطاع غزة، والثالثة(الجدعونيم ) تابعة لحرس الحدود، وتعمل في الأساس على نطاق واسع في الضفة الغربية، والرابعة تابعة لجهاز الشرطة، وتعمل في مدينة القدس.

وتعد وحدة(دوفدوفان ) أبرز وأخطر هذه الوحدات، التي تتمتع بتدريبات عسكرية واستخباراتية عالية المستوى، سعياً لتحويل أفرادها إلى قتلة محترفين، وتجعل من عملية القتل بالنسبة إليهم، عملية روتينية سهلة.

ووفق تقارير صهيونية مختلفة، فإن أهم أهداف و مهمات الوحدات الخاصة العمل في قلب التجمعات العربية الفلسطينية ولأغراض لا تتوفر في العادة للوحدات النظامية العادية، وتتركز أهدافها على تشخيص واعتقال المطلوبين من قيادات وكوادر الانتفاضة أو تصفيتهم، وكذلك جمع المعلومات تحت غطاء من السرية المطلقة، وإثارة الفتنة والبلبلة والتشكيك. والخطير بالأمر أن عناصر هذه الوحدات لا يزالون ينشطون في أراضي الضفة الغربية المحتلة حتى يومنا هذا، ويلعبون دوراً خطيراً في إيقاع الفتنة بين القوى والفصائل الفلسطينية، ولهم إسهام كبير في إنجاح العمليات الإرهابية التي تقترفها قوات العدو الصهيوني ضد قادة وكوادر المقاومة.

وحدات( الدفاع الإقليمي):

في عام 1978 انتظمت في المستوطنات اليهودية وبتأييد ودعم من رفائيل إتيان(رئيس أركان جيش العدو الصهيوني الأسبق) أجهزة لـ(الدفاع الإقليمي في الأراضي المحتلة) وقد اعتمدت هذه الوحدات في تشكيل بنيتها الأساسية على المستوطنين المتطرفين الذين تم تسريحهم من الوحدات الاحتياطية العادية التي خدموا بها، لكي ينتظموا في هذه الوحدات الجديدة التي انتشرت في مناطق مختلفة من الضفة الغربية المحتلة.

وقد أصبح المستوطنون بمقتضى هذا الإجراء يخدمون في وحدات مستقلة ومتجانسة وتحت قيادة ومعدات عسكرية تابعة للمستوطنات وبتنسيق مع الحكم العسكري في المناطق المحتلة. وبات الكثير منهم يحملون الأسلحة ويتجولون بها في شوارع الضفة الغربية وداخل المدن العربية إمعاناً في استفزاز الفلسطينيين وإرهابهم حيث يخول القانون لهم صلاحية استخدام السلاح بصفتهم جنود خاضعين لوحدات الدفاع الإقليمي.

وفي أعقاب هذا التطور أصبح استخدام السلام من قبل المستوطنين أمراً روتينياً، وخلال مظاهرات احتجاجية نظمها العرب في الضفة الغربية ظهرت على شاشات التليفزيون الصهيوني صور للجنود وهم يسيرون جنباً إلى جنب مع المستوطنين المدججين بالسلاح وهم يوجهون أسلحتهم على المتظاهرين ويطلقون عليهم النار.

وتمتلك هذه الوحدات تجهيزات عسكرية متقدمة من ضمنها آليات حربية، وأجهزة اتصالات حديثة، وأسلحة متطورة الأمر الذي حولها إلى قوة ردع فعالة.

كتيبة(لافيه):

كتيبة(لافيه) من أخطر الأذرع القذرة التي تستخدمها قوات الاحتلال الصهيوني، في عمليات تصفية واغتيال واعتقال الفلسطينيين، وهي تعمل داخل مناطق مأهولة بالسكان، وتتلقى تدريبات عالية في القضاء على رموز المقاومة الفلسطينية.

وقد تأسست كتيبة(لافيه ) بناء على قرار اتخذه شاؤول موفاز(وزير جيش العدو الأسبق) يوم كان(رئيس هيئة أركان الجيش)، وذلك بهدف استبدال قوات الاحتياط بوحدات نظامية بعد أن اضطرت هذه القوات إلى أداء الخدمة لمدة تزيد عن 25 يوماً سنوياً.

وتفيد مصادر صهيونية أن منطقة جنوب جبل الخليل احتاجت إلى تفعيل 18 كتيبة احتياط خلال عام واحد، ولكن هذا العدد انخفض بعد تمديد فترة الخدمة العسكرية الاحتياطية إلى 12 كتيبة فقط. وتؤكد نفس المصادر أنه يصل معدل تكلفة الخدمة اليومية لكل جندي احتياطي(400 شيكل)، وعلى الرغم من جودة وتجربة وحدات الاحتياط إلا أنها لم تصل إلى درجة عالية من المعرفة للمنطقة وظروفها بمستوى كتيبة القوات النظامية الثابتة في المنطقة.

وأوضحت المصادر أن النموذج الذي اتبع في إقامة الكتيبة اعتمد على الكتائب الميدانية التي فعلها الجيش الصهيوني(نخشون) و(شمشون) و(دوخيفت) و(خروب) التي عملت بشكل دائم حول المدن الفلسطينية، تضاف إليها كتيبة(نيتساح يهودا ) وهم(جنود من التيار الديني المتطرف والتي تنشط في منطقة غور الأردن).

ويقول قائد الكتيبة المقدم المعروف باسم يهودا:(لقد استخلصوا العبر من إقامة الكتائب السابقة، وأقاموا كتيبة لافيه ككتيبة مشاة تختص بتنفيذ عمليات عسكرية وأمنية خاصة، وتقوم بمهمات قتالية داخل المناطق المأهولة في ساعات الليل بشكل يتلاءم مع ظروف المنطقة والسكان.

ولقد اختيرت قيادة الكتيبة من كتائب سلاح المشاة في الجيش الصهيوني، فـ(يهودا) قائد الكتيبة كان نائباً لقائد كتيبة 890 التابعة لقوات المظليين، ونائبه سليم(وهو درزي) كان قائد سرية في كتيبة(نخشون)، أما ضابط الكتيبة وضباط(السريات) فهم من خريجي وحدات المظليين(ناحال) و(جولاني).

ويقول الملازم أول(آسي) قائد الكتيبة(أ) إن بعض الجنود طلبوا التجند بالكتيبة، وبعضهم كان يجب إقناعه بأن الكتيبة لا تقل قيمة عن الألوية العسكرية. ويضيف:(لقد أبلغتهم أنني جئت متطوعاً من كتيبة(غرانيت) وانضممت لهذه الكتيبة الجديدة لمعرفتي أن فعاليتها لا تختلف عن ألوية المشاة).

ويتضح من الرسوم التوضيحية لكتيبة(لافيه ) أن شعارها هو أسد يزأر، وقد رسم جنود وضباط الفوج الأول للكتيبة رمزاً لها وهو أسد يزأر ومن خلفه سيف. وهذا الرمز جاء ليعبّر عن اعتزاز الجنود بالانضمام للكتيبة، على حد اعتقادهم، وقام جنود الكتيبة برسم أجنحة خفاش في مكان مرتفع، كي يعبّروا عن نوعية المهمات الملقاة على الكتيبة، خاصة تلك التي تنفذ في ساعات الليل داخل أماكن مأهولة. إلا أن رئيس شعبة القوى البشرية في الجيش الصهيوني رفض الموافقة على رمز(أجنحة الخفاش)، لكونه يشبه رمز الوحدة العسكرية البحرية(13)، ويشبه أيضاً رموز وحدات خاصة، ووحدات مظليين أخرى في الجيش الصهيوني.

ولا يعتمد أعضاء كتيبة(لافيه) على الخرائط وذلك لمعرفتهم بالمناطق، لدرجة أنهم لا يحتاجون في عملهم إلى خرائط أو صور من الجو، ويزعمون بأن القادة يعرفون جيداً كل البيوت في أماكن عملهم، والجنود يعرفون شخصياً كل السكان، كذلك يزعمون أنهم يعرفون كافة المطلوبين معرفة قريبة جداً، حيث إن لكل قائد صور للمطلوبين الرئيسيين. وهذا يسهل عملهم في إمكانية التعرف عليهم خلال الفعاليات العادية في الشارع أو على الحواجز، ويقصر من الوقت الذي يحتاجونه للتخطيط لعمليات الاعتقال أو الاغتيالات.

ويستخدم أفراد كتيبة(لافيه) أساليب وأجهزة متطورة حيث تستخدم وحدة المراقبة المجهزة بأجهزة(يوفيل) للرؤية الليلية، ويتمركزون عند خروجهم لتنفيذ أعمالهم الإرهابية على أسطح أحد المباني الكبيرة.

فرق( الموت في الجيش الصهيوني):

أنشئت فرق(الموت في الجيش الصهيوني) إبان فترة قيادة موشى أرينز لوزارة الحرب الصهيونية في أوائل التسعينيات كمجموعات انتقامية سرية رسمية داخل الجيش إبان تصاعد انتفاضة الشعب الفلسطيني لكي تقوم بعملية اغتيالات واسعة داخل صفوف القيادات الوطنية الفلسطينية، وهي ترتدي الزى العربي حتى تلصق تهمة التصفية للخصوم داخل الصف الفلسطيني، محدثة الفرقة والشقاق بين فصائله المختلفة، وقد أشار الكاتب الصهيوني الليبرالي أمنون كابليوك في كتابه(الخليل مجزرة معلنة، الصادر عام 1994 عن دار آرليا الفرنسية بالاشتراك مع دار سوى) إلى دور هذه الفرق في مخطط قمع الشعب الفلسطيني أواخر عقد الثمانينيات وبدايات عقد التسعينيات.

وقد كان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قد اتهم ما أسماه تنظيماً سرياً داخل الجيش الصهيوني والمستوطنين بالرغبة في نسف الحل السلمي بعد قتل 8 فلسطينيين وجرح نحو 47 آخرين في قطاع غزة في 28 آذار/ مارس 1994، في حين دافع وزير الإسكان الصهيوني، آنذاك، بنيامين بن اليعازر الذي كان مقرباً من إسحاق رابين عن سلوك عناصر هذه الفرق السرية، وقدم المبررات الضرورية لتغطية جريمتهم وقد سقط في هذه المجزرة قتيلان آخران هما رجل وامرأة من المارة، وأصيب ستة فلسطينيين من بينهم فتى إصابته خطيرة وامرأتان، في حين وصف سفيان أبو زيدان( المسئول في حركة فتح في قطاع غزة) هذا الحادث بأنه عملية قتل بأعصاب باردة نفذها الجيش الصهيوني.

وفي تقرير أصدرته منظمة(بيتسليم الصهيونية لحقوق الإنسان) في شهر حزيران / يونيو 1992 رصدت المنظمة مصرع تسعة عشر فلسطينياً في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين على أيدي هذه الفرق في الفترة( من أول كانون الثاني / يناير إلى 8 أيلول/ مايو 1992 )، كما أشارت المنظمة إلى أن(فرق الموت) العسكرية المكونة من قلب المؤسسة العسكرية الصهيونية وبإشرافها قد نفذت عمليات القتل لخمسة وعشرين فلسطينياً في عام 1991، مشيرة إلى أن الجيش بصورة عامة قد أصدر تعليمات تخفف القيود الموضوعة على إطلاق الرصاص في مواجهة أبناء الشعب الفلسطيني، وأشار التقرير إلى أن الضحايا الفلسطينيين كانوا عزلاً كما أشار إلى أن إطلاق الرصاص قد تم على يد(فرق الموت ) بواسطة طلقات قاتلة أطلقت من مسافات قريبة وعلى الجزء العلوي من أجسام الشهداء الفلسطينيين وبكميات كبيرة من الطلقات، كما استنكر التقرير إشادة موشى أرينز(وزير الدفاع الصهيوني الأسبق) بـ(فرق الموت) وتمجيده لأفعالها الإرهابية.

سرايا(الحرس المدني):

أعلن موشى شاحال(وزير الأمن الصهيوني)، يوم 6/9/1993 عن إنشاء(سرايا من الحرس المدني) في المستوطنات اليهودية بالأراضي المحتلة، وإنشاء قواعد لهذه السرايا في مستوطنات(معالي أدوميم، وجيفات زييف، وأرئيل، ومعالي أفرانيم) بالضفة الغربية و مستوطنة(جوش كاتي) بقطاع غزة.

وكانت الحكومة الصهيونية برأسة إسحاق شامير قد سمحت منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي بأن يقوم مستوطنون صهاينة مسلحون في الضفة المحتلة بمهام الشرطة في المستوطنات التي تحيط بها مدن وقرى عربية.

وقد جاءت هذه الخطوة في محاولة من حزب العمل، تستهدف(امتصاص غضب المستوطنين اليهود) إزاء الاتفاق الذي كان على وشك توقيع اتفاق السلام بين الحكومة و منظمة التحرير الفلسطينية. واستجابة لإلحاح المستوطنين المستمر منذ عدة سنوات لإنشاء هذه القوات وتوسيع صلاحياتها.

وقد أعلن موشى شاحال عن تشكيل هذه السرايا خلال لقائه مع ممثلي المستوطنات لبحث بنود الاتفاق مع منظمة التحرير والذي ينص على إنشاء شرطة فلسطينية، وأوضح أن سرايا الحرس المدني ستكلف بالأمن وفقاً لقواعد الشرطة وسيقتصر مجال عملها على نطاق المستوطنات. وعلى الرغم من أن هذه السرايا تتصف بكونها هيئة رسمية تابعة للدولة إلا أن ظروف تكوينها ومحيط نشاطها وطبيعة عناصرها تجعلها في نهاية المطاف جزءاً من الحركات والجماعات والمنظمات الإرهابية الصهيونية في الأراضي المحتلة والتي جعلت نصب أعينها هدفاً واحداً هو إرهاب الفلسطينيين ودفعهم نحو الرحيل من أراضيهم.

منظمات إرهابية تحت مسميات أجهزة أمنية:
جهاز الموساد:
تكونت من خلال منظمة(الهاجاناه)، وحدة سرية خاصة سميت(مكتب المعلومات)، و عرفت باسم(شاي)، وفي عام 1937 أنشأت(الهاجاناه) أيضاً منظمة(موساد لي اليافي بيت) أي(مكتب الهجرة )، واسمها الأول(موساد)، وهو الاسم الذي استعاره جهاز الاستخبارات الصهيونية عام 1951، ليكون اسمه حينما ظهر لأول مرة بشكل رسمي، كما ورث أيضاً شبكة الجواسيس التي كانت تنشط لصالح(مكتب الهجرة).

ونظراً لتعدد تنظيمات التجسس الصهيونية رأت قيادة العدو أن تنشئ جهازاً خاصاً لتنسيق أنشطتها، سمي(في خدمة إسرائيل)، وقد تولى تأسيسه روفين شيلوح الذي رأس جهاز(الموسا) بعد تأسيسه رسمياً.

وقد عمل أغلب زعماء الكيان الصهيوني خلال فترات مختلفة من حياتهم كعملاء وجواسيس للموساد من أمثال حاييم هيرتزوج(رئيس الكيان الأسبق) ورؤساء الحكومات الصهيونية السابقين إسحاق شامير ومناحم بيجين وشيمون بيريز وإسحاق رابين و ايهودا باراك. وحتى جولدا مائير، التي كانت بدورها تعمل لحساب(الموساد) قبل أن تتولى رئاسة الحكومة الصهيونية.

وطبقاً لإحصائية نُشرت عام 1996، يبلغ عدد العاملين في جهاز(الموساد) نحو 1200 إلى 1500 شخص، من بينهم 500 ضابط يعمل الواحد منهم حتى سن الثانية والخمسين، ويحال بعدها للمعاش. وللـ(موساد) شبكة من العملاء تغطي أنحاء العالم تضم حوالي 35 ألف شخص(20 ألفاً عاملون والباقي في حالة كمون مؤقت).

ويتكون جهاز(الموساد) من عدة أقسام رئيسية لكل منها دور أو مهمة خاصة به، وتتراوح مهام هذه الأقسام بين جمع المعلومات وتصنيفها ودراسة هذه المعلومات وتقييمها، والمراقبة والتجسس، والتجنيد وتنفيذ العمليات الخارجية الخاصة من قتل وتصفية، إضافة إلى قسم خاص بالتصوير والتزوير والشفرة وأجهزة الاتصال، فضلاً عن قسم خاص بالتدريب والتخطيط ورفع كفاءة العاملين بالجهاز. كما يضم جهاز(الموساد) قسماً لمكافحة التجسس والاختراق. ويعتبر قسم العمليات أكبر فروع(الموساد)، ومهمته تنظيم نشاط وعمل الجواسيس المنتشرين حول العالم.

وهناك أيضاً وحدة خارجية أخرى تسمى(عل) أي رفيعة المستوى، وهي تقوم بجمع المعلومات عن كل الدول العربية من داخل الولايات المتحدة الأميركية بواسطة تعقب البعثات الدبلوماسية.

وثمة لجنة خاصة بـ(الموساد) تجتمع أسبوعياً يطلق عليها اختصاراً(وادات)، وهي لجنة تختص بتنسيق السرية والتجسسية خارج وداخل فلسطين المحتلة، ورئيس لجنة(وادات) هو نفسه رئيس جهاز الموساد الذي يطلق عليه زملاؤه اسم(مأمون(، أما أعضاء لجنة(وادات) فهم مدير جهاز المخابرات العسكرية الذي يسمى(آمان)، ومدير جهاز الأمن الداخلي الذي يسمى(الشين ـ بيت) أو(شاباك)، ومدير مركز الأبحاث الإستراتيجية والتخطيط بوزارة الخارجية المتخصص في التجسس الدبلوماسي، ومعهم أيضاً مدير قسم العمليات الخاصة لإدارة الشرطة(ماتام)، والمستشارون الشخصيون لرئيس الوزراء في الشؤون السياسية والعسكرية وشؤون المخابرات ومكافحة(الإرها)، وخلال هذا الاجتماع الأسبوعي(ترسم السياسات الأمنية، داخلياً وخارجياً).

كما يضم جهاز(الموساد) أيضاً شعبة أبحاث تشمل خمسة أقسام و15 مكتباً لدراسات الدول العربية وبعض دول العالم الأخرى.

وخلال الستين عاماً من القرن الماضي، فقد مجتمع المخابرات الصهيوني 360 عميلا قتلوا أو فقدوا حياتهم بسبب التجسس لحساب الدولة العبرية.

وكان أول جاسوس صهيوني فقد حياته بسبب خدمته في(الموساد)،هو يعقوب بوكاي وهو يهودي من أصل سوري تم إعدامه في آب /أغسطس 1949 بعد أن تم القبض عليه في الأردن متخفيا في زي لاجيء عربي.

ومن أبرز العمليات الإرهابية التي نفذها عملاء( الموساد): سلسلة الاغتيالات التي استهداف قيادات العمل الوطني الفلسطيني في العديد من البلدان العربية والغربية وفي الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، وكذلك قيام وحدات خاصة من(الموساد) بعمليات قتالية خارجية، أشهرها عملية مطار( عنتيبة) في أوغندا في تموز/يوليو عام 1976، كما لم تقتصر عمليات(الموساد) الإرهابية على استهداف الفلسطينيين فقط، بل طالت العديد من الشخصيات والدول العربية والآسيوية والغربية، وحتى الحليف الاستراتيجي للكيان الصهيوني الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك شخصيات ومنظمات وتجمعات يهودية، من ذلك أنه في 15 نوفمبر 2003 كشفت وسائل الإعلام التركية عن تورط جهاز(الموساد) في التفجيرات التي استهدفت معبدين يهوديين في اسطنبول. والتي أودت بحياة العشرات، وإصابة المئات،إضافة إلى تدمير منشآت هامة ومعبدين يهوديين.

وذكرت صحيفة(ينى شفق ) المقربة من حزب العدالة والتنمية، نقلاً عن مصادر من المخابرات التركية، أن جهاز(الموساد) هو من شكلَّ(منظمة تكفير) في تركيا، وأن هذه المنظمة هي التي قامت بتنفيذ تفجير الكنيسين اليهوديين، بهدف إثارة الرأي العام العالمي ضد المسلمين، خاصة في الدول الأوربية.

وفي2 آذار/ مارس 2004 كشف مسؤولون عراقيون النقاب عن أن جهاز(الموساد) يتولى ملف العلماء العراقيين ويقود حملة اجتثاث ضدهم لتهجيرهم من العراق أو اغتيالهم. وذكر أسامة عبد المجيد رئيس دائرة البحوث والتطوير في وزارة التعليم العالي العراقية في تصريح نشرته صحيفة(السبيل) الأردنية الأسبوعية( إن 15500 عالم وباحث وأستاذ جامعي عراقي فصلوا من عملهم في إطار الحملة الصهيونية).
وبحسب وكالة الأنباء السورية فقد أكدت أوساط عراقية مطلعة في بغداد أن جهاز(الموساد) طلب من المخابرات الأمريكية ترك ملف العلماء العراقيين برمته إلى عملاء(الموساد) في العراق مشيرين إلى أن(الموساد) يريد تهجير هؤلاء العلماء أو اغتيالهم إذا رفضوا التعامل معه.

جهاز الأمن الداخلي(الشين ـ بيت):

عند تأسيس الدولة العبرية وصل تعداد رجال المخابرات الصهيونية إلى 184 شخصاً، وقد شكّل هؤلاء، في حينه بناء على أمر عسكري، وحدة عسكرية تابعة للجيش أطلق عليها(الشين ـ بيت)، اختصاراً لكلمة(خدمة أمن ). ورئس الوحدة،آنذاك، أيسر هرئيل، الذي أصبح عام 1952 رئيساً لجهاز(الموساد). وكانت مهمة جهاز(الشين ـ بيت) في العقد الأول من احتلال فلسطين، مراقبة تحركات خصوم حزب العمل الصهيوني الذي حكم الكيان الغاصب حتى العام 1977. وقد استطاع حزب العمل خلال هذه السنين الطويلة أن يحوّل جهاز(الشين بيت) إلى(أسطورة صهيونية تحمي البلاد من المؤامرات الداخلية، ومن العملاء السوفييت)، وكذلك من الفدائيين الفلسطينيين الذين بدأوا يعبرون الأسلاك الشائكة، سعياً لتنفيذ عمليات فدائية ضد المحتل). وقد كانت تحركات(الشين بيت) سرية للغاية حتى أن اسم رئيسها لم يعرف للجمهور، وعملت طوال السنين تحت مسؤولية مكتب رئيس الحكومة.

وقد اختفت كلمة(الشين ـ بيت)، ليحل محلها اسم(الشاباك)، ومعناها(خدمة أمن عام) أو (شين ـ بيت عام)، بعد انفضاح عدوانية رجالها فيما عرف بـ(فضيحة باص300) في عام 1986، وقد أسفرت هذه الفضيحة عن استقالة أبراهام شالوم، رئيس(الشين ـ بيت)، وبعدها بدأ يُنشر في الداخل المحتل كتب وروايات عن جهازي(الشاباك) و(الموساد)، بعضها كتبها باحثون، والبعض الآخر كتبها رؤساء سابقون.

جهاز الاستخبارات العسكرية(أمان):

يعد جهاز الاستخبارات العسكرية(أمان)، أحد مؤسسات جهاز الاستخبارات الصهيوني، وهي إدارياً قسم من أقسام رئاسة الأركان العامة لجيش العدو، وتتبع رئيس الأركان مباشرة، أما في التخطيط العام فتلتزم بما يقرره مجلس أمن الدولة الأعلى، وهي بذلك تماثل إدارة المخابرات العسكرية أو ما يشابهها في الجيوش الأخرى.

وقد اشتق مصطلح(أمان)، من العبارة العبرية(أغاف موديعين) ومعناها(مكتب الاستخبارات). وتختص بأمن القوات المسلحة وجمع المعلومات العسكرية الإستراتيجية والتكتيكية والميدانية عن القوات المسلحة العربية، والطاقات العربية السياسية والاقتصادية التي يمكن توظيفها لصالح القوات المسلحة واستثمارها في العمليات الحربية. ويقوم جهاز(أمان) بتحليل هذه المعلومات واستقرائها واستخراج النتائج منها.

ويلعب الجهاز دوراً رئيسياً في وضع الخطط الحربية والتنسيق مع الأجهزة الأخرى، ويقوم بجمع المعلومات ضباط استخبارات الميدان المنتشرون على الحدود وفي مناطق العمليات، وضباط الاستطلاع الذين يستخدمون وسائل الرصد والاستطلاع البري والبحري والجوي واللاسلكي والإلكتروني والأقمار الصناعية وغيرها من وسائل الرصد والاستطلاع.

هذا فيما يتعلق بالحدود، أما المعلومات الخارجية فتأتي عن طريق الملحقين العسكريين التابعين لجهاز(أمان) والعاملين في السفارات الصهيونية. كما تأتي المعلومات أيضاً من شبكات التجسس العاملة في الخارج، ومن أجهزة الاستخبارات التابعة للدول المتعاونة مع(إسرائيل) في مجال المعلومات العسكرية وتبادلها.

ويضم جهاز(أمان) عدة أقسام منها قسم للاستخبارات التكتيكية، وقسم لكل من الاستخبارات البرية والجوية والبحرية، وتشارك في إعداد الدراسات الإستراتيجية الخاصة بتقدير إمكانيات الدول العربية وقدراتها العسكرية وتقييم المواقف السياسية المختلفة. وتضم أيضاً قسماً خاصاً بالإعلام له صلة وثيقة بالصحفيين الأجانب العاملين في الوطن المحتل، وبخاصة المراسلين الحربيين. ولهذا القسم حق المراقبة على كل ما ينشر عن الجيش.

وقد حقق جهاز(أمان ) شهرة بالحرفية الفائقة , عندما تمكن اختصاصيو الاستخبارات العسكرية من تقديم معلومات غاية في الدقة عن سلاح الطيران المصري , سمحت لجيش العدوعام 1967 في حرب الأيام الستة أن تدمر في هجوم مباغت تقريبا كامل الأسطول الجوي لمصر.

غير أن الجهاز تعرض للتطهير والتطوير بعد فشله في التنبؤ بحرب أكتوبر 1973.

خلاصة نهائية:

بعد استعراضنا لأبرز الحركات والجماعات والمنظمات الأصولية اليهودية والصهيونية وإبراز دورها الإرهابي في القرنين الماضيين، لابد من الإشارة إلى أن ما ذكر ليس هو كل ما يمكن رصده من تشكيلات وتجمعات يهودية وصهيونية، عنصرية، عملت ومازالت تعمل في السر والعلن،على اجتثاث جذور الوجود العربي الفلسطيني في أرض فلسطين التاريخية، وزرع الجسد الصهيوني الاستيطاني في موقعها، فهناك إضافة إلى ما سبق عشرات المجموعات النشطة والكامنة التي تضغط لتحقيق الغايات الإستراتيجية للمشروع الصهيوني بشقيه الديني و العلماني في فلسطين المحتلة والمنطقة العربية.

وبالرغم من أن مصادر تمويل هذه الحركات والجماعات والمنظمات من الأمور التي لم يتم الكشف عنها نهائياً، إلا أن العديد من الدلائل والاعترافات تذهب إلى أن سلطات الاحتلال الصهيوني نفسها تسهم في عملية التمويل هذه بصورة مباشرة أو غير مباشرة حين تغدق الأموال على منظمات الاستيطان التي تُعَد المظلة الأساسـية التي تنمـو أسفلها العديد من هذه الجماعات الإرهابية، وحين تغدق الرواتب الحكومية على المستوطنين في الضفة الغربية. ويُعَد التمويل الخارجي عنصراً لا يجب تغافله في سياق طبيعة الكيان الصهيوني العامة. فأبرز المتطرفين الصهاينة، أمثال مائير كاهانا كان يقول:(إن حركة كاخ تعتمد على تبرعات تصل من مؤيدينا بالولايات المتحدة).

بينما يذهب الاعتقاد بأن المخابرات المركزية الأمريكية تقوم بدور هام في تمويل هذه الحركات والجماعات والمنظمات امتداداً لتبنيها لـ(رابطة الدفاع اليهودي) من قبل.

كما أن لبعض هذه الحركات والجماعات والمنظمات ارتباطات واضحة مع كبار الرأسماليين الصهاينة في الولايات المتحدة.

ولعل الدارس لطبيعة المجتمع الصهيوني، يلاحظ تلك الملاءمة والتوافق القوي بين أهداف التربية اليهودية من جهة وأهداف الحركة الصهيونية وحاجات المجتمع الصهيوني من جهة أخرى، فلقد كانت التربية اليهودية بخلفيتها الدينية والتوراتية التلمودية العنصرية، وبفلسفتها المستمدة من تعاليم الصهيونية العدوانية، هي الوسيلة الأولى والأهم التي استخدمت لتحقيق أهداف الصهاينة في إنشاء الكيان الصهيوني وبقائه.

وبعد كل ما تقدم فإنه لابد لنا من التأكيد أن العقلية الصهيونية الاحتلالية العنصرية العدوانية لن تتغير. وأن الجرائم الصهيونية بأشكالها المختلفة الدموية والاستيلائية الاستيطانية الاحتلالية، والانتهازية السافرة لحقوق الفلسطينيين منذ بدايات القرن الماضي وحتى يومنا هذا ستتواصل. كما أن سياسات المصادرات والاستيطان والتهويد ستزداد بصورة مسعورة أكثر من السابق، ذلك لأن كل هذه الممارسات تقترف تحت مظلة أوهام السلام والمصالحة التاريخية، التي شكلت ضربة مميتة لخيار المقاومة، وكرست جريمة احتلال الوطن الكبرى، التي توجت بتوقيع اتفاق(أوسلو) بعيوبه وثغراته الكثيرة ليشكل بدوره الجريمة ـ الخطيئة ـ في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني. الذي سيستمر إلى أن يعي الفلسطينيون والعرب من خلفهم، بأن لا سبيل للخلاص من الاحتلال، وتحرير الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، إلا باختيار نهج المقاومة بكل أشكالها، وفي مقدمتها الكفاح المسلح.

مصادر ومراجع هامة:

الإرهاب السياسي.. بحث في أصول الظاهرة وأبعادها الإنسانية، د. ادونيس العكرة، دار الطليعة، بيروت 1993.

الصهيونية: أصل الإرهاب و أصوليته، سالم الصفار، دار المحجة البيضاء، بيروت، 2005.

في الأصولية الصهيونية، يحيى الكعكي، دار النهضة العربية، بيروت، 2005.

منابع الإرهاب: الصهيونية إسرائيل، موفق النقيب، دار الرائي، دمشق، 2005.

الموسوعة الفلسطينية، القسم الثاني، هيئة الموسوعة الفلسطينية، بيروت، 1990.

الموسوعة الفلسطينية، ط1، هيئة الموسوعة الفلسطينية، دمشق،1984.

موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، د.عبد الوهاب المسيري، دار الشروق، القاهرة، عام 1999.

النزعات الأصولية في اليهودية و المسيحية و الإسلام، كارين آرمسترونج، دار الكلمة، دمشق، 2005.

حول تعريف الإرهاب الدولي وتحديد مضمونه من واقع القانون الدولي وقرارات المنظمات الدولية، عبد العزيز محمد سرحان، المجلة المصرية للقانون الدولي، مجلد 29، 1973.

مواقع الانترنيت:

موقع البراق... www.elborak.com.

موقع الشبكة الإعلامية الفلسطينية... www.pal-media.net

موقع المركز الإعلامي الفلسطيني... www.palestine-info.info.

موقع المركز الصحافي الدولي... www.ipc.gov.ps.

موقع المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات... www.malaf.info

موقع الهيئة العامة للاستعلامات الفلسطينية... www.sis.gov.ps.

موقع تاريخ فلسطين... www.palestinehistory.com

موقع شبكة فلسطين الإخبارية... www.pnn.ps/arabic/index.htm

موقع فلسطين اليوم... www.paltoday.com/arabic

موقع مركز المعلومات الوطني الفلسطيني... www.pnic.gov.ps.

موقع وكالة معا الإخبارية...www.maannews.net/arabic/


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى