الاثنين ٢١ شباط (فبراير) ٢٠١١
جديد السينما الأوروبية
بقلم أوس داوود يعقوب

يكشف همجية الصهاينة

يعد الفن السابع أحد الأسلحة الثقافية في عالمنا المعاصر، وقد حاولت الحركة الصهيونية العالمية منذ بداية القرن العشرين السيطرة على أدواته والنفاذ من خلاله إلى عقول الملايين في العالم اجمع، في محاولة لاختراق الذهنية العالمية وبالتالي كانت السينما بكل ما تملكه من مقومات التأثير العقلي والترفيهي أداة لمن يوظفها في كسب الرأي العام العالمي والتأثير به، ونتيجة لذلك أطلق عليها قادة الفكر والرأي تسمية " القوة الناعمة "، ومما لاشك فيه أن الحركة الصهيونية تمكنت بنجاح باهر، من خلال صناع السينما العالمية، من توظيف هذا الفن لتبرير أهدافها وخدمة مصالحها وتزييف التاريخ والحقائق، وإظهار اليهودي ـ دائماً ـ كضحية لـ " الهمجية العربية الفلسطينية ".

وقد عانى الفلسطينيون والعرب عامة من هذا الانحياز الأمريكي "الهوليودي" والغربي من جراء الصور النمطية التي قدم من خلالها الإنسان العربي باعتباره (إرهابياً ومتوحشاً وعدواً للحضارة والإنسانية ..)، ذلك أن المشاعر الموالية للكيان الصهيوني في هوليوود متأصلة فيها، إذ هناك شخصيات مؤثرة وذات نفوذ سواء من اليهود أو غيرهم وهم ملتزمون بدرجة كبيرة تجاه (إسرائيل).

ومع تأكيدنا أنه كانت هناك بعض الاستثناءات في مسار الإنتاج السينمائي العالمي والغربي تحديداً في العقدين الأخيرين، سيما منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في العام 1987م، إلاَّ أنَّ الهجمة البربرية الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة المحاصر في شهر كانون الأول / ديسمبر 2008م، مثلت منعطفاً هاماً في تحويل مسار الإنتاج السينمائي الأوربي خاصة، حيث يرصد المتابع لما أنتجته السينما الأوروبية خلال هذا العام اهتمام صناعها بالقضية الفلسطينية، وتسليط الأضواء على معاناة الشعب الفلسطيني، وهموم سكان قطاع غزة، وإبراز مشاهد مؤلمة لضحايا القصف الصهيوني.

ويعد الفيلم الوثائقي النرويجي (دموع غزة) للمخرجة النرويجية "فبكيه لوكبرجن"، وفيه توثق هذه المخرجة ما عاشه سكان غزة إبان العدوان الصهيوني الوحشي لمدينتهم وما زرعه من قتل وخوف وحصار عبر شهادات حية تجسد معنى المقاومة والصمود في وجه مجرمي الحرب. وهو من أكثر الأفلام التي تضمنت مشاهد مؤثرة عن الواقع الفلسطيني، ويعرض الفيلم صوراً التقطتها عدسات عدة مصورين فلسطينيين خلال القصف الصهيوني لقطاع غزة في كانون الأول/ديسمبر 2008م ، يظهر فيها شعب عالق وسط عنف لا يوصف.

وتتابع الكاميرات الجثث وهي ترفع من تحت ركام الأبنية المنهارة، والأثر المرعب للقنابل الفسفورية على اللحم البشري وروايات الضحايا عن المجزرة".

كما تتناول مشاهد فيلم (دموع غزة) " صور آباء يبكون أطفالهم، وأطفال يتذكرون أهاليهم، ويعاهدون أنفسهم بأن يصبحوا أطباء أو محامين ليساعدوا شعبهم وللدفاع عنه في المستقبل".

أما مخرج الفيلم الهولندي (وطن) لـ "جورج سلاوزر"، فقد تناول فيلمه حياة فلسطينيين في مخيمات بيروت، وقد فاز هذا الفيلم في الدورة الأخيرة لمهرجان أبوظبي السينمائي بجائزة أفضل فيلم عن العالم العربي، كونه " رسم صورة تراجيدية للشتات الفلسطيني ".
وأكد "سلاوز" أن هذا الفيلم قد يكون " آخر أفلامه "، لكنه " سعيد لأنه كشف الواقع الفلسطيني الأليم ".

بينما يرصد الفيلم الألماني (أطفال الحجارة أطفال الجدار) للمخرج "روبرت كريج"، الحياة القاسية التي خلفها الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية، ويختصرها أحد أبطال الفيلم بقوله: " انتقلنا مع هذا الجدار من العيش في المعتقلات الصغيرة، كما كان الحال في الانتفاضة الأولى، إلى العيش في سجن كبير ".

وينتهي الفيلم إلى أن الفلسطينيين " يعيشون في ظل جدار العزل ظروفا اقتصادية صعبة، في الوقت الذي تتزايد فيه المستوطنات حول بيت لحم، قاضمة ما تبقى من أراضي المدينة وأشجارها وحياة سكانها ".

ويتناول الفيلم الفرنسي الألماني (يد إلهية) الحياة القاسية التي يعيشها الفلسطينيون في الضفة الغربية والقدس. ويرى النقاد السينمائيون أن هذا الفيلم " يعري همجية الاحتلال الصهيوني المستمرة ضد الأراضي الفلسطينية، بأشد التعابير وضوحاً وقسوة ".

ويلاحظ المتابع لهذه الأفلام أن هناك سمة مشتركة، بالرغم من مستوى النبرة التي تتحدث بها، وهي أنها تشير دائماً إلى أن الاحتلال الصهيوني يقوم يومياً بتحويل الحياة في فلسطين إلى كارثة إنسانية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى