الأربعاء ٢٣ شباط (فبراير) ٢٠١١

الورقــــــــة التقــــــــنية

حسن لــشكر

يعد مصطلح الخطاب عنصرا مركزيا في أغلب المجالات المعرفية التي انشغلت بتنميط الانتاجات القولية ورصد خصائصها وبنياتها كالفلسفة وللسانيات والسميائيات ونظرية الأدب ... الأمر الذي أفضى إلى تعدد التصورات المحددة له وطبعه بكثير من الالتباس والاشتراك المفهومي.

وقد أدرك علماء العربية أهمية الخطاب وحاولوا حصر مرتكزاته، ولا شك أن الدراسة البلاغية في شقها الخاص بعلم المعاني تشكل نظرية خطابية متكاملة بالنظر لنسق القواعد والاطرادات التي افرزها التنظير في سياقات القول وأنظمة التحاور ابتداء بالطلب والنفي والتوكيد والقصر وغير ذلك من الظواهر التداولية المختلفة.

لقد ارتكز التفكير البلاغي العربي على توابث منها أن البلاغة هي المدخل الرئيس لتحقيق الخطاب حيث لا حديث عن البلاغة خارج الخطاب وعلى أساس ذلك تحدد مزية القول. من جهة أخرى، يعود أول توظيف لمفهوم الخطاب إلى مجال الرواية، حيث اعتبر الخطاب هو اللغة و النسيج اللذين يكونان الرواية، بعد ذلك انتقل المصطلح لمجال اللسانيات للدلالة على العلاقة بين البناء اللغوي والمعنى، حيث يكون من شأن تحليل الخطاب أن يتعقب جودة الترابط والتماسك بين أجزاء النص من خلال الآليات التي تمكن من تحقيق ذلك مثل أدوات الربط والترتيب والحذف والإطناب.

كما أفرز التفكير الفلسفي تصورات مختلفة بخصوص الخطاب...تصور فوكو الذي يرى أن العالم هو أكثر من مجرد مجرة من النصوص، بل ثمة تداخل بين الخطاب والسلطة، حيث أن السلطة تمارس تأثيراتها عبر الخطاب ...من جهة أخرى يشدد باختين على أن وحدات الخطاب الداخلي ترتبط بحسب قوانين التسلسل الحواري في خضوع تام لشروط الوضع الاجتماعي والأوضاع التداولية المختلفة. لقد أدركت اللسانيات المعاصرة أهمية الخطاب ورصدت له جانبا مهما من دراستها ابتداء بدراسة الأفعال الكلامية مع فلاسفة اللغة العادية مرورا بنظريات الدلالة التصورية ووصولا إلى لسانيات النص التي تبنت جملة من الفرضيات الأساسية في نحو الجملة لصيغة نحو خاص بالجملة. والأمر نفسه نجده في السميائيات السردية والسرديات ونظرية التلقي التي أولت الموضوع نصيبا من الاهتمام.

حسن لــشكر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى