الثلاثاء ٢١ حزيران (يونيو) ٢٠١١
بقلم موفق الماجد

اعتكاف فكرة

أهدي هذه القصيدة إلى من غاب عن الأرض باحثاً عن الشمس، إلى أخي السيد نذير الماجد. وإلى الأحرار الذين تبحث عنهم الشمس. وإلى أمي وأبي اللذين ينتسب لهما كل فعل لي يُحتمَلُ أن يكون خيراً.

أراكَ حَبِيسَ الفكرِ وَالفكرُ مرشــدُ
وَتَسْتَرِق الأسماعَ يُرعِشُكَ الغــدُ
أخي هاجَت الأَحزانُ تنسجُ غَزْلهــا
وَتَنْسجُ بحراً مـــدُّه يتوعـــدُ
فإن فارَ بحرُ للزمانِ تَهَيَّجَــت
عَصُوفُ# الرَّزايا بالبلا تتهـــددُ
فحينٌ يمدُّ البحرُ أمواجَ حزنــهِ
وحينٌ يَحِلُّ الجزرُ فيه فنسعــدُ
غَدَا حُزننا الساقي ببحرٍ كأنـه
بجزرٍ ومدٍّ دائمــاً متجــددُ
وإن سَار في جُرح الزمان صروفُــه
فقد سال مِن جرحٍ دمٌ مــــترددُ
أخي لَمْ تخنّا أبحـــرٌ لزمانــنا
فقد دار فيه المدُّ واغتالنا العــدُو
أخي لم تزل أمالنا مالَ ساقهـا
لتبدي جمالاتٍ فيدنو لها الغـــدُ
فقد أَبدت الآمالُ منها محاسنــاً
لتُغري بِها الأجيالَ فيهم تعـــربدُ
أخي هَمْهَمَتْ# أحزاننا طال حبلهـا
لتخطف أقدراً ويخطِفها الغَـــدُ
غدٌ راودت فيه القضاء فأصبحـت
كدولاب أقدارٍ تدوِّره اليـــدُ
يدٌ خُطّ في عرقٍ لها السّعْد والشّـقا
ولمّا عَلت عجفاء تدعو وتعبــدُ
ففاضت عيون الدمع شوقاً وأيقـنت
بأن ثباتاً في الصلاح سيســــعدُ
أبى الوِرْدُ إلا أن يراقِصَه الجـوى
فعاد يناجيه الخشوعُ المقــيدُ
أبى الوِرْدُ إلا أن يراقص لحنــه
فقد ناح بالعصيان حيٌّ مجمّـدُ
وأَعْرِض عن الأوراد دُون هــدايةٍ
فإن سراب اللهو ِواللغوِ مُبْــعِدُ
ألم تحكِ عن فكرِ الجمودِ وفــتكه؟
وأن اعتكاف الفكر للناس مــرقِدُ؟
وقد ذِعت يوماً ما مراميك والهَــوى
وقد أينعتْ نوراً بفكرك تسـجدُ
وجاوزتِ في الرّؤيا# وأشعلتها ضِــياً
وإن راودتك الشمسُ فالحقُ مقصدُ
ودافعتَ عن رؤياك حـبّا ولم تزل
تُحصحصُ برهاناً به الحقُ يشــهدُ
فلا تلمسنّ الحقَ إلا بجـذوةٍ
لتغدو كسلمانٍ هـــداه محمّدُ
ولا تمش في هَيْلٍ# فيرميك جُــرْفُهُ
فكل حقيقات الطــريق تُعبَّدُ
فقُم من هجوعِ الليل قد بحُّ صـوته
وأصغِ للحن الحق ناداك مُنــجدُ
فروحٌ وريحانٌ ودفءٌ بجـذوةٍ
من الحق نبّاع وصفوٌ وعسـجدُ
ويحلو رُقادٌ فيك إنْْ جاء شـاكياً
لك الحلمُ لو يحـــبو حواليك يرقدُ
ويحلو إذا ذاب السُّــــهاد# على الكَرَى#
يجــاريك أفكاراً نيامٌ تسهّدوا
أبا الهاشمِ الباكي عليك بمـقلةٍ
فهاجت بُحور الشعر فيّ تعربدُ
أبا الوردِ من يَــرعى التي هاج عمُّها
بكاءاً ودمعــاتٍ فحارَ بها العدُو
دمُ القلبِ# بالأشواق يهتزّ حــاكياً
فصار الجوى لحنٌ به العيـــش أنكدُ
ترقرق دمعُ الأمِ يجري كمــا الندى
على وجنة الأزمان كـحلٌ مُمَرَّدُ
ووالدِه عصفٌ له الــرَّوْح والصَّفا
بحزنٍ كمثل الغيم جــوٌ ملبّدُ
فحاطت بوجناتي سـواداً بدمعها
على وجنتي قَصَّتْ فصارت تُهَـدهِدُ
فصارت تنادي بالصلاة شجيةً
وللحزن أورادٌ وللهم تعــبدُ
يكـادُ سَنا برقٍ كنارٍ بظلمةٍ
فــيبدوا هجوعٌ فيه في السجن مرقدُ
وأن سهاداً فيه صار كغفـــوةٍ
وصيحات مظلوم تهزُّ وترعــدُ
فلا بد للصيحات تغدو تظاهـراً
فيخزى به الطاغي ويَعْرى به العـدُو
فأيقظه حزن فأزَّت دمــاءَه
غدا في مطاميرِ الظلام يُهـــَدِدُ
أخي قم فلا ذُلّت أباةٌ تُهــدد
فقد هدد الطغيان جرح مُمَدَدُ
وقم واعدد الأيام من بعدِ سبـتها
فقد فاتنا عدٌّ وحارَ به الغَدُ
ولا بد أن تلُقِي دُروسَك بعــدها
فَعنْ سَاجِن الأعدادِ قَدْ فات مَـــوْعِدُ

1-العَصُوف: السريعة الشديدة، وكذا عُصُوف: بمعنى: الرياح العاصفة الشديدة.
2- الهمهمة: ترديد الصوت.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى