الثلاثاء ٢٦ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٠

الحجاب المكشوف التماسك الوطنى

ابراهيم قويدر

ظهرت في السنوات الأخيرة أصوات مبحوحة تعمل بشكل مريب على إشاعة روح الفرقة والإقليمية ونشر النزعة التي تفرق بين أبناء الوطن الواحد،، وهذا الأمر ظهر واضحًا في بعض الدول العربية مثل السودان واليمن والصومال وبين المسلمين والمسيحيين في مصر، وأيضًا بدأ يظهر عندنا في ليبيا من خلال النزعة الجهوية الشرقية والجنوبية والغرباوية، وظهور هذه النزعة أقلقتني كثيرًا لأن ليبيا وطن واحد وناسه وقبائله وفروعها مرتبطة ارتباطًا كليًّا فتجد درنة أو بنغازى بها من السكان أطياف تمثل كافة أفخاد القبائل الليبية من الغرب والجنوب، ونفس الشيء في طرابلس أو الزاوية أو سبها، فإنك تجد في ناسها عائلات وجماعات من الشرق والغرب الليبيون أسرة واحدة كثير هم الذين يتزوجون من الشرق وهم من أقصى الغرب والجنوب، والعكس صحيح،

وبالتالي فإن البناء الاجتماعي للمجتمع الليبي متماسك إلى حد كبير ولا خوف عليه من هذه المهاترات والآراء التي أشم فيها رائحة المؤامرة ضد وحدة ترابنا الوطني.
صحيح أن كثيرًا من مسئولينا في مؤسسات الدولة المختلفة يمارسون التمييز بين المناطق في المشروعات وبرامج التنمية وعمليات الإيفاد للخارج والتعليم وخدمات الصحة، ودائمًا ما نناشد بأن الخدمات يجب أن تكون متساوية في الأمور الأساسية، وخاصة الأمور الإدارية، التي تخص المواطن، يجب أن تقدم في البردي أو زويلة أو جالو أو الأصابعة بنفس الكيفية التي تقدم بها في أي فرع من فروع طرابلس، ودائمًا نحرض على المساواة في الخدمات بين المناطق، وأن نعمل على إبعاد أي مسئول تثبت لنا نزعته الإقليمية وميوله نحو خدمة منطقة على حساب حصص المناطق الأخرى.
إن هذه الممارسات الخاطئة يجب أن توقف بإجراءات جادة ورادعة وقوية وبأسرع وقت ممكن؛ لكي نحد من انتشار سرطان الحديث عن الفرقة؛ لأن العديد من الشباب الآن في مناطق ليبيا يطلقون على طرابلس "الجماهيرية الشقيقة"، وهذا قول أزعجني كثيرًا، ويجب أن نشرع في اتخاذ تلك الإجراءات فورًا؛ لكي نوقف هذا الشعور وهذه الأقاويل المنحرفة، والتي مع مرور الزمن ومع استمرار أداء هؤلاء المسئولين لممارساتهم الإقليمية- سيكون معالجة الموضوع أكثر صعوبة من معالجته الآن وهو في بدايته.

بكل المصداقية أقول : منذ ألغيت المحافظات أو المحافظون ومن هم في محلهم باختلاف المسميات- أتحنا فرصة كبيرة لهؤلاء المسئولين المركزيين لممارسة إقليميتهم غير السوية، وانعكس ذلك على المواطنين وبدأت تظهر في العديد من المناطق احتجاجات أتمنى ألاّ تتحول إلى استعمال الشارع في التعبير عن استيائهم من السياسات الاجتماعية الخاطئة للحكومة.

والشيء الآخر وهو المهم بالنسبة للشباب هو الأندية الرياضية وحساسية وجود كبار المسئولين في إدارات هذه الأندية، مما يؤدى إلى وجود عدم تكافؤ بين الأندية الشبابية ويولد الحقد بين الشباب لأن التنافس الرياضي الشريف يجب أن يتم من خلال تكافؤ الفرص ونترك للجهد الرياضي النظيف الفوز أو الخسارة، ولكن ما يحدث لدينا نابع من تخلف في مفهوم الرياضة وممارسات خاطئة، وللأسف لا نستفيد من الدروس والأحداث السابقة ولا نعالج المواقف بموضوعيه، بل "نولع" النار ونزيدها ثم بعد أن تتفاقم الأمور نبدأ في البحث عن الحلول وإرضاء المتضررين.

إن التماسك الوطني بين الأفراد والأسر والقبائل في ليبيا ليس من السهل اختراقه لأن قوته نابعة من ارتباط المجتمع بدين واحد وعلاقات اجتماعية متماسكة إلى حد كبير، ولكن رغم إيماني المطلق بذلك ولكن لا نستطيع التنبؤ بما تخفيه لنا الأحداث مما يجعلنا لا نستهزئ بالأمر بل نعالج الانحرافات بسرعة من الآن لنساعد ناسنا بالاحتفاظ بلحمتهم الوطنية التي لا نرضى لأي من كان أن يمسها أو يعرضها لأي شكل من أشكال الانقسامات.

إن حرصي كل الحرص على هذا الوطن الحبيب يجعلني أدعو بقوة كل أصحاب الأقلام الشريفة أن نشن حملة ضد كل من يمارس التمييز بين ناسنا ومدننا وقرانا وشبابنا، نحن كلنا واحد، وعلينا أن نحبط كل محاولة تسعى إلى إحداث أي خرق لوحدة صفنا ولحمتنا الوطنية الليبية.

ابراهيم قويدر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى