الخميس ٢٠ آذار (مارس) ٢٠٠٣
الجماهير العربية المصرية تعلن
بقلم أشرف شهاب

الغضب العام على الحرب على العراق

الإخوة الأعزاء

لليوم التالى على التوالى استمر الشعب المصرى فى اعلان حالة الغضب والتنديد بكل ما هو أمريكى وبريطانى وأسبانى وكل ما هو عربى تابع وعميل للاستعمار الأمريكى.. لكل من باعوا الأوطان وسلموا بلادنا لقمة سائغة للأمريكان يلتهمونها اليوم أو غدا حسبما يحلو لهم.. وكعادة السطلت الأمنية المصرية ارتكبت واحدة من أكبر الأخطاء التى تدل على غياب التخطيط والوعى وغياب الحس الوطنى.. فبدلا من فتح المجال امام المتظاهرين الذين تجمعوا بعشرات الالاف للتجمع فى ميدان التحرير والتعبير عن تضامنهم مع الشعب العراقى بشكل حضارى.. دفعتهم قوات الأمن ..

رفضت قوات الأمن السماح لهم بالتوجه الى الميدان وأغلقت منذ الصباح الباكر جميع الشوارع والمنافذ المؤدية الى ميدان التحرير....وتخيلت قوات الأمن انها تستطيع أن تكسر ارادة الشعب المصرى وان تعيد عشرات الالاف الى منازلهم لمجرد انها حشدت أسوأ ما لديها من قوات ومن جنود ومن كلاب بوليسية متوحشة ومن مدرعات ومن عربات مطافىء ومن مضخات مياه ومضخات غازات وعصى وهراوات خشبية وأجهزة كهربائية .. تخيل المخططون للتعامل مع المتظاهرين انهم بذلك سيرهبون الشعب ويحطموا ارادته.... لكن كان مخططهم خائبا.. لأن عشرات الالاف الذين خرجوا عقب صلاة الجمعة لم ترهبهم عشرات الالاف من قوات الامن المركزى..ولا الضباط ولا المدرعات لا الكلاب.. وبدلا من ان تكون هناك مظاهرة واحدة كبيرة محدودة فى حراسة الأمن يستطيع السيطرة عليها أصبحت هناك عشرات المظاهرات التى تضم عشرات المئات من المواطنين.. فى كل شارع وكل طريق يقود لميدان التحرير..

وكانت المهمة صعبة ، بل وشبه مستحيلة..لم تستطع قوات الامن التعامل مع الجميع فى نفس الوقت..وكاد زمام الموقف يفلت عدة مرات لولا ان الشارع المصرى غير مسيس بشكل كافى..ولو كانت هناك قوى سياسية بالفعل لديها سيطرة على الجماهيرالتى شاهدتها اليوم تتظاهر لتغير وجه التاريخ فى مصر اليوم..

لقد كان الموقف اشبه ببركان يغلى..وكلما قامت قوات الامن بتطويق مظاهرة ولدت مظاهرة جديدة على الفور دون ترتيب مسبق..ولم تنجح عمليات اعتقال قيادات متظاهرى اول الخميس فى كبح جماح المظاهرات فظهرت قيادات جديدة تلقائية من بين صفوف المواطنين لا يدفعهم سوى حسهم الوطنى... وقفوا وهتفوا ضد السلطة التى تمنع عنهم حقهم الطبيعى فى التظاهر السلمى.. وتمنح الامريكان حق العبور إلى آبار النفط على جثث أطفال العراق..

كانوا عشرات الالاف.. معظمهم من لم ينمتموا بعد لاى حزب.. لكنهم نجوا فى افشال مخطط رجال الامن الذين لم يرغبوا فى اغلاق ميدان التحرير فكانوا مضطرين الى اغلاق الميدان واغلاق ما لا يقل عن احد عشر شارعا تقود الى ذلك الميدان.. بل ان رجال الامن اضطروا لملاحقة المتظاهرين الى ميدان رمسيس وكانوا يستخدمون الضرب المبرح والاعتقال كوسيلة لتفريق المتظاهرين.. وقد بلغت حصيلة الاعتقالات اليوم الجمعة فقط الى ما لا يقل عن خمسمائة شخص..تم ترحيلهم الى معسكرات الامن المركزى. ومعظم هؤلا تم القبض عليهم عبر فرق خاصة وسرية من رجال الشرطة وفرق الكراتيه المدربة التى كانت تندس وسط المتظاهرين للقبض على العناصر النشطة..بل وتم اعتقال ابرياء لا لسبب سوى انهم كانوا يعبرون بالصدفة فى شوارع شهدت مظاهرات.. وتعرضت سيدات للضرب المبرح، وتم توجيه خراطيم ضخ المياه نحو المتظاهرين فى نافذة الحزب الناصرى بالدور الأول من مقره الكائن بشارع طلعت حرب .. كان المشهد مثيرا للسخرية وللشفقة والغصب فى آن واحد.. عشرات المتظاهرين فى بلكونة فى الدور الاول.. انسحبوا للداخل فور توجيه خراطيم المياه اليهم من عربات مكافحة المظاهرات.. ومع ذلك اصر قائد السيارة على توجيه المياه لمدة تزيد عن عشرة دقائق على بلكونة المبنى فى عناد غبى وأحمق مع الميكروفون الذى قبل التحدى ورفض السقوط فى مواجهة رشاشات المياه..حتى أن الضباط عنفوا زميلعم الابله لعناده مع مجرد ما يكروفون...

وليكتمل السيناريو ولتبرر الحكومة وقوات الامن انعدام السلوك الحكيم فى التصرف.. وغباء القوة.. دفعوا بعناصرهم لاحراق سيرة مطافىء.. ودفعوا بعناصرهم لالقاء الحجارة..حتى يكون من المنطقى ان تصدر وزارة الداخلية فى نهاية المسرحية البائخة بيانا ابلها تقول فيه ان قلة من المندسين مثيرى الشغب القت الحجارة و احرقت الممتلكات العامة وبالتالى لا يمكن السماح بالتظاهرات مرة اخرى.. ..ليبرروا جرائمهم.. هم اللذين يزيفون الحقائق..وعناصرهم هى التى القت الحجارة..وعناصرهم هى التى احرقت سيارة المطافىء فى قلب ميدان الشهيد عبد المنعم رياض الملاصق لميدان التحرير...

غدا.. السبت... الطلاب سيعودون لجامعاتهم.. وربما سيكون فى الامور امور... وانا معكم على موعد.. ان لم اتعرض للاعتقال اليوم... فقد تم اعتقال بعض الصحفيين.. وتم تهديد بعضهم بالاعتقال...

والى اللقاء فى موجز سريع يومى ..عما يدور فى شوارع القاهرة.. المقاومة.. الصامدة..المتضامنة مع نفسها قبل ان تتضامن مع بغداد او فلسطين..

هذه المعلومات هى نتاج مشاهدة عينية وليست حتى سمعية لما يحدث فى شوارع القاهرة...

كلنا في الهواء سواء

للمرة الأولى منذ 31 سنة مضت يتمكن ما يزيد عن عشرة آلاف متظاهر فى قلب القاهرة من إغلاق ميدان التحرير ومنع مرور السيارات به ..ميدان التحرير هو أكبرميادين العاصمة المصرية وأكبرأو أخطر ميدان فى منطقة الشرق الأوسط، أغلقه المتظاهرون لمدة تزيد عن الستة عشر ساعة متصلة.. وما زالت المظاهرات مستمرة حتى هذه الساعة الحادية عشرة والنصف بتوقيت القاهرة.. عشرة الاف متظاهر ليس هو العدد الاجمالى.. بل هناك من يذهب ويأتى ليحل محله آخر..مما يعنى ان المظاهرة على مداراليوم شارك فيها عشرات الالاف.. وفى نفس الوقت لم تكن المظاهرات فى ميدان التحرير فقط.. بل شملت كل الجامعات المصرية والعديد من المدن الكبيرة فى مصر... لقد شاهدت اليوم تلاميذ فى المرحلة الابتدائية محمولون على الاعناق وهم يقودون تجمعات المتظاهرين ويقودون هتافات تندد بامريكا لعدوانها على العراق.. .. وتقول ان عدو الشعبين العراقى و الفلسطينى هو نفس العدو للشعوب العربية وان العدو واحد هو امريكا التى تساوى اسرائيل التى تساوى النازية..

كان منظرا مفرحا بحق.. وقد شاركت منذ الصباح الباكر ولم يطاوعنى قلبى لترك المظاهرة الا بعد ان شعرت بارهاق شديد من الهتاف والتحرك طوال اليوم...

لا سيارة واحدة تمر من ميدان التحرير بأكمله.. الميدان مغلق.. والمتظاهرون يريدون التوجه للسفارة الامريكية والامن يفتح عليهم خراطيم المياه وفى القاهرة وحده فى الميادين الكبيرة وفى الجامعات وفى ميدان السيدة زينب وامام الجامع الازهر سقط ما يزيد عن اربعين جريحا... وما يزيد عن مائة وخمسين على مستوى مصر بأكملها.. هذه هى حصيلة الجرحى حسب التقديرات التى توافرت لى حتى هذه اللحظة..

فى قلب المظاهرة كنا على موعد مع نشرات اخبارية تفصيلية اولا بأول لنتابع أخبار الحرب نسمعها من الميكروفونات التى يحملها البعض... وكانت التظاهرات مهرجانات شعبية شارك فيها السياسيون والاحزاب بكل توجهاتها وشارك فيها الافراد وطلاب الجامعات الذين انضموا بعد انتهاء اليوم الدراسى الينا.. وشاركنا ايضا مجموعات من أساتذة الجامعات ومجموعات من طلاب الجامعات الأمريكية.. وحمل المتظاهرون على أعناقهم سيدة أمريكية مناهضة لموقف بلادها من الحرب وحيوها لشجاعتها مما جعلها تبكى تأثرا من العاطفة التى أحاطتها من الشعب المصرى.. وفى المظاهرة غنى البعض.. وألقى لبعض أشعارا لمظفرالنواب وفؤاد حداد وأحمد فؤاد نجم.. وحضر فناون بأعوادهم ودفوفهم. وغنوا للسلام ولبغداد ولفلسطين... وحمل البعض مصاحف يلوحون بها.. الكل كانوا فى مكان واحد.. وأضاء البعض عشرات الشموع من أجل السلام. . وصلى البعض صلاة الميت الغائب على أرواح الشهداء الأبرياء العراقيين .. وتولى البعض شراء زجاجات المياه للتبرع بها للمتظاهرين العطشى.. واشترى البعض بعض الطعام لهم.. حتى ان بعض السيدات رحن يتبرعن ببعض الطعام لعساكر الأمن المركزى البسطاء حتى ينقلوا لهم رسالة أننا لسنا اعداء لهم.. و أننا كلنا سواء فى نفس السفينة. غدا الجمعة سيجتمع المتظاهرون للصلاة فى الجامع الأزهر لتتحرك المظاهرة مرة أخرى نحو ميدان التحرير.. ومن يرغب فى الانضمام لمظاهرة ميدان التحرير مباشرة يجب أن يتواجد فى تمام الساعة الثانية ظهرا... أما بالنسبة ليوم السبت فسيتوجه الطلاب لجامعاتهم للقيام بمظاهرات بدءا من التاسعة صباحا.. ثم يحضرون مع رفاقهم الى ميدان التحرير الساعة الواحدة ظهر السبت... وسأوافيكم بالأخبار اولا باول


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى