الثلاثاء ٢٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٠

المجتمع المثقف!

فوزي صادق

ماهي الثقافة ومن هو المثـقف.. وهل يوجد مقياس للثقافة؟.. هل الثقافة جمع رتل من الشهادات ووضعها على جدار، أو بجمعها في سيرة ذاتية؟.. هل الوصول إلي سقف تعليمي معين يعد معيار للثقافة؟.. هل(الكشخة) باللهجة الخليجية، أو لبس ربطة عنق بهندام رسمي جميل مع نظارة وقلم ماركة من أساسيات الثقافة ؟.. وهل الأكل فوق طاولة بالشوكة والمعلقة، وحمل كمبيوتر الـآيباد [1] المحمول، دليل على مظهر الثقافة؟.. وهل الفلسفة المعلوماتية زندقة لقناع الثقافة؟.. وهل جمع المعلومات وقراءة الكتب والروايات الأجنبية( ثوب للثقافة)؟

أحتار الكثير من المفكرين والمفسرين الاجتماعيين والأخلاقيين في وضع مصطلح وتعريف للثقافة، فعرف في المجاز، إن الثقافة تعني مثاقفة ومعرفة ما يدور حول المرء، كأن يكون الخباز أثقف الناس في خبزه، والحداد في صنعته، والدكتور في تطبيبه، والمزارع في فلاحته.. فقيل في الاصطلاح اللغوي: ثقف فلان الشئ أي لقفه أو التقطه، ثم وضعه في مكانه الصحيح، أي هي وضع الأمور في نصابها والنقاط على حروفها بغض النظر عن كونه يقرأ ويكتب.

ومنهم من قال إن الثقافة كـومة أو مجموعة من العلوم والفنون والمعارف والعادات والقيم الدينية والسياسية والاجتماعية المنسجمة معاً، والمكملة بعضها بعضا.. ومنهم من قال إن الثقافة الحقة، أن يكون لكل إنسان شخصية تمنحه التميز والبروز بين جمع من الناس حسب ظروفهم وإمكانياتهم، مع وجود المصالح والأهداف التي تنسجم مع فكر وشخصية ذلك الإنسان مع من حوله، والأهم أن تكون بعقلانية منتـظمة ومستمرة.

ومما فهمته عن الثقافة الحديثة، إنها البذرة التي تتكون منها شخصية الإنسان، فيجعلها قاعدة ينطلق منها لتكوين قالب لشخصيته أمام الملأ، فتصنعه وتبلوره في دائرة وتصنيف معين يظهر به أمام عقول الناس، وهذه تشكل للآخرين قاعدة للمثـقف العارف الفاهم الذي يصل إلي مبتغاه مع إفادة نفسه(بوجوده) وغيره(بحصوله).
وسمعت أيضاً: إن المثقف هو الإنسان الذي يبحث عن الكمال الإنسجامي العقلي مع عقول من حوله، وأن يكون دائم التلاقح في الأفكار والمعلومات، مع إظهار مدى جدية أخذه وعطاءه العقلي والتطبيقي في دورة حياته معهم.

#لكن، لماذا لا نقـول إن كل ما ذكر أعلاه مجرد كماليات وإكسسوارات للثقافة! وإن الثـقافة الحقيقية هي:(الكمال الأخلاقي)، وإن ثـقف الـُخلق الجيد (التقاطه) ووضعه في موضعه هو(الثقافة بعينها)، فهل من المعقـول أن يكون شخص يتصف بكل الصفات المذكورة أعلاه، ويفعل فعل قبيح ينفيه ويرفضه الدين والأعراف والعادات والقيم وقوانين المجتمع. ومثلا وليس حصراً: كالبصق على الأرض، أو رمي المخلفات من السيارة، أو عدم الانتظار في الدور، أو زحمة السيارات، أو سوء الخلق أثناء التحدث مع الناس أو الأرحام أو أصدقاء العمل أو الكثير من الأشياء المنكرة القبيحة التي يرفضها المجتمع.. هل نسمي هذا الشخص(مثـقف) ؟.... في اعتقادي الشخصي المحدود(وأن أختلف معي الكثير): إن الثقافة الأخلاقية أهم من الثقافة العلمية، ولذلك بعث الله سبحانه وتعالى الأنبياء كي يكملوا الناس ويثقفوهم أخلاقيا، ولم يبعثهم كي يكملوهم يثقفوهم علمياً! أي نعم علموا الناس القراءة والكتابة، ولكن كتكميلي ثانوي، وليس مطلباً أساسياً، لأن الشعـوب تستطيع أن تعيش مع بعض بسلام ومحبة( بلا علم)، لكن لا تستطيع أن تفعلها ليوم واحد بلا(أخلاق).

فوزي صادق

[1(iPad)


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى