الأحد ١٧ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم
الغريب
هناكَ عند ضفةِ الغروبْفي وسَطِ الميدان، عند نبع أنهر الدروبْوحيث قاصدُ الشمال يعطي ظهره لقاصدِ الجنوبوحيث غصة النوى تقطّعُ القلوبفي رهبة المكان والزمانْوعند نقطةٍ تفرق الحبيب والحبيبْوتُرفع الأكف للوداع في توجع رهيبرأيته من حسرةٍ وألم يلوبووجهه ممتقعٌ لا لون فيهِلفعته غيمة من الدوار والشحوب ْيجثو على قارعة الطريقْلقيته وقد خبا من عينه البريقمسافراً قد ضيع الأنيس والصديقوغاب في ذهوله يغفو ولا يفيقيا قسوة المسير دونما رفيق .*********على رصيف شارع كئيبْيعج بالمشاة والحفاةوربما العُراةوتحت ظل غيمةٍ من التراب والذبابْأمام مقهىً موحشٍ عجيبْمُجوفٍ كأنه مغارةٌقد نُسيت من ألف ِألفِ عامْتضج بالصراخ والسباب والهواموأهلها ما عرفوا الكلاموالناس فوق بعضهم تحسبهم رُكامفي مقلة الإعصار والزحامتثاءب الغريبْوأسند الظهر إلى زاوية الجدارْتأمل الوجوه في وجومها، يلفها انكسارضئيلة، هزيلة، ناتئة عظامهانافرة عروقها كأنما دقت على صليبومدّ ذيل كُمه يمسح عن جبينه ما خلف الغبارْوسرّح العينين تقتفي سحابة النهارْ*************كم مُّر من نهارْما عدًّها لكنها عمرٌ من احتضارْفي هيئة انتظارمذ أدمن الرحيل والتسياروصحبة الرياح إذ تئن في القفارمذ ألِفَ الدُوار فوق زبد البحارواستطاب شهقة القطاركم مَرَّ في محطة أو لاذ صوب مرفأٍأو حَطّ في مطارما لوَّحت له يدٌ في صالة انتظارأو شيَّعته دمعتان حين يزفرُ الحديد والبخارمن كل مقهىً بائس في صدره تذكارعن النّعيِّ والبغيِّ وانتكاسة الرفاق والبوارفي قلبه مواجعٌ وحرقةٌ وناروتحت إبطِه الهزيل يستكين دفتر الأشعاروجَعبةً بها ربابة قد هربت من صدرها الأوتارينتظر الآتي ولا يجيءُمنذ ألف ألف ليلة يبيت مهملاً على ناصية الطوارويرهف السمع لما يقذفه المذياع من أخبارمؤملاً أن يصدر القراريحمل في طيّاته خاتمة الأسفارمنتظراً ما ملَّ الانتظاريَنقضُ كل ليلة ما غزلت يداه في النهارويدمن الشوق إلى البحارمنتظراً عودة "يوليسيز" من متاهة التيارمُحملاً بالدُرِّ والأصداف والمحارأو موجة تهوي به إلى غيابة القراروبعدها يكف عن أنينه وعزفه قيثاروينتهي بذلك المشوارويُسدل الستار.