الثلاثاء ٢١ حزيران (يونيو) ٢٠١١
بقلم فلاح جاسم

إعلام الهراوات

أثبت الإعلام الرسمي للدول العربية بأنه إعلام هراوات، و"بلطجة" و"تشبيح" سياسي، وتسبيح بحمد السلطان، فظهر ممسوخاً، سطحياً تافهاً، مهزوماً في أول معركة حقيقة في عهد مواقع التواصل الاجتماعي، والفضاءات المفتوحة. وظهر الخلل الكبير لما تدعيه السلطات الرسمية عن ديمقراطية الإعلام، وظهر الكذب جلياً مفضوحا في عيون المتحدثين الرسميين باسم الأنظمة، حيث أنهم بدو ملكيين أكثر من الملك نفسه كما يقال، إذ في الكثير من المواقف، يقر النظام على مكابرته بوقوع بعض الأخطاء، لكن هؤلاء "البلاطجة" لديهم تبرير جاهز لكل شيء، أو سوء منقلب يأتي به الحاكم، جاهزون لتفصيل المبررات على مقاس ما اقترف من شنائع الأفعال. رأيت عددا من رجال الأمن ينهالون ضربا بهراواتهم الغليظة على مواطن أعزل، سقط أرضا، فيـُكسر رأسه، ويسيل الدم منه، ولا يكتفون بفعلتهم تلك، بل يسحلون جثته بكل برود. يسأل أحد المذيعين ذلك الناطق الرسمي، والأستاذ الجامعي-للأسف- فيردّ عليه، بلسان لا يقل "غلاظة" عن هراوات جنود النظام؛ يا سيدي الأكيد أننا رأينا مواطناً، وبكل تأكيد هناك دم يسيل، لكن ما يثبت لنا بأن هذا الدم يسيل من ذلك الرأس؟ عندما يُصرّ المذيع على مصداقية الصورة.. يلجأ ذلك المحلل"البلطجي" إلى التبرير، ويوغل في كذبه، ليقول: نعم بالنتيجة لو لم يمتلك هذا المواطن رأساً لما ضُرب، ثم إن المواطن هو من ضرب العصا برأسه، لماذا لا تذكرون ذلك، وهناك الكثير من الهراوات قد كـُسِرتْ بسبب رؤوس المواطنين، وقد تكلفت الدولة الكثير في استيرادها، إذاً إن هذا الرؤوس الخاوية تريد استنزاف اقتصاد البلد، ألم اقل لك هناك مؤامرة؟.

عندها يشكره المذيع: شكرا لك دكتور(ط)، الأستاذ الجامعي، والكاذب (الكاتب)، والمحلل السياسي، وبائع ضميره على قارعة الطريق، كنت معنا من "جهنم الحمرا".
مشاهد مؤلمة حقاً، ومعالجة وسائل الإعلام الرسمية لهذه الأزمات كانت مخجلة، ومخزية في نفس الوقت. لكن رُبّ ضارة نافعة فهي أظهرت الأنظمة القمعية على حقيقتها وأسقطت عنها الأقنعة كلها، وأصبح أي تبرير تقوم به، أو أي تصريح يصدر عنها، هو مسمار يـُدق في نعوشها. الحاكم لم يعد منقذا، وصانع أمجاد، ورمز يختصر الوطن بشخصه، كما كان في السابق، استكبر الزعيم، وإعلامه الرسمي على الشعب، ووصفه بالغوغاء والرعاع، والخيانة، وانتفاء الوطنية، وأصر على الهروب للأمام، فقـُلِبتْ الكثيرُ من الكراسي على رؤوس أصحابها.

كلمات لها معنى:

الإصلاحات: هي جميع التصريحات التي يسبقها حرف السين ( سنعمل على.. سنسعى لاستصدار.. ستشكل لجنة.. وسيجري التحقيق..)
الهراوات: هي العصي الغليظة التي يستخدمها زبانية الأنظمة لتكسير رأس المواطن، وهي أيضا ألسنة المدافعين عن الجرائم مهما بلغت من فظاعة وشناعة.
"البلطجية" و "الشبيحة": فضلاً راجع رؤوس الأنظمة الشمولية، والاستبدادية فهم من يستطيع شرحها بجدارة.

السلطان: هو من يمجده المتزلفون مادام على كرسي السلطة، ويقلبون له ظهر المجن فورا حال نزوله عن الكرسي.

مواقع التواصل الاجتماعي: هي "شغلة تشيل الحكام من كراسهم".

الفضاءات المفتوحة: هي ما يعجز الطغاة عن تغطيته بدخان جرائمهم.

"جهنم الحمرا": هي ما يود الشعب الذهاب إليه، إن ذهب الحكام إلى الجنة.
سوء المنقلب: ما يؤول إليه حال الحاكم المستبد عند إطاحة الشعب به.
الشعب الأعزل: هم الشبان الذين يواجهون الرصاص بصدور عارية، وتتهمهم الأنظمة بحيازة أحدث أنواع الأسلحة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى