الخميس ٢١ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم فلاح جاسم

القتلُ الدستوري

الدستور في وطننا على مزاجنا، ففي كل لحظة يُقتل المواطنون باسم الدستور، لأن الرئيس لجأ إلى الدستور والشرعية الدستورية، لتطهير البلاد من «المجاميع المسلحة» و«المندسين»، وغيرهم. الأنظمة الشمولية ترى في أي كلمة تطالب بالمساواة، والشفافية، والقضاء على الفساد، والسماح بالتعبير عن الرأي بديمقراطية، تعتبر كل هذا تهديدا لهيبة الدولة والنيل من هيمنتها.

يظهر الرئيس بعد فوات الأوان، ويقول: «أفنيت عمري في خدمة هذا الوطن، والسهر على راحة مواطنيه»، متناسيا أنه سرق هذا الوطن، بشكل مباشر، أو بالاعتماد على زبانيته في تسيير عجلة الاقتصاد المتعثرة، وقد اعتمد في إدارة دفة السياسة في البلد على الحزب الواحد.

يظهر رئيس وقح ويخطب بالجماهير، ويقول: " من يريد إسقاط النظام فليجأ إلى صناديق الاقتراع، والشرعية الدستورية، والانتخابات الحرة.. عجبي، وكأنه جاء إلى السلطة من خلال تلك الوسائل التي ذكرها. ثم يظهر آخر ويقول: " أمضيت عمرا أخدم هذا البلد ليس من أجل شعبية زائفة، أو منفعة ذاتية ويظهر آخر ليقول: "أنا مجاهد مقاتل، ثائر.."، إلى آخر هذه القائمة.

ثم يظهر آخرهم ليقول: "أنا الرئيس الممانع، والمناضل، والمجاهد؛ الذي أمضى الكثير من سني عمره ليرفع رأس هذا الوطن، والتصدي لمخططات الصهيونية، والإمبريالية،وكأن الممانعة، والتصدي للصهيونية لا يمكن أن يتحققا إلا بقتل، وسحق، وإهانة المواطنين.. ربما كي تزيد جرعة الممانعة.

كلمات لها معنى:

الدستور: هو الشيء الذي يمكن تفصيله على مقاس الرئيس تماما في دقائق، ونحتاج لعشرة قرون كي نعلق العمل بنظام الحزب الواحد، وأن الرئيس هو الحاكم المطلق الذي بيده كل شيء.

المواطنون: هم أناس صالحون مادامت عيونهم مغمضة، وأفواههم مغلقة، ويشكرون الرئيس أن وهبهم كل شيء من لدنه..لكنهم عندما يفتحون أفواههم مطالبين بالحرية، أو أبسط حقوقهم، يصبحون؛ خونة، ومندسين، ومتآمرين، ومخربين، وموتورين، ومارقين.

الرئيس: هو الشخص الذي يملك الدولة بما فيها، من بشر وحجر، وشجر، وثروات، يتصرف فيها كيفما شاء وليس لأحد الحق بمحاسبته على الإطلاق.

الشرعية الدستورية: هي الحالة التي يوصف المواطنون بمقتضاها بأنهم وطنيون، ماداموا يصفقون ولاءً للرئيس.

"المجاميع المسلحة": هي كلمات ينعق بها أبواق النظام عند التحدث لوسائل الإعلام الرسمية لوصف الشعوب الثائرة، والمطالبة بأبسط حقوقها.

"المندسين": هي الصفة التي يطلقها الرؤساء على كل من يعارضهم، ولا يندس في بيته ويغمض عينيه ويصم أذنيه ويصبح من "المنداسين".

الأنظمة الشمولية: هل التي تشمل المواطن المسكين برعايتها، فبدلاً من جرحه أو سجنه، تقتله في مكانه.

المساواة: هي أكثر ما يتحدث عنه الرئيس، لكنه ينساها عند إصدار أي قرار.

الشفافية: هي إجبار كل مواطن على ارتداء ألبسة شفافة، لمعرفة ماذا يخبئ.
القضاء على الفساد: اختار الرئيس أقصر الطرق لمعالجته، فقرر القضاء على الشعب كاملا، وبالتالي سيتم القضاء على الفساد بكل تأكيد.

التعبير عن الرأي: هو أن تقول ما تشاء في مدح الرئيس، وتبكي من فرط حبك له، في مسيرة مؤيدة، دون أن يكسر رأسك "الشبيحة" أو أزلام النظام.

هيبة الدولة: هي الشيء الذي باسمه تـُداس رؤوس المواطنين بالبساطر العسكرية.
الوطن: هو تلك البقعة من الأرض التي تمثل جزءً من قلوبنا، ندافع عنها بدمنا، مهما حاول الحاكم بيعها في سوق النخاسة.

عجلة الاقتصاد الوطني: هي التي أراد لها الرئيس أن تتوقف؛ "لأن العجلة من الشيطان".
الحزب الواحد: هم أولئك الرعاع الذين يوصلون الرئيس لسدة الحكم، ثم بعد ذلك يختطف الدولة، ويقوم بتصفية الشرفاء منهم.

صناديق الاقتراع: هي الشيء الوحيد الذي يعرف المواطن نتيجته سلفا وبسرعة الضوء.
الممانعة، والتصدي للصهيونية: هي الكذبة التي باسمها تمت تصفية الكثير من أبناء الوطن، وتكميم أفواه الذين لم يقضوا نحبهم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى