الثلاثاء ٣١ أيار (مايو) ٢٠١١
بقلم فرهاد ديو سالار

تسمیة الانحطاط وصمة عار فی تاريخ الأدب العربي

إن الفترة الواقعة بعد سقوط بغداد المسماة بعصر الإنحطاط مقولة هامة فی الأدب العربی، التی هی بحاجة ماسة لتكثيف الجهد العمیق والعمل والتحلیل الدقیق کما تستوجب إعادة الكثير من الدراسة والتمعن ولا أن نتجه اتجاهات سطحية وبعيدة عن واقع الأدب العربی والثقافة الإسلامیة؛ لأن کل مشروع نهضوى يجب ان يبدأ بداية صحيحة بمعلومات وبيانات لتحليل الواقع الفعلى من ثم يبدأ التغيير. وما أحوج الباحثین والدارسین إلى رؤى تحليلية عمیقة فی هذا الصدد.

ومن المفترض علینا أن نعي هذا العصر وعيا صحيحا، وأن ندرسه درسا منهجيّا أکادیمیا ولنناقش عناصره ولندرس مؤثراتها الإيجابية والسلبية التي تكون في أدب كل عصر وجوهره. ومن المستحسن أن نناقشه مناقشة دقيقة ودراسة عميقة؛ ليلقى الأدب العربي في هذا العصر حقه العلميّ الأكاديميّ من البحث والدراسة حتى يتبين لنا حق الأدب في هذا العصر الذی أدى دوره بشكل ممتاز؛ لأن المناقشة والبحث بالنظرة الفاحصة المدقّقة المتبصرة تلغي مثل هذا الحكم ویتبيّن لنا أن هذا العصر لیس منحطا ومنحدرا؛ بل مزدهرا ومنبهرا أیضا. علی کل حال نتکلم هنا عن عصر أن أدبه متهم بأنه:

سطحي المضمون دون العمق في التفكير أوجدة في الرؤية، بل يكاد يكون اجترارا لما سبق من معان، وسيطرت العجمة والركاكة على لغة الإبداع، وشاع اللحن فيها شيوعا فاضحا، وصار للعامية الشعبية نفوذ وسلطان كما لايوجد في أدبه نصوص قوية محكمة متمتعة بعناصر الخيال يمكن أن يشار إليها فتجذب النقاد والمتذوقين. لهذا العصر، أدب تقريري جافّ مباشر فلا خيال فيه ولا تحليق في تصوير المشاعر والأفكار، وإن وجد شيء من الخيال فهوتقليدي جزئي مبتذل كما أنه أدب شكلي ومبدعوه يهتمون باللفظ على حساب المعنى.

إن الأدب العربی فی هذا العصر، شغل حيزا مهمّا من تاريخ الأدب ولكنه رغم هذا الأمر الخطیر مع الأسف اتّسم بالانحطاط وهذه التسمية كوصمة عار لقّب بها. وهناك مشكلة أخرى كبيرة وهي أن معرفة الباحثين والدارسين به تناقصت جدا، بحيث كادت أن تتلاشى نهائيا حيث لم يهتم به كثير من الباحثين والمهتمين بالأدب العربي وحتى ألغي أدب هذا العصرمن المقررات والمناهج التعليمية في كثير من الجامعات؛ لقلة فهمهم عن التراث الأدبي لهذه الفترة ولا يعرفه في الغالب إلا قليل من الباحثين المتخصصين المهتمين به.

ناقش بعض الباحثين تاريخ الأدب العربی فی عصوره المختلفة، وقسّموه إلى أقسام کما یبدوأنه تقسیم استشراقی الذی يستلهم دورة الحضارة الغربية، وهاهي: عصر النشأة، وعصر الترجمة، وعصر الإبداع الفكري، وبعد ذلك عصر الجمود والانحطاط، ثم یلیه عصر النهضة الحدیثة الممتاز بالإبداع والإبتکار – وطبعا المتّسم بتأثره بتكنولوجيا غربية والتغریب والرؤیة الفکریة الغربیة-، وهم اعتبروا العصرين المملوكي والعثماني من عصور الانحطاط، كما اعتبروا أن عصر النهضة بدأ باحتلال نابليون لمصر سنة 1798للمیلاد. فهل هذا التحقيب والتصنيف صحيح وسليم؟ وما المقصود بالانحطاط والنهضة؟ وما هوالتقويم لهذين المصطلحين؟ فما أبرز مظاهر الانحطاط في رأيهم؟ إن أبرز مظاهر الانحطاط في رأيهم: جمود العقول، وقلّة الإبداع العلمي، والتكرار والاجترار في الإنتاج العلمي.. إلخ.

إن هذه الفترة غنية بأنواع الأدب ووجوهه وبنتاج الحياة الثقافية، مع أن الأسلوب العربي قد ابتلی في أثنائها مقادير متفاوتة من الركاكة بسبب عدم عناية السلاطين والأمراء بالأدب والأدباء وعدم اهتمامهم باللغة العربية كلغة رسمية ولاسيما في عصر العثمانيين الذي حلّت محلها اللغة التركية وغلبة العجمة عليها. بلغ التكلف والصناعة اللفظية مبلغا عظيما في هذه الفترة التي نتكلم عنها وجدير بالذكر أن ذلك مهداة أخريات العصر العباسي الرابع وخاصة بعد أبي العلاء المعري. وإذا هناك انحطاط أوانحدار فلا بد أن نسمّي العصر الرابع العباسي بعصر الانحطاط؛ لأن الضعف الأدبي بان في هذا العصر لاهتمام شعرائه وأدبائه بهذه المؤثرات الدخيلة في الانحطاط الأدبي.

یعتقد الدکتور عمر فروخ فی مقدمة الجزء الثالث من کتابه تاریخ الأدب العربی: "هذه الفترة ليست قليلة الشهرة فحسب، ولکنها مظلومة أيضا إذ یسمي القسم الأخیرمنها عصر الانحطاط تسمية فيها قليل من الصواب والحق وكثير من الخطأ والباطل. ويجد القارئ شرح جوانب من هذه التسمية الخاطئة الظالمة في مقدمات فصول مختلفة من هذا الجزء".

مع أن هذا الأدب الذي نريد أن نتكلم عنه يشغل حيزا مهمّا من تاريخ الأدب العربي؛ لكنه مع الأسف اتّسم بالانحطاط في العصور الوسطى الإسلامية. وتناقصت معرفتنا بهذا الأدب شيئا فشيئا حتى تكاد تتلاشى نهائيا حيث لم يهتم به كثير من الباحثين والمهتمين بالأدب العربي وحتى ألغيت هذه الفترة من المقررات والمناهج التعليمية في بعض الجامعات العربية، والتراث الشعري والنثري لهذه الفترة ولا يعرفه في الغالب إلا قليل من الباحثين المتخصصين.

ولكن هناك سؤال وهو: هل يصح أن يتهم أدب أمة بالانحطاط؟ وكيف يمكن أن يكون أدب منحطا؛ مع أنه يلبي برغبات أهله الذين اهتموا به وتداولوه وفي النهاية أوصلوه إلينا؟ وهل يمكن أن نسميه منحطا وهوابن البيئة؟ أوهل يمكن أن نسميه منحطا ويعكس جميع المؤثرات بصورة كاملة؟ وهل یستحق هذا العصر هذه التسمیات؟

إن الخطأ الحاقد في التسمية والتهمة المشؤومة على أدب مرحلة حاسمة في تاريخ الأدب العربي والإسلامي؛ لأن المعنى المُكتسَب بالإضافة إلى عصرالانحطاط أوعصر الانحدار هوالذي وصم الأدب بهذه الوصمة. کیف يمكن لأدب أمة أن يتجزأ، مع أن التصاقه بالأمة كالتصاق الأبناء بالآباء، فهي نسبة لا تزول إلا بزوال الأمة. والمفروض أن الأدب الجيد يفرض نفسه في كل عصر ويسلم من صروف الأيام وحدثان الدهر؛ لأنه جيد قوي، ومن ملامح قدرته وجودته أنه حُفِظَ واحتفظ بمكانته حتى بلغ زماننا هذا؛ فمن الجفاء أن نتصفه بالضعف أووصف الانحطاط والانحدار، ولا يجوز إهماله؛ لأنه قطعة من تاريخ الأمة الإسلامية الحاسم، الأمة التي قاومت الأعداء الغربيين الإفرنج والتتار المتوحش وكانت ناجحة في هذه المقاومة الصامدة.

على كل حال، نلاحظ في هذا العهد مصطلحات أوتسميات التي استحدثت أوأطلقت عليه، فيطرق آذاننا. في تاريخ صراع الشرق والغرب نُعتت تارة بأدب عصور الانحطاط والانحدار، ومنهم من سماه بـعصر العثمانيين‏، وآخر ادعى بأنه العصر التركي‏، بينما البعض الآخر وصفه بـعصر المملوكي والمماليك‏، وهناك من يطلق عليه عصر التتر أوالعصر المغولي، وتارة سمّي باسم أدب الدول المتتابعة وتارة باسم أدب العصور الوسطى الإسلامية، قياسا على عصور أوروبا الوسيطة التي سبقت عصور الأنوار، علما بأن كثيرا من المؤرخين قسموا عصور الانحطاط إلى دورين:
* الدور المملوكي الذي يبتدئ من سنة 648ه‍ . وهم سلالتان: الأولی الممالیك البحریة والثانیة الممالیك البرجیة أوالشراکسة.
* الدور العثماني حينما استولى العثمانيون على القاهرة سنة 923ه‍ .

علی کل حال؛ لا يهمنا هذه المسمّيات. وإنما الذي يهمنا هوأن ما عرف في تاريخ الأدب العربي بعصر الانحطاط، هي تسمية جائرة على هذا العصرالمهم الزاخر في شتى المجالات وإن كان هناك بعض ركاكة وسخف في مجال الشعر والنثر بسبب غلبة العجمة عليه وهدم ودمار وتقتيل وتحريق. هذه التسميات مهما تعددت؛ فهي لن تغير من حقيقة وجوهر ذلك الأدب شيئا لمن عرفه على حقيقته ووضعه في إطاره التاريخي الصحيح، وإنما كان القصد محاولة إعادة الاعتبار لتلك المرحلة المهمة في تاريخ الأدب العربي التي كثيرا ما يُقفز عنها في المناهج والمقررات التعليمية ولم يهتم به المؤرخون والنقاد مع الأسف ولونبّه بعضهم إلى ذلك، وهنا لابد من تحية جهودهم التي بُذلت في سبيل تحقيق ودراسة وإخراج هذا الجانب المهم من أدب وتراث تلك المرحلة إلى حيز الوجود. واجهت الأمة الإسلامية في هذا العصر موجات ثلاثا من الغزو:
 موجة الغزوالصليبي.
 موجة الغزوالمغولي الأولى بقيادة هولاكو، التي انتهت بسقوط بغداد، ثم غزت مصر والشام، لولا هزيمتها في عين جالوت.
 الموجة الثالثة هي موجة الغزوالمغولي الثانية، وقائدها تيمورلنْك من سلالة جنكيزخان، الذي قام بتخريب غالب مدن العراق بعد أن خرّب كثيرا من مدن فارس وأحرقها، كما خرّب حلب وأحرق دمشق وكان هذه الموجات من الخارج على الأراضي الإسلامية وزد على ذلك، اغتشاشات واضطرابات ومنافسات الأمراء والسلاطين داخل الأراضي الإسلامية مع الأسف، وكان له تأثير هام على هذه الفوضى من الناحية السياسية والثقافية والفكرية وبالتالي عدم الاهتمام بالأدب وأدّى إلى ضعفه. وقد كان لهذه الموجات الثلاث صداها البعيد في الأدب شعره ونثره.

ومن المفترض أنّ الأدب أن يعبر عن الأمة وأحوالها، وكذلك لابد للأدب أن يكون ابن البيئة كما يعتقده النقاد ومؤرخوالأدب، فمن الطبيعي أن يتراجع عما كان عليه من ازدهار أيام تقدم الأمة العربية وتطورها في مختلف مجالات الحياة. لقد أطلق على الفترة التي تلت سقوط بغداد بالفترة المظلمة، وهذه التسمية تعد ظلما وجناية؛ لأنه ليس من المناسب أن نصف فترة أنها مظلمة مع أنها كانت تتميز بمقاومة المحتلين والتصدي لهم. بل علی عکس ذلك، هذه فترة متصفة بالحماسة والبسالة والبطولة أمام نير الأجانب من الإفرنج والمغول وحث الشعب على المقاومة، وهكذا انعكس هذا العصر في دواوين شعراء هذه الفترة المظلمة؛ فلا يصح أن نطلق وصف الانحطاط على أدب تلك الفترة، ولوأننا نعتقد أيضا قد ضعف وتراجع عن تلك القوة التي تميز بها شعر العصر العباسي، ولذلك العصر مؤثراته الخاصة ولهذا العصر مؤثراته المختصة به.
ولويستشهد البعض ببعض الكتب الموجودة في هذا العصر ليبيّنوا مدى السخف والتفاهة في هذا العصر؛ ولكن هذه الآثار دلائل وثيقة التي تعكس حياة ذلك العصر بكل مرارتها ومشاقها في شتى مجالاتها وهذا هومهمة الأدب الذي قام بها أدب ذلك العصر الذي يسمونه الانحطاط وليس وصمة عار عليه.

هذا عصر اعتنى الشعراء والأدباء فيه بالقضايا الشعبية العامة، إمّا بالإنشاد أوبالكتابة وذلك كان ضروريا في هذه الفترة الحاسمة ومن ميزاته الابتكار والإبداع بلا تقليد وتكلف وانعكاس واقع الحياة. كما لابد أن يذكر بأن الكتابة في هذه الأشياء بحاجة ماسة إلى الدربة والخبرة، وإذا لم يتمتع الكاتب أوالشاعر بهذه الموهبة يقع في التكلف والتصنع كما نراه جليا واضحا في النواحي المختلفة من أدب هذا العصر الذي وقعوا فيه دون أي ابتكار وأدى إلى الضعف والركاكة والإسفاف. إذن ليس هذا ضعف على المهتمين بها في هذا العهد، الذي يعتبره البعض بل نرى عكس ذلك في هذه الناحية كانوا أقوياء جدا؛ لأنهم أحسوا حاجتهم الماسة الملحة بها.

ولايستحق لبعض الأيادي أن تعمل في الخفاء وفي العلانية، على إبعاد هذه المرحلة المهمة عن المناهج التعليمية في كثير من البلاد العربية والإسلامية، وعن اهتمامات أجيال كاملة من الطلاب، و حيل بينها وبين حقها الطبيعي في التعرف على نوعية ذلك الأدب الذي كتب بلغتهم.
فلا يجدر بنا ولا يجوز لنا أن نقارن أدب هذا العصر بالعصر العباسي في ازدهاره ونقارن شعراءه مع شعراء العصر العباسي مثل المتنبي وأبي العلاء وابن الرومي والبحتري وغيرهم حتى نحكم على ضعف المستوى الشعري. لقد تأخر المستوى الفني للشعرفي هذا العصر وهذا لا شك فيه ولكن إطلاق صفة الانحطاط أوانحدار أوأية صفة أخرى لهذا العصر ليس من الإنصاف بل هوأقرب إلى التجني.

وکما علينا أن نؤمن أن هذا العصر انعكس بصورة كاملة في دواوين الشعراء وآثار الأدباء وأدّى الأدب دوره كاملا دون أي قصور أوتقصير، ولوكان هناك بعض الضعف والركاكة بدلائل مختلفة. إن لکل عصر موقفه الفكري من الواقع، وإنه مليئ بالإيجابيات والسلبيات. وهذه القضایا التي تحتاج إلى المعالجة على مستويين وهما: الأخذ بالإيجابيات ومعالجة السلبيات، مع رؤیة تحلیلیة دقیقة أکادیمیة لئلا یؤدي إلی انعدام الرؤية الفكرية.

والحق لم يكن أدب هذه الفترة ضعيفا راكدا خامدا، بل كان استمرارا لأخريات العصر العباسي. إنه بنوع ما عصر المحافظة على الموروث العباسي وتقليده بدافع الاحتفاظ بالشخصية العربية وما تملك من فكر وإبداع أمام أعدائها المغيرين المستدمرين من المغول الوحشيين أوالصليبيين الحاقدين، وذلك حتى لاتضعف هذه الشخصية أوتضمحلّ وإنه عصر فكري وأدبي جاء ردّ فعل إيجابي محمود ضد الغزاة المعتدين.
فلا يجوز لنا حين نعرض لآدابنا المعاصرة أن نهمل تلك العصور، بل ينبغي أن نعيها وعيا صحيحا كاملا، وأن ندرسها درسا منهجيّا ونناقش عناصرها. كما علينا وعلى كل من يريد أن يدرس هذا العصر أن يعتمد على مصادر رئيسية من دواوين ومؤلفات أدبية أُلفت في هذا العصر، إما مخطوطا منها وهوكثير جدّا أومطبوعا وهوقليل لئلا يكون الحكم عليه ناقصا والاطلاع قاصرا بنماذج معدودة مكرورة في كل الدراسات التي تعبر عن تيار واحد فقط من الإبداع، وهوالتيار الشعبي العامي. إذن نحن بحاجة إلى مناقشة دقيقة ودراسة مفصلة عميقة؛ لأن الأدب العربي في هذا العصر لم يلق بعدُ حقه العلميّ الأكاديميّ من البحث والدراسة.

ومع الأسف الشديد، هذه المشكلة لجميع أدوار الأدب العربي وليس لهذا العصر فقط. وبهذه النظرة يقدم لنا الشعر الجاهلي على أنه منحول ومزيف، والشعر الإسلامي ضعيف والباقي الذي تلاه إلى عصر النهضة الحديثة منحط ومنهار.

إن دارس الأدب العربي حيثما ولّى وجهه نزولا أوصعودا عبر التاريخ، يجد نفسه في كل مرة، محاطا بكثير من الأسئلة والشكوك والاتهامات، وقد تلقى بظلالها على نفسه، فتجعله يتردد ويقدم رجلا ويؤخر أخرى؛ دون أن يدرس المؤثرات الداخلية والخارجية ويهتم بمهمة الأدب ما هي؟ وهل وفّق في أداء المهمة أولا؟ وهل عكس العصر والبيئة بصورة كاملة أولا؟ وكثير من هذه الأسئلة.

قصارى القول أنه لا يجوز إهمال هذا الأدب الذي هوقطعة من تاريخ الأمة ولأنه يثير في النفوس النزعة إلى الإصلاح، ثم إن هذا الزمن الذي أعقب سقوط بغداد في أيدي التتار وتمتد إلى ما يُسمّى بعصر النهضة، فيه تراث أدبي كثير بإنتاجه وبرجاله وجودته بادية للعيان لكل من له فهم زاخر في شتى المجالات لمن يريد أن ينظر إليه بمنظار فيه مسحة من التفاؤل فلينظر إلى بعض هذا الزمن من خلال الكتب الجمهرات الضخمة التي أُلفت في هذا العصر، ولينظر إلى مؤلفات المؤرخين والمهتمين بهذا العصر نظرة واقعية بدون أية رؤية تشاؤمية.

وأنا شخصيا أتفق مع الذين يرون الخلفية التاريخية التي قدمتها، وهي من أهم العوامل التي أحاطت بتهمة أوبوسم الانحطاط ولكن العلة الوحيدة التي تذرع بها دارسوهذا الأدب أنه مصنوع؛ بل مغرق في الصنعة إلى درجة الابتذال والإسفاف، ومكثر من البديعيات والألاعيب اللفظية والمعاني المكرورة. ولكن رغم هذا العيب، إذا جاز لنا أن نعتبر ذلك عيبا، أدّى الأدب مهمته وكان موفقا في التعبير عنها ولايجوز تمزيقه ولا إهانته؛ لأن أدب الأمة كالأمة جسد واحد.

إذن، لماذا يسمى هذا العصر بعصر الانحطاط هذه التسمية التي التصقت بذاكرتنا؟ هل هوالانحطاط الفكري مثلاً ؟ أوالثقافي؟ أوالعلمي؟ أومنشأ هذه التسمية مهداة سياسية أجنبية من الإفرنج إلى أبناء العالم الإسلامي ونحن دون أن نفكر فيه استخدمناها حتى التصقت بذاكرتنا؟
فلنعد إلى الحياة الفكرية والعلمية والعمرانية والثقافية و...إلخ. ونحن لا ننكر تراجع التأليف عن سابق عهده وانتشار النظم في الشعر وانتشار البدع والخرافات والسحر والشعوذة التي سيطرت على عقول الناس والركاكة والسخف في الدواوين الشعرية والآثار.

وقد ازداد عدد العلماء والشعراء والكتاب والمؤلفين زيادة كبيرة لأسباب، منها هروب العلماء والأدباء من شرقي [1] العالم الإسلامي إلى مصر والشام إثر اجتياح التتار، وهروب العلماء والأدباء من غرب العالم الإسلامي أی من الأندلس إلى هناك، بعد اجتياح الإسبان للدولة الأندلسية المسلمة، [2] ومن تلك الأسباب الاستقرار الأمني الذي تمتعت به بلاد مصر والشام [3] ولاسیما في عهد الأيوبيين والمماليك، ورعاية حكامها للعلماء والأدباء، وتوفير المناخ العلمي والحياة الكريمة لهم مع الإجلال والاحترام. [4]

وعلی سبیل المثال نذکر صفي الدين الحلي، وبهاء الدين العاملي، وابن نباتة، والبوصيري، وابن أبي أصيبعة مع كتابه طبقات الأطباء، وابن النفيس في الطب، وابن خلدون في علم الاجتماع، وابن تيمية، وابن خلكان، والصفدي، والذهبي صاحب الرسالة الذهبية، وابن حجر العسقلاني، وشمس الدين السخاوي، والقلقشندي، والمقريزي، وجلال الدين السيوطي، والجوهري، وابن زنبل ووأبا الفراء الأيوبي وكثيرا من الكتاب والباحثين والموسوعيين الآخرين الذين تنورت سماء حضارتنا الإسلامية بل العالم بأجمعه بأفكارهم وجهودهم وآثارهم.
زد على ذلك عنایة كثير من الأمراء والسلاطين بموضوع التعليم في المساجد والمدارس والخانقاهات وغيرها في عصر كثرت فيه البلابل والاضطرابات والطواعين والأوبئة والأمراض الأخرى. حيث أنشئ عدد كبير من المدارس والجوامع في جميع أنحاء البلاد كان فيها أساتذة يلقون دروسا في موضوعات معينة.

اهتم السلاطین فی هذا العصر بإنشاء المدارس- وحتى بعض نسائهم شدن عدداً من المدارس، كان منها المدرسة الشامية والخاتونية-، وحث الطلبة على العلم، وتكريم العلماء، وتوفير المناخ الطيب لإنتاجهم. وكان بناء المساجد يساير حركة بناء المدارس. والمساجد [5] في عهدهم مواطن للعلم والدرس إلى جانب كونها للعبادة. وقد عرف الکثیر منهم بولعهم بإنشاء المدارس المنظمة، وعمارة المساجد، واستقدموا من المهندسين المهرة ليبنوا المدارس الفائقة [6] في حلب وحماة وحمص وبعلبك ويشرفون بأنفسهم على صيانتها. كما عرفوا بحبهم للحديث الشريف، فأنشئوا له مدارس خاصة، وأوقفوا عليها أوقافاً كبيرة. کما أصبحت دمشق [7] في هذا العهد تدعى مدينة المدارس. حیث وصف ابن جبير [8] في رحلته هذه المدارس ووجدها قصوراً أنيقة، ومن أحسن مدارس
 [9] الدنيا منظراً.

علی سبیل المثال: المدرسة الظاهرية، والصاحبية، والعادلية، والأشرفية، والناصرية. کما إن ابن بطوطة عجب من كثرتها بسبب أن الحکام تنافسوا فی إنشائها، ذاكراً أنه لايحيط بحصرها لكثرتها. وذكر من هذه المدارس: الظاهرية والمنصورية ومدرسة السلطان حسن، والسلطان برقوق، والمؤيد شيخ، وسواها . ولکنها مع الأسف تقلل من عددها
 [10] في العصر العثماني؛ لأنه انقطع إنفاق الدولة على المدارس، ولم تنشأ مدارس جديدة، وأخذ عددها يتناقص يوماً بعد يوم.

أما أكثر موضوعات العلم رواجا فكان الحديث ودراسة علی المذاهب الأربعة. وكان إلى جانبهما تفسير القرآن الكريم وأصول الدين واللغة والأدب. ثم إن كثرة التأليف في العلوم الرياضية والطبيعية من الرياضيات والفلك والجغرافية والهندسة والطب وما إليها يوحي بأنه كان لمثل هذه الموضوعات مدارس خاصة أوحلقات خاصة في المدارس العامة. وكانت العلوم الطبيعية (والطب الخاصة) تعلم في المستشفيات نظريا وعمليا معا، كما أن العلوم الرياضية كانت تعلم في المراصد. كما رأى هذا العصراتجاها شموليا في التأليف بالموسوعات وبالشروح والحواشي في العلوم المختلفة وكان غنيا جدّا. وقد كثر التصنيف في العلوم المختلفة من التفسير والحديث والفقه والعلوم الطبيعية والرياضية والجغرافيا والتاريخ والملاحة وغير ذلك. وكان لديوان الإنشاء أثر بالغ [11] في النهضة العلمية، وازدهار الثقافة، لما كان فيه من إغراءات، وحوافز.
وکما كثرأصحاب الرحلات حيث نضج أدب الرحلة ونجد عددا كبيرا من الرحلات التي أبدعها أبناء هذا العهد الإسلامي واهتم به كثير من المستشرقين ومع الأسف لم تبحث أوتعرض العرض الأدبي الصحيح.

وكان من نتيجة هذه العوامل أن استطاع العلماء تعويض المكتبة العربية الإسلامية بعض ما ضاع منها حرقاً أوإتلافاً أوسرقة بید التتار الوحشیین والإفرنج الحاقدین علی مکتسبات العلماء المسلمین، وكانوا
 [12] في تأليفهم يعتمدون على ما وصل إليهم من العصور السابقة فيقومون بتصنيفه وترتيبه وتدوينه
 [13] في كتب جامعة تقرب من الموسوعات. وكثرت [14] في هذا العصر الشروح والذيول والحواشي، حتى سمي بعصر التحشية والموسوعات. ولكن مع الأسف الشدید هذه الحقبة الخصبة نسبياً لم تستمر [15] في عهد العثمانيين.

إذن نعود لنقول لماذا عصر الانحطاط؟ فليست المشكلة من الناحية الفكرية أوالعلمية أوالتعليمية وغيرها. ربما يعود أمر هؤلاء الذين يلحون على هذا الأمر بأميتهم وجهلهم الذي شاركوا في داء المؤامرة من ناحية الغربيين الإفرنج الذين لم يكن باستطاعتهم نسيان الفشل والإحباط أمام المسلمين من الناحية السياسية بمسألة الحرب الصليبية وتوابعها؛ حيث نراها في كثير من الكتب التاريخية ونلاحظ المستشرقين يعملون تخريبا في تاريخنا الإسلامي آنذاك مثل كلود كاهن ولوتسكي وجان كوهن والكثيرين. وكذلك لا ينسون الانتصارات التي حققها السلطان بيبرس وصلاح الدين في الشرق وكذلك الملك المنصور سيف الدين قلاوون والسلطان قطز والملك الناصر محمد بن قلاوون والآخرون الذين هزموهم والمغول وانتقموا من أرمن أرمينيا الذين شاركوا المغول في الغزووانتهت باعتناق المغول للإسلام في معركة عين جالوت وفتح قلعة عكّا ومعركة مرج ومعارك طاحنة دارت على مدى سنوات طويلة ردت فيها الحملات الصليبية والمغولية.

نحن نتكلم عن هذا العصر المسمى بالانحطاط ولكنه جدير بالدرس والبحث والمناقشة لما فيه من دروس زاهرة وحضارة نيرة تكللت بدحر الهجمات الصليبية والمغولية ويسميها الغرب عصور الانحطاط والانحدار. فمن الظلم البين أن يوصف هذا العصر بأنه فترة الضعف والانحطاط والانهيار وما إلى ذلك من التسميات وإذا ننصف لأدب هذا العصر أنه مهما يكن من أمره في هذا العهد، فإننا لا نستطيع أن نضرب عنه صفحا أونهمله؛ لأن كل عصر بآصرة شديدة بما قبله ويعيننا على الاتصال بالمستقبل وبهذا الإهمال نهمل جانبا من حياتنا، ونقطع حلقة من حلقات التطورالفكري والفني والاجتماعي؛ ذلك لأن حياتنا في شتى النواحي متصلة بأواصر قوية بحياتنا في العصور ما قبلنا بلا شك. فيربطنا هذا الأدب بما سلف مهما كانت قيمته: تحضرا أوتخلفا، تقدما أورجعية، التزاما أوإسفافا وإلى ذلك.

فأعتقد من الواجب على كل باحث ودارس ليقرر أن أدب هذا العهد محتاج إلى جهود جماعية؛ لأنه لم يحقق علميّا في صورته المقبولة كما لم يُنظر فيه بنظرة موضوعية تقيسه بمقاييس ملائمة له، ولذلك فهومجال واسع لدراسات كثيرة متنوعة في كمّها وكيفها للوصول إلى الرؤية المنطقية الصائبة مبتعدة عن الخطأ عن حال الأدب العربي آنذاك. كما علينا قبول هذه المسألة بأن قد أصابه شيء من العقم والجمود، ولكنه جزء ضخم من تراثنا الفني وتاريخنا الأدبي ويجب أن يخضع للدراسة الأكاديمية أوالمنهجية للحكم عليه كما ينبغي له ويليق به.

وأخيرا، نحن كقارئ نحب أن نناقش في الأثر الأدبي توصيفات في جمال المرأة وحسنها والأحاسيس اللطيفة والتراكيب الجميلة والطبيعة الخلابة والنكهة الرائعة، كما أننا تعودنا بمشاهدة اللوحات الجميلة الموشية المنمقة. وربما يرى بعض الأدباء والشعراء أنفسهم فيما بعد، أن الأدب هوتصوير المناظر الجذابة الجميلة ويتأذون أن يشاهدوا التصاوير البذيئة الركيكة والرائحة الكريهة من مفاسد المجتمع في الأثر الأدبي غافلين أن من مهمة الأدب أن يزيح الستار عن صفحة الحياة وأن يريها كما هي برذائلها وفضائلها، حسناتها وسيئاتها، خيرها وشرها و... إلخ.
إن هذه المشكلة تبدوواضحة في الأدب العربي في العصر الذي يسمى بالانحطاط. ولكن أليست هذه التسمية من هذه الناحية بخطأ؟ ألم يؤدّ الأدب دوره جيدا بهذه الناحية؟ على كل حال لا يجوز لنا كباحث ودارس أن نتبع الذين يسعون في تسمية هذا العصر بهذه المسميات والمصطلحات.

وقصارى القول أن هذه الفترة منزوفة بالدماء، محفوفة بالأزراء، السيوف بين الهام والأعناق والرماح في النحور والترائب دون أن يهدأ خاطر أوتطمئن نفس؛ لأن الأمة العربية وبلاد العربية لاقت من الكوارث والحروب والرزايا ودمار المدن العامرة وتخريب المدارس وتحريق المكاتب والمجاعات والأوبئة والطواعين وزد على ذلك حكم العناصر الأعجمية واستبدادها بالأحكام والعقول والأفكارحيث كان له أثر بليغ وعميق في تخدير عقولهم وتقهقرها وبالتالي تدهور العلم والأدب. هذا العصر بمجمله عصر الخوف والفساد من جميع نواحيه، عصر تقتيل العلماء والأدباء والشعراء، تحريق الكتب والمكتبات وتخريب المدارس والمساجد ومراكز العلم، عصر السعايات والدسائس، استعباد الأفكار وتحطيم الأقلام وخنق حرية الفرد والجماعة، وأخيرا أسوأ العصور على الأدب العربي في البلاد العربية والإسلامية في شتى النواحي.

كما من الواجب على كل باحث وطالب علم ليقرر أن أدب هذا العهد محتاج إلى جهود جمعية؛ لأنه لم يحقق علميّا في صورته المقبولة كما لم يُنظر فيه بنظرة موضوعية تقيسه بمقاييس ملائمة له، ولذلك فهومجال واسع لدراسات كثيرة متنوعة في كمّها وكيفها للوصول إلى الرؤية المنطقية الصائبة مبتعدة عن الحطأ عن حال الأدب العربي آنذاك. كما علينا قبول هذه المسألة بأن قد أصابه شيء من العقم والجمود، فهوجزء ضخم من تراثنا الفني وتاريخنا الأدبي ويجب أن يخضع للدراسة الأكاديمية أوالمنهجية للحكم عليه كما ينبغي له ويليق به لهذه الميزات التي يمكن أن نخلصها فيما يلي:

 أدّى هذا الأدب مهمته في تصوير الحياة في ذلك العصر سياسيّا، اجتماعيّا وثقافيّا.
 رأى هذا العصر اتجاها شموليا في التأليف بالموسوعات والمجاميع وبالشروح والحواشي في العلوم المختلفة وكان غنيا زاخرا جدّا. وقد كثر التصنيف في العلوم المختلفة من التفسير والحديث والفقه والعلوم الطبيعية والرياضية والجغرافيا والتاريخ والملاحة وغير ذلك.
 أنشئ عدد كبير من المدارس والجوامع في جميع أنحاء البلاد كان فيها أساتذة يلقون دروسا في موضوعات معينة فی الحديث ودراسة علی المذاهب الأربعة و تفسير القران الكريم وأصول الدين واللغة والأدب. وکذلک العلوم الرياضية والطبيعية من الرياضيات والفلك والجغرافية والهندسة والطب.
 ازدهر التيار الصوفي في الإبداع الأدبي شعرا ونثرا وفكرا حيث كثر التأليف فيه مع ابن العربي، ابن الفارض وعبد الغني النابلسي، ابن الخطيب وغيرهم.
 انتقل الأدب من الاتجاه الغنائي الذاتي المتصل بالحكام وأصحاب السلطة والقدرة في الغالب إلى الاتجاه الموضوعي العام الذي يعبر عن هموم العامة ولودخلت بعض الألفاظ السوقية في الأدب واهتم أصحاب الحرف به ولكن ازدهر التيار الشعبي في الإبداع في شتى المجالات.
 ازدهر فن المديح النبوي الشريف والبديعيات في مدحه والأولياء والاستشفاع بهم والشكوى إليهم.
 كثر أصحاب الرحلات حيث ازدهر ونضج أدب الرحلة.
 ظهرت فنون الشعرية المستحدثة كالموشح، المواليا، القوما، الزجل، الكان وكان، الدوبيت، التشجير، التخميس، التشطير وغيرها. كما قوي الشعر التعليمي والغزل المذكر والشعر الصوفي والمجون آنذاك.
 كثرت إنتاجات فنية ومعمارية التي لم يكن لها مثيل في عهد المماليك منذ القديم رغم ما كان من الفوضى الداخلية والاضطرابات والفتن، حيث وصل الفن الإسلامي إلى ذروته باستعمال المقرنصات والزخارف الكوفية والأشكال الهندسية والأبواب البرونزية المزخرفة للمساجد والشمعدانات وصناديق لحفظ المصاحف من الذهب المرصّعة بالحجارة الكريمة وفسيفساء في المحاريب وصناعة خشبية دقيقة في المنابر.
 في هذا العصر اتسع العمل بخيال الظل بيد ابن سودون الذي هوأول من أحدث خيال الظلّ؛ غير أن نشأته قديمة في المشرق الإسلامي وكذلك كان في مصر من قبل ذلك. كما ظهرت كتابات تتعلق بخيال الظل لمحمد بن دانيال الخزاعي وعنوانه " طيف الخيال في معرفة خيال الظل" الذي يمكن لنا أن نعتبره الأثر الوحيد الباقي للشعر الروائي وذلك في ثلاث بابات.
 أظهر الشعراء حذقهم بالاستكثار من الألفاظ المصغرة أوالمهملة والمعجمة أولزوم ما لا يلزم وما لايستحيل بالانعكاس كما اقتصروا علی الألفاظ والتراكيب السهلة واستعملوا كثيرا من الأمثال العامية دون الألفاظ الجزلة والتراكيب المحكمة والرصينة.

 ظهور أسماء بارزة في فنون النثر والشعرالمختلفة مثل: ابن خلدون، وابن خلكان، والنويري، وابن منظور، وابن فضل الله العمري، وخليل بن أيبك الصفدي، والقلقشندي، والسيوطي، والشهاب الخفاجي، وعبدالقادر البغدادي وفي الشعر الشاب الظريف، وشمس الدين الكوفي، والبوصيري، وصفي الدين الحلي، وابن نُباتة المصري، وابن حجة الحموي، وبهاء الدين العاملي، وابن النحاس الحلبي، وعبدالغني النابلسي، وابن معتوق الموسوي وغيرهم. هذه بعض المؤثرات والميزات والاتهامات التي ذكرت بالاختصار ونرجع الحكم إلى القارئ عناية بهذه المسائل.

والأفضل لنا أن نسمی هذا العصر "من سقوط بغداد إلی مطالع القرن الحدیث" احترازا وکراهیة لمجاراة الذین سموه بهذه المسمّیات الخاطئة، إذ نخالف هذه التسمیات ونعتقد بأنه لا یجوز أن نسمیه بهذه المسمیات لأسباب مذکورة أعلاه. وألا ندخل في مثل هذه الفوضى السياسية والفكرية والرؤیوية التي يعاني منها البعض فی أرجاء وطننا الإسلامی، كما يجب أن ننتبه إلى اعادة صياغة المواقف وأفكارنا من الدراسات والتقييمات الغربية لوضع أدبنا العربي وتأريخنا الإسلامی لإعادة البحث لمرة أخری من جديد وألا نسلم بنظريات هدفها النيل من تأريخنا وحضارتنا الإسلامية. وأن نؤمن بأن الرؤية الاسلامية الفكرية الواضحة هي التي تعيد الأمة المسلمة للريادة والسياده کما عهدنا بها فیما سبق برؤية فكرية متدققة فاحصة معمقة في توصيف الحاضر وتشريح الماضي واستشراف المستقبل لتكون ناجحة وذات أثر بلیغ.

إذن نعود مرة أخرى إلى العنوان: هل الأدب في هذا العهد أدب منحط ومنحدر أوأدب مزدهر ومنبهر؟ وأليست هذه التسمية التي التصقت بذاكرتنا تهمة مشؤومة؟ أوهذا لقب يستحق به؟ ونحيل الإجابة عن الأسئلة إلى القارئ علما بأنه يرى في الموضوع حق قدره دون أي تأثر بمؤثرات خارجية؛ مشیرا بأن هذا العصر لم یکن خالیا من الضعف، والأمراض، والقصور، والفجوات و... ولکنها تحتاج إلى المناقشة والمعالجة مقتضیة من خلال فکر دقیق ثاقب دون التأثر بأفکار الآخرین.

بعض المصادر والمراجع للتوسّع:

  1. ابن تغرى بردى، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، المؤسسة المصرية العامة، القاهرة، بلا تاريخ.
  2. بدوي، أحمد أحمد، الحياة الأدبية في عصر الحروب الصليبية في مصر والشام، نهضة مصر، القاهرة 1948م.
  3. جرجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية، منشورات دار المكتبة الحياة.
  4. الجمال، أحمد صادق، الأدب العامي في مصر في العصر المملوكي، الدار القومية، القاهرة 1966م.
  5. حاجي خليفة، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، طبعة 1941م.
  6. حسن، إبراهيم حسن، دراسات في تاريخ المماليك البحرية، النهضة المصرية، القاهرة 1948م.
  7. د. دیوسالار، فرهاد، عصر الانحطاط والانحدار أوعصر الازدهار والانبهار، نشر چوك آشتیان، ط1، 1387هـ.
  8. رانسيمان، تاريخ الحروب الصليبية، ترجمة منوجهركاشف، شركة دار النشر العلمية والثقافية، طهران، 1371 ه‍ / ش 1992 م.
  9. د. الركابي، جودت، الأدب العربي من الانحدار إلى الازدهار، دار الفكر.
  10. زكي، محمد حسن، الرحالة المسلمون في العصور الوسطى، القاهرة، 1945م.
  11. شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي، عصر الدول والإمارات، الشام، ج 6، دار المعارف، مصر.
  12. شيخ أمين، بكري، مطالعات في الشعر المملوكي والعثماني، دار الشروق، بيروت 1972م.
  13. العروسي المطوي، محمد، الحروب الصليبية في المشرق والمغرب، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1982م.
  14. د. فروخ، عمر، تاريخ الأدب العربي، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة، أكتوبر 1989م.
  15. الكيلاني، السيد محمد، الحروب الصليبية وأثرها في الأدب العربي، الناشرون، القاهرة 1949م.
  16. ناصر خسرو، سفرنامه، باهتمام محمد دبيرسياقي، زوار، طهران، 1370 ه‍
    فهرس المجلات والدوريات
  17. رزق سليم، محمود، الحركة التعيلميّة في مصر في العصور الوسطى (بلا عدد وبلا تاريخ).
  18. د. الصفصافي، أحمد القطوري، خيال الظل، العدد 13، أكتوبر- ديسمبر، 2008م.
  19. عبده قاسم، قاسم، ماهية الحروب الصليبية، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1990م.
  20. د. ناصري طاهري، عبد الله، آثار الحروب الصليبية في جغرافية الصفحات الشرقية الإسلامية.

د. فرهاد دیوسالار

عضوهیأة التدریس بجامعة أزاد الإسلامیة – کرج

Farhad Divsalar - PH.D

Department of Arabic Literature’ Karaj Branch’ Islamic Azad University’ Karaj’ Iran


مشاركة منتدى

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    وقد تساءلت أيضا وأنا أقدّم درسا عن أدب هذا العصر عن مدى صحّة التسمية مع أنّي أوافق على كلمة الضّعف إذا ما قارنا هذا العصر بالعصر الذي قبله وهو العصر العباسي والذي اتّسم بأدب غني شكلا ومضمونا.. وربّما انطلاقا من هذه المقارنة عمّموا تلك الصّفة على العصر كلّه مع أنّ مكتباتنا الحالية تزخر بما ألّف في ذلك العصر من موسوعات ومعاجم ...
    على كلّ كل الشّكر والتّقدير لمن يحاول مسح الغبار عن تاريخنا الإسلامي المثقل بالتلاعبات والزّيف من الحاقدين وأثمّن هذه الدّراسات الجادّة الطّيبة وأسأل الله أن يوفّق أصحابها فلعلّها تكون سببا في نهضة فكرية جديدة يُعيد بها المسلم العربي أمجادة التليدة

  • بسم الله و الحمد لله و هو الاول و الاخر. اما بعد لا شک یوجد فی کل العصور الادبیة ضعف و قوة و اما تسمیة هذا العصر بانه عصر انحطاط فباطل و الاحری هذا الادب هو ادب العصور الوسطی الاسلامیة لاریب.

  • السلام عليكم
    لا ننكر أن هذه التسمية فيها من الجور ما فيها، لكن المنطلق هو المقارنة مع العصور السالفة التي كانت عصورا ذهبية في الأدب خاصة، كما أن من يطلق هذه التسمية ربما يركز على الجانب الأدبي أكثر ....رحم الله الإنصاف وأهله ...فما أعزه

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى