الاثنين ١٦ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم سمية محمدي

میزات طیف الخیال في شعر البحتري وموقف النقاد والأدباء منه

 إعداد: سميه محمدي: الماجستير في اللغة العربية وآدابها بجامعة آزاد الإسلامية في كرج
تحت إشراف الدکتور فرهاد دیوسالار

الموجز

إن طیف الخیال في الحقیقة هو الخیال الذي یجيء في النوم ونعتبره جسراً یصل العاشق إلی المعشوق وإن کان بعید المنال وهذا بینما لم یتوفر للعاشق المستهام أن یزوره إلّا به. كل ما يجول في بال العاشق المشتاق لرؤية المحبوب في عالم الرؤيا والخيال في الحقيقه تمثيل للمعشوق نفسه. يعني أنّه يری حبيبته كأنها ماثلة نصب عينيه. ولولم يكن لهذا اللقاء حقيقة في الخارج، ويحدث هذا في حالة بين الیقظة والنوم ولا مطلق النوم. هذه حالة برزخية بين عالم الیقين وعالم الرؤيا. ويرتسم للمحبّ في ذهنه صورة لا حقيقة لها. مع تدقیق النظر في أشعار البحتري حول طیف الخیال الذي تناوله یفهم أنه اعتبره أداة فنیة جذابة.

إنّ الطيف الواسع للمعشوق في عالم الخيال ظاهرة بارزة وإبداعية في شعرالبحتري ومن أهمّ ما قاله في هذا المنطلق. والشاعر حينما يقوم بوصف الطيف، يخلقه علی قدر المستطاع بأجمل صورة كلوحة رسم يعرضها علی القراء. والمسلك الذي سلکه البحتري في طیف الخیال وموتیفاته المختلفة في أشعاره الغزلیة والغرامیة أجمل وأحسن من أی شاعرٍ آخر. وإنّ شعره اصطبغ بهذا اللون الشعري أكثر من أي شاعر آخر.

فهذه الأوصاف في شعر البحتري أصبح من المیزات الشعریة الهامة والقویة في دیوانه وبحقّ سُمّي بشاعر الطیف والخیال وهذا لقب يناسبه كثيراً دون سواه. طیف الخیال في شعر الشاعر دالٌ علی حالة الوجد والشوق الذي غرق فیه ودائماً ذکر ذلك الخیال للشاعر أحلی وأعذب من کل شيء؛ لأنّ هذا الطیف الخیال یکون طیف المحبوب الواقع.

الکلمات الدلیلیة: البحتري، طیف الخیال، شاعر الطیف، موتیفات، عالم الرؤيا.

المقدمة

شاع النسيب في العهد العباسي ورغب فيه الخلفاء من شعرائهم حتی إنّ الرشيد أمر بحبس أبي العتاهية والتضييق علیه لمّا تزّهد وأنّه لا يقول شعراً في الغزل [1]. ثمّ أضاف البحتري إلی النسيب معنی تعلّق به وردّده في شعره واستقصاه، حتی كان الباب الذي شهر به علی أنّه أرقّ الناس نسيباً وأملحهم طريقة، وذلك المعنی هوذكر الطيف والخيال، وكان من ذلك شي‌ء قليل في أشعار المتقدمين يركبون فيه صنعة جافية تتخّون محاسنه وتُعفي علی معنی الغزل فيه، إذا كانوا يطردونه [2].

تبتدي قصائد البحتري، في الأعم الأغلب منها، بذكر الحبيبة التي تتخذ نحومن عشرة أسماء: علوة، نوار، زينب، ليلی، سعاد... إلخ
والحديث عن طيفها وطباعها ومحاسنها، وأثرها علی البعد والقرب، والهجر والوصل فينقلب غزله أوتشبيبه إلی شكوی متواصلة من الشيب وتذكر حزين للشباب [3].

إنّ غزل البحتري كان صادراً عن أطياف تجربة في الحبّ قديمة، عاناها أبوعبادة أيام المراهقة في منبج وفي حلب، خاصة تجربته مع علوة الحلبية. وفي غزله يقف البحتري علی التغزل بعلوة أومناجاتها واستدعاء طيفها والشكوی منها. وتكسب أمام خيال الحبيبة ودموع الوفاء والبقاء علی العمد ثمّ يستأذن الشاعر ليذهب إلی الحبيب الآخر الذي يتعيش في أكنافه بدل البقاء مع حبيب یتعیش مع غيره [4].

يمضي الشاعر بعيداً عن الحبیبة يسليه نار الهجر، فالكائن المعبود أي المعشوق ما زال في حلب، والعاشق المفؤود في دار الخلافة بعد أ‌ن رفع مكانة من السلم الاجتماعي وفي هذا الحال مرّ البحتري ببرزخ تلك التجربة، سواء أكان في حال الشوق، مسعداً أم حزيناً، عاذراً أم عذولاً، ليدرك بالواقع معنی الهوی وحرقة العشق ويعتقد الشاعر سبك الدموع متنفس حرقة الجوی، وتخفيف بعض البلوی [5].

إذن ليس غريباً علی البحتري العاشق القديم، إلا يفرد قصائد برأسها في الغزل، يقفها علی التغزل بعلوة أو مناجاتها، واستدعاء طيفها والشكوی منها إلیها،‌ كما كان يفعل الشعراء المتيمون وإنّ البحتري ذهب إلی بغداد وقد شغل في بغداد بهواجس أخری، واهتمامات معيشية وسياسية صرفت قلبه عن مشاعره الخاصة، وحبّه القديم إلی حب من نوع آخر هو حبّ المال والشهرة عن طريق مدح الخلفاء والأمراء والقوّاد وهذا الحب غير النظيف علی ‌العكس حبّه بعلوة ذلك الحب الشريف أو الصادق ولكن مع هذه الأوصاف أي انقطاعه عن علوة الشاعر لم ينس الحبّ الأول بل يزيده شغفاً وحنيناً إلی علوة [6]

أکثر البحتري في غزله من ذکر طیف الخیال حتی اشتهر به فقیل خیال البحتري، ویقصد به خیال المحبوب الذي یتراءی الشاعر في المنام، أوبین النوم والیقظة. نری في غزل البحتري ذكر الطيف والخيال حتی عرف به بين الشعراء واشتهر في ذلك. قال الحصري: «كان البحتري أكثر الناس إبداعاً في الخيال حتی صار لاشتهاره، مثلاً فيقال له خيال البحتري» [7]. وأكثر تشبيهه علی ما يقول ابن خلكان في فتاه حلبية اسمها علوة، عرفها يوم كان في حلبية اسمها علوة، عرفها يوم كان في حلب قبل خروجه إلی العراق [8]. تكثرعند البحتري حركة الطيف وتشخيصه وذكر المواضع التي مرّ بها وتأثيره في نفس البحتري التي تعاني الحزن والسقم، وقد يهتدي بصورة سيرة السريع في تألیف صور موازية وتصوير الطيف ورمزاً لذكرياته مع العلوة الحلبية، وكأنَّ أمنيته قد تبلورت في تصور مجيئها إلیه من الشام إلی العراق. [9]

موقف النقاد من طیف الخیال عند البحتري

نذكر هنا بعض آراء النقاد ونظرياتهم حول تفوق البحتري في الطيف والخيال:

يعتقد ابن رشيق بتفوق البحتري في وصف الطيف، فيقول: «وشعره من هذا النمط، لا سيّما إذا ذكر الطيف، فإنّه الباب الذي شهر به» [10]. ولعل في قول ابن رشيق، هذا الذي ربط بين تفوق البحتري في الغزل وشهرته في وصف الطيف ما يحفزنا إلی النظر في وصف الطيف لدی الشاعر فقد كلف كلفاً شديداً بوصف الطيف أو الخيال في الكثير من غزلياته، وارتبط الشيب بالطيف في أحيان كثيرة، وقد أصاب الشاعر في ذلك قمة النجاح وأصاب رقة خياله مضرب‌ المثل.

قال أبو علی القالی حول تفوق البحتري في بيان طيف الخيال: «ومن أحسن ما قيل في طروق الخيال قول البحتري – هو أحد المحسنين – فيه حتی قيل : طيف البحتري». [11]

يذكر أبو هلال العسكري في كتابه المعاني أنّ الإسلاميين والمحدثين أخذوا أكثر معانيهم في الخيال والطيف عن قيس بن الخطيم وعمرو بن قميئة، وقد استخدمه في الغزل البعيث ومسلم بن الوليد وأبو تمام ودعبل وابن الرومي، إلّا أنّ أحداً من هولاء لم يحقق ما حققه البحتري من تفوق وشهرة. [12] یقول أبوحجلة في کتابه حول طیف الخیال تحت عنوان «في الاحتیال علی طیف الخیال»:.«أقول هذا باب عقدناه لذکر طیف الخیال الزائر وما قیل في سیره من المثل السائر الحلوب إذ للشعراء في اقتناصه تحلیل وحسن تخیل طالما أکثروا من ذکره واستخرجوه من وکره فقربوا علیه بعد المسافة ولم یعافوا إلحاق زجره بالعیافة. ومن المشهورین فیه بالإجادة أبو عبادة ولکثرة ولوعه به واشتهاره ضرب به المثل». [13]

يعتقد أحمد البدوي « إنّ طيف البحتري مصدر يقتبس منه الشعراء بعده ». [14] وقد أحسن البحتري في حديث عنه وأطال في تصويره وأضاف إلیها كثيراً من حسّه وخياله. کما يعتقد عبد الکریم الیافيأنّ أشعاره في الطيف متعارفة ومتداولة. [15]

لم تكن مقدمة الطيف جديدة تماماً عند البحتري أو عند غيره من الشعراء المحدثين إذ يمتد بما الزمن- مثل المقدمات السابقة – إلی الجاهلية فهي علی قلتها كانت من أقدم الأشكال التقليدية من الشعراء الجاهليون المتقدمون مع هذا فإنّ الطيف علی سبيل التقليد أو التجربة يعزي الشاعر عن فقده مقابلة حبيبته نفسها [16].

يجعل البحتري طيف صاحبته ضيفاً عزيزاً معتقداً بأنّ علیه أن يكرمه. ويجيء طيف محبوبته في النوم والیقظة التي تؤدي به إلی مواجهة الواقع فيزداد حزنه ويشتدّ حنينه ولا يبقي له إلّا الأسی ويخبرنا أن طیف خیال الحبیب يسري علیّ لیلاً وهذا الخیال يقدر بأن یکشف عن ظلام اللیل بطلعته وجمال وجهه ويردف قائلا أنّ جمال الحبیب کالصباح یضیء لیل العاشق. ومن ميزات هذا الخیال أنه یأتي والناس کلهم نائمون. بَعُد البحتري عن حبيبته، فإنّه – علی البعد – يرسل لها التحايا والأشواق ويسعد بلقياها في عالم الأحلام ويتذكرها مع كل جميل من ملامح الحياة. فقال: [17]

سَلامُ اللهِ كُلَّ صَبَاحِ يَوْمٍ علیكَ، وَ مَنْ يُبَلِّغ لي سَلامي؟
لقد غادَرْتَ فِي جسدي سَقَاماً بِمَا في مُقْلَتَيْكَ مِن السَّقام
وذكَّرَ نِيكَ حُسْنُ الوَرْدِ لَمّا أَتَی وَ لَذيذُ مَشروبِ المُدام
لَئِن قَلَّ التَواصُلُ أَوْ تَمَادَی بِنَا الهِجرانُ عاماً بَعْدَ عامِ
أَ أَتَّخِذُ العِراقَ هویً وداراً ومَن أَهواهُ في أَرضِ الشآم؟

نری في هذه القصيده، أنّ البحتري يلحّ علی إرسال السلام إلی حبيبته، لأنّه مبتعد عنها. فنستطيع أن نقول حبّ البحتري بحبیبته كثيرة، وهذا الحبّ يبقی في نفس الشاعر علی رغم الابتعاد عنها ويعيش العاشق في الذكريات الماضية التي یتلقی في العراق ويعتقد البحتري أن ليس للعاشق الحقيقي أن يسلو المحبوب أو يمله.

تكون خصائص طيف البحتري بهذه الصورة التي «طيف علوة يُستدعی. ولا يأتي في المنام من تلقائه وهوطيف جميل ولكنه عصی، كصاحبته، مغناج، هاجر، خوان... وهوطيف متجسد يمكن أن يخاطب، ويعاتب، ويبثّ لواعج الغرام، لكنه لا يخاطب، ولا يعاتب، ويؤثر الاستماع علی الكلام، حتی ولو سمع تعنيفاً ومفاخرة وهجوا. وهو طيف أثير، لأنّه طيف حبيب أول يحرص مستدعيه علی ألا يغضب فلا يعود لذا یجد الشاعر، يلوب حوله كالفراشة، دون أن يحرقه، أويحترق فيه. بل نراه يحوم كطيف مع‌ الطيف، كروح ظمأی أمام جمال سراب... وحين يبعد الطيف أو يختفی يصحو البحتري علی واقع كئيب يخفف من كآبته انشغاله «بعلوات» أخريات، لكن القلب يظل يخفق باتجاه حلب... ». [18]

يقول الآمدي في كتابه الموازنة حول تفوق البحتري علی أبي تمام: «وهذا باب الفضل فيه للبحتري علی أبي تمام وما زلت أسمع الشيوخ من أهل العلم بالشعر ويقولون: هو أشعر الناس وألهجهم بذكر الخيل والخيال ولم يأت عن أبي تمام فيه إلا أبيات يسيرة». [19]

ثمّ يأتي الآمدي بهذه الأبيات من أبي تمام حول الخيال: [20]

زار الخيالُ لَها، لا، بَلْ أَزاركَهُ فِكْرً إذا نامَ فِكرُ الخَلْقِ لَمْ يَنَمِ
ظَبْيٌ تَقَنَّصْتُهُ لَمّا نَصَبْتُ لَهُ مِنْ آخِرِ الليل أشراكاً مِن الحُلْم
ثمّ اغْتَدی وبِنا من ذِكْرِهِ سَقَمٌ باقٍ وإنْ كانَ مَعْسُولاً مِن السَّقَم

كما نعرف أنّ أبا تمام كان أستاذا للبحتري ويعلّم البحتري ولكن نری أنّ البحتري يتفوق في طيف الخيال علی كثير من الشعراء ومنهم أبي تمام ويقتبس منه الشعراء بعده؛ لأنّ الشاعر لقد استخدم طيف الخيال وألفاظه الطيف والخيال كثيراً بحيث أصبح من الميزات الشعرية الهامة والقوية في ديوانه وقلمّا يصل إلیه أحد في هذا المضمار من المتقدمين والمتأخرين.

من أجمل أوصاف البحتري في الخيال المقابلة التي يقيمها الشاعر بين إصرار الحبيبة علی الهجران ومخالفة طيفها لها بوصله، ثمّ نراه يعقد الصلة بين الليل وبين الوصل؛ لأنّ الطيف يزوره في الحلم وهو نائم. ومن ناحية أخری يعقد الصلة بين تباشير الفجر والنهار وبين الهجر، فلا مكان للطيف في عالم الیقظة [21]، وقال البحتري: [22]

هَجَرَتْ وطَيفُ خَيالِها لَمْ يَهْجِرُ ونَأَتْ بحَاجَةِ مُغرِم لم يُقْصِر
وَدَعَتْ هَوَاكَ بِمَوعِدِ مُتَيَسَرٍ يَوْمَ اللقاءِ ونائِل متعذِّر
مُستَهْتَرٌ بالظاعنين وفيهم صَدٌّ يُضرِّمُ لَوْعَةَ المُسْتَهْتَر
يَسَلُ المنازِلَ عَنْهُمُ وعلی اللّوي دِمَن دَوَارِسُ إنْ تُسَلْ لا تُخْبر

يقول أبوعبادة في مقدمة مدحة في أبي نهشل بن حميد: [23]

دَعْ دُمُوعي في ذَلِكَ الإشْتياق تَتَنَاجَي بِقُبْـحِ يَوْمِ الفِـراقِ
فَعَسَي الدَّمْعُ أَنْ يُسكِّنَ بِالْسَّكْ ـبِ غَليـلاً مِن هائِمٍ مُشـْتَاقِ
إنّ رَيّاً لَمْ تَسْقِ رَيّاً مِنَ الوصـ ـلِ ،‌ولم تدْرِمَا جَوی العُشّاقِ
بَعَثَتْ طَيْفَهَا إلی ودُوني وَخْدُ شَهْرَيْنِ للمَهَاري العِتَاقِ
زارَ وَهْناً مِن الشّامِ فَحَيَّا مُستَهَاماً صَبَا بِأغلَي العِراقِ

يرق البحتري كل الرقة حين يعبر عن الطيف ‌الذي يصله مع هجر صاحبته له في الواقع بأنّها تزوره وهي لا تدري،‌ وذلك اللقاء الذي يتمّ علی أجنحة الأحلام تعبيراً عن جوی الشاعر وحرمانه. ومن طريق طيف الخيال نستطيع أن نبين ألم المشتاق المغرم والبحتري يكون فكره وخياله في كل لحظة عند المعشوق الذي لا يعنی بالعاشق المغرم. ولكن العاشق لا يهتمّ بعدم رغبة المعشوق به والعاشق عالم بأنّ خياله غير واقعي ولكن يستمتع به وتكون لذة هذا اللقاء مثل اللقاء الواقعي. يبكي العاشق دائماً علی المحبوب والزمان الذي بعد عنه أيضاً يحزن ويبكي وخيال العاشق يبذل في النوم ولم يعطِ في الیقظة. وإنّ النعيم والمنفعة في النوم مع طيف الخيال كما أنّ الشقاء والمضرة في الیقظه مع هجر الحبيب وصدوده. فقال: [24]

مِنْكَ طَيْفٌ أَلَمَّ والأُفْقُ مَلآ نُ مِن الفَجْرِ واعتَراضِ عَمُودِهْ
زَائرٌ أشْرَفَتْ لِزَوْرَتِهِ أغـ ـَوارُ أرضِ العراقِ بَعدَ نُجودِهْ
أ رَبُ النفسِ كلُّهُ وَ مَتاعُ الـ ـعَينِ في خَدِّه، وفي تَوْريدِهْ
مُعْطِياً من وصالِهِ في كَرَی النَوْ مِ الذي كان مانعاً في صدودِهْ

قال ابن أبي العون الأنباري في كتابه التشبيهات «ومن حسن التشبيه في طروق الخيال قول البحتري» [25] . فقال: [26]

أَجِدَّكَ ما يَتْفَكُّ يَسْري لِزَيْنَبا خَيَالٌ إذا آبَ الظَلامُ تَأَوَّبا
سَری مِن أعإلی الشآم يَجْلُبُهُ الكري هُبُوبَ نَسيمِ الرَّوضِ تَجْلُبُهُ الصّبا
وما زَارَني إلّا وَلهِتُ صَبَابَةً إلیه وإلّا قُلْتُ أهلاً ومَرَحبا

وأيضاً قال: [27]

حَبِيبٌ سَرَی في خُفْيَة وعلی ذُعْرِ يَجُوبُ الدُّجَي حتی اِلتَقَيْنَا علی قَدْرِ
تَشكَّكْتُ فيه من سُرورٍ، وخِلْقُهُ خَيالاً أَتَي في النومِ مِن طَيْفِهِ يَسْري
وأَفْرَطْتُ مِنْ وَجْدٍ بهِ فَدَري بِنا عَلی ساعَةِ اللُّقيانِ مِن لَم يكُن يَدْري
وما الحبُّ ما وَرَّيْتَ عَنْهُ تَسَتُّراً وَلكنّهُ ما مِلْتَ فيه إلی الهَجْرِ
أتَی مُسْتَجيراً بي مِنَ البَيْنِ تائباً إلیَّ مِنَ الصَّدِّ الذي كانَ في الهَجْرِ

يصل خيال المحبوب دون هادٍ من طرق صعبة عند الليل ويهرب البحتري من طلوع الفجر لأجل ابتعاده عن حبيبته،لأنّ الشاعر يعتقد أن طلوع الفجر يكون عامل للبعد عنه فنستطيع أن نقول طيف البحتري سری ليلا من مسافة بعيدة عندما جاء الليل وكل المكان هادیء. ومیزة أخری لطیف الخیال عند البحتري وهو أنّه یفي بعهده ولا ینکث المیثاق خلافاً للمعشوق الذي ینقض العهد بفراقه وهجرانه ورغم أنّ المحبوب بخیلٌ في الحبّ یشعر الشاعر بالراحة والارتیاح ؛ لأنّ خیال المعشوق وفيّ ولا ینقض العهد مثله.

قال الآمدي من قول أبي علی محمد بن العلاء السجستانيّ: « إنّه كان إذا شرب وسكر أنشد مثل هذه الأبيات وأشباهها من شعره. وقال: ألا تسمعون ألا تعجبون!؟» [28] فقال: [29]

أَحْبِبْ إلی بطَيْفِ سُعدی الآتي وطُرُوقِهِ في أعْجب الأوقاتِ
أَنّي اهْتَديْتَ لِمُحْرمينَ تَصَوَّبُوا لِسُفُوحِ مَكَّةَ مِن رُبَی عَرَفاتِ
ذَكَّرْتَنَا عَهْدَ الشآمِ وعَيْشَنا بَيْنَ القِباب البيضِ والهَضَباتِ
إذْ أَنْتَ شَكْلُ مُخالِفٍ ومُوافقٍ والدهرُ فيكَ مُمانِعٌ ومُوأَتِ
لولا مُكاثَرَةُ الخُطُوبِ ونَحْتُها مِن جانِبَيَّ لَكُنتَ مِن حَاحاتِي

فقال: [30]

بِعَيْنَك إِعْوإلی وطولُ شَهِيقي وإخفاقُ عَيْني من كریً وخفوقِ
علی أنّ تَهْويماً إذا عارَضَ اطْبَي سُرَی طارِقٍ في غَيرِ وَقْتِ طَرُوقِ
سَری جائِباً لِلْخَرقِ يَخْشَي ولَمْ يَكُنْ مَلِيّاً بإسراءٍ وَجَوْبِ خَروقِ
فباتَ يُعاطِيني علی رقْبَةِ العِدَی وَ يَمْزُجُ رِيقاً مِن جَنَاهُ بِريقي

لأبي عبادة البحتري في وصف الخيال الفضل علی كل متقدم ومتأخر،‌ فإنّه تغلغل في أوصافه، واهتدي من معانيه إلی ما لا يوجد لغيره، وكان مشغولاً بتكرار القول فيه،‌ لهجاً بإبدائه وإعادته وإن كان لأبي تمام في ذلك مواضع لا يجهل فضلها، ومحاسن لا يبلغ شأوها. [31] طيف الرقيب أن يعدّ شخصية ثالثه إضافية إلی عدد الأطياف والخيالات وتفصيلاتها في تصور فكرة الخيال عند الشعراء: طيف المحبوبة، وطيف الشاعر، وطيف الرقيب [32]. والبحتري أيضاً يهرب من الرقباء والواشين في طيف محبوبته یعلی البحتري في أشعاره قیمة الخیال ؛ لأنّ ممارسة الحبّ والتمّرن علیه في الرٶیا یبدو أفضل من الحقیقة کما أنّه في الرٶیا أکثر أمناً وروحاً. ولا یشعر بالإثم والعتاب وراءه. وعندما یدّعي بأنّ الخیال لا یزال معه في متناول الید ولا ینفصل عنه؛ لأنّ الشاعر یعتقد بأنّ عالم الرٶیا أفضل وأحسن الطریق لزیارة الحبیبة.

نجد في كتاب محاضرات الأدباء لراغب الأصبهاني يصف البحتري بهذه الأوصاف «من يسمح بخياله ويضنّ بوصاله» و«من منع خياله بتسليط السهاد علی محبّه» و«من أسهره خيال حبيبه» و«من تمني المنام لأجل لقاء الخيال» و«من ذمّ الصبح لمفارقة الخيال» و«المخافة من تهدّد الطيف». ويأتي الأصبهاني لكل هذه الأوصاف بنموذج من شعر البحتري [33].

من يسمح بخياله ويضنّ بوصاله فقال: [34]

أهلاً بزائِـرِنا المـُلِمِّ لَوَأَنَّـهُ عَرَفَ الذي يَعْتادُ من إِلْمَامِه
جَذلانُ يسمَحُ في الكری بِعِناقِهِ ويَضَنُّ في غير الكَري بِسَلامِهِ
أَتُريكَ أحلامُ الكری ذا لَوْعَةٍ كَلِفَ الضُّلُوعِ يراكَ في أحلامه

من ذمّ‌ الصبح لمفارقة الخيال، فقال: [35]

أُرَجِّمُ في لَيلي الظُنونَ، وأَرْتَجي أوائِلُ حُبٍّّ أخْلَفَتْني أوائلُهْ
ولَيْلَةً هَوَّمْنَا علی العِيس أرْسَلَتْ بَطْيفِ خَيَالٍ يُشْبِهُ الحقَّ باطِلُهْ
فَلَولا بياضُ الصُبح طالَ تَشَبُّثِي بِعَطْفَيْ غَزَالٍ‌ بِتُّ وَهْناً أُغازِلُهْ
وكَمْ مِن يَدٍ لليلِ عِنْدي حَمِيدَةٍ ولِلصُبح مِن خَطْبٍ تُذَمُّ غَوائِلُهْ

من منع خياله بتسليط السُهاد علی محبّه، فقال: [36]

فكان يَزُورُنا منُه خَيَالٌ فَلمّا أنْ جَفَا مَنَعَ الخَيَالا

من أسهره خيال حبيبه، فقال: [37]

ألَمَّتْ، وهَلْ إلْمامُها لَك نافِعُ وزارَتْ خَيالاً والعُيونُ هَواجِعُ
بِنَفْسِي مَن تَنأي ويَرْنُواذِّكارُها وَ يبذُلُ عَنْها طَيْفُها وتَمانِعٌ

من تمني المنام لأجل لقاء الخيال: [38]

أَطْلُبُ النومَ كَيْ يعودُ غِرارُهُ بِخَيالٍ يَحْلوُ لَدَيَّ اغْتِرارُهْ
كَم تَلاقٍ أراركَهُ مِن قَريبٍ صِلَةُ الطَّيْفِ طارقاً وَ ازدِيارُهْ

في الحقيقة، إن البحتري يعتقد أنّ السعادة الحقيقية تحصل لها في المنام؛‌ لإنّه يتمتع بحظّه لزيارة الحبيبة ويعتقد عكس ذلك، أنّه يصاب بالشقاء والحزن في عالم الیقظة ولهذا السبب نری الشاعر أنه يحبّذ عالم الخيال والرؤيا علی عالم الیقظة والوعی. وهو یری في عالم الیقظة والوعی الفراق والهجر والشقاء والألم ويری في عالم الأحلام، الوصال، اللذة والسعادة. واللقاء الذي يصل العاشق في عالم الخيال والأحلام يكون من غير وعد واللذة التي لم تتصور ولم تحتسب في الذهن والانتفاع به أكثر من الانتفاع اللقاء الواقعي. يقول البحتري يلومني اللائمون علی حبي بعلوة ولكن ليس لي مهم هذا اللوم من جانب اللائمين ونحن نستطيع أن نقول حب البحتري بعلوة كثيرة وصادقة. فقال: [39]

خَيَالُ مَأْوِيَّةَ المُطيفُ أرَّقَ عَيْناً لها وكيفَ
أكثر لَوْمي علی هواها رَكْبٌ علی دِمْنَةٍ وُقوفَ

أتی البحتري حول خيال علوة بهذه الأبيات التي إنّ الوصف يقصر عن بلاغة هذه الأبيات وبراعتها وسلامتها. وقال الآمدي: «وهذا – والله – الكلام العربيّ، والمذهب الذي يبعد علی غيره أن يأتي بمثله» [40]. وقال: [41]

أخَيَالُ عَلْوَةَ كيفَ زُرتَ وعِنْدَنا أَرقٌّ يُشرَّدُ بالخَيَالِ الزائِرِ
طيفٌ ألَمَّ بنا ونَحْنُ بمُهْمَهٍ قَفرٍ يَشُقُّ علی المُلِمِّ الخاطر
أفْضَی إلی شُعْثٍ تُطِيرُ كَرَاهُمُ رَوْحاتُ قُودٍ كالقسِيّ ضَوَامِر
حَتی إذا نَزَعُوا الدُّجی وتَسَرْبَلُوا مِنْ فضْلِ هَلْهَلَةِ الصَبَاحِ الغائر
وَرَمَوا إلی شُعَبِ الرِّحالِ بِأعْيُنِ يَكْسِرْنَ مِن نَظَرِ النُّعاسِ الفاتِر
أهوی فَأَسْعَفَ بالتَحِيَّة خِلْسَةً والشمسُ تَلْمَعُ في جَناحِ الطائر
سِرْنا وأنتِ مقيمةٌ ولَرُبّما كانَ المُقـيمُ عـلاقـةً للسـائر

ابتعد الشاعر عن حبيبته وشعر قلبه ونفسه بالیأس. فالحبيب مجانب بخيل، والطيف وصول كريم، والحبيب نائی ‌الدار وهومن فراق اتخذ سبيلاً للقاء وتصل إلی الحبيبة في عالم الخيال، والليل والنوم عاملان أساسيان للوصول والصبح والیقظة عاملان للفراق. واعتقد البحتري کما أنّ المعشوق یفرح بخیال العاشق نری أنّ العاشق یبتهج بخیال المعشوق أیضاً. ویتمتع کل منهما بخیال الآخر وکذلك اعتقد البحتري أنه مع حبیبه عند النوم فرحانَ ونستفید معاً من مباهج الحیاة والیقظة لنا عذابٌ.

يعجب القّراء مِن طروق الخيال مع الأرق الذي يشرّد الخيال فلا يكون معه في موضوع العجب ولا بدّ من أن يكون هوّم وأغفي بعض‌ الإغفاء مع طول الأرق ومعالجة السّهر، فطرقه طيف الخيال في ذلك التهويم الخفيف الضعيف [42] والبحتري قديرعلی أن يبهرنا بجدة التعبير حتی لكأنّ عباراته أبكار كريمات ليس لغيره أن يجتلي فتنتها فما أروع قوله « أرق يشرد بالخيال» وقوله «طيف ألمّ بنا»، وقوله «نزعوا الدجي»، ‌وقوله « أعين يكسرن من نظر النعاس الفاتر»، وقوله «والشمس تلمع في جناح الطائر». وليس عسيراً علینا بعد أن نتمثل فن البحتري في هذه الأبيات وأمثالها، أن ندرك لماذا اعتبره النقّّاد نابغة الشعراء في وصف الخيال، إنّه يقيم علاقات معجبة بين الخيال الزائر للكرب الساري عبرالصحراء وبين الآرق الذي يعنيهم علی مواصلة السري ويخشي علیه أن يشرده الطيف الا يتبدي إلا لنائم،‌ والخيال يتبع الركب في رحلة في قلب ‌الليل حتی يجد نهزة ليلقي التحية بوجدان الأحباب وقد لمع الشروق في الأفق. [43]

إن البحتري يفعل كل ما يحتاجه للوصول إلی المعشوق کالعشّاق کلهم، إنه لأجل الوصول إلی المحبوب، يتمني تطاول الليل وتماديه، ليتطاول ويتمادي زمان المتعة بالطيف واللذة بتخيّله وتمثّله، وقال: [44]

أَقَامَتْ علی الهِجْرانِ ما إنْ تَجوزُهُ وخالَفَها بالوَصْلِ طَيْفٌ لَها يَسْري
فَكَمْ في الدُّجی مِنْ فَرْحَةٍ بِلقائِهَا ومِن تَرْحَةٍ بالبَيْنِ منها لَدَی الفَجْرِ
ولَمْ أَنَْسَ إِسعَافَ الكَری بِذُنُوِّها وزَوْرَتِها بعدَ الهُدُوِّ وما تَدْري

نظم البحتري قصيدة إيوان كسری، عندما اتجه إلی مدائن كسری متروحاً من همومه، واصفا الأطلال بدافع ذاتي داخلي، لا طلباً لرضي خليفة أو أمير، ولا مجاراة لأسلوب القدماء بل كانت قصيدته غناء وتأملاً واعترافاً بما يخطر له أويعانيه، فقال: [45]

فَكَأنّي أری المَراتِبَ والَقوْ
وكأنّ الوفُودَ ضاحِينَ حَسْرَی 
وكأنّ القيانَ وَسْطَ المَقَا 
وكأنّ اللقاءَ أَوّلَ مِنْ أمسِ


مَ إذا مَا بَلَغْتُ آخِرَ حِسّي 
من وُقُوفٍ خَلْفَ الزِحامَ وخُنْسِ
 صِيرِ يَرْجُعْنَ بينَ حُوٍّ وَلُعْسِ 
ووَشْكَ الفراقِ أَوّلَ أمس

نجد في هذه القصيده في بيت (45-49) حول الخيال الذي تتراءي فيها المراتب والوفود الزحام، القيان يتأودّن في سير من خلاله،‌ أنّ اللقاء واجتماع الشمل كان قريب العهد. [46]

أقام البحتري السنين الطوال في العراق ولكن نفسه غريبا هناك وكان صادقاً في حنينه إلی الوطن ونستطيع أن نذكر عاد بعد هجرة طويلة وقضی بقية حياته في وطنه منبج ولأجل آلام البحتري يلوم الوشاة واللائمين والرقباء والأعداء بحب علوة. ولكن في كل الوقت البحتري دعا للديار بالسقيا. وفي هذا الحین یتعذب قلب البحتري من ألم الفراق وهجران الحبیب أوقعا العذاب بالشاعر وخیاله یسیل الدمع دلانة علی الوفاء والبقاء علی العهد والمیثاق وهذه الدموع المنهمرة مسلاة لآلام الشاعر کأنّه یخخّف عن قساوة الفراق والبعد. ومعتقداً بأن یحصل الوصال واللقاء بعد الفراق. نجد في قصيدة مدحية للبحتري الذي يدرك الطيف ويتساءل عن نفعه، ويشخص حقيقته وقد جاء خيالاً يذكره بصاحبته بعد أن صعب علیه لقاؤها، كما وقف عند الطل حين أدرك طبيعته وعدم جدوی البكاء علیه. [47] فقال:

حَبِيبٌ سَرَی في خُفْيَة وعلی ذُعْرِ يَجُوبُ الدُّجَي حتی اِلتَقَيْنَا علی قَدْرِ
تَشكَّكْتُ فيه من سُرورٍ، وخِلْقُهُ خَيالاً أَتَي في النومِ مِن طَيْفِهِ يَسْري
وأَفْرَطْتُ مِنْ وَجْدٍ بهِ فَدَري بِنا عَلی ساعَةِ اللُّقيانِ مِن لَم يكُن يَدْري
وما الحبُّ ما وَرَّيْتَ عَنْهُ تَسَتُّراً وَلـكنّهُ ما مِلـْتَ فيه إلـی الهَـجـْرِ
أتَی مُسْتَجيراً بي مِنَ البَيْنِ تائباً إلیَّ مِنَ الصَّدِّ الذي كانَ في الهَجْرِ

في إنشاد طیف الخیال سلك البحتري مسلکاً أجمل وأحسن من أیّ شاعرٍ آخر حیث شبّهه بزائر جاء لزیارته مبتهجاً فرحانَ خائفاً ولو کان غیر واقعي وتكلم البحتري في هذه القصیدة عن هذا اللقاء الخيالي للحبيبة بأجمل صورة؛ بأنّ طيف خيالها قد زاره آتياً من مكان البعيد مع وعرة الطريق دون‌ هادٍ. وإنّ هذا اللقاء توفّر للشاعر في أسرع زمان؛ لأنّ خيال الحبيبة قد قطع هذه المسافة البعيدة الشاسعة دون أن يخطو خطوة واحدة أوأن يكون في حاجة ليطوي طريقاً بسبب أنّه يحدث في عالم الرؤيا والخيال مع أنّ هذا اللقاء غير واقعي ولكن الشاعر أغرم به إلی حد يراه واقعياً كأنّه حدث في عالم الیقظة وحدث للشاعر في عالم الخيال.

كما ذكرنا في السابق أنّ الشاعر قد ذكر في أكثر قصائده، حول طريق وزمن الزيارة ويلحّ علی التحديد الدقيق للفترة الزمنية التي يأتيه فيها، حیث يقول: [48]
أعاد شَكواً مِن الطَيْفِ الذي اعْتادَا
ألَمَّ بي وبَيَاضِيُ الصُبحِ مُنتَظَرٌ
فَأيُّ مُفْتَرَقٍ لَمْ يَبْتَعِثْ أسَفاً


رُشداً تَوَخَّيتُ أمْ غيّا وإفْنَادا
قدرَقَّ عنه سوادُ الليل أوكادا
ومُلْتَقَي لمْ يَكُنْ للبَثّ ميعادا

قال يمدح الفتح بن خاقان في هذه القصيدة: [49]

أمّا مُعینٌ عَلی الشَّوق الذي غَرِیَت به الجَـوانِـحُ البَیـن ِ الـذي أَفِدا
أرجوعَواطِفَ مِن لَیلی ویُؤیِسُني دَوَامُ لَیلی عَلی الهَجرالذي تَلِدا
کیف اللقاءُ وقد أَضحَت مُخَیِّمَةً بِالشامِ لا کَثَبا مِنّا ولا صَدَدا
تَهَاجُرٌ أَمَـمٌ لا وَصلَ یَخلِطُـهُ إلّا تَزَاوُرُ طَـیفَـینا إذا هَجَـدا

نری في كتاب طيف الخيال للشريف المرتضي تعلیقاً علی هذه القصيدة ويقول: «النفس هي التي تری ما تری في النوم، وهي التي تمثل أيضاً ما تتمثله في الیقطة؛ لأنّ نفس الإنسان هي التي تنام» [50]. كما قال ‌الله عز وجل: «يَتَوَفّي الأنفسَ حينَ مَوْتِها والتي لم تَمُتْ في مَنَامِها. [51] ويقول الشاعر أنّي إذا هَجرت رأيتها في النوم، فكأنّ بنفسي ونفسها اجتمعتا وكذلك إذا هجدت أن تری مثل ما رأيت. ويعتقد الآمدي كلمة طيفينا بدلاً من كلمة نفسينا؛ لأنّ النفس هي التي تری ما تری في النوم وهي التي تتمثل ما تتمثله في الیقظة». [52].

ونجد الصور الفنية لشعر الطيف والخيال في شعر البحتري. والمقصود بهذه الصور صورة الطيف والخيال مع الصورة الشعرية للموتيفات النسيبية الأخری: الأطلال، الخليط (الظعائن)، المطر، الشيب والشباب،‌ النجوم والكواكب، الخمر والمسك.

يضمّ البحتري وصف الطيف والخيال إلی وصف الشيب وما ينجم عن فقدان الشباب من لوعة وأسی عندما امتد العمر بالبحتري ثمانين سنة وعلی حين يشيخ الجسد وتذبل نضارة الشباب ويبقي له خفقان قلبه وشعوره المرهف وولعه بالجمال. ويكون التناقض بين انصراف النساء من البحتري لانقضاء نضارة الشباب وحلول قامته المشيب والرغبة الطاغية البحتري فتحسّر علی الشباب الذي يتمّ ويبكي من المشيب الذي يؤذن بالموت فمع هذه الأوصاف تركته الحبيبة. [53]
يقول أبوعبادة في مقدمه قصيدة مدحية في المنتصر: [54]

تَبَسّمُ عن وَاضِحٍ ذي أَثَر وتَنظُرُ مِن فَاتِرٍ ذي حَور
وتَهتَزُّ هِزَّة غُصنِ الأراکِ عارَضَه نَسمُ ریحٍ خَصِر
ومـِمّا یُبَـدّدُ لُـبَّ الحَـلیمِ حُسنُ القوامِ وَ فَترُ النظَر

ثُمّ یأخذ في وصف الاشیب ویتبعه بوصف الطیف، فیقول:

وما أَنسَ لا أنسَ عهدَ الشبَا بِ وعَلوةَ إذ عَیَّرَتنِي الکِبَر
کواکبُ شَیبٍ عَلِقنَ الصِبَی فَقَلّلنَ مِـن حُسـنِه ما کَثـُر
وإنّي وَجَدتُ فَلا تَکذِبَنَّ سَوادَ الهوی في بَیَاضِ الشَعَر

فکواکب الشیب اللامعة فیما تبقی من شعر أسود – علی ما في الکواکب من رونق- تنقص من بهاء الشباب ورونقه، والعلاقة وثیقة بین المعاناة في العلاقة بین المعاناة في الحب وتمکن الشیب لانصراف الشباب، ومع هذه الأوصاف أن یحل الطیف محل الحبیب الذي یدیر ظهر المجن للمشیب. ونستطیع أن نشعر بالأسی العمیق الرابض بأعماق الشاعر الذي بات شبابه، وتفیض علینا الموسیقی الجنائزیة الرهیبة من رٶیة الشیب المهیب الکئیب. فإنّ الشاعر یستخدم الشباب والشیب داخل صورة الطیف والخیال بناء ً علی تلك الصلة التي تربط بینهما من خلال فکرة الموت في ناحیة، والتذکر للماضي من ناحیة أخری.

قد یدخل البحتري النجوم والکواکب في صورة الطیف والخیال کأحد مفردات هذه الصورة متصلة بفکرة النور والظلام أو بغیرها من أفکار صورة الطیف کالسحاب أو الصحراء. ویربط الشاعر في داخل الصورة أیضاً بین المرأة صاحبة الطیف والقمر أوالبدر أوالشمس، وقد لا یذکر هذه ویکتفي بأنّ لصاحبته نوراً مذهباً للظلم، أو أنّ الآفاق أضاءت له واللیل مظلم. وعند ما یربط الشاعر بین صاحبة الطیف والنجوم والکواکب قد لا یحدد اسم النجم أو الکواکب وقد یحدده بالبدر أو القمر [55]، فیقول: [56]

فإن بَخِلتِ فلا وَصلٌ ولا صلةٌ غیرُاهتداءِ خَیالٍ منكِ زوّارِ
لأُشکِلَ القمرُ الساري علیَّ فما بیّنتُ طلعَتَهُ من طیفكِ الساري
إذا ضارَعَ الشمسَ في حُسنٍ وفي مِنةٍ وطالعَ البدرَ في وقتٍ ومقدارِ
لیلٌ تقضَّی وما أَدرَکتُ مأرَبَتي مِن اللقاءِ، وما قضَّیتُ أو طاري

ترتب الخمر بالمسك في صورة الطیف والخیال عندما یجمع البحتري بین بعض الصفات الحسیة للون الخمر ورائحة المسك ویأتي الشاعر أنّ ریق محبوبته أوحبها کالخمر أوأنّ أصحابه الذین طاف علیهم الخیال ناعسون کأنّهم سکری أو نشاوی، وقد تکون صورة الخمر غالبة علی القصیدة ویأتي الطیف کجزئیة من جزئیاتها. تكون الزيارة في الطيف والخيال عاملاً مهماً وأملاً من آمال الحبيب أو المحبوب وهي علی وجهين: أحدهما أن يزور المحبّ محبوبه وهذا الوجه واسع والوجه الثاني أن يزور المحبوب محبّه وعندما ننظر إلی ديوان البحتري نری أنّ أكثر أشعاره يدلّ علی هذا الوجه أي يزور البحتري محبوبه «علوة» وليس فرق بين أن تكون المحبوبة ممكنة الزيارة في الواقع، أوتكون مقيمة تحت التراب ويأتي إلی الحبيب طيفها في كل الأزمنة. يقول ابن حزم: «إنَّ للشعراء في علة مزار الطيف أقاويل بديعة بعيدة المرمی ومنهم البحتري الذي جعل علة إقباله استضاءته بنار وجده، وعلة زواله خوف الغرق في دموعه» [57]

في كتاب طوق الحمامة بعد موضوع الحب نری حال المزور في المنام ينقسم إلی أقسام أربعة: «أحدهما محبّ مهجور قد تطاول غمه، ثُمّ رأی في نومه أنّ حبيبه وصله فسرّ بذلك وابتهج، ثم استيقظ فأسف وتلهّف حيث علم أن ما كان فيه أماني النفس وحديثها والثاني: محبّ مواصل مشفق من تغيّر يقع، قد رأي في وسنه أنّ حبيبه يهجره فاهتمّ لذلك هماً شديداً، ثمّ هبّ من نومه فعلم أنّ ذلك باطل وبعض وساوس الإشفاق. والثالث: محبّ‌ داني الديار يری أنّ التنائي قد فدحه فيكترث ويوجل ثمّ ينتبه فيذهب ما به ويعدد فرجاً. الرابع : محبّ نائي المزار، يری أنّ المزار قد دنا، والمنازل قد تصاقبت فيرتاح ويأنس إلی فقد الأسي، ثمّ يقوم من سنته فيری أنّ ذلك غير صحيح، فيعود إلی أشدّ ما كان فيه من الغمّ. [58]

یعلق الإربلي [59] علی ما یأتي به من أشعار لأبي تمام والبحتري والمتنبي وغیرهم بأنّ مختلفة المذاب، ولکنه یثیر مسألة «النوم» وزیارة الخیال لدی الشعراء فیقول: «وأکثرها یدل علی شدة الحرص علی النوم ؛لأنّ منهم من جعل النوم ذریعة إلی الخیال ومنهم من أنکر زیارته؛ لأنّه أبداً ساهر، أما قول البحتري «إذا انتزعته یدي انتباهة» فإنّه یدل علی نوم شدید واستغراق ما علیه مزید إذ لا یزال الخیال في یدیه فلا ینزعه إلّا انتباهةً في الجد وأین فیه من النائم نباهة». [60]

یدري البحتري أنّ الطیف هو تخییلٌ وتمثیل واعتقادات وظنون باطلة، فمع الیقظة لا یحصل في الید شیءٌ منه إلّا ذلک الظن الباطل والتخیُّل الفاسد ولکن نری أن یحتسب البحتري طیف الخیال المعشوق رسولاً من جانب المعشوق ویَرسُم ملامح المعشوق الواقعیة. ومن میزات طیف الخیال عند البحتري أنّه لم یطرد خیال المحبوب خلاف کثیر من الشعراء الذین طردوا خیال المحبوب ومنهم : طرفة وجریر ؛ لأنّ طیف محبوب البحتري یشفي الآلام والهموم ویزیل شدة جنونه وعطشه کما أنّه یزید حرارة حبّه، فقال: [61]

إذا أَرسَلَت طَیفَاً یُذکرني الجَوی رَدَدتُ إلیها بالنجاح رسولَها

ومن میزات طیف الخیال في قصائد البحتري أنّه استخدم هذه اللفظة في استفتاح قصائده وفي أواسط قصائده. قال: [62]

أمِنکِ تَأَوُّبُ الطیفِ الطروبِ حَبیبٌ جاء یُهدَی مِن حَبیبِ
أَجدَّک ما یَنفَک یسري لِزینَبا خَیالٌ إذا آبَ الظلامُ تَأَوّبا

وهذا ما جاء البحتري من وصف الخیال في وسط الکلام حيث قال: [63]

فلا وَصلَ إلّا أن یُطیفَ خَیالُها بِنا تَحتَ جُؤشُوشٍ من اللیلِ أسفَعِ
أَلَمّت بِنا بَعدَ الهُدُوُّ فَسامَحت بِوَصلٍ مَتی تَطلُبه في الجدّ تَمنَعِ

وقال:

وإنّي وإن ضَنَّت عَلَیَّ بِوُدّها لأَرتاحُ منها لِلخَیالِ المُؤرّقُ
یَعزُّ علی الواشین لویعلَمونَها لَیالٍ لَنا تَزدادُ فیها ونَلتَقي

یمدح البحتري في هذه القصیدة الفتح بن خاقان ویکون مطلعها «حَلَفتُ لها باللّه یوم التفرق» ونری أنّ الغرض الأصلي في أشعارالبحتري الذي یکون طیف الخیال في البیت السادس من قصیدته. فنستطیع أن نعتبر أنّ طیف الخیال جعل في وسط القصیدة.

وقصاری القول أن بعد الدراسة عن شعر الشاعر حول طيف الخيال، نری أنّ أكثر أشعاره ملازم مع حرقة القلب والحزن والأسی والحماقة والجنون ولكن لانبأ المعشوق من هذه الحزن والألم. رغم أنّ للخیال لذة واهیة لا أساس لها. لکن الشاعر یتمتّع بها؛ لأنّها ملذاته تعادل الحقیقة. هذا الاستمتاع والتلذذ یحصل من قبل معشوق قاطع الوصال. والشعراء یعجبون بهذا الوصال الذي یحصل لهم في عالم الیقظة والخیال رغم ابتعادهم عن منزل المعشوق. وصرّح الشاعر الموتيفات المختلفة في أشعاره الغزلية. ولهذه الموتيفات المتنوعة لطيف ‌الخيال دور مميّز ومكان مرموق في أشعاره الغزلية بحيث نری تأثيرها مباشرا وفعالاً في أشعار الشاعر وأصبحت من المؤثرات الشعرية الهامة في شعر البحتري الذي أثّر في شعره وأفكاره. وإنّ شعر البحتري اصطبغ بهذا اللون الشعري أكثر من أي شاعر آخر وبحق يمكن أن نسميه شاعر الطيف والخيال.

المراجع والمصادر

  1. أبوعبادة البحتري دراسة ومختارات، عبداللطيف شرارة، دارالكتاب العالمي، ‌الطبعة الأولي1990 م.
  2. الأغاني، أبوالفرج الأصبهاني،‌ دارالكتب العلمية، 1984 م.
  3. الأمالي،‌ أبوعليّ إسماعيل بن القاسم القالي البغدادي، مطبقة السعادة، 1953 م.
  4. البحتري، أحمد أحمد البدوي،‌ دارالمعارف، مصر، الطبعة الخامسة، دون تاريخ.
  5. البحتري بين نقاد عصره، صالح حسن اليظّي،‌ دارالأندلس،‌ بيروت، لبنان، الطبعة الأولي 1402هـ / 1982 م.
  6. البحتري، علي شاق، دار ومكتبة الهلال، بيروت، الطبعة الأولي 2006 م.
  7. بين البركة والإيوان، خليل شرف الدين، مكتبة الهلال، بيروت، 1421 هـ / 2000م.
  8. تزيين الأسواق، داود الأنطاكي، دارالمكشوف، بيروت، الطبعة الأولي 1957م.
  9. التشبيهات، ابن أبي عون الأنباري، مطبعة جامعة كمبردج، 1950 م.
  10. الديوان، أبوتمام، شرح وضبطه وقدم له ايمان البقاعي، مؤسسه الأعلمي للمطبوعات، بيروت – لبنان، الطبعة الأولي 1421 هـ / 2000م.
  11. الديوان، البحتري، شرح وتقديم يوسف الشيخ محمّد، دارالكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولي 1407 هـ/ 1987م.
  12. ديوان المعاني، ‌أبوهلال العسكري، دون الطبعة، القاهرة 1352 هـ.
  13. زهرالاداب وثمر الألباب،‌ أبوإسحاق إبراهيم بن عليّ الحصري القيرواني،‌ دار إحياء الكتب العربية،‌المطبعة الرحمانية، 1925م.
  14. الزهرة، أبوبكر محمدبن داود الأصبهاني الظاهري، مطبعة الآباء اليسوعيين بيروت، 1932م
  15. طوق الحمامة في الألفة والألاف، ابن حزم الأندلسي،‌ دارالمعارف بمصر، الطبعة الثانية 1977م.
  16. طيف الخيال،‌الشريف المرتضی، ‌تحقيق حسن كامل الصيرفي، الهيئة العامة لقصور الثقافة،‌ القاهره، 2008م.
  17. الطيف والخيال في الشعر العربي القديم، حسن البنا عزالدين،‌ دار المناهل، بيروت – لبنان، ‌الطبعة الثالثة، 1415 هـ - 1994م.
  18. العمدة، ابن رشيق، دارالكتب العلمية،‌1983م.
  19. مقدمة القصيدة الجاهلية، حسين عطوان، دارالمعارف، القاهرة، 1974م.

[1الأغاني، أبوالفرج الأصبهاني، ج 3، ص 16

[2تاريخ‌ آداب العرب، مصطفي صادق الرافعي، ص 117

[3أبو عبادة البحتري،‌ عبد اللطيف شرارة، ص15

[4بين الإيوان والبركة، خليل شرف‌الدين، ص 144

[5البحتري، نديم مرعشلي، ص 94

[6.البحتري بين نقاد عصره، صالح حسن اليظّي، ص 130

[7زهر الآداب، الحصري، ج 3، ص 12

[8وفيات الأعيان، ابن خلكان، ج 2، ص 175

[9قضايا الفن في قصيدة المدح العباسية، عبدالله التطاوي، ص 194

[10العمدة، ابن رشيق، ج 2، ص 119

[11الأمالي، أبو علي القالي، ج 1، ص 226

[12دیوان المعاني، أبو هلال العسکري، ج1، ص 276

[13دیوان الصبابة، ابن أبوحجلة، ص 119

[14البحتري، ص 58

[15دراسات فنية في الأدب العربي، ص 297

[16مقدمة القصيدة الجاهلية، حسين عطوان، ص 106

[17الديوان، البحتري، ج 2، ص 207

[18بين البركة والإيوان، خليل شرف‌ الدين، ص 152

[19الموازنة، ص 134

[20الديوان، ج2، ص 145

[21البحتري بين نقاد عصره، صالح حسن الیظّي، ص 132

[22الديوان،‌ج 1، ص 116

[23ن.م، ج 2،‌ ص 38

[24نفس المصدر، ج 2، ص 167

[25ص 75

[26الديوان، البحتري، ج 1، ص 81

[27نفس المصدر،‌ ج 1، ص 145

[28الموازنة، ص 31

[29الديوان ،‌البحتري، ج 2، ص 52

[30نفس المصدر، ج 2، ص 119

[31أمالي، الشريف المرتضي، ص 42

[32طيف الخيال، الشريف المرتضي، ص 42

[33محاضرات الأدباء،‌ ج 2، ص 54

[34الديوان، ‌ج 2، ص 31

[35ن.م، ج 1، ص 52

[36نفس المصدر، ج 1، ص 184

[37نفس المصدر، ج 1، ص 71

[38نفس المرجع، ج2، ص 99

[39الديوان، ج2، ص 70

[40الموازنة، الآمدي، ج 2،‌ ص 138

[41الديوان، ج 2، ص 240

[42طيف الخيال، الشريف المرتضي، ص 31

[43البحتري بين نقاد عصره، صالح حسن اليظّي، ص 133

[44الديوان،ج 2، ص 211

[45الديوان، ج 1، ص 164

[46في النقد والأدب، إيليا الحاوي،‌ ص 129

[47قضايا الفن في قصيدة المدح العابسية، عبدالله التطاوي، ص 231

[48الديوان، ج 2، ص 204

[49نفس المصدر،‌ ج 1، ص 47

[50ترجمه نصرت الله فروهر، ص 127

[51الزمر، آيه 42

[52الموازنة، ج 2، ص 141

[53البحتري بین النقاد عصره، صالح حسن الیظي، ص 135

[54الدیوان، ج1، ص 97

[55الطيف والخيال في الشعر العربي القديم، حسن البنا عزالدين، ص 126

[56الدیوان، ج1، ص 115

[57طوق الحمامة في الألفة والألاف، ص110

[58ن.م، ص 111

[59هو أبو الحسن بهاء الدین علي بن عیسی فخر الدین الشیباني الإربلي والإربلي نسبة إلی إربل هي مدینة کبیرة لها قلعة حصینة شامخة وهي الآن من ألویة العراق الشمالیة. کان أبوه عیسی فخر الدین حاکماً علی إربل ونواحیها أیام الصاحب تاج الدین أبي المعالي. والإربلي کان من أعیان عصره، عقلاً وحکمة وعلماً، توفي بإربل في سلخ جمادي الآخر، سنة أربع وستین وستمائة.

[60التذکرة الفخریة، ص 85

[61الدیوان، ج 2، ص 71

[62م.ن، ج1، ص 367

[63ن. م، ج1 ص 87


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى