الثلاثاء ٢٩ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم نادية بيروك

المرساة الحائرة

فجأة سمع صوت ارتطام السفينة بصخرة بحرية شامخة، كانت تختفي هنالك تحت قاع اليم. فتعالى صراخ الركاب الهاربين من الحدود. من حدود العذاب والتشرد والضياع... اعتقدوا أن نجاتهم ستكون على يد هذه السفينة القديمة التي جمعوا أشلاءها ورقعوا بقاياها في محاولة يائسة للخلاص. لكن الربان لم يكن يستطيع في الوقت ذاته أن ينقد الركاب لأنه لا وجود لقارب نجاة هنا. لذا كان لابد من المسارعة إلى سد الثقب علهم يستطيعون. كان النساء يفرغن الماء الذي تسرب إلى القعر. أما الرجال فهناك من يبحث عن قطع خشبية وآخر عن مطرقة وهو مطبق على المسامير في فمه.

وبعد جهد جهيد، سد الثقب وأصبح بالإمكان متابعة المسير مع الحرص على تجفيف ما يتسرب من الماء القليل مرة بعد أخرى. ولا تسل عن فرحة الركب ولا عن بهجته حين تغلب على الخطر ونجا من الموت المحقق. بعد برهة وجيزة أطلت السفينة على اليابسة وشوهدت سفن غريبة من بعيد كانت راسية هناك. فلم يعد الربان يدري أيتقدم ثم يرسو حيث رست تلك السفن، أم يتراجع فيعد من حيث أتى مخافة أن يقع في مصيبة أفظع. وحين صارح الحضور بشكوكه أصبحوا مثله في حيرة من أمرهم. إذ تغلب الخوف عليهم وأخذ منهم مأخذا كبيرا. فعزموا على المكوث هناك ريثما تذهب تلك السفن من ذلك المكان. فظلوا أياما وهم على تلك الحال حتى نفذت مئونتهم وقل الماء الشروب، فلم يجدوا بدا من التقدم، إذ من الخير أن يقعوا في أيدي لا يعلمون مثواها على أن تلتقطهم أنياب القرش النارية. وهكذا كان، لكنهم فوجئوا بسكون المكان وبرهبته، وانتبهوا إلى أن تلك السفن كانت محطمة وخالية من الحياة. عندها انفجروا من الضحك وهم عازمون على بناء وطن جديد على تلك اليابسة الصغيرة التي تقع وسط بحر لا يعرفه أحد، عسى أن يفلحوا في بناء وطن لا غدر ولا ظلم فيه، وبذلك رست المرساة الحائرة على أمل النجاة

والحياة فهل ذلك ممكن؟ أيستطيعون التخلص من شرور النفس الإنسانية ومطامعها السلطوية الخبيثة؟ ألهم القدرة حقا على بناء عالم طاهر نقي؟ أتبقى المرساة آمنة إلى الأبد؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى