الجمعة ٢٩ نيسان (أبريل) ٢٠١١

تعليمية اللغة العربية بين التنظير والتطبيق

محمد سيف الإسلام بوفـلاقـة

احتضن قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة عنابة يوماً دراسياً عن:«تعليمية اللغة العربية بين التنظير والتطبيق»، خلال يوم:14آذار-مارس2011م، من تنظيم طلبة الدراسات العليا (الماستر)، وقد شارك في هذا اليوم الدراسي مجموعة من الطلاب المتميزين، وتم تقديم أربع عشرة مداخلة ركزت في مجملها على مختلف القضايا التي تتصل بتعليمية اللغة العربية بين التنظير والتطبيق، كما أجريت مناقشات مستفيضة، ومتميزة بين طلاب الدراسات العليا بين بعضهم البعض من جهة، وبين الطلاب والأساتذة المتخصصين من جهة أخرى.

ولا ريب في أن اختيار موضوع: «تعليمية اللغة العربية بين التنظير والتطبيق» له دلالات متعددة، فهو موضوع يكتسي أهمية بالغة في عصرنا الراهن، ولاسيما أن المجتمعات المعاصرة منشغلة على عتبة القرن الجديد بالنهوض بلغتها، وترقيتها، وهذا ما جعلها تركز الاهتمام على البرامج، والكتب التعليمية، وطرائق التدريس، والمعلم، والمتعلم، وذلك لمواكبة العصر، كما أن زمننا هذا أصبح يعرف اهتماماً كبيراً بطرائق التعليم، والتعلم، وهذا يعود إلى عوامل شتى؛ حضارية، وثقافية، وعلمية، واجتماعية...، مما يجعل من تحسين طرائق تدريس اللغة العربية لأهلها، ولغير الناطقين بها أمراً يعد غاية في الأهمية...، فتعليم لغتنا العربية هو أمر صعب، وخصب في الآن ذاته، فهو صعب من حيث إن هناك الكثير من التضارب، والتباين في طرائق التدريس، وكذلك من حيث دقة تحديد المضامين التي يتوجب تعليمها، والاقتصار عليها...، وهي ميدان خصب كونها لم تلق الكثير من الدرس، والبحث، والتنقيب، ولم تحظ باهتمام كبير من لدن الدارسين والباحثين، ومن جانب آخر فهي قضية لا يمكن الحسم فيها، لأنها قابلة للتجدد، ولاسيما في عصرنا هذا، عصر الانفجار العلمي، والتكنولوجي، والتقني، كما أن الممارسات التعليمية المتعلقة باللغة العربية السائدة في المؤسسات التربوية تغدو ممارسات آلية عشوائية، في ظل غياب تحديد خطط تدريسية واضحة، ومناهج تربوية سليمة، وبالتالي فإن هذا الموضوع(تعليمية اللغة العربية) هو في حاجة للمزيد من الدراسة، والبحث، ويستحق الأبحاث تلو الأبحاث، بغرض الارتقاء، والنهوض بالعملية التعليمية، وبهدف تقويم الجهود المبذولة، والوقوف على مواطن نجاحها، والاستفادة من أخطائها...

صورة عن ملصق اليوم الدراسي

وقد حرصت اللجنة العلمية لهذا اليوم الدراسي على إتباع منهج متناسق، ومتكامل يؤلف بين النظري، والتطبيقي، كما بدا أن الهدف البعيد لهذا اليوم الدراسي هو الممازجة بين الواقع والآفاق، وذلك من خلال التركيز على واقع تعليم اللغة العربية، والوقوف على مجموعة من الرؤى التي تستلزم حتماً تضافر الجهود بين مختلف الباحثين على اختلاف اهتماماتهم سواءً على المستوى الأكاديمي البحث، أو التربوي التعليمي بغرض تطوير الدراسات التعليمية، والتربوية التي تتعلق بتعليم اللغة العربية، وتقديم رؤى جديدة عن تعليمية اللغة العربية وتكييفها وفقاً لمتطلبات الظروف المُلحة التي نعيشها في عصرنا الراهن، عصر الانفجار التكنولوجي، والمعلوماتي، والتقني...

وقد كان هذا اليوم الدراسي فرصة لتسليط الضوء على قضايا تعليم، وتعلم اللغة العربية، وتحريك السواكن التربوية المتصلة بتعليم اللغة العربية، التي يشوبها الكثير من الجدل، ولاسيما فيما يخص طرائق التدريس، فكثيراً ما أشار المتخصصون في ميدان تعليمية اللغات إلى أن المعضلات التي تعرفها العملية التعليمية، والتي تواجه المعلم والمتعلم لا ترجع إلى المادة المقدمة، بقدر ما أنها تعود إلى مختلف مراحل، وعناصر العملية التعليمية، ولذلك قيل إن طرائق التدريس هي حجر الزاوية في تعليم اللغة العربية...

تميز حفل الافتتاح بحضور مكثف للباحثين، والأساتذة، والطلاب من مختلف المستويات، وقد ألقت الكلمة الافتتاحية الطالبة جميلة غريّب؛عضو اللجنة العلمية لليوم الدراسي، وأشارت في كلمتها إلى أن هذه المبادرة الكريمة لعقد هذا اليوم الدراسي، كانت شعلة انطلاقها الرغبة الجادة في ارتقاء سلم البحث العلمي، والمناقشة العلمية الطلابية، وذكرت بأن الفكرة يقف وراءها الأستاذ الفاضل الدكتور خليفة صحراوي، وتوجهت بالشكر، والتقدير له، فإليه يرجع الفضل الكبير في عقد هذا اليوم الدراسي، ولولاه لما كان لهذا اليوم الدراسي أن ينعقد، فهو لم يأل جهداً في سبيل الإعداد لهذا اليوم الدراسي، كما شكرت الجهود المبذولة من قبل اللجنة العلمية التي ضمت كل من: نعيمة كناز، وجميلة غريّب، ومحمد سيف الإسلام بوفلاقة، ومحمد الطاهر حمّازة، وبلال نواري، ورجاء منيب، وفريدة مرايحية، وكذلك الشأن بالنسبة للجنة التنظيمية التي ضمت كل من:نادية حسناوي، ومصطفى طليبة، وبلال خذير، وخديجة كربوش، وسهام فرقاني، وفوزية بن صافية، وإيمان حمايدية، وصورية برابري، وحنان غماري، وزينب خلاّف.

وقد أشارت إلى أن ما دفع طلبة الدراسات العليا لعقد هذا اليوم الدراسي هو حرصهم على إرساء المزيد من الجهود العلمية في مجال تعليمية اللغة العربية، والسعي إلى معرفة واقع تعليم هذه اللغة الجليلة، ووضع تصورات ورؤى مستقبلية تدعو إلى ضرورة استثمار النظريات اللسانية، والعلمية في هذا المجال للنهوض بمستوى تعليم، وتعلم اللغة العربية، فانبثقت ثلاثة محاور رئيسة هي:

  1. إسهامات العرب المحدثين في مجال تعليمية اللغة العربية.
  2. دراسات تطبيقية في تعليمية اللغة العربية.
  3. تعليمية النصوص.

وأوضحت أن الأهداف المتوخاة من هذا اليوم الدراسي هي:
 تحقيق انسجام بين الطلبة في البحث والمناقشة.
 تدريب طالب اليوم على المحاضرة لإعداده لأستاذ الغد.
 رد الاعتبار لمكانة الطالب في الجامعة بإشراكه الفعلي في نشاطاتها العلمية والثقافية.

وفي ختام كلمتها عبرت عن أمل الطلاب على أن توافق الهيئات الوصية في أن يكون هذا اليوم الدراسي نقطة البداية، وأن تليه عدة أيام دراسية متنوعة، وملتقيات طلابية أخرى، وأن تسنن هذه المبادرة، ونشهد الكثير من النشاطات العلمية الطلابية، كما جددت شكر الطلاب، وتقديرهم، وعرفانهم للجهود الكبيرة التي بذلها أستاذنا الفاضل الدكتور خليفة صحراوي، صاحب الفكرة، والذي وفر الأجواء للطلاب لإعداد وتنظيم هذا اليوم الدراسي، وكل من كان له بصمة في هذا اليوم من بعيد، أو من قريب ، وخصت بالذكر السيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة عنابة، والسيد رئيس قسم اللغة العربية وآدابها، والأستاذ الدكتور مختار نويوات؛ مدير مخبر اللسانيات واللغة العربية، والأستاذ الدكتور عبد الحميد بوقصاص؛ مدير مخبر التنمية والتحولات الكبرى في المجتمع الجزائري، والسيد المدير العام لفندق صبري، والسيد مدير مؤسسة (إي بي آي).

وبعد الكلمة الافتتاحية ألقى الأستاذ الدكتور عميد كلية الآداب، والعلوم الإنسانية كلمة متميزة شكر فيها طلبة الدراسات العليا بقسم اللغة العربية وآدابها، وعبر عن تقديره العميق، وشكره الكبير للأستاذ المتميز الدكتور خليفة صحراوي الذي يقف وراء عقد هذا اليوم الدراسي، كما نوه بأهمية هذا اليوم الدراسي، وقد لخص في كلمته بطريقة مركزة تطورات التعليم في عصرنا الراهن، عصر الانفجار المعلوماتي، وقدم عدة أمثلة تتصل بهذا المجال، وأما الأستاذ الدكتور رئيس قسم اللغة العربية وآدابها فقد تحدث في كلمته عن أهمية العلم، وفضله، وأهمية النشاطات العلمية، والأيام الدراسية الطلابية في تنشيط الحركة العلمية بجامعة عنابة، وأثنى على الجهود التي بذلها الطلاب في سبيل عقد هذا اليوم الدراسي، كما ذكر بأن هذا اليوم الدراسي يقف وراءه رجل خفي، وأستاذ فاضل، وإنسان نبيل هو الأستاذ الدكتور خليفة صحراوي الذي لولا سعيه، وجهوده الكبيرة لما كان لهذا اليوم الدراسي أن ينعقد.

وقد انطلقت فعاليات اليوم الدراسي بمداخلة محمد سيف الإسلام بوفلاقة ؛عضو اللجنة العلمية لليوم الدراسي، وقد حملت مداخلته عنوان: «تعليمية اللغة العربية: أضواء وملاحظات»، وقد أشار في البدء إلى أن مداخلته يمكن اعتبارها بمثابة مدخل لهذا اليوم الدراسي، ونظراً لضيق الوقت المخصص لمداخلته الافتتاحية فسيقتصر على التركيز على مفهوم التعليمية، ويسلط الضوء على دورها في النهوض باللغة العربية، مع التركيز على بعض الاقتراحات والحلول التي تتعلق بتعليمية لغتنا العربية، فذكر في كلمته أن التعليمية تعتبر علماً قائماً بذاته تنصب اهتماماته على الإحاطة بالتعليم، ودراسته دراسة علمية، وتقديم الأبحاث العلمية عنه، وذلك من خلال البحث في محتوياته، وطرائقه، ونظرياته، وهي ترجمة
لكلمة، والتي اشتقت من الكلمة اليونانية ، وقد كانوا يُطلقونها على ضرب من الشعر يشرح معارف علمية، وتقنية، كما تعني فلنتعلم، أي يُعلم بعضنا البعض، أو أتعلم منك وأُعلمُك، كما قدم لمحة تاريخية عن تطورات التعليمية، وأوضح في مداخلته أن مفهوم التعليمية قد عرف جملة من التطورات حتى أضحى يعني فن التعليم، وهذا يعني أن التعليمية«تهتم بكل جوانب العملية التعليمية ومركباتها، من متعلمين ومدرسين، وإمكانيات، وإجراءات، وطرائق، وبالتالي فالتعليمية لا غنى عنها من حيث إنها تفكير وبحث ضروري لتجديد التعلم والتعليم، وركز على مجموعة من الأهداف التي تسعى التعليمية إلى تحقيقها، ومن أبرزها توجيه المعلم، والمتعلم إلى اكتساب المهارات والقدرات التدريسية، كما تواكب كذلك جديد عالم التربية، وهذا ما يجعل من العملية التعليمية مواكبة لمختلف التطورات والتحولات العالمية...، وقد ذكر محمد سيف الإسلام بوفلاقة في مداخلته أن هناك من يُقسم التعليمية إلى قسمين رئيسين هما:
التعليمية العامة، وهي تركز على جوهر العملية
التعليمية، وأهدافها، والمبادئ العامة التي تستند لها، والعناصر المكونة لها، من مناهج، وطرائق التدريس، والوسائل التعليمية، وصياغة تنظيم العملية التعليمية،
وأساليب التقويم، وأشار إلى أن التعليمية العامة تستفيد من علم النفس، والبيداغوجيا، واللسانيات، وعلم الاجتماع، وأما التعليمية الخاصة فهي تهتم تقريباً بنفس القوانين ، ولكنها تسلط عليها الأضواء على نطاق أضيق، أي أنها تركز على القوانين التفصيلية التي تتعلق بمادة واحدة، في حين أن التعليمية العامة تجسد قوانين عامة يُمكن إسقاطها على جميع المواد.

وبعد أن تطرق لمفهوم التعليمية، أشار لمجموعة من الحلول والاقتراحات المتعلقة بتعليمية اللغة العربية، ومن أبرز ما أشار إليه عند معالجته لهذه القضية ضرورة تيسير منظومة القواعد العربية في العملية التعليمية بالتركيز على مبدأ الوظيفة والتحديد الكمي، والغرض التداولي للاستعمال اللغوي، وكذلك الاهتمام بجمع رصيد لغوي خاص بالمفردات المتداولة والشائعة في الصحف والمجلات والإذاعة وأنظمة التواصل اليومي، وذكر بأنه لابد من إعادة الاعتبار النوعي والكمي للنصوص الأصيلة في العملية التعليمية، ولا بد أن يكون النص التعليمي عاكساً لبنية لغتنا العربية، ومنسجماً مع ثقافتنا التي نعيشها في زمننا هذا، ولابد من ضبط خطة محكمة لتنقيح ألفاظ الحضارة والمصطلحات المختلفة، وإيجاد آلية إجرائية لاستعمالها في تعليم اللغة العربية، وعند تطرقه لهذا العنصر ذكر بأن أبرز الباحثين الجزائريين الذين تناولوا موضوع تدريس اللغات، وأثر التحكم اللغوي في ذلك هو العلاّمة عبد الرحمن الحاج صالح ؛رئيس المجمع الجزائري للغة العربية، وذلك من خلال نشره مجموعة من الأبحاث، والمقالات، فقد سعى في أحد أبحاثه إلى إظهار البنى النحوية والتحويلية وصولاً بالطالب إلى اكتساب ملكة اللغة عن طريق المران، أي القدرة على إنتاج التعبير السليم من خلال الدربة والتجريب، وأشار كذلك إلى أنه قد قدم بحثاً هاماً إلى اتحاد الجامعات العربية في ندوة خاصة بتدريس اللغة العربية، أسماه:«الأسس العلمية لتطوير تدريس اللغة العربية» أشار فيه الحاج صالح إلى ملاحظة تعتبر غاية في الأهمية، وهي«غزارة المادة اللغوية فيما لا يحتاج إليه المتعلم»كالألفاظ المترادفات الكثيرة، والألفاظ العقيمة التي هجرها الاستعمال.وهذا النقص الفادح في الذخيرة ليست اللغة العربية هي المسؤولة عنه بل كسل أهلها وضعف اعتناء منهم لضعفهم في أنفسهم بتعبير الحاج صالح، فانساقوا يُرددون بألسنتهم مسميات الأشياء الجديدة، والموضات الوافدة بلفظها الأجنبي رغم رطانته الأعجمية، وهم على قناعة تامة بذلك ، وقد كان الأجدر أن يشتقوا أو ينحتوا من العربية، أو يعربوها حسب القواعد اللغوية، وهذا ما أدى إلى فوضى الاستعمال، وإلى خلط لغوي معيب في تأدية المجامع اللغوية، وقد أوضح سيف الإسلام بوفلاقة رؤية العلاّمة عبد الرحمن الحاج صالح، والتي ترى ضرورة مضاعفة مردود البحث الاصطلاحي، وذلك من خلال مجموعة من الطرائق والوسائل من بينها:

  1. الرجوع إلى الاستعمال الحقيقي، والتركيز على ما قد وضع من لفظ عربي لنفس المفهوم في جهة أخرى، أو بلد آخر.
  2. الحصر الكامل والمستمر لما يضعه العلماء باستمرار من مصطلحات في سائر أقطار الوطن العربي.
  3. الرجوع إلى التراث العلمي العربي، ومحاولة مسحه مسحاً كاملاً.
  4. الاعتماد على مدونة من النصوص العلمية، حتى يتراءى فيها الاستعمال الحقيقي القديم والحديث للغة العربية، في كل ميدان من الميادين العلمية، وبذلك تكون المصدر الرئيس للبحث الاصطلاحي، واللغوي بصورة عامة، وتصبح مرجعاً موضوعياً.
  5. اللجوء إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة، وتطوير التصور للعمل الاصطلاحي، وذلك بما يقتضيه العمل على الحاسوب.
  6. لا يتم الاكتفاء بترويج المصطلحات الجديدة فحسب، بل لابد من التدخل، وذلك لنشرها على نطاق واسع بطرائق ناجعة، وعلى نطاق واسع.
  7. ضرورة خلق هيئة قومية تهتم بالإشراف على جميع الأعمال الاصطلاحية العربية، وذلك بالتخطيط، والمتابعة، والتقويم العلمي، والتنسيق، وتكون لها صلاحيات مشروعة لتحقيق هذه الأهداف، ويُسمح لها بالتدخل المباشر.
  8. السعي لاستثمار الثروة اللغوية التي تختص بها لغتنا العربية في أبنيتها، وجذورها».

وبعد المداخلة الافتتاحية الأولى لمحمد سيف الإسلام بوفـلاقـة، ترأست الجلسة الأولى جميلة غريّب، وقد قدمت فيها أربع مداخلات متميزة، افتتحت بمداخلة الطالبة نعيمة كناز؛رئيسة اللجنة العلمية لليوم الدراسي، وقد عنونت مداخلتها ب:«أهمية الاختبارات الإسقاطية في بناء مناهج تعليم اللغة العربية»، وقد أشارت في بداية مداخلتها أن من أسباب عدم نجاح العملية التعليمية الاكتفاء بالتقويم بعد بداية هذه العملية، وذلك دون اللجوء إلى أساليب ناجعة لتقويم شخصية، وطبيعة المتعلم، ومن خلال تحليل شخصيته سيتم الكشف عن هذه الطبيعة، وبالتالي فإن هذا الأمر سيمكن الدارس من تحليل احتياجات المتعلم، وتحديد اتجاهاته، وقياسها، وذكرت بأن من أهم ما يمكن اعتماده في هذا الميدان الاختبارات الإسقاطية كونها تقدم لنا نتائج يمكن اعتمادها كأساس نفسي، وأساس اجتماعي من الأسس التي تبنى عليها مناهج تعليم اللغة العربية، وقد ركزت الطالبة نعيمة كناز بشكل أساس على الاختبارات التي تعتمد اللغة كمثير، من خلال تناولها لاختباري ساكس، وروتر لتكملة الجمل الناقصة، وقد رأت بأن هذا الأمر يُفيد في تبيين أهميتها في بناء مناهج تعليم اللغة العربية، وكذلك فهو يسمح بتبيين العلاقة الوطيدة بين تعليمية اللغة العربية، وبين مختلف فروع علم النفس، ولم تقتصر في إيضاحها لهذه العلاقة على علم النفس التربوي، أو علم النفس اللغوي فحسب، بل إنها شملت شتى فروع علم النفس. وقد أشارت في مداخلتها أن ما يثبت عملياً هذه العلاقة هو تطبيق اختبار«روتر»على تلاميذ السنة الثانية متوسط، وذلك مع اعتبار هذا الاختبار بمثابة وثيقة لتحليل أخطاء المتعلمين، وإنتاجهم اللغوي الكتابي في الآن نفسه، الذي يُعتمد كوثيقة لتحليل شخصية، وحاجات وميولات المتعلم، كما ذكرت أنه لابد من تظافر مختلف الاختصاصات العلمية، واستثمار نظرياتها في مجال تعليم اللغة العربية بغرض النهوض بمستوى تعليمها، وتعلمها، وقد أجابت في مداخلتها على مجموعة من الأسئلة الهامة التي تتصل بأهمية اختباري ساكس، وروتر في بناء مناهج تعليم اللغة العربية، وختمت مداخلتها بتقديم مجموعة من النتائج التي توصلت إليها في دراستها.

وبعد مداخلة نعيمة كناز أحيلت الكلمة للطالب بلال نواري، حيث كانت مداخلته تحت عنوان:«الأبعاد التعليمية للإشهار: تحليل سيميائي لإشهار توعوي»، وقد مهد لموضوعه بإشارته إلى أن كل صورة تحمل في كنهها معان خفية، وهذا ما يجعل المتلقي يعمل فكره، ويبذل جهداً من أجل استيعابها، وبالتالي فإن الأمر يتطلب الاستعانة بمنهج علمي لفك رموز العناصر الدالة حتى يتسنى للباحث أن يقف على بعض هذه المعاني، ويُبرزها للمتلقي، وهذا ما يسعى إليه المنهج السيميائي، فاللغة سواءً أكانت مكتوبة أم منطوقة فهي تتضمن كماً هائلاً من العلامات الدالة التي يُمكن حصرها بالنظر للقرائن المعتمدة من قبل الكاتب أو الخطيب.

وقد أوضح في مداخلته أن الصورة، ولاسيما إذا كانت مشكلة في قالب(فيلم مصغر)، تكون لها أهداف تعليمية نفعية ، يرمى من ورائها إلى زرع مبادئ، أو دحض توجهات معينة، وهي تزخر بالكثير من العلامات الدالة، وهذا ما يُحقق لها انفتاحية القراءة، وتعددها وفقاً لتعدد ثقافات المتقبل، وخبراته، وتجاربه، كما أشار إلى أن المُشهر
يراعي: الأشخاص، واللباس، والألوان، والإضاءة، وحركة الكاميرا، وحتى إيماءات الوجه، وحركة الجسد، ونوع الكتابة، ومدى إمكانية تحقيق التناسق، والانسجام بين هذه العناصر فيما بينها، حتى يحقق إخراجاً محكماً من الصور التي تحمل في طياتها بُعداً حجاجياً، ورمزاً دلالياً تكون غايته التبليغ، والإقناع، وتحقيق منفعة ما، وتداولها لدى فئة معينة من الناس، أو عامة من تصله الرسالة، وقد تعرض بلال نواري في مداخلته إلى مجموعة من القضايا الهامة التي تتعلق بالأبعاد التعليمية للإشهار، حيث ذكر بأن المُشهر ينقل للمتلقي ثقافات وعادات لمجتمعات متعددة، كما أنه يزودنا بمعارف علمية، وهذا ما يبرز جلياً في الوصلات التجارية، وقد اختار وصلة إشهارية كنموذج وقام بتحليلها، وذكر بأنها تحيل إلى أبعاد تعليمية عديدة دينية، وسياسية، واجتماعية، وثقافية، وقد سلط عليها الضوء من جوانب متنوعة، وذلك ضمن السياق العام للعناصر الدالة التي تشكلت منها الوصلة الإشهارية.

وقدمت فريدة مرايحية مداخلة موسومة ب:«اللسانيات الحديثة واللغة العربية-البعد التعليمي-» عالجت فيها مجموعة من القضايا الهامة، وقد هدفت من خلال مداخلتها إلى محاولة البحث في تحول المعرفة اللسانية العالمة إلى معرفة متعلمة، أي من المستوى الموجود بالقوة، إلى المستوى الموجود بالفعل، وقد ركزت على انعكاسات هذه العملية على اللغة العربية، كما ذكرت في مداخلتها أن العرب قد واجهتهم العديد من المشاكل، والصعوبات عندما أرادوا نقل اللسانيات إلى الثقافة العربية، ذلك أن اللسانيات كانت نشأتها في العالم الغربي، وترعرعت في أحضان الثقافة الغربية، وهي تعتبر علماً أجنبياً، وقد ثبتت أصوله، وتشعبت فروعه، وتطورت مناهج بحثه، فتعددت المدارس، والاتجاهات اللسانية، والتيارات الفكرية التي لعبت دوراً رائداً في جل الحقول، والمعارف الإنسانية، وحتى في القطاعات العلمية الدقيقة، وقد ذكرت أن أبرز الإشكاليات التي واجهت العرب إشكالية ترجمة المصطلح اللساني، إضافة إلى صعوبة الانتقال في اللسانيات من البحث العلمي إلى المجال التعليمي، حيث واجهت المعلم، والمتعلم على حد سواء صعوبات عديدة في تبليغ المعرفة اللسانية، وتلقيها أثناء ممارسة الفعل التعليمي، وقد سعت فريدة مرايحية إلى بيان الحدود الفاصلة بين الخطاب اللساني العلمي الذي يهتم به اللسانيون، والخطاب التعليمي الذي يحمل مضامين المعرفة اللسانية المتبسطة، و ذكرت أن اللسانيات بعد أن كانت تعني الدراسة التطورية المقارنة للأحداث اللغوية المعتمدة على المنهج التاريخي أو المقارن، تحولت في القرن العشرين إلى الدراسة الموضوعية للظواهر اللسانية عامة من خلال اعتماد التجريد، والاستقراء، وبهذا فقد كان لها الفضل في تجديد النظرة إلى اللغة دراسة، وتدريساً، وتحولت المعرفة اللسانية العلمية، إلى معرفة تعليمية متبسطة، بيد أنها واجهت في إطار هذا التحول العديد من الصعوبات، والعراقيل التي نفت عنها الصفة النفعية التعليمية بوصفها بحثاً نظرياً مجرداً يرمي إلى اكتشاف قوانين، وأسرار الظاهرة اللغوية...

وقد اختتمت الجلسة الأولى بمداخلة إيمان حمايدية المعنونة ب:«أهمية الحوار وضرورة استثماره كوسيلة لتقديم دروس اللغة العربية»، حيث دعت في مداخلتها إلى ضرورة استثمار الحوار في تعليم دروس اللغة العربية، وذلك في جميع المراحل التعليمية، وقد ذكرت أن الحوار، وحتى يتم استثماره استثماراً ناجعاً في ميدان تعليم لغتنا العربية لابد من مراعاة جملة من الشروط الهامة، من أبرزها:تحديد الهدف، وصياغة الحوار في ضوء الهدف، وكذلك صياغته في ضوء الواقع الاجتماعي لمحيط المتعلم بناء على ثقافته، واقتصاده، ورغباته، وميوله، وكذلك فلا بد من أن يراعي الحوار المستويات التعليمية، والفروق الموجودة بينها على صعيد اللغة، والموضوع، والأساليب، والاهتمامات، وقد أوضحت في مداخلتها أن الحوار هو نشاط فكري يمارس بشكل واسع في الحياة التعليمية، وهو أسلوب يكسب الطلاب القدرة على النقد البناء، واستخلاص النتائج، وهو وسيلة لاكتساب المعلومات، وتفسير آراء الآخرين بهدف الوصول إلى الحقيقة، ولا بد من استثماره كونه يقدم خدمات متميزة للعملية التعليمية، ويحتوي العديد من الخصائص من بينها أنه يتكون من جمل قصيرة، ويعتمد على أسلوب التشويق، والإثارة بحيث يخلق التحفيز، والرغبة لدى المتعلم، ويساعد على إيصال الفكرة، وترسيخها في الذهن، ويصاغ في ضوء الواقع من حيث الموقف، واللغة، والأساليب، ويسمح للمعلم بإشراك أكبر عدد ممكن من التلاميذ في الدرس مما يؤدي إلى جذب انتباههم، وإيقاظ أسماعهم، ونظراً لاعتماده على التكرار فهو يساعد على ترسيخ الفكرة، وإدراك الموضوع.

وأما الجلسة الثانية فقد ترأستها نعيمة كناز، وقد بدأت بمداخلة جميلة غريّب، حيث اختارت موضوعاً متميزاً عالجت فيها إشكالية ذات طابع تطبيقي، وقد عنونت مداخلتها ب: «أثر أغاني الرسوم المتحركة في تعليم اللغة العربية للأطفال-دراسة ميدانية-»، وقد أشارت في البدء إلى أن أغاني الرسوم المتحركة تعد لوناً من ألوان التعبير اللغوي الممتع، وهي تهدف إلى إيجاد اتصال لغوي ناجح عند الطفل، كما ذكرت أن أغاني الرسوم المتحركة الفصيحة لها أثر بالغ ، وأهمية كبرى في تعليم اللغة العربية للأطفال، فحفظها يثري لغتهم في ألفاظها، وتراكيبها، وهذا ما ينتج عنه سعة في التفكير، وقد ركزت في مداخلتها على أطفال ما بعد سن التمدرس، أي ما بعد سن السادسة، وذلك نظراً لأهمية هذه المرحلة التي تتطلب بذل جهد كبير من المتعلم(الطفل) لتعلم اللغة، لأنه يحتاج إلى معلم يكشف له عن قواعدها، وقد أوضحت في مداخلتها مجموعة من النقاط الرئيسة، من بينها: الفرق بين الاكتساب والتعلم اللغوي عند الطفل، ومفهوم الاستعداد اللغوي والعوامل المساعدة له، والقاموس اللغوي للطفل، وأهميته في مختلف الأعمال اللغوية الشفوية، والمكتوبة الموجهة له، ودور التلفزيون في التأثير على لغة الطفل كونه بيئة خصبة لترسيخ مختلف القيم، وخاصة منها اللغوية، وقد عالجت في القسم التطبيقي من دراستها دور الصوت والصورة في التأثير على اهتمام الطفل بهذه الأغاني، وقامت بدراسة القاموس اللغوي لطفل اتخذته كنموذج، كما درست الحصيلة اللغوية لمجموعة من الأطفال من خلال أغاني الرسوم المتحركة المقترحة في قناة خاصة ببث الرسوم المتحركة للأطفال، وقد قدمت أرقاماً، ونسباً دقيقة توصلت لها بعد البحث، أوجزتها في مجموعة من النتائج التي توصلت لها، وقد ختمت مداخلتها بتقديم بعض الاقتراحات التي تتصل بهذا الموضوع.

وقد تطرق الطالب محمد الطاهر حمازة لموضوع: «استثمار المنهج التداولي في تحليل النصوص»، وقد تضمنت مداخلته رؤية تحليلية اتخذت من التعليمية هدفاً لها، ومن التداولية منهاجاً مؤيداً، حيث أشار إلى أن المنهج التداولي يمكن من خلاله تجسيد المعاني المنطوية في النص، وفهم المفاتيح التي تجعل المتعلم في مندوحة عن التعقيدات، وقد حاول في مداخلته إبراز العلاقة بين التداولية، والتعليمية، وأشار إلى أن التحليل التداولي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتعليمية ، ولهذا فهو يفيد في التحليل، والتعليم في الآن ذاته، ولذلك فقد قام باتخاذ نص كنموذج للتحليل التداولي، وهو نص حديث أم زرع، وذكر بأن هذا النص يتجلى من خلاله الخطاب بوضوح، ويمكن الوقوف عليه تعليمياً سواء من خلال المخاطب، والمخاطب، أو الزمان والمكان، والأفعال الكلامية.

وقدمت الطالبة رجاء منيب بحثها الموسوم:«مكانة اللغة المنطوقة في ظل اللغة المكتوبة-أنشودة قصة بسمة أنموذجاً-»، وقد افتتحت مداخلتها بإشارتها إلى أن اللغة المكتوبة هي تحنيط للغة المنطوقة، وذلك لما تحمله اللغة المنطوقة من سمات، وإشارات حركية، وإيماءات للوجه تجعل المتلقي يستشف من خلالها جملة من الدلالات قد تخفى عليه في تعامله مع اللغة المكتوبة، فالمرء عندما يخاطب الناس يوصل مجموعة من المعاني، وينقل أحاسيسه ومشاعره بتغيير صوته، وطريقة كلامه في كل حال من الأحوال ليوقظ بها حواس المتلقي، لذلك فاللغة المنطوقة تستوجب ما لا تستوجبه اللغة المكتوبة، وانطلاقاً من هذه الرؤية قامت رجاء منيب بتحليل لأنشودة قصة بسمة التي تتحدث عن آلام فتاة أصيبت بمرض خطير في حوارية مع والدها، فوقفت على دلالات كلماتها، وما حملته من معان خفية.

وتناولت الباحثة صورية برابري في مداخلتها قضية:«أزمة المناهج التعليمية في الوطن العربي»، بالنقاش، والتحليل، وذكرت بأن من أبرز القضايا المهمة التي تلفت انتباه الباحثين، والمتخصصين قضية البحث في المناهج التعليمية، وأهميتها على الصعيدين النظري والتطبيقي، كما أشارت إلى أننا لا نزال في حاجة إلى توضيح الرؤى بالنسبة للعديد من القضايا التي تتعلق بمناهجنا التعليمية، وأننا لا نزال نعيش نوعاً من التناقض، واللاتوازن بين كثرة ما هو نظري، وقلة ما هو تطبيقي، وممارس على أرض الواقع، وقد تساءلت عن كيفية تحقيق نوع من التقارب بين الفكر (النظرية) والتجربة (التطبيق)، وقد سعت في بحثها إلى الكشف عن مجموعة من الإشكالات التي تتعلق بالمناهج التعليمية واقعاً، ومستقبلاً، كما تطرقت إلى بعض المشكلات التي تعيق تطور المناهج التعليمية عامة، وذكرت بأن المناهج التعليمية في عالمنا العربي هي بحاجة إلى تطوير مستمر، نظراً لما نعيشه من تطور هائل في مختلف ميادين البحث العلمي، وشددت على ضرورة الاستفادة من كل وسيلة أو نظرية أو منهج بغرض النهوض بالمناهج التعليمية، وتطوير تعليمية اللغة العربية.

وقد ترأس الجلسة الأخيرة الطالب بلال نواري؛عضو اللجنة العلمية لليوم الدراسي، وافتتحت بمداخلة نادية حسناوي التي كانت مداخلتها تحت عنوان:«الأداء الصوتي وأهميته في تعليم اللغة العربية»، وقد تحدثت فيها عن أهمية الأداء الصوتي باعتباره عنصراً بالغ الأهمية في العملية التعليمية، وذلك لأنه يرتبط بما تحتويه الرسالة، وبالقدرة على الإقناع، فالصفة الأساسية للمحاضر الجيد هي امتلاك القدرة على التبليغ، أي أن تكون لديه فكرة يحسن تقديمها للآخرين، وذكرت بأن موضوع تعليم الأداء يندرج ضمن مجالات علم الأصوات التطبيقية الذي نال حصة الأسد في مجال التعليم الحديث ، و أشارت إلى أن الصوت منبه فعال يضع المتلقي قريباً من المغزى، فالاهتمام بالأداء والنطق من أهم الجوانب التي أكدت عليها اللسانيات، فالأداء وما يحمله من نبرات وتنغيمات له أثر كبير في أنفس السامعين، إذ أن الأداء الجيد يدفع المتلقي إلى تتبع الخطاب، والغوص في معانيه، ويجعل المتعلم يُقبل على الدرس، ويميل إليه، فالأداء له قيمة وظيفية في تعليمية اللغة العربية، وهو مجال مكمل لعناصر أخرى من بينها المكونات الثقافية، والاجتماعية وغيرها، كم لفتت الانتباه إلى أن الدراسات الصوتية الوظيفية بأبعادها تسهم بشكل إيجابي، وفعال في تعليم اللغة العربية، وبالتالي فلا بد من استثمارها، فما أحوجنا لها في لغتنا، ولاسيما عندما نرى ما أصاب النطق العربي اليوم من عيوب، واختلافات تمثل نوعاً من الفوضى الأدائية المتمثلة في غياب النمط، أو النموذج المتفق عليه.

وقدمت الطالبة نور الهدى دندان مداخلة عن :«تعليمية النص المسرحي»، ذكرت فيها بأن التعليمية تعد مركز استقطاب في الفكر اللساني المعاصر، كونها تعمل على استثمار النتائج المحققة في مجال البحث اللساني النظري، وفي ترقية طرائق التعليم والتعلم، والأدب التمثيلي(المسرح)لا يخرج عن نطاقها، فهو يتفرد بوجود مزدوج:زماني، ومكاني ، وذلك لأنه يتطلب حيزاً من المكان ليتم تبليغه، و بعد أن قدمت مجموعة من الرؤى عن المسرح، وماهيته، تساءلت عن كيفية استثماره كمادة تعليمية(نص تعليمي)في تبسيط المعرفة العالمة إلى معرفة متعلمة، وقد قدمت إحاطة شاملة عن هذا الموضوع، من خلال تقديمها لمجموعة من الرؤى المتنوعة، وذكرت بأن ذلك يتم بمرحلتين، من خلال القراءة في النص، والقراءة في العرض، كما قدمت مجموعة من الأفكار المتنوعة جميعها يتصل بطرائق تعليمية النص المسرحي.

وبعد مداخلة الطالبة نور الهدى دندان أحيلت الكلمة للطالبة فوزية بن صافية، وقد كانت مداخلتها تحت عنوان:«تأثير الصوت والصورة في استيعاب دروس اللغة العربية»، وقد اختارت في مداخلتها مجموعة من الأبيات المنتقاة من إلياذة الجزائر لمفدي زكاريا، وقامت بالتطبيق عليها، وقد سعت في مداخلتها إلى إدماج الجانب المنطوق المدعم بالصورة في تعليمية اللغة العربية، وذكرت بأن هذا الأمر له أثار خفية تكون أشد وقعاً على النفس على خلاف ما تحدثه القراءة، والكتابة، وقد ركزت في الجزء النظري من مداخلتها على الاختلافات التي تتبدى بين اللغة المكتوبة، واللغة المنطوقة، وذكرت بأن اللغة المنطوقة تتسم بالإجماع، والإشارات، والإيماءات، والنبر، والتنغيم، في حين تتميز اللغة المكتوبة بانغلاقها التام في عالم خاص، وبعلامات الوقف والترقيم، وغياب النبر والتنغيم، وفي الجزء التطبيقي من مداخلتها قامت بإبراز تأثيرات الصوت و الصورة في تعليمية اللغة العربية من خلال الأبيات التي انتقتها من إلياذة الجزائر لمفدي زكريا.

وقد حملت مداخلة الطالبة حنان غماري عنوان:«الرؤى اللسانية النظرية في تعليم اللغة العربية-مادة القواعد المرحلة الإعدادية أنموذجاً-»، وقد ذكرت بأن ما تهدف إليه من خلال مداخلتها هو البحث عن كيفية استثمار النظريات اللسانيات في تعليم لغتنا العربية، وأشارت إلى أن النظريات اللسانية كان لها دور فاعل في العديد من المجالات، وفي ميدان التعليمية لم يستفد منها الاستفادة القصوى، فلا بد من تحويل هذه الرؤى اللسانية من طابعها النظري إلى المجالات التطبيقية الأخرى المختلفة، وقد قدمت في مداخلتها عدة أمثلة استقتها من كتاب القواعد-المرحلة الإعدادية-للسنة الثانية متوسط، والسنة الثالثة ، وفي القسم الأول من مداخلتها قامت بدراسة مادة البحث، ووصف الكتاب، وسلطت الضوء على الرؤية المتبناة من قبل واضعي المناهج، وفي القسم الثاني أبرزت الرؤى اللسانية التي اعتمدت من قبل المتخصصين، وواضعي المنهاج، وركزت بشكل دقيق على الكفاية اللغوية، والكفاية التواصلية.

وقد اختتم اليوم الدراسي بتقديم مداخلة الطالبة نسيمة بومحديو المعنونة ب:«صعوبة النحو وسبل تيسيره»، وقد تعرضت فيها إلى مجموعة من الصعوبات التي يلقاها متعلم النحو، وذكرت بأن هذه الصعوبات ترجع إلى طرفين أساسيين في العملية التعليمية هما: المادة، وذكرت بأنه لا يقصد بالصعوبة صعوبة المادة في حد ذاتها بل إن الأمر يعود إلى طريقة صياغتها، وتعدد المفاهيم في التعريف الواحد، وهذا ما أدى إلى تعقيدها، فليس بالأمر الهين أن يستخلص المتعلم الأحكام الخاصة بقاعدة معينة، إلا بعد أن يحصر أفكاره، ويتمعن في النصوص، وذكرت بأن الشذوذ في لغتنا العربية ساهم كذلك في تعقيد قواعدها، أما الطرف الثاني فهو المعلم، فعليه تقع المسؤولية في ترغيب المادة للمتعلم أو عزوفه عنها، وذكرت بأن على المعلم أن لا يعتبر تدريس النحو غاية في حد ذاته، فإذا ركز على تحفيظ القواعد ظناً منه بأن بها سيستقيم لسان المتعلم فذلك يسهم في تنفير المتعلم ولن يستقيم لسانه، وكذلك فالمعلم سيجد نفسه أمام سيل من القواعد لا يعرف كيف يستغلها، وقد ركزت في مداخلتها على مجموعة من الحلول التي تسهم في تيسير تعليمية النحو، وذكرت أنه لا بد من الاعتماد على النظريات اللسانية، وآخر ما توصلت إليه الأبحاث، وخصت بالذكر النظرية البنيوية التي استغلت في وضع ما يعرف بالتمارين البنيوية، كما أشارت إلى ضرورة الاعتماد على علوم التربية، واستثمار آخر ما توصلت إليه من مستجدات، ولاسيما أنها تدعو إلى إشراك المتعلم في العملية التعليمية، وتحويله إلى عنصر فاعل، وذلك باعتماد الطريقة الاستقرائية.

وقد قام في الأخير الطالب علي النش بقراءة التوصيات التي لخصت أبرز النتائج المتوصل لها من خلال المناقشات المستفيضة في هذا اليوم الدراسي، كما دعا إلى ضرورة تسنين هذا اليوم الدراسي، وإتباعه بأيام علمية دراسية أخرى...

وما يمكن قوله في الختام إن هذا اليوم الدراسي يعد إنجازاً علمياً متميزاً لطلاب الدراسات العليا (الماستر) بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة عنابة، وأهم ما ميزه هو التنظيم المحكم، مما جعله يضاهي كبريات الملتقيات التي لها إمكانيات كبيرة من حيث الكم، والكيف، والفضل الكبير في إنجاح هذا اليوم الدراسي يعود إلى الأستاذ الفاضل الدكتور خليفة صحراوي، وتوجيهاته للطلاب في اللجنتين العلمية، والتنظيمية، فلا نملك في الأخير إلا أن نجدد شكرنا، وتقديرنا العميق لأستاذنا الفاضل الدكتور خليفة صحراوي، الذي لولا جهوده الكبيرة، وتشجيعه للطلاب، لما كان لهذا اليوم الدراسي أن ينعقد.

محمد سيف الإسلام بوفـلاقـة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى