الأربعاء ٣٠ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم عبد الجبار الحمدي

الانتقام

هيا.. لا تدعني هكذا أرجوك!!؟ كان ذلك بعد أن دفع به إلى حفرة عميقة، وأقسم ان ينال منه جراء ما فعله به في الماضي، وما أن سمعه يقول ذلك أجابه: أعجب لك!! فمنذ الفترة التي رافقتك بها، لم تتذكرني، ولم تتعرف علي، مع العلم أننا كنا في مجال واحد، ومسئولية وشرف الكلمة شعارنا، لكن السلطة والنفوذ قد أعمت بصرك وبصيرتك، وصرت لا تميز، أو تتعرف على ضحاياك، إني أحمد عبد الرحيم، صديقك في ذاك الزمن، الذي عصرنا في القدر، وكان لزاما أن نختار التضحية بشرفنا المهني والاجتماعي، بما عرض علينا من مغريات، وترك السير قدما بمشروعنا والمبادئ التي حملناها كرسالة سامية، وهي إن الإنسان يجب أن يبقى هو أساس كل شيء نقي وواقعي، ولا تلوثه المغريات، وأن ما تجمعه الطبول تفرقه العصا، لكنك وبعد أن سال لعابك على تنوع محرمات، أُمرت أن تتخلص مني، ومما حملته معي من قيم إنسانية، بعدما أصبح صوتنا مسموعا، وأن السرطان قد استشرى بالجسد، وحان البتر علاجا له، لكنك ما أن لبست المسوغات الذهبية ولمعت لك، فضلت أن تكون أحد تلك الغدد السامة، التي تفشت في تربة هذه الأرض، وعمدت من خلال مكيدة؟ على قتلي بيدك.

ولعل الرعب الذي تلبسك من فعل تلك الجريمة بشكل كامل، جعلني أعيش دون أن تشعر أنت، ولولا تدخل القدر وأيدي خيرة، لكان مصيري الموت المحتم، ومن ثم راقت لك الأمور، بعد أن أنجزت مهمتك، وركبت درجات الغنى والثراء، بما زوقته لك براثن الخبث ومستنقعات الريبة، لم تتذكر بعدها جريمتك، التي اغتصبت بها بكارة علاقة أخوة، وعهد بحب وطن وشرف مهنة، فكنت أبان تلك الفترة قد غبت عن الأنظار، أتوارى.. ألاحق أفعالك التي ترتكبها، ونغصت عدة مرات عليك حياتك، عبر ما كشفت وسربت للإعلام عن سيرتك الحقيقية، وقتلك لي، دون أن تدري أني من خطط ورسم لكشف عورتك، وعورة من تختفي خلفهم، مرات كثيرة حاولت أنت تغطيتها بمختلف الملابس والأفكار التي تبنيت، حتى جاء اليوم الذي تقابلنا صدفة من قِبلك، وتخطيط مني بعد سنين طوال، وكنت بها قد ركبت صوت الحقيقة منبرا وسوطا لاذعا لأمثالك، ممن تنبروا السلطة أبواق صدئة، وتحدثت معك وجها لوجه، لكنك لم تتعرف علي، ربما لسببين؟؟

أولهما تغيير أسمي.. وهذا ما يجعلك لا تركز على محدثك ما دام ليس لك مصلحة معه، والثاني تلك الطلقات، التي شوهت جزءا كبيرا من وجهي فغيرت معالمه، أتذكر حين كنت أتقرب منك للغور في داخل نفسك، وكشف الدسائس، ولا أدري! لعل إرادة الله سبحانه قد تدخلت حينها، وجعلتك تطلب مني أن أكون بجانبك لعمل، كونك كنت ترغب ومن خلفك باحتوائي، بعد أن أدركت أن ما اكتبه أصبح يهددك، خصوصا بعدما تعالت الأصوات حينها على تقاعس، وتقصير، وفساد رجالات الدولة والذين كنت تمثلهم، وبما انك واجهتهم، كان لزاما عليك التعامل معي، وفي لحظة ما أشعرتك بها أنك في أمان، وأنك سيطرت على الأمر، وهذا ما زرعته في نفسك، حتى تأتمنني على بعض الأمور، التي طالتها يدي، واكتشفت انك غطاء لبؤرة فساد، والتي ما أن أزيحها حتى تخرج الصراصير التي بنت بيوتها في مجار ير النفاق، المترعة بقاذورات الحياة الوسخة، وجاء اليوم الذي كان لزاما أن انتقم منك، كونك بعوضة تمتص دماء أصوات الحقيقة، والثانية عار أن تترك في حياة بدأت بالتغير، وكنت أنت السدادة التي تمنع المياه النظيفة أن تزيح القاذورات، التي نثرتها أيدي خفية وجعلتها تصدق أنها الممثل الحقيقي للإنسان البسيط، الذي ضحى ولا زال يضحي في أن يعيش بسلام ورفاه.

نعم.. ستنتهي يا من تلونت كالحرباء بالكثير من الأسماء والألوان، حان لك أن تتذوق الذل بعد عز، وها أنا الآن سأهيل عليك التراب، لتبقى مقبورا إلى الأبد، فما أجدك أهلا أنت تحتضنك الأرض بترابها الطاهر، ولكن لا تقلق؟ فقد وجدت بقعة مريضة بنفس الأمراض السرطانية، التي ترفعت عليها لتكون قاذورة في مكب النفايات الكبير، والذي سيكون مصير كل من هم على شاكلتك، والى الجحيم بكل ما تحمله من وصمات عار على الإنسانية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى