الثلاثاء ٢٢ آذار (مارس) ٢٠١١
هل تحقق الحلم فى
بقلم حسن أحمد عمر

مصر الثورة المباركة؟

إننى إنسان أحب الحياة وأعشق الإنطلاق والحرية وأحب ألا يجبرنى مخلوق على فعل شىء أكرهه فالموت أهون عندى من ذلك، إننى أحب بلدى مصر وأحب شعبها الطيب الصالح الكريم المعطاء الذى صبر وذاق المر على مر آلاف السنين، نعم صبر على الظلم والقهر والتعذيب والجبروت الذى لاقاه من حكام ظلمة على مر تاريخ يمتد لأكثر من خمسة آلاف سنة، صبر على الفقر وقاوم المستعمرين وصبر على الذل والمرض وعلى طمع الطامعين وجرائم المجرمين لآلاف السنين.

أحب هذا الشعب وأحب تراب بلدى وأحب طيبتهم وأعرف أحزانهم وآلامهم وأغوص داخل نفوسهم المرهقة بمطالب الحياة وعقولهم المؤرقة بالمصاعب والمتاعب، ألمح فى وجوههم نظرات عتاب بعضهم لبعض وكأن كلاً منهم يلوم الآخر وأتمنى أن أنقذ المريض من مرضه والفقير من فقره والمظلوم ممن ظلمه والمقهور ممن قهره ولكننى لا أجد لذلك سبيلاً.

إن هذا الشعب الطيب المعطاء يريد أن يعيش ويتنفس عبير الحرية والعدالة والديموقراطية التى لم يذق من طعمها رشفة واحدة .

كافحت طوال عمرى السابق فى مهنتى كطبيب وعملت خمساًً وعشرين عامأ وأولادى كبروا أمام عينى والحياة تمر صعبة رتيبة مريرة كل شىء صعب، الحصول على الأموال –الحلال- صعب وإنفاقها سهل وسريع، ومطالب الحياة كثيرة وغزيرة ومتدفقة كالإعصار وكأن كرباجاً يضرب ظهور الآباء والأمهات ويلهبها للحصول على المال الذى صار صعباً فى تحصيله سهلاً فى إنفاقه.

أولياء الامور محاصرون بمطالب الحياة من طعام وشراب وملابس يشتريها معظم الناس بالأقساط ودروس خصوصية للتلاميذ تلتهم ثلث الدخل الأسرى ومواصلات يومية ومصاريف يد للأولاد وعلاج للمريض – ولا يخلو بيت من مريض- ناهيك عن فواتير الكهرباء والتليفون والصرف الصحى والمياه وهى فواتير تحتاج لدخل مخصص لكى يكفيها .

وإذا أردت الحصول على خدمة فى مصلحة حكومية فكم من الوقت تستهلك ؟ وكم من المال تضعه فى درج الموظف حتى يوافق على إنهاء مصلحتك وإلا تحولت مصلحتك إلى النوع العنيد، المستعصى الذى ليس له حل بقدرة الموظف ولكنك إذا شخشخت جيبك وألقيت بالمعلوم فى درجه فما أسرع إنجاز المهمة مع الشكر والإحترام.

نعم فهو فساد إدارى مستشرى يعترف به جميع المسؤلين كبيراً وصغيراً وحجتهم فى ذلك أن جميع دول العالم بها فساد وهذا بالطبع يشرع ويسهل للمفسدين أن يستمروا بل ويبالغوا فى فسادهم ويزيدوا من قيمة ما يحصلون عليه من رشاوى لإنجاز خدمات كان يجب ان تقدم للمواطن المرهق فى سهولة ويسر و بلا عناء أو مشقة.

إذا دخلت مركزاً للشرطة لقضاء مصلحة مجرد مصلحة تعامل كأنك متهم وتقف أمام كل شخص إنتباه ولا يحق لك الجلوس على كرسى لتستريح حتى لوكنت مواطناً مسناً فهذا المكان مخصص للعقاب فقط حتى لمن ليس لهم تهم ولم يرتكبوا جرائم.

المواطن المصرى الطيب الصبور يستحق وقفة من الذين يحكموه، وقفة يؤكدوا فيها حبهم لهذا الشعب وحرصهم على مصلحة هذا الوطن ويقومون بإصلاحات فعلية يترتب عليها إستعادة المواطن المصرى لكل حقوقه المهضومة فى المنزل والشارع والمصالح الحكومية ومراكز الشرطة والمرور والموانىء والمطارات والمطافى والإسعاف والمستشفيات والهيئات والمديريات والوزارات.

وقفة تكون نتائجها بنفس السرعة التى أعلنت فيها نتيجة الإنتخابات الأخيرة فى 7/9/2005 وكان من أهم نتائجها التمديد للرئيس بفترة حكم خامسة.

وقفة تتيح للمصرى مرتباً يكفى عياله وأسرته وحياته بكل كرامة دون أن يذل أو يستدين أو يقترض من بنك ليكمل كسوة أسرته أو يبيع جزءاً من أرضه –إن كان له أرض—أو بيته لكى يزوج إبنه اًو يجهز ابنته للزواج.

وقفة تضمن للمصرى الإحترام الكامل فى المصالح الحكومية والتخلص من سياسة فتح الأدراج التى يعشقها الموظفون المرتشون،
وقفة يتم من خلالها إصلاح التعليم وإخلاؤه من عوامل الإرهاب وكراهية الآخر بما يضمن صناعة أجيال تفهم معنى الحرية والكرامة وإحترام الآخر المختلف فى الفكر والمنهج والدين والعقيدة والإتجاه واللون.

وقفة تجعل الدين لله والوطن للجميع وتكون المساواة والعدالة فيها على أساس المواطنة ولا شىء سواها،
وقفة تتيح للعلماء أن يبحثوا ويطوروا علومهم لينهضوا بركب الحضارة وموكب العلم والتقدم والرقى وتكافىء المجتهدين منهم وترفع من شانهم وتشحذ عزائمهم حتى ينهض بهم الوطن وترتقى الأمة.

وقفة تفتح باب حرية الكلمة على مصراعيه وتنهى بلا رجعة سياسة تكميم الأفواه ومصادرة الأفكار وكبت الحريات واحتكار حق الكلام والتعبير عن الرأى وحرمان المثقفين من النهوض بالمجتمع والأخذ بيده إلى نور العلم والمعرفة والجضارة.

وقفة تلغى الزج بالإنسان فى غياهب السجون لمجردأن له رأياً مختلفاً وفكراً معارضاً وعقلاً لا يوافق إلا على الصواب،

وقفة تعيد للمرأة حقها المسلوب فى الحياة والحرية والقوة والكرامة والتمثيل السياسى والكلام والرأى والتعبير وحرية الحركة وتعيد إليها ثقتها فى نفسها بعد أن فقدتها مئات السنين،

ما قيمة الحياة إذا خلت من الأمن والطمأنينة والعزة والكرامة؟

وما قيمة الوطن الذى أشعر فيه بالغربة بعد أن خدمته طوال عمرى الماضى ومستعد لخدمته ما بقى لى من عمر بشرط تحقيق مقومات الكرامة والعزة والحياة الشريفة التى تكفل لى ولأسرتى ألا نمد أيدينا لنقترض عدة مرات فى العام الواحد حتى تسير الحياة وتتراكم الديون التى لم أتخلص منها يومأ واحدا منذ خمسة وعشرين عامأ وأمثالى بالملايين.

ما قيمة الوطن الذى أحرم فيه من التعبير عن رأيى وموقفى ثم أجد من ينصرنى ويؤيدنى ويأخذ بيدى ويعيد حقى دون أن أهان أو اذل،

ما قيمة الوطن الذى أفقد فيه عزتى ويعاملنى الموظف الحكومى بإستهزاء وإستخفاف لا مثيل لهما فى كل دول العالم , ويعاملنى ضابط الشرطة كأننى متهم كلما وقع وجهه على وجهى، ما قيمة الوطن الذى لا يجد فيه إبنى وظيفة يقتات منها ومسكناً يعيش فيه ومستشفى يعالج فيه إذا مرض علاجاً آدمياً يليق به كإنسان، وما قيمة الوطن الذى أحرم فيه من حقوقى القانونية والدستورية ولا أستطيع إسترداد حقى إلا بطلوع الروح
ماذا تفيد كلمة وطن ؟؟
إن كلمة وطن يا سادة ليست كلمة إنها آلاف الافعال والأفكار والمستندات والقيم والمثل نعم قيم العدل والمساواة والحب والأمن والطمأنينة والقيم التى توفر العزة والكرامة،
إن الوطن فى رأيى هو أرض طيبة طاهرة وشعب طيب معطاء يعيش عليها وتتوافر فوق هذه الأرض قيم العدل والمساواة وتكريم الإنسان ومعانى الأمن ومقومات العزة والكرامة وبهذه الصفات كلها يتكون الوطن السعيد وتصبح الحياة مستساغة.
كان هذا حلمى لمصر طوال عمرى وسجلته ونشرته عام 2005 فهل يا ترى قد تحقق فى 25 يناير 2011؟؟ يبدو لى ذلك والله أعلم .

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى