الخميس ٢ حزيران (يونيو) ٢٠١١
بقلم أحمد الخميسي

السياسة الخارجية: العبور من رفح

في التاسعة من صباح يوم السبت 28 مايو فتح معبر رفح في الاتجاهين بين مصر وفلسطين. المعبر الذي ظل مغلقا لأربع سنوات كاملة منذ يونيو 2007. وخلال تلك السنوات فتح مبارك المعبر لأسبوع واحد فقط، وللحالات الإنسانية فقط، وذلك بعد اعتداء إسرائيل على أسطول الحرية في يونيو 2010. وتحول المعبر إلي بوابة جحيم تحاصر الفلسطينيين من ناحية بمنع الطعام والدواء عنهم وتحاصر مصر من الناحية الأخرى بمنع التأييد الشعبي المصري من النفاذ إلي فلسطين وبحرمان مصر من نحو ثلاثة مليارات دولار سنويا هي عائد حركة التجارة بين فلسطين ومصر. ثم أضاف مبارك إلي ذلك إقامة الجدار الفولاذي.

وإذا كان المعبر بالنسبة لغزة هو نقطة الخروج الوحيدة إلي العالم، فإن فلسطين كانت ومازالت بالنسبة لمصر بوابتها الشرقية التي عبرت منها إلينا كل الغزوات الاستعمارية، حتى أن المؤرخ طارق البشري يذكر أنه لم يتم احتلال مصر إلا عن طريق فلسطين وحتى عندما حاول الإنجليز احتلال مصر جاءوا عن طريق الاسكنرية فلم يتمكنوا فغيروا طريقهم ودخلوا عن طريق قناة السويس أي أنهم جاءوا أيضا عن طريق الشرق.

هذه العلاقة المصيرية مع فلسطين أدركها حتى قدماء المصريين، وبهذا الصدد أعلن زاهي حواس منذ عام أنه تم اكتشاف الحصون العسكرية الفرعونية التي أقامتها الأسرة 18 على الحدود مع فلسطين لحماية مصر من الغزو. ولهذا فإن دعم حقوق الشعب الفلسطيني وتخليصه من الاحتلال الإسرائيلي كان ويظل مسألة متعلقة بالأمن القومي المصري، ناهيك عن اعتبارات أخرى كثيرة. ولهذا كانت إسرائيل ومازالت تخطط لنقل معبر رفح إلي منطقة " كيريم شالوم " الإسرائيلية جنوب شرق القطاع لكي تتحكم هي بالكامل في دخول الأفراد والبضائع وفرض سيطرتها الجمركية، والأهم تطويق الثورة الفلسطينية.

ويأتي قرار المجلس العسكري المصري بفتح المعبر استجابة للضغوط الشعبية المصرية التي طالما سعت لفتح المعبر واعتبرت أن إغلاقه خضوع للشروط الإسرائيلية. الأهم من ذلك أن قرار فتح المعبر يعد الخطوة الأولى من نوعها إن لم تكن الوحيدة التي تتخذها السياسة المصرية على نحو مغاير للسياسة المصرية الخارجية زمن مبارك وأنجاله. ونظرة سريعة على مجالات حركة السياسة المصرية الخارجية ستكشف عن أنه ما من تغيير يذكر في تلك السياسة، اللهم ربما التصريحات ( التي لم تتجاوز حدود التصريحات ) عن احتمال تبادل السفراء مع إيران.

ماعدا ذلك، تظل سياسة المجلس العسكري الخارجية هي نفسها بحذافيرها سياسة نظام مبارك: العلاقة الثابتة مع أمريكا، ومع صندوق النقد والبنك الدولي، والالتزام بمعاهدة كامب ديفيد، والخضوع لكل شروط التبعية الاقتصادية والسياسية. من هنا يكتسب فتح معبر رفح أهمية خاصة، وتتبدى تلك الأهمية إذا وضعنا في اعتبارنا القلق الذي أعربت عنه تل أبيب بصدد فتح المعبر. وفي الوقت ذاته فإننا سنلاحظ أن فتح المعبر جاء بشروط مطابقة تقريبا لتلك التي التزم بها مبارك حين فتحه من قبل، أي فتح المعبر مع إغلاقه أيام الجمعة وفي الإجازات الرسمية. وفي الإطار نفسه ينبغي أن نذكر تحذير المجلس العسكري ورفضه للمسيرة التي كان قد تقرر إجراؤها من القاهرة حتى الحدود تأييدا للشعب الفلسطيني، بدعوى عدم إحراج المجلس.

ولاشك أن العلاقة مع إسرائيل تظل هي حجر الزاوية في السياسة الخارجية المصرية، وكل تغير فيها ولو كان طفيفا يظل جديرا بالانتباه والرصد. السؤال هو: إلي أي مدى قد تعبر السياسة المصرية الخارجية من وضعها الراهن إلي سياسة وطنية تراعي أولا وأخيرا المصالح المصرية؟. وإلي أي مدى تستطيع القوى الشعبية مواصلة الضغط في ذلك الاتجاه؟.


مشاركة منتدى

  • لانسبة لفتح معبر رفح هده خطوة جيدة جدا مفادها شعورنا بالكرامة والتخلص من التبعية الامريكية والاسرائيلية والتحرر الكامل منها ونجعلهم يفكروا كثيرا فى كيفية التعامل معنا بعد الثورة ولكن الامر يستوجب منا الزكاء وان بكون لنا سياسة جديدة وواضحة للجميع بان مصر بحجمها لا يجوز لها ان تكون تابعة كما كان ولابد ان تشعر امريكا واسرائيل بان جميع الشعب المصرى واحد امام اى تهديد لامننا القومى والمرجو المزيد من هده القرارات القوىة والحكيمة

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى