الاثنين ٤ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم عيسى حديبي

مكان وتاريخ

من سوقر ولاية تيارت، يرسم على الورق البسيط العادي، متجنبا التعقيد( كالورق المعد خصيصا للرسم أو القماش)،هو لا يرسم فقط، بل يعيد الحياة في أشكال مختلفة لبقايا كرتون وأشياء أخرى مهيأة للنفاية.

قلوش خير الدين الفنان التشكيلي العصامي، بدأ عنصرا في الكشافة الإسلامية سنة 1972، مستفيدا بما فيها من رموز للعمل والترتيب والشعور بالمسؤولية والروح الإجتماعية التي يعيش عليها الرفاق من خلال التعسكر في المخيم وممارسة الرياضة والتنقل بين السفح والجبل والوادي مع لذة العيش وجها لوجه مع الطبيعة.

لم ينس نصيبه من الموسيقى الأندلسية عام 1979 مع فرقة "أمل الأندلس" لمدينة سوقر، لم يفرط أيضا في ممارسة رياضة المصارعة اليابانية بين 1980و1987.

خير الدين قام أيضا بتكوين في الإشهار والعلاقات التجارية.

كانت البداية من الطفولة، مع الألوان وتلك السيارات القديمة المرسومة بجمالية على علب الأقلام،

كان دائما يحب رسم البهلواني بأنفه الأحمر وبقية ثيابه المزركشة، ثم شيئا فشيئا انتقل إلى رسم المنزل والشجرة ثم الطبيعة، ثم الحياة في تناقضها وتعقيدها.
متنقلا كل مرة بين أجنحة النفس المتناقضة، يرسم للحياة بالبحث عن الذات، برسائله الإجتماعية الهادفة لتفتيت الآفات والخروج من نفق المتاهة.

كانت البداية من دار الشباب " معاشو أحمد"(1)

بين مدرسة الفنون الجميلة والعصامية، من أي كأس كنت تشرب؟

أنا عصامي، هاوٍ، ربما أجدني أكثر حرية مع اللوحة، وأنا أتعامل معها دون خوف من فواصل وحواجز القاعدة، أريد أن أقول أن خيالي كان كل مرة يمنحني مجال اللوحة بكل تفاصيلها، طبعا هذا مع احترامي الشديد للشكل الأكاديمي لجميع الفنون، لأن لها الفضل في تصنيف وترتيب المدارس والإتجاهات الفنية، ولا يمكننا تجاهل ذلك.

فقط عندي ملاحظة، التمستها وأنا أشرح لوحات لي في أحد المدارس الإبتدائية، وكم كنت سعيدا والأطفال يسألونني ومنهم من طلب مني لمس اللوحة، وتركته يفعل وكان في البداية خائفا، ثم بدا على محياه وكأنه اكتشف شيئا، ترك ذلك انطباعا في نفسي، وأحسست ساعتها بأن رسالة قد مرت وكم كنت سعيدا وراضيا بذلك.

يجب أن تكون المؤسسة التعليمية أرضا خصبة للتواصل، فجميل أن تقام معارض في الإبتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعة، وقد تكتشف خلالها مواهب لا تعرف نفسها، يمكنها التعبير بأدوات أقوى وبشكل أكثر وضوحا.

بالمناسبة، أعرف الكثير من الأصدقاء الفنانين التشكيليين، الذين يصورون اللوحة مباشرة بعد توقيعها، ألا تنوي القيام بكتاب تجمع فيه أعمالك بمرفقات تشرحها؟

بالطبع، لدي الفكرة الآن، متأخرة بعض الشيء، لأنه سيلزمني الإتصال ببعض المؤسسات كالإذاعة والولاية مثلا لأخذ صور للوحاتي التي أصبحت ملكهم. وربما سيساعدني الشاعر والروائي كحلي جمال الدين بالتعليق عليها.

على ذكر لوحاتك؛ أيمكننا الإطلاع على الأقل على بعض عناوينها، مع شرح مختصر؟
البركان: وكانت مقارنة بينه وبين الإنسان في خموده وفي انفجاره، حب وسوء حظ: تناقض الحياة التي لا توفر كل شيء في وقته المناسب

المتشائم: بالألوان أرسم كيف يمكن الخروج من حالة الإنسداد وذلك بالأمل والرغبة الحقيقية في البحث عن الحل

الطاسيلي: رسم لحقبتين زمنيتين، ومزج بين ثقافة الأهاقار والنقوش الصخرية القديمة .

الملجأ: رمزية تشرح الهروب من الحقيقة والمواجهة،

الإنفصال: ذلك الإنكسار الذي يتم بين الأزواج ويضع الأولاد في فوهة البركان،
كلمتني عن لوحة أهديتها لإذاعة تيارت ولاحظتُ كم كنتَ راضيا عنها!

هي لوحة أهديتها للإذاعة بمناسبة حصول طاقمها على الميكرفون الذهبي، وتناولت فيها ألوان العلم الوطني بضبابية مفضوحة، ورسمت شبحا يلقي بظلاله على الألوان، وفي الأسفل عين تبكي، وريشة حمراء، في وسط سلك شائك؛ كان موضوع اللوحة العشرية السوداء ومعاناة الصحفي والمبدع عموما.

هل كان للصداقة من دور في عالمك؟

بالطبع للصداقة دور في كسرنا أو فتح الطريق أمامنا للإبداع، لا يمكن أن أنسى صديقي صحراوي عبد الحميد، وأنا مدين له لأنه ساعدني في أسفاري، وتواصلي مع بقية الفنانين، للتذكير فقط، صحراوي له مشاركات وطنية ودولية.

هل يمكن الإشارة إلي فنانين جزائريين من الذين أثروا في حياتك الفنية؟

نعم، بالتأكيد في الحياة نؤثر ونتأثر، أريد أن أبدأ بباية ، في هذه المرأة يعجبني تعبيرها الساذج الذي يوصل الفكرة بقوة وروعة،

ثانيا عائشة حداد ، يعجبني فيها بساطتها في اختيار موضوع اللوحة، وكان لي معها لقاء وحوار شيق، قبل وفاتها بشهرين، حين قامت بزيارة لمعرضي، مع اتحاد فناني ولاية تيارت، وكان ذلك بالجزائر العاصمة، برواق محمد تمام، تخليدا لذكرى 20 أوت 1955.

ومن الفنانين الأوربين إلى من تميل أكثر؟

تعجبني أعمال سالفادور دالي، غويا وبابلو بيكاسو العصامي،

هل لأنهم كانوا في سفر دائم في الخيال لشرح الواقع؟

نعم، لمّا كنا أطفالا نشعل شمعة في الظلام ونقف خلفها، كم كانت تبدو ظلالنا كبيرة ونحن صغار! لكن أظن ذلك ممكنا بعد الإدراك والبحث في الذات، أقول ذلك ممكن حين نقدم شيئا للإنسان والحياة.

الفنان أو المبدع عموما، لا يمكن تصنيفه كذلك، إلاّ إذا كلفه ضميره وقلبه بمهمة و يحمل رسالة لمجتمعه.

قلت لي قبل قليل الفنان بن بيئته، والعبارة لجون بول سارتر، في الأدب الملتزم "..الأديب بن بيئته والناطق باسمها.."، طبعا الأديب والفنان لا يختلفان، إذن وأنت الفنان ماذا تقول؟

الفنان بن بيئته وعصره ومؤرخ لكليهما، والدليل على ذلك النقوش الصخرية، وحياة الرجل الأزرق في ذلك الوقت، والخط الهيروغليفي في مصر القديمة ( الفراعنة)، لولا الرسم لمّا تم فك شفرة اللغة، ومتابعة الحياة اليومية للفراعنة،، وكيف تم بناء الأهرام، وطقوس الدفن عندهم وخلافه

لو سألتك ماذا تعني لك الحرية ؟

الحرية بالنسبة لي هي أن أكون خارج الحدود، بعيدا عن الحواجز والقيود والقواعد التي تربطني... دعني أعبر عن ذلك بشكل آخر قد أوفق فيه، الحرية بالنسبة لي، هي عندما أرسم وأسمع الموسيقى بشكل مختلف، وأكثر صفاء، ثم أطير، الفرق بيني وبين طائر، أنه يفعل ذلك بجناحين أما أنا فأطير بريشة.

وهل لك ما تقوله عن الحب؟

هو الصدق والإخلاص في جميع أشكال الحب، فقط أريد أن أقول أن أول الحب كان أمي رحمها الله، ووالدي، زوجتي وأولادي، وأهلي، وكل الذين يعيشون لأجل الخير والحرية والفضيلة.

الرسم كأداة للتعبير هل تجده اليوم موفقا في ذلك؟

أولا، يكفي أنه وسيلة تعبير ومنذ القديم، ويمكن أن أعيد كما أسلفت لك، أنه أول من أسس للتاريخ.

ثانيا، لاحظ معي أن اللوحة مهما بلغت في المزاد واشتراها ثري أو ملك أو إمبراطور، لن تحمل سوى توقيع صاحبها، واسم من أبدع في وجودها لتبقى وعاء لفكرة أو رسالة تتوارثها الأجيال عبرالزمن.

كيف ترى المرأة؟

أراها معزوفة موسيقية، أشفق عليها أحيانا، حين أسمع عن الدفاع عنها وعن الإنتصار لها هنا وهناك، والتشدق بحريتها، التي فقدت معناها الحقيقي، بحيث انتهى بها الأمر إلى عالم التسويق، الذي بدأ معها منذ القديم، كأداة لإشباع الرغبة، وانتهى بها إلى ثقافة الجسد والإعلان.

أروع نوبات الوحدة أو تلك العزلة، التي تحتوي الفنان أو يسارع هو في طلبها من حين لآخر،

هل لك وقت تحدده لها؟

عندما أكلم نفسي، أفعل ذلك وأنا أسجلني، ثم أسمعني في حوار مع الذات، لن أقول أن ذلك يسعدني، لكنه يريحني بشكل ما،

أمنيتك!؟

أن يكون العالم بخير.

سيرة حياة:

الإسم واللقب: محمد خير الدين قلوش

من مواليد سوقر ولاية تيارت 17/12/1965

العنوان: 23 شارع معمري ميسوم

الرمز البريدي: 14200

الوظيفة: موظف في السياحة

نشاطاتي: فنان عصامي،نائب رئيس الجمعية الثقافية" الهضاب للفنون"

المعارض:

1987 معرض في دار الشباب معاشو أحمد سوقر/ تيارت
1988 معرض وطني في الطارف/ عنابة
2004 معرض في قاعة مكي مصطفى/ تيارت تخليدا للشهيد علي معاشي
2004 معرض تصفيات بدار الشباب بتيارت
2004 عرض لوحات في معرض الفنون تمام محمد بمناسبة 20 أوت 1955 الجزائر العاصمة
2005 مشاركة في الصالون الوطني للفنون التشكيلية/ تيسمسيلت
2005 معرض تخليدا لشهداء 08 ماي 1945/ سطيف
2005 معرض بميدياتيك بشير منتوري / الجزائر العاصمة
2006 مشاركة في الصالون الوطني للواحات/ ورقلة
2007 عرض لوحات في معرض الفنون / الراديو الجهوي الهضاب العليا / تيارت
2007 معرض بمناسبة 19 مارس 1962
2008 معرض في دار الثقافة رشيد ميموني في إطار الأسبوع الثقافي لولاية تيارت /ولاية بومرداس
2011 معرض لـ15 لوحة برواق محمد خدة في جمعية الجاحظية
المسابقات:
الجائزة الرابعة في الطارف / عنابة
الجائزة الأولى لولاية تيارت

ضيافة:

ضيف على حصة معرض السادة الكبار ( القناة الوطنية)
ضيف على مدينة سطيف بمناسبة الذكرى الستين لأحداث 08/05/1945
في الصحف الوطنية:
صحيفة تيارت الأسبوعية
يومية منتدى الغرب
يومية الأفق
يومية الخبر
وأيضا يومية وهران
والصحيفة الأسبوعية فرنسا المغاربية
يومية البلاد
أعمال مهداة:
لوحة " الراقصون " مهداة لمقر ولاية تيارت
لوحة " الريشة الحمراء " مهداة للراديو الجهوي الهضاب العليا / تيارت

أشياء أخرى:

إنشاء موقع ذو طبيعة فنية يتناول تاريخ ولاية تيارت

ورد اسم الفنان محمد خير الدين قلوش في قاموس الفنون التشكيلية (ديوان الفن) ص 196


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى