الأحد ٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١
بقلم حنان بديع

الموبايل العاطفي

أغلبنا ينتمي الى جيل يخلو أرشيف طفولته من أي شبهة ذكرى لهاتف جوال (موبايل)، وبعضنا كان يركض وأخوته السبعه، يتسابقون للرد على الهاتف الارضي ذو الحلقات الدائريه التي تدور بالاصابع واذا ما وقعت السماعه تتدلت منه كالمشنوقة في حادث سير هاتفي مألوف..

اذن كانت هناك حياة في الزمن الماضي القريب ظريفة لطيفة بلا هاتف جوال فلماذا تبدو اليوم وكأنها مستحيله بدونه ؟

هل لأن عقارب الزمن لا ترجع الى الوراء؟؟

هي لا تفعل الا في أخيلة والشعراء والفنانين وأطباء التجميل فقط!

لكن أي طفرة هذه ؟

أي طفرة جعلت من الوقت شىء هام وثمين.. أهم وأثمن من دفىء العلاقات الانسانيه في التواصل المباشر مع الآخر.

من منا اليوم لم يبث هذا الموبايل مشاعره أو يلبسه مواقفه أو يخوله التصرف عنه في المناسبات ؟من منا لم يغمز أو يلمز أو يجرح أو يضحك (هاها) أو يتعجب (!!) أو يغضب برسالة!

هذا الجهاز بات يلبسنا تماما ويحرك عضلات وجهه بدلا عنا..

هو يفعل كل شىء..

كل شىء.. يفضح الحبيبه بمقطع فيديو ويطلق الزوجه برسالة قصيرة!!

وقد يزوجنا وينجب معنا أطفالنا مستقبلا..

لم لا فلكل عصر عجائبه..

واذا كان الفراعنه قد أصروا على الاحتفاظ بثرواتهم وأدواتهم معهم في قبورهم فإننا لا نقل عنهم في شىء.. لنا عجائبنا أيضا كما لنا مقتنياتنا التي تناسب ثراء عصرنا التكنولوجي، ففي ايطاليا انطلقت مؤخرا صيحة التابوت المجهز بهاتف نقال تحسبا لحالات غير مرجحه يدفن الناس فيها أحياء بعدما يظن أنهم ماتوا وفي حالة كتلك يمكن للمدفون حيا أن يجري اتصالا يخرجه من قبره.

هذا للاموات.. أما ما يتعلق بالاحياء فإن شركة ريسيرش إن موشن الكندية قد قامت بالواجب وطرحت نموذجا اختباريا لهاتف ذكي أطلقت عليهBlack berry Empathy 
حيث ينقل الجهاز حالة المستخدم العاطفيه والمزاجيه بتوصيله بخاتم يوضع في الاصبع للقياسات الحيويه للمستخدم كما يتيح له متابعة حالتهم ايضا في حالة ارتدائهم الخواتم اضافة الى امكانية توفير قياس تأثير الاتصالات والرسائل عليهم.

يعني لا نفاق أو كذب أو غموض بعد اليوم.

ولا داعي للسؤآل التقليدي الممل الذي نردده بلا كلل وملل..(كيف حالك)؟
والى أن يصلنا هذا الاختراع راكبا سلحفاته.. سنبقى نعتمد على حاستنا وذكائنا الفطري في معرفة حال ومزاج الآخر من خلال نبرة صوته.. بل وشخصيته من خلال رده على الهاتف..

فاذا أجاب قائلا (آلو) فهو انسان هادىء ومسالم لا يقفل جواله ابدا انما يتركه على الصامت وينام.

اماذا اذا قال (هلا).. فاذا كان رجلا فهو نشيط ومرح اما اذا كانت فتاة فهي (ملقوفه) أكثر من اللازم.

اذا قال (مرحبا): فهو طموح يحب ويعشق التعامل مع البشر باعتبارهم زبائن.
واذا قال (نعم) فهو اما صاحب مشاكل أو بريستيج.

ومن يجبيب ب (من؟) فهو متوجس يتبع المثل القائل (الاحتياط واجب)
اما اذا قال (أيوه) فهي كلمة شعبية بلا أناقة وهذا المسكين على نياته..

على العموم لا أنصحكم أن تجيبوا الموبايل بكلمة (أيوه) أبدا بعد اليوم، انا شخصيا أختار كلمة (نعم) عملا بالمثل القائل خذوهم بالصوت هذا اضافة الى البريستيج.....
نعم البريستيج يا جماعه.. 

يعني موبايل آخر موديل وبعدين (أيوه)... والأخ كمان على نياته !
مشكلة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى