الاثنين ٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٠
بقلم إيمان أحمد

الذي لا يحبّ أحدًا

يقول أنسي الحاج: "توقّفْ عند من لا يحبّ أحدًا، ويحبّك. إذا استطعت، فلا تخذله. وإلّا فاركضْ ناجيًا بنفسك".

أولئك الجافون الصلفون من وجهة نظر الآخرين، الذين يبدون كأقسى البشر، والذين يُقْسِم القاصّون في المجالس بالأحجار التي تُقِرُّ في صدورهم مكان قلوبهم، هم أفضل من يمكن الوقوع تحت وطأة عشقِهم. هم الجميلون الذين تقول عنهم أحلام:

"يسكنون أحلامنا النسائيّة، الذين يأتون ليبقوا.. و يطمئنوا.. و يمتّعوا..و يذودوا. ليحموا و يحنوا و يسندوا.. الذين ينسحبون ليعودوا، و لا يتركون خلفهم عند الغياب كوابيس و لا جراحًا و لا ضغينة. فقط الحنين الهادر لحضورهم الآسر، و وعدًا غير معلن بعودتهم لإغرائنا كما المرّة الأولى.

كم من مرّة سنقع في حبّهم بالدوار ذاته، باللهفة إيّاها. غير معنيّات برماد شعرهم و بزحف السنين على ملامحهم.

ليشيخوا مطمئنّين. لا الزمن، لا المرض، لا الموت، سيقتلهم من قلوبنا نحن "النساء النساء".

كيف لحياة واحدة أن تكفي لحبّ رجل واحد ؟

كيف لرجل واحد أن يتكرّر.. أن يتكاثر بعدد رجال الأرض."

الذين لا يتكررون إلا كلّ بضع أزمِنَةٍ ضوئية، ولا يحدث أن نلتقيهم إلا عندما نكون قد عزمنا أمرنا على الرحيل، فيأتون ليمنحونا أسبابًا للبقاء، يزيلون عن أرواحنا الرّان ويثلجون صدورًا صفّرتْ فيها الرياح الرملية طويلا.

الذين لا يعرفون منح أرواحهم إلا لشخصٍ واحد؛ لو كنتَ - بشكلٍ ما - محظوظًا كونك من أحبّوا، فإياك أن تهزأ بهم أو تخشى جانبهم، فهم دونك وأأمن بَشَرٍ عليك في وقتٍ تظنّ فيه العكس.

أولئك الذين لا يهوون التعرّف على النّاس، ولا يحبّون الاجتماعات الكثيرة، ولو حدث، فستجدهم في الزاوية حيث لا يعبأ بهم أحد، لو أنّك تعرفت على واحد منهم فتقرّب منه، ولو أنّه صاحبك أكثر فاعرف أنّك من الصفوة، وأنّ الخير، كلّ الخير، في البقاء بقربهم، والتلذذ بدفء حديثهم.

لو لم تقابل سوى من يحبّ جميع البشر، ويتملّق جميع البشر، ومن تجده في كلّ المناسبات متطفلا أكولا جهولا. فإنك سيء الحظّ حتمًا! وعليك أنْ تنجو بنفسِك بعيدًا.

كنْ أنتَ واحدًا من هؤلاء الجنود المجهولين، فـلتكن أنت أوّل من تَعْرِفْ!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى