الاثنين ١٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١

الحكام «المخلوعون»

حسن الخباز

بعد درس تونس الذي انتهى بتخلي بنعلي على الحكم وهروبه رفقة عائلته، صار الحكام العرب الذين يجثمون على صدور شعوبهم لعقود، صارت شاداهم التقفقيفة، ولسان حالهم يقول:" آالخلعة طلقي مني "، الآن هم مخلوعون –من الخلعة – لكن قريبا إن شاء الله إن لم يعودوا لرشدهم سيصبحون مخلوعين –من الخلع-.

فهم يعلمون علم اليقين أن الشعوب إذا ثارت فلن يقف في وجهها الحرس الذي يضربونه على أنفسهم، لذلك بات من الضروري أن يراجعوا أوراقهم، ويحكموا بالحق، ولا يعتبروا دولهم أبقارا حلوبة يحلبونها على طول الخط، فالأموال أموال الشعب، وما ضاع حق وراءه طالب.

لقد عانت الشعوب العربية الأمرين من بطش حكامها، فأغلبه صار يحن لسنوات الاستعمار، وصدق الفنان الساخر المغربي أحمد السنوسي "بزيز" حين قال في عهد الحسن الثاني: "طردنا الاستعمار وندمنا" فعلا فاللهم الاستعمار أو الاستحمار الذي يمارسه الحكام العرب على شعوبهم ظنا منهم أن الشعوب غبية، ومن السهل الضحك على ذقونها، وهذا لعمري من أخس الأفعال المقترفة من الحاكم ضد المحكوم، خاصة إن كان من عشيرته، فظلم ذوي القربى أشد مرارة على المرء من وقع الحسام المهند كما قال الشاعر، ويمكن تقبل الإهانة من الغريب، والعكس صحيح.

لم يعد هناك داع لوجود نسبة كبيرة من الحكام العرب،الذين يرفضون تطبيق الديمقراطية عبر انتخابات نزيهة هم على يقين أنهم سيخرجون منها خاليي الوفاض، لأن كل همهم البقاء مدى الحياة في السلطة بل وتوريثها لأبنائهم من بعدهم، وهذا اختراع عربي صرف، يمكن أن يدخل بعض الحكام العرب لموسوعة غينيس من أخس أبوابها، على غرار الصفر الذي منذ أن اخترعه العرب وهم اللور اللور.صارت حياتهم صفرا على صفر.

إن الأجنبي على الأقل يطبق الديمقراطية، ويعمل بتعاليم الاسلام رغم عدم اعتناقه لدين خير البرية عليه أفضل الصلاة والسلام، فالحقوق لا يمكن أن تهظم في هذه البلدان،هناك أمانة، هناك عدل، هناك قانون يسري على القوي قبل الضعيف والانتخابات هي المصفاة التي تفرز التشكيلة الحكومية عكس ما هو عليه الحال بالنسبة للعرب، التي تكون الكلمة الفصل للرئيس أو للملك.لقد صدق الامام محمد عبد حين سألوه عن الفرق بين الغرب والعرب، فكان جوابه بأن بالغرب إسلاما مع أنه لا وجود للمسلمين عكس العرب الذين يسمون بالمسلمين مع أنه لا وجود للإسلام في معاملاتهم.
إن الغربي إذا اعنق الإسلام يحسن إسلامه بالفعل، فتره يزداد تشبثا وتعمقا في عقيدته الجديدة، في الوقت الذي يعود الشيخ إلى صباه عند أغلب المسلمين بعدما يحج بيت الله، فصار عند البعض لقب "الحاج" سبة لا تشريفا و تعظيما، فالمخابرات في المغرب مثلا تستهين بهذا اللقب فتطلقه على المخبرين كاسم مستعار متداول داخل أجهزتها.

لماذا سبقنا الغرب بسنوات ضوئية من التقدم؟ لأن الرئيس عندهم يعمل لخدمة مواطنيه الذين عينوه، ويعلم علم اليقين أنه لن يكسب صوتا واحدة في الولاية القادمة إن تهاون في القيام بواجبه تجاه من انتخبوه، فالكلمة الفصل عندهم للمواطن الذي يعين ويزيح من كان ضد مصالحه،كمواطن كامل المواطنة.

لقد حاولت بعض الدول العربية ادعاء الديمقراطية عبر إجراء انتخابات يحصل فيها الرئيس على أقل من تسعة وتسعين في المائة الجاري بها العمل في السبعينات والتمانينات، وحاولوا مواكبة العصر عبر ادعاء الحصول على أقل من هذه النسبة، حرصا منهم على التدليس على مواطنيهم، لكنهم بفعلهم هذا يحاولون حجب الشمس بالغربال، مستحمرين بذلك شعوبهم، لذلك فقد صارت شعوبهم تفضل الاستعمار على هذا الاستحمار الذين يعاملونهم به كرعايا وقطعان لا كبشر عاقل.

حسن الخباز

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى