الجمعة ١٥ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم ميمون حرش

أنا وحماري أولا، وأنت التالي..

في أماكن من مدينتي، قبالة واجهات المحلات التجارية، ووسط أهم الشوارع، تتوزع عربات يجرها حمير لا تحمل أسفارا، بل خضرا من كل الأنواع.. تسير في مجالات السيارات ولا يأبه أصحابها بقانون السير، معتبرين طرق السيارات هو مجال تحركهم.. همهم الوحيد هو عرض البضاعة، والمناداة عليها ككل الدلالين في الأزمنة الغابرة، وتكتمل الصورة حين يُـسمع صوت الدلال، مع نهيق الحمار في تناغم عجيب.

الحمير يكتسحون الشوارع، ولا يعرف أحد من يقود الآخر، الحمار أم صاحبه.. ونحن مأخوذون بهذه المشاهد تناهى إلى سمعنا «صاحبي وأنا» صوت سائق سيارة يحتج بشدة على صاحب العربة التي صدت الطريق عليه:
افسح المجال.. دعني أمـــر..

يجيبه صاحب العربة:

الأسبقية لحماري، وأنت التالي.

يرد صاحب السيارة بغضب:

كيف؟

أيهما كان السباقَ للوجود، سيارتك أم حماري؟

ودون أن ينتظر الجواب، أضاف:

حماري هو السباق إلى الوجود، إذاً الأسبقية له أول.

ضحكنا بهستيرية، والمارة من حولنا غرقوا في ضحك لا لون له، كجمهور يُغصَــب على التصفيق عنوة بإشارة من الكواليس.. الحمير، وحدها في الشارع،كانت تنقاد لأصحابها دون حرن.

كنا والحق يقال مواطنين نَــفِّـــــر، بضحكنا، من زماننا الحاضر للإبحار في محيط أزمان غيرنا، نتوق إليها كطيور أطلقت من أقفاصها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى