الجمعة ١١ شباط (فبراير) ٢٠١١

الجمعة يوم رحيل الطغاة

احمد النعيمي

خرج سلطان العلماء العز بن عبد السلام على الخائن الصالح إسماعيل الذي
تعاون مع الفرنجة ضد باقي أمراء بلاد الشام، وأعلن نقضه لبيعته فسُجن
وعًذب، حتى أن أحد الصليبين الذي كان مجتمعاً مع الصالح إسماعيل كان يسمع
بكاء الشيخ وهو يقرأ القران، إذ كان مسجوناً في خيمة بالقرب من خيمتهم،
سأله الصليبي عن هذا الصوت، فقال له: أنه قد خرج عليه ونقض بيعته لأنه
تحالف مع الصليبيين، أجابه الصليبي: لو أن مثل هذا الشيخ كان عندنا
لشربنا من الماء الذي يغتسل به، ولكن لم يكن يخطر لهذا العالم الجليل أن
يكون كل حكام المسلمين خونة وعملاء، بل لم يكن يتوقع أبداً أن يخرج من
بعده شعبي مصر وتونس على حكامهم الخونة الذين كانوا أدهى وأمر من حكام
زمن العز بن عبد السلام، لدرجة أنهم يأخذون نسبة مائة بالمائة من أصوات
الشعب بالتزوير والتدليس.

وبما أن الشعب التونسي عندما قاد ثورته ضد الظلمة والمجرمين الذين منعوا
الناس من إقامة الصلوات جماعة، ومنعوا المؤمنات من ارتداء الحجاب، كانت
هي التجربة الأولى للشعوب المسلمة التي لم يكن متوقعاً أبداً أن تستيقظ
في أي وقت، وهو الأمر الذي عجز المنجمون الكذبة عن توقعه في حال من
الأحوال، فإن الأمور جرت بشكل سريع قام من خلاله الجيش بإزالة رأس
النظام، ودفعه إلى الرحيل، مقابل أن يحافظ النظام الحاكم على باقي
أجزائه، والذي يؤكد أن الأمور في تونس لم تتغير كثيراً إلا بعيض من
الإصلاحات الضئيلة التي فرضها الشعب التونسي على هذا النظام الذي لا زال
أذنابهم هم الذين يستلمون الحكم في تونس، قيام احد الشباب بحرق نفسه في
اليومين الماضين، مؤكداً أن كل تضحيات الشعب التونسي ودماء شهدائه لم تصل
به إلى الحلم الضائع الذي كان يبحث عنه، فالذين كانوا يحكمون تونس سابقاً
لا زالوا على رأس الأمر هناك.

بينما يدرك العالم أجمع أن مصر وثورتها قد استفادت من ثورة أختها في تونس
كثيراً، حيث أثبت الشعب المصري أنه واعي تماماً لما جرى لإخوتهم في تونس،
فعمل من فوره على حماية الممتلكات العامة والخاصة للشعب المصري خلال
أيامه الثمانية عشرة من عمر ثورته، وسط محاولة الحكومة الساقطة أن تدفع
البلاد إلى الخراب والشغب، ولكن الشعب المصري قطع الخيوط الساعية إلى
تشويه سمعته، وبقي في مكانه صامداً مطالباً بتنحي الحكومة وأذنابها
جميعاً.

الأمر الذي دفع طغاة العالم أجمع إلى الخوف الحقيقي من ثورة مصر وشعبها
الأبي، فرأينا دول الخليج تجتمع وتقرر مساعدة مالية قدرها خمس مليارات
دولار من أجل محاولة منع سقوط نظام مبارك، وقام الأمريكان بتغيير مواقفهم
كل دقيقة، في تصريحات تنسف بعضها البعض الآخر، فحين كانت تدعو إلى تنحي
مبارك الفوري، تؤكد أنه من الصعوبة بمكان أن يترك مبارك مكانه، وسط
دعوتهم إلى التأكيد بأن أمن دولة الصهاينة يجب أن يكون أهم الأوليات
للحكومة التي ستخلف مبارك، وإهانة الشعب المصري بقولهم أنه غير مؤهل
للحرية، وما دروا أن الشعوب المسلمة هي أحق الناس بالعدل والحرية، وهذا
ما أثبته الشعب المصري الذي منع كل الفوضى بالرغم من خلو الشارع من
الأمن، إلا من اللجان الشعبية التي شكلها شعب مصر الأبي!؟

وهذا الخوف هو نفسه الذي يعيشه مبارك ونائبه وقد رأينا وجوههم مسودة
أثناء إلقائهما خطابيهما البارحة، حيث أكد مبارك أنه لن يغادر مصر ولن
يتنحى عن منصبه، وأن مصر هي أرض المحيا والممات وعلى أرضها سيموت، ولكن
كان للشعب المصري كلمته الأخيرة، والذي قرر أن يستمر في ثورته إلى أن
يسقط النظام بأكمله، رافضاً التفويض لنائب مبارك، ومحاصرة دوائر الدولة،
الأمر الذي دفع مبارك اليوم وعبر عيون عمر سلميان التي كانت تنطق بالخوف
ونظر المغشي عليه من الموت إلى إعلان تنحي الرئيس المصري عن الرئاسة
وتسليم الحكم إلى الجيش، وبصمود الشعب المصري ستخلق مرحلة جديدة، وسيظهر
للعالم وجه الإسلام الحقيقي، المسلم العزيز البعيد كل البعد عن الإملاءات
الغربية، والتي خطاها الشعب المصري بثقة وعزم كبيرين.

وليوم الجمعة أهمية كبيرة بالنسبة لكل مسلم، ففيه ولد آدم – عليه السلام
–وفيه يموت وفيه تقوم الساعة، وفيه سقط طاغيتين من طغاة العرب، وهذا ما
ينتظر بقية الطغاة، والجمع القادمة كفيلة بتوضيح هذا!!«وَمَكَرُوا
مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، فَانظُرْ كَيْفَ
كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ
أَجْمَعِينَ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا
وَكَانُوا يَتَّقُونَ»"النمل50-53.

وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين

احمد النعيمي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى