الأربعاء ٢ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم أنمار محمد محاسنة

أقِـلِ البكاء بحر الكامل

(1)
لملم دموعكَ أيها التاريخُ ... وارحل من هنا ...
هذا المساءْ
فجميعُ من في الحيِّ ... من موتى ... ومن أحياءْ
يتشاءمون من الرثاءْ
أقـِلِ البكاءَ ... فلا رجاءْ
 
(2)
الناسُ في وطني ... يخافون التذكـّـر والحنينْ
أَوَما علمتَ بأنَّ حُـرّاساً بباب عقولهم ...
وقلوبهم ...
يتواتـرون ...
يتوجـّفون ... إذا رأوا ... هَمَساتِ ذكرى في قلوب الشاردين؟
فارحل لكي لا يقتلوكَ ... إذا رأوكْ
ارحلْ ... رعاكَ الله ربُّ العالمين
 
(3)
أرجوكَ عذراً ... أيها الشيخُ الكبيرْ
أنا عالمٌ ما أنتَ تشكو ... من تباريح الضميرْ
فتعاقبُ الأقوام ...
والحُكّام ... أنساك الكثيرْ
لكننّا ... لسنا أطبـّاءً لنعلمَ ... ما يسُرُّكَ ... أو يُضيرْ
حتى وإن خِلتَ العلاجَ بقُربنا ... فاعلمْ بأنكَ واهمٌ
لسنا سوى داءٍ عُضالٍ ... قد فتكنا بالكثيرْ
 
(4)
يا شيخُ قد أتعبتني
سمّـرتَ أقدامي ... وأرّقتَ اللسانْ
لسنا البلاد الكفءَ ... إذ تبغي
ولسنا منقذي هذا الزمانْ
أتريدُ أن أضعَ النقاط على الحروف ... لتستبين اللحن إن ضَعُفَ البيانْ؟
لا بأسَ ... لا لا تبتئسْ
هي قصةٌ عجلى
ولا تحتاج تفسيراً لكي تُتلى
قد كان في قومي رجالٌ
يلبسون الموت إن ساروا ... دروعاً من حديدْ
كأبي عُبيدةَ ... والوليدْ
ويُرَوِّضون الخوف في أجفانهم ...
حتى إذا أبصرتـَهم ... سلقوكَ رعباً ...
فارتميتَ بدون قـَيدْ
أَوَما سألت الأرض عن أجسادهم؟!!!
تسمو إليهم كي تمسَّ نعالهم
وتقبـِّلُ الجَبَهات في وضع السجودْ
 
(5)
يا أيها التاريخُ لا تبكي ... فنافذة البكاء عليلةٌ
وعلى ستائرها مصائبُ أمتي منسوجةً ...
دقق .... ستلمح في ثناياها انهزاماً ليس يشبهه انهزامْ
يا سيدي ...
إن الكلام خطيئتي ...
فأنا اقترفت القول ... والقول اتـِّـهامْ
فأنا المقيم ... بلا مقامْ
في موطني المحكوم بالإعدامْ
فالشعب مرتزَقٌ لدى الأقزامِ ... يكدَحُ ... لا ينامْ
ويكادُ أن يشكو لنفسه ما به ...
فيخاف أن تشكوه نفسه للإمامْ
 
(6)
يا سيِّـدي ...
يا من تدوّن كل أخبار الزمانْ
هلّا اقتنعتَ بما أقولْ
هلّا اقتنعتَ بأن يوسُفَ – ذلك الصدّيـقُ –
قد فـَتـَنـوه إخوتـُهُ ...
وألقوهُ ... ببئرٍ دونما أسفٍ ...
وجاءوا بعدها يعقوبَ يبكونا
وأتوا بمجلسهِ ... قميصاً ناضحاً كَذِبا
وقالوا الذئبُ أدركهُ ...
فأنشبَ نابهُ فيهِ ...
ولم نعلم لذئبٍ في الورى دينا
وإني الآن أعرفهم ...
وألمحهم ...
وأقسم أنهم أحياءُ ... ما زالوا ...
وأن عروقهم فينا
فيوسف ما يزال هنا ...
برقـَّتـه ...
وحكمته ...
وحنكته ...
فألمحُ في عـواطفـه ...
وفي أحلامه الطفلة ... فلسطينا
وإخوتـُهُ الذين رموهُ ...
كنتُ خَبـِرتهم عشراً ... فصاروا اليوم عشرينا
 
(7)
يا سيـِّدي
هلّا اقتنعتَ بأنَّ ما في النار ... من لـَهـَبٍ
لـَيَنهَشُ بعضُهُ بعضا ...
ويأكـُـلُ بعضُهُ بعضا ...
وأنّ النـّـار لن ترضى ...
بأن تتصالح الأجزاءُ ... ثم تموتُ جذوتـُها ...
يـَلـُفُّ رمادُها الأشلاءْ
فإذا بها تهوي ... كراقصةٍ ...
تهاوت بعد نشوتها ... وفي أنفاسها استجداءْ
 
(8)
يا سيـّدي ...
إن الشعوبَ تمزّقتْ تحت النعالْ
وهـُتافهم بالعيش ... أضحى جثـَّـةً ...
ضاقت بها ... هـِمَـمُ الرجالْ
فالداعسون على الشعوب ...
كما الجمال ... تدوس ذرّات الرمالْ
لكنها ليست جمالاً ... مثلما خِـلتَ الجمالْ
فجمالـُنا ترقى القصورَ ...
وتلبِسُ البـِدَلَ الجديدةَ ... في احتفالات النضالْ
وتـُقـلـِّدُ القـُـوَّادَ أوسمةً ...
فقد قادوا البلادَ إلى ... مواخير الجهادْ!!!
جاهدْ بما أوتيتَ ... من أموال شعبكَ ...
أيها الجَمَلُ المفدّى ...
حقـَق النصرَ المرادْ!!!
واشربْ دماءَ الشعب ... في أحضان مومِسَةٍ ...
ولا تخشى النفادْ
فدماءُ شعبكَ في ازديادْ
 
(9)
يا الله !!!
كم تَعِبَ العبادُ ... من الهزيمة
لم يبقَ فينا ... غيرُ أجسادٍ ذميمة
نبتاعُ بعضَ كرامةٍ ... سُلِبَتْ
وظلاً من عزيمة
فالفاتحون ... تكـسـّـرت أسيافهم
وتنكــّـست راياتهم
وتبخـّرت أمجادهم
لم يبقَ منهم ...
غيرُ أوراقٍ ...
مُـمزَّقـةٍ ...
قديمة
صرنا كما الشـَطـَرنج ... أحجاراً ...
نقاتل بعضنا بعضاً ...
وأطرافٌ تحرّكـنا ... لئيمة!!!
 
(10)
يا سيـّدي ...
أقـِلِ البكاءَ ... فكلّ أوطاني شريدة
كانت بلادي كالقصيدة
فـضـّوا بـِكارتها ...
فأصبح كل بيتٍ وحدَهُ ... يحوي قصيدة
فارحل ...
ودع شعري يُصلـّي في هدوءٍ
وليُطِلْ شعري سجودَه

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى