السبت ١٦ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم نادية بيروك

الرغبة

كانت عفاف فرحة بعودة زوجها من السفر وكانت قد اشتاقت إليه كثيرا. تجهزت وتجملت وكأنها عروس في ليلة زفافها. عند وصول محمد كان سلامه فاترا وعناقه لولديه وابنته باردا. كان ينظر إلى زوجته نظرات غريبة، وجلة وكأن شيئا أزعجه. لم تهمتم عفاف بما يعتمل بداخله وظنت أنه ضغط العمل٠

حل الليل بظلامه وشجونه وكانت عفاف قد أطعمت أطفالها وأخذتهم إلى أسرتهم لتنفرد بزوجها. كان محمد ينظر إليها في غرابة، لقد تعود أن يكون أول من يبادر، الرجل الفحل الذي يفصح عن رغبته، لم يستوعب كيف أن عفاف تجرأت على إظهار رغبتها به، لم يطق أن يخضع لسحرها وأن يبرز ضعفه أمامها. لكن عفاف كانت تتصرف على سجيتها وكانت سعيدة بهذا الشعور؛ فلأول مرة تدرك أن لديها أحاسيس هي الأخرى ورغبات، لم تكن قد عاشت لحظات كهذه، فهي دائما تستجيب لزوجها مرة تحت ضغط الفهم الخاطئ للعقيدة، وأخرى لأنها لا تريد أن تجعل زوجها ينفر منها ويخونها كما فعل زوج أختها. أغلقت باب الغرفة واتجهت صوبه، فوجئت عفاف بجفاء زوجها وبعدم استجابته.
فسألته مستغربة:
 ألم تشتق إلي؟
 بلا! ولكن لا رغبة لدي الآن.

بح صوت عفاف وشعرت بتوتر شديد:
 أنا لدي رغبة.

نظر إليها زوجها شزرا كأنها أتت جرما ثم أردف قائلا:
 هذه مشكلتك أنت! آسف ليس لدي ماأفعله من أجلك. أريد أن أنام إذا سمحت٠
غرقت الكلمات في فم عفاف، حبست العبرات صوتها وأحست بجرح عميق ينخر أحشاءها، غسلت وجهها وارتدت ملابس نومها المعتادة. تسللت إلى سريرها كالغريبة وشعرت بالخزي والعار وكأنها عاهرة تعرض نفسها في ممرات الفساد.
منذ ذلك اليوم ماتت الرغبة داخل عفاف ولم تعد تقو على النظر في عيني زوجها ولا على البوح بمشاعرها مهما كانت بسيطة ومهما كانت بريئة٠


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى